-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
«شخصنة»
قضية الاستيطان عريب
الرنتاوي وفقا لمصادر السلطة
الفلسطينية وعلى ذمتها ، فقد
خرج الموفد الأمريكي جورج
ميتشيل من المقاطعة في رام الله
، يجرجر أذيال الخيبة ، فالرئيس
عباس جدد تمسكه بمطلبه (شرطه)
تجميد كافة الأنشطة
الاستيطانية في الضفة والقدس ،
وإن لمدة محدودة ، قبل استئناف
المفاوضات بين الفلسطينيين
وإسرائيل. في تفسير هذه الصلابة
التفاوضية المفاجئة ، يحار
المراقبون والمحللون
السياسييون ، لا سيما وهم يرون
"حلفاء السلطة" و"أصدقاء
الرئيس" الدوليين
والإقليميين ، بمن فيهم "عرب
الاعتدال" ، غير سعداء بموقفه
هذا ، بل أخذوا يضيقون ذرعا به ،
وفقا للمصادر ذاتها. من قائل بأن الأمر برمته
ليس سوى "مسرحية" سرعان ما
سيسدل الستار عن فصلها الأخير:
مائدة مفاوضات يلتف حولها
الجميع... إلى قائل بأن الرئيس ،
ومن موقع إدراكه لحاجة الأطراف
لاستئناف المفاوضات ، يسعى في
استخدام ورقة "الاستنكاف"
حتى نهايتها ، سعيا لانتزاع
أكبر قدر من المكاسب... مرورا
بقائل يقول بأن المسألة برمتها
، دخلت في باب "الشخصنة" و"الكبرياء
الشخصي" معطوفا على "العوامل
الداخلية" التي تجعل التراجع
عن المواقف المعلنة ، أمرا
محرجا ومكلفا. الرئيس أوباما يبدو من
أنصار التحليل الأخير ، فهو
اعترف في تصريحات أخيرة ، بأنه
أخطأ تقدير "العوامل
الداخلية" المقررة لمواقف
طرفي الصراع وتوجهاتهما ، وأنه
أشاع مناخات من التفاؤل ، سابقة
لأوانها ، في محاولة منه
للتقليل من شأن إخفاقه في
الوفاء بوعده ، وعجزه عن إرغام
إسرائيل على القبول بتجميد
الاستيطان ، واضطراره للتقهقر
أمام تعنت نتنياهو وصلف ليبرمان. الرئيس عباس ، الذي
امتطى موجة التفاؤل التي أشاعها
أوباما ، بدأ محقا مشوار
المطالبة بوقف الاستيطان ، بيد
أنه انتهى إلى ما يشبه "البحث
عن مخرج" ، والسعي لـ"حفظ
ماء الوجه" ، وإلا ما معنى
تجميد الاستيطان لمدة خمسة أو
ستة أشهر ، وما الذي يمكن أن
يحصل خلال هذه الفترة القصيرة
التي انقضى نصفها على أية حال ،
وكم وحدة استيطانية ستبني
إسرائيل خلال هذه المدة ، وما
الفرق الذي سيحدثه توقف بهذه
المحدودية ، وكيف سيصبح الموقف
في حال استئناف الأنشطة
الاستيطانية ، وماذا لو كثفت
إسرائيل استيطانها بعد الأشهر
الستة لتعويض ما فاتها ، بأي
منطق ستقاوم السلطة الاستيطان ،
وكيف يمكنها حشد موقف دولي
وإقليمي ضد التوسع الاستيطاني؟.
لقد أفرغت المدة
المحدودة التي تطالب السلطة
تجميد الاستيطان خلالها ، هذا
المطلب من مضمونه ، وإحالته إلى
ضرب من الاستجداء والتوسل ،
والمؤسف حقا أن "الشريك
الإسرائيلي" في عملية السلام
، لم يأخذ هذه "النداءات" و"الاستجداءات"
بعين الاعتبار ، وأظهر عدم
حساسية مطلقة حيال كل ما يخص "الشريك
الفلسطيني" ، بل لقد أظهر
استخفافا واستهزاء بهذا الشريك
، الذي يجلس مرتحا فوق قمة
الشجرة التي صعد إليها ، وفقا
لتعبير نتنياهو. الموقف من الاستيطان
يجب أن يكون في "صلب
الاستراتيجية الفلسطينية
التفاوضية والمقاومة" على حد
سواء ، ومعيار جدية موقف السلطة
من مسألة وقف (وليس تجميد)
الأنشطة الاستيطانية ، يتجلى في
المطالبة بوقفها بصورة تامة
ودائمة ، وتفكيك ما قام منها على
الأرض الفلسطينية ، وعدم الوقوع
في شرك التمييز بين "استيطان
شرعي" وآخر غير شرعي ،
فالاستيطان كله ، وبكل أشكاله ،
وأينما تم ، غير شرعي ، وهو
عدوان صارخ على الأرض والحقوق
الثابتة للشعب الفلسطيني. المطالبة بتجميد
الاستيطان ، يجب أن يقترن
باستراتيجية كفاحية متعددة
الأوجه والميادين ، تقوم على
استنهاض قوى الشعب الفلسطيني
بمختلف مرجعياتها ومشاربها ، في
إطار وحدة وطنية صلبة ، في إطار
منظمة التحرير ، على قاعدة
برنامج العودة وتقرير المصير
وبناء الدولة المستقلة
وعاصمتها القدس ، وبخلاف ذلك ،
فإن "التواضع" في تحديد "المهلة
الزمنية" المطلوب تجميد
الاستيطان خلالها ، ليس سوى
تكتيك قصير الأجل ، هدفه حفظ ماء
وجه السلطة وليس حفظ حقوق شعبها. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |