-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


النفاق السياسي وهشاشة العلاقات العربية

بوفلجة غيات

ونحن في بداية سنة جديدة مملوءة بالمفاجآت والتحديات، والعالم يعيش مجموعة من التغيرات والتطورات والإنجازات، نلاحظ بقاء البيت العربي على حاله، وهو يتميز بالركود والجمود والخمول والتخلف.

ففي الوقت الذي تحيط بالعرب مخاطر من كلّ الجهات، نجدهم يواجهونها مختلفين متشرذمين، وهم يعانون من مختلف الأزمات. وهكذا فإن العلاقات العربية البينية يشوبها التنافس والريبة وعدم الثقة ورغبة كل دولة في الهيمنة على الأخرى.

كما يعاني الوطن العربي من مجموعة من الصراعات البينية، صراعات بين مصر وسوريا، وبين مصر والجزائر، وبين الجزائر والمغرب، وبين مصر وقطر وبين قطر والسعودية وبين السعودية والإمارات، وبين سوريا والعراق، وبين العراق والسعودية... وهي صراعات وخلافات برزت إلى العلن أما ما خفي منها فهو أعظم.

ففي عصر التكتلات السياسية والإقتصادية، نجد الدول العربية في كلّ مفاوضاتها ومعاملاتها الإقتصادية والتجارية مع الغرب، تقف منفردة في مواجهة دول أخرى متكتلة في تجمعات سياسية واقتصادية. وهو ما نشاهده في تعامل الدول العربية مع الإتحاد الأوروبي، أو الولايات المتحدة والتي هي قوة كبرى، تصعب مواجهتها. وهكذا نجد الغرب يتعامل مع الدول العربية فرادى وهو يرفض التعامل معها كمجموعة دول تحت سقف الجامعة العربية مثلا، وهو ما يؤدي إلى ضعف المواقف التفاوضية للدول العربية.

فالعالم لا يعترف بالعرب كتجمع اقتصادي وسياسي، ولا يتعامل معهم كذلك، إلا عند رغبته في جمع كل الدول العربية للضغط عليها تحت سقف الجامعة العربية. فيسهل الحصول منها على تنازلات باسم العمل العربي المشترك. وهو ما تلتجئ إليه الولايات المتحدة الأمريكية عند رغبتها في الحصول على تنازلات عربية، كما حدث بالنسبة لمبادرة السلام العربية. أما في الحالات الأخرى، فهي تتعامل مع العرب فرادى، أو على أساس جهوي ويصنفونهم إلى دول الشرق الأوسط والخليج العربي والمغرب العربي. وحتى مصالح وزارات الخارجية والمصالح القنصلية في الدول الغربية، فهي مقسمة على هذا الأساس.

فكيف يُعامل العالمُ العربَ ككتلة وهم متفرقون، وعلاقاتهم ببعضهم جذّ سيئة. فالتبادل التجاري بين الدّول العربية في مستويات جدّ ضعيفة، والتعاون في مختلف المجالات الصناعية والإقتصادية يكاد يكون شكليا، وتأشيرات دخول العرب لبعض الدول شبه مستحيلة.

وهكذا يسود ارتياب الدول العربية فيما بينها وعدم الثقة في نواياها، وهي تمارس الرياء والنفاق السياسي في تعاملها مع بعضها، باسم التوافق العربي، أو باسم وحدة الأمة والدين، أو باسم إخفاء الخلافات، وظهور الحكام أمام شعوبهم بمظهر الحرصين على مصالح الأمة. إن إخفاء الحقائق، واعتماد المظاهر، هو الذي يجعل أي خلاف بسيط يحدث بين دولتين، يؤدي إلى التدهور السريع والكبير في العلاقات بينهما. وهو ما حدث بين الجزائر ومصر بسبب خلاف حول مباراة لكرة القدم، أو بين قطر وبعض الدول العربية بسبب برنامج أو مقابلة صحفية تعرضها قناة الجزيرة.

من الملاحظ أن هذا النفاق السياسي في العلاقات العربية، لا نشاهده عند تعامل العرب مع غيرهم من الدول الغربية. ففي الوقت الذي يكون العرب أسودا وذئابا عند خلافاتهم البينية، يصبحون خرافا عندما يتعلق الأمر بخلافات مع جهات غربية.

ذلك أن واقع القادة العرب وعلاقاتهم ببعضهم البعض، سواء في إطار الجامعة العربية أو خارجها، ينطبق عليهم قوله تعالى " بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ".

إن تخلف العرب وتعامل أعدائهم لهم بالطريقة التي نعرفها، ليس بسبب قوة أعدائهم ولا بسبب ضعفهم، وإنما بسبب اختلافاتهم وإخفاقهم في تنسيق مواقفهم، وفشلهم في التعاون وجمع قدراتهم وتسخيرها لما فيه خير الأمة ككل.

لهذا ليس بغريب غياب إستراتيجية عربية مشتركة في مختلف المجالات، ذلك أن كل دولة غيورة على سلطتها واستقلاليتها، وهو ما يعرقل العمل العربي المشترك. ذلك أن أي عمل مشترك يتطلب من الدول التخلي عن بعض سلطتها وصلاحياتها للجهات المنسقة للعمل العربي المشترك، وهو ما يرفض العرب التخلي عنه.

لذا فإن الجامعة العربية في صورتها الحالية ليست لها قدرة ولا استطاعة ولا إمكانيات، وإنما هي هيكل أجوف ليست له صلاحيات ولا سلطة. ذلك أن الدول العربية لا ولن تقبل التخلي عن بعض سلطاتها ولا تفويض بعض صلاحياتها لتسهيل اتخاذ بعض القرارات، في قضايا يتطلبها العمل المشترك.

وفي ظل هذا الواقع المرير، فلا غرابة إن وصل العرب إلى ما وصوا إليه الآن، من ضعف وهوان. وهم في حاجة إلى يقظة من سباتهم العميق، واستغلال إمكانياتهم التي ليست باليسيرة، من أجل فرض إرادتهم السياسية والإقتصادية والحضارية على أرض الواقع. وبدون ذلك، ستزيد الأمور تأزما وتزيد التحديات حدّة ويزيد أعداؤهم تجبرا وغطرسة، عندئذ "...سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ