-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 25/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صور التطبيع العربي مع إسرائيل

بوفلجة غيات

رغم القوّة العسكرية والإقتصادية لإسرائيل، ورغم الدّعم الكبير الذي تحصل عليه من الولايات المتحدة والغرب عموما، إلا أنها تبقى دولة محاصرة في محيط عربي ينبذها ويقاطعها ولا يعترف بها سياسيا. أمّا الدول العربية التي تتعامل مع إسرائيل ولها علاقات سياسية معها، فإن ذلك تمّ بسبب ظروف تاريخية وشروط مجحفة مفروضة عليها، وليست قناعة وخيارا. كما نجد دولا عربية أخرى تتعامل سرا مع إسرائيل، وهي كمن يقوم بعمل لا شرعي ولا أخلاقي، يخاف أن ينكشف أمره.

وهو ما يدلّ على أهمية سلاح المقاطعة الشاملة لإسرائيل، كأداة ضغط لاسترجاع الحقوق المسلوبة، وهو أضعف الإيمان. هناك محاولات متعدّدة لتجاوز الحصار، من خلال اللجوء إلى أساليب غير مباشرة للتطبيع، كالتطبيع العلمي والرياضي والثقافي، وهي صور تريدها إسرائيل مدخلا لكسر الحاجز النفسي وتمهيدا للتطبيع السياسي.

التطبيع السياسي:

إن ما ترغب إسرائيل الوصول إليه، هو تطبيع سياسي كامل وما يتبع ذلك من تعاون اقتصادي، يتم من خلاله تبادل السفراء، وتصبح إسرائيل حينها قوة مهيمنة على كل خيرات وموارد الشرق الأوسط. إلا أن أهدافها اصطدمت بمقاومة شرسة للتطبيع، وخاصة على المستوى الشعبي. وقد حاولت إسرائيل تجاوز ذلك بفتح مكاتب ارتباط أو مكاتب تجارية، كما فعلت مع قطر، وغيرها من الدول العربية، وقد أدى الهجوم على قطاع غزة مع نهاية 2008، إلى تجميد المكتب الإسرائيلي بقطر، وقطع العلاقات مع موريتانيا.

فرغم الضغوط الأمريكية القوية، إلا أن الشعوب العربية والإسلامية تقاوم التطبيع، مما جعل بعض الأنظمة الرسمية العربية تتعامل مع إسرائيل في الخفاء، وبطرق سرية.

التطبيع الإعلامي:

ظهرت في السنوات الأخيرة عدّة قنوات فضائية استبشر بها المشاهدون العرب خيرا. إلا أن ما يؤسف له أن هذه القنوات أصبحت تخدم موجة التطبيع مع إسرائيل. وهي تساهم في بث أفكار وضغوط وتصريحات المسؤولين الغربيين وتهديداتهم ضد أمتنا.

إذ لا يمرّ تصريح أو ندوة صحفية للقادة الإسرائيليين، إلا وتتوقف القنوات العربية عن بث برامجها العادية، وتتسابق لنقلها مباشرة إلى المشاهد العربي. ذلك أن الوقت الذي تستغرقه تغطية تصريحات وندوات الرئيس الإسرائيلي أو الأمريكي، أو بعض المسؤولين الغربيين، أكبر بكثير مما تستغرقه تغطية نشاطات كلّ المسؤولين العرب مجتمعين.

وبهذا أصبح الإعلام العربي، ونتيجة الضغوط المركزة عليه، يخدم المصالح الغربية، ويصب في الجهود الغربية لتشجيع التطبيع وكسر الحاجز النفسي، من خلال إتاحة فرص للإسرائيليين في الوصول إلى المشاهد العربي عن طريق القنوات الفضائية. وهي خدمة مجانية تقدمها القنوات الفضائية العربية وغيرها من وسائل الإعلام إلى دعاة التطبيع مع إسرائيل. في حين نجد القنوات الغربية مغلقة في وجه النزهاء من العرب المدافعين عن قضاياهم العادلة.

التطبيع التجاري:

تحاول إسرائيل النفوذ إلى العالم العربي من خلال الجانب التجاري، فهي تسعى إلى تسويق منتوجاتها الفلاحية والصناعية، وخاصة في الدول التي لها علاقات سياسية معها مثل مصر والأردن. إلا أن هناك مقاومة شعبية للتطبيع التجاري مع إسرائيل، وقد نظمت النقابات العمالية الأردنية اعتصامات ضد تسويق الإنتاج الفلاحي الإسرائيلي بالأردن، وهو ما واجهته أجهزة الأمن الأردنية بالعنف والهراوات لتفريق المحتجين. وهو ما يبرز التباين بين الأنظمة العربية الرسمية، التي لا تمانع التطبيع التجاري، والشعوب العربية الرافضة والمقاومة له.

كما أن إسرائيل تحاول إخفاء مصدر الإنتاج الفلاحي والصناعي، وتسعى إلى تسويقه في الدول العربية عن طريق اليونان وقبرص، وهو ما يجب التفطن إليه ومحاربته.

التطبيع الثقافي:

يلتجئ الإسرائيليون إلى المدخل الثقافي للإتصال بالعرب، وتشجيعهم على التطبيع معهم، من خلال المعارض والندوات والملتقيات والمؤتمرات العلمية والثقافية. حيث تساهم إسرائيل بقوّة في معارض الكتب وندوات حوار الأديان والحضارات، من أجل إحراج الوفود العربية المشاركة. والغريب في الأمر أن الملوك والرؤساء العرب، وكذلك الرؤساء الإسرائيليون، يمثلون دولهم في هذه المؤتمرات، رغم أنها نشاطات علمية بالدرجة الأولى. مما يبرز المغزى الحقيقي لهذه اللقاءات، وهو التطبيع العربي الإسلامي مع إسرائيل. وهو ما يجب التفطن إليه والعمل على مواجهته.

التطبيع الرياضي:

أحد مظاهر التطبيع مع إسرائيل، المباريات الرياضية وخاصة في الملتقيات الدولية. إذ أن منع رياضية إسرائيلية من دخول إحدى الدول العربية، حرك الهيئات الرياضية الدولية ضد هذا القطر، مما أدى إلى الإستجابة للضغوط، وقبول دخول اللاعبة الإسرائيلية في آخر المطاف.

وقد تمتنع بعض الدول العربية عن تنظيم نشاطات رياضية ومباريات دولية، تجنبا لمشاركة الإسرائيليين وحضورهم إلى هذه الدول، مما يمكن اعتباره شكلا من التطبيع الرياضي مع إسرائيل.

 

التطبيع الجوي:

آخر صيحة في مجال التطبيع، هو تحدث إسرائيل في المدة الأخيرة عن التطبيع الجوي بين إسرائيل وبعض الدول العربية. ويراد بذلك رغبة إسرائيل في وجود تفاهمات من أجل السماح للطيران الإسرائيلي باستعمال المجال الجوي للدول العربية. وهو شكل من أشكال التطبيع، تسعى إسرائيل إلى جعله مدخلا للتطبيع الكامل مع بعض الدول العربية. كما أن الولايات المتحدة تقوم بضغوط على بعض الدول العربية كعادتها، من أجل تحقيق ذلك.

الحاجز النفسي للتطبيع:

ترغب كثير من الدول العربية الإستجابة للضغوط الأمريكية والغربية، وإيجاد علاقات سياسية مع الدولة العبرية، إلا أن أكبر عائق يبقى الجانب الشعبي. وقد أقامت موريتانيا علاقات سياسية مع إسرائيل، إلا أنها لم تدم طويلا بسبب الضغط الإجتماعي.

نفس الشيء يمكن أن يتم في أي دولة عربية أخرى غير ديمقراطية تربط علاقات رسمية مع إسرائيل، دون استشارة ورغبات شعوبها، وفي ظل الإحتلال وعدم الإستجابة للمطالب الشرعية للشعب الفلسطيني، تبقى الشعوب العربية رافضة لأي تطبيع.

وقد تسعى بعض الأنظمة الرسمية إلى كسر الحاجز النفسي والإجتماعي الذي يعيق التطبيع مع إسرائيل، وقد قامت الجزائر في المدة الأخيرة بالترخيص لجمعية يهودية لتمثيل يهود الجزائر والتحدث باسمهم أمام السلطات الرسمية المعنية. وقبل ذلك كانت مصافحة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لرئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك شيمون بيريز في المغرب، أثناء مراسيم تأبين الملك المغربي الراحل الحسن الثاني. ونفس الشيء بالنسبة لجلوس شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، مع بيريز في مؤتمر حوار الأديان بكازاخستان، وغيرها من اللقاءات المقصودة أم غير المقصودة، إلا أنها مهيأة بعناية قصد كسر الحاجز النفسي بالدرجة الأولى، لتصل إلى درجة تصبح فيها لقاءات القادة العرب بالمسؤولين الإسرائيليين شيئا عاديا، وهو ما تهدف إسرائيل إلى الوصول إليه.

الضغوط الغربية لدفع التطبيع مع إسرائيل:

يعتمد الغرب عدّة أساليب لدفع العرب إلى التطبيع مع إسرائيل، من ذلك منظمة التجارة العالمية، التي يفرض الغرب بموجبها القبول بتسويق سلع كلّ الأعضاء في المنظمة، بما في ذلك إسرائيل. كما أن الغرب يستعمل بعض الهياكل السياسية والإقتصادية لمحاولة إدماج إسرائيل في الوسط العربي، ومن ذلك ما قدمته الولايات المتحدة وسعت إليه من خلال الشرق الأوسط الكبير، الذي ترغب بموجبه إدماج إسرائيل في المنطقة العربية الإسلامية، بل توفير شروط قيادتها لهذا التجمع الجديد.

كذلك نجد الإتحاد من أجل المتوسط، والذي تسعى فرنسا إلى إقامته حتى يكون فضاء للتعاون بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ولكن الأهم بالنسبة لهم التطبيع العربي والإسرائيلي. وهناك دول عربية تسعى إلى تكسير المقاطعة العربية، ومن أهمها مصر التي أصبحت عرابة التطبيع مع إسرائيل، رغم وقوف الشعب المصري ضدّه.

 

لقد فشلت إسرائيل في كسر المقاطعة العربية عليها، لمدة أكثر من نصف قرن، رغم المحاولات والضغوط الغربية. لهذا، فلا أرى أنهم ينجحون اليوم، لأن رفض الكيان الإسرائيلي رفض شعبي قبل أن يكون رفضا رسميا. كما لا أرى أن الظروف تغيرت حتى يتم قبول إسرائيل في الفضاء العربي في ظل معاناة الشعب الفلسطيني المقاوم. ولن يتم التطبيع الشعبي العربي مع الإسرائيليين، حتى ولو تعاونت السلطة الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي المحتلّ.

 

رغم الثغرات التي فتحها الإسرائيليون بدعم ومساعدة من الولايات المتحدة والغرب، وضغوطهم على الدول العربية، إلا أن المقاطعة لا زالت قائمة إلى حدّ كبير، وأن عمليات التطبيع تبقى استثناءات وثغرات محدودة غير مؤثرة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ