-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التحولات
الجيوسياسية في الفضاء العالمي
القادم أ.
محمد بن سعيد الفطيسي
بمضي العام 2010 م , يكون
العالم قد عايش نهاية العقد
الأول من القرن الحادي والعشرين
بجميع تحولاته ومتغيراته
التاريخية والحضارية , ذلك
العقد الذي شهد الكثير من إراقة
الدماء والحروب والفوضى
والإرهاب , شهد فيه العالم أكثر
من حرب كبرى , وعشرات الصراعات
القومية والعصبية والطائفية في
مختلف أرجاء العالم , راح ضحية
لتلك الحروب والصراعات الدموية
الآلاف من الضحايا المدنيين
الأبرياء , هذا بخلاف الجنود
والخسائر المادية الهائلة
والمدنية المدمرة 0
ولو عدنا لرسم خارطة العالم
خلال تلك المرحلة الزمنية
الدامية , لوجدنا أنها تشكلت
بتلك الصورة القاتمة منذ العام
الأول – أي – العام 2001م , وليس
كما هو حال القرن العشرين ,
والذي يؤكد اغلب الباحثين
وعلماء التاريخ والجغرافيا على
انه قد بدأ فعليا من الناحيتين
الجيوسياسية والجيواستراتيجية
مع مطلع العام 1914م ,
- أي - باندلاع
الحرب العالمية الأولى , حينما
قامت إمبراطورية النمسا
والمجر بغزو مملكة صربيا إثر حادثة اغتيال ولي
عهد النمسا وزوجته من قبل طالب
صربي أثناء زيارتهما لسراييفو 0
مع ان سلسلة الحروب
والصراعات الدموية الوجودية قد
بدأت قبل ذلك التاريخ , وذلك مع
خلال اندلاع الحرب الليبية
الايطالية في العام 1911م ,
وبالتالي فان العقد الثاني من
القرن العشرين , كان هو المحرك
التاريخي لجميع التحولات
والمتغيرات الجيوسياسية
والجيواستراتيجية لخارطة القرن
الـ 20 0
ولكنه ليس من المبالغة في
التصور إذا ما اعتبرنا ان
الحادي عشر من سبتمبر من العام
2001م , هو التاريخ الحقيقي لبداية
التحولات الجيوسياسية
والجيواستراتيجية على الخارطة
العالمية بالقرن الحادي
والعشرين , ففي هذا التاريخ
تحديدا كان العالم يعيش مرحلة
انهيار الجدار الزمني لحقبة ما
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ,
وبداية انهيار العصر
الإمبراطوري المركزي للولايات
المتحدة الاميريكة , - وبمعنى
آخر – فان يوم واحدا فقط كان
كفيلا بتغيير مجرى التاريخ
الحديث 0
حيث انتهت صبيحة الحادي عشر
من سبتمبر – وكما يؤكد ذلك
تيموثي غارتون آش في كتابه قرار
اميركا , هل بدأ الآن القرن
الحادي والعشرين ؟ – المرحلة
الأخيرة من حقبة ما بعد الحرب
التي بدأت مع سقوط جدار برلين في
التاسع من نوفمبر من العام 1989م ,
000 فإذا ما كان سقوط الجدار يمثل
النهاية الحقيقية لقرن قصير ,
"1914 – 1989م " , فهناك ما يكفي
من الأسباب للقول بان تدمير
مركز التجارة العالمي - ومبنى
البنتاغون الاميريكي - هو
البداية الحقيقة للقرن الحادي
والعشرين 0
فإذا ما كانت سنوات القرن
العشرين قد شهدت من الدمار
والحروب والإبادة الجماعية ما
يكفي لوصفه بالقرن الدموي كما
يطلق عليه ذلك مستشار الأمن
القومي في عهد الرئيس الاميريكي
جيمي كارتر , ومستشار مركز
الدراسات الدولية
والاستراتيجية , وأستاذ السياسة
الاميركية الخارجية في كلية
الدراسات الدولية المتقدمة في
جامعة جونز هوبكنز الأستاذ
زبيغينيو بريجينيسكي في كتابه
الفوضى – الاضطراب العالمي عند
مشارف القرن الحادي والعشرين- 0
حيث يقول بريجينيسكي ( ان
الأبعاد الفريدة لإراقة الدماء
في القرن العشرين إنما هي نتاج
نضالات وجودية مركزية هيمنت على
هذا القرن وحددت هويته , وهي
نضالات قد أفضت بدورها الى اشد
انتهاكين جماعيين وأخلاقيين في
عصرنا , نقلا قرن الأمل الى واحد
ميزته الجنون المنظم , 0000 إنهما
الحربان العالميتان وما لا يقل
عن ثلاثين حربا دولية كبرى
وأخرى أهلية ) 0
نذكر منها الحرب الإيطالية
الليبية عام 1911 و حرب
بأورغواي – بوليفيا في الفترة
من 1928-1935م , واحتلال ايطاليا
لأثيوبيا في العام 1936م , والحرب
الأهلية الاسبانية في العام 1939م
, والحرب الهندية الباكستانية
في العام 1947م وما تبعها من حربين
أخريين , واندلاع حرب
1948 بين العرب وإسرائيل , والحرب الكورية في
الفترة من 1950-1953م , والحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي , والحرب
النيجيرية الأهلية وحرب اكتوبر
وحرب فيتنام والحرب العراقية
الإيرانية , وسقوط الاتحاد
السوفيتي , والحرب الأهلية
اللبنانية , وقيام حرب الخليج
الثانية في العام 1991م وغيرها
الكثير 0
أما العقد الأول من القرن
الحادي والعشرين – وللأسف
الشديد – فلم يمهل العالم كثيرا
كما كان مع العقد الأول من القرن
العشرين , حيث انه بدأ مبكرا جدا
, فبعد اقل من 10 أشهر وتحديدا في
11 / 9 / 2001م انهار النظام العالمي
السابق بجميع أبعاده التي بدأت
– بحسب وجهة نظرنا – مع سقوط
الاتحاد السوفيتي , وتحول
العالم الى المركزية الاميركية
, ليبدأ فعليا نظاما عالميا آخر
تشكل من بين أنقاض غبار برجي
التجارة العالمين 0
فإذا كان بين هذه
الأحداث والأيام التي تصنع
التاريخ , قد شد القرن العشرين
القصير والوحشي قوسه كثيرا كما
يرسمه لنا وزير الخارجية
الألماني السابق يوشكا فيشر
والأستاذ حاليا في
جامعة برنستون ,
ويطلق عليه المؤرخ البريطاني
الكبير اريك هوبسباوم " بعصر
الأحداث المتطرفة " , فإننا
نستطيع ان نؤكد على ان القرن
الحادي والعشرين سيكون قرنا
أكثر تطرفا ودموية وفوضى , وليس
أفضل تأكيدا وجزما على ذلك من
جملة الأحداث المأساوية
والرهيبة التي شكلت مسار عقده
الأول 0
ففي العام 2001م وتحديدا في 11 /
9 – ما بين الساعة 8 والساعة 10
صباحا بتوقيت واشنطن , وبعيدا عن
جملة النظريات والمؤامرات
المحتملة والغير محتملة والتي
لسنا في صدد تناولها في هذا
الطرح تم ضرب برجي التجارة
العالميين ومبنى البنتاغون
بالولايات المتحدة الاميركية ,
وهي الأحداث التي اتخذت لاحقا
كذريعة لبداية حرب طويلة على ما
أطلق عليه " بالحرب العالمية
على الإرهاب " بداية من
أفغانستان , وللعلم فان ذلك
العام كان هو العام الذي تولى
فيه الرئيس الاميركي الثالث
والأربعين جورج واكر ( دبيلو)
بوش الرئاسة في 20 يناير خلفا
لبيل كلينتون 0
فطوال شهرين ونصف بعد أحداث
11 / سبتمبر – وكما يصفها الأستاذ
البولندي الأصل وليم بلوم في
كتابه الدولة المارقة ( أمطرت
الدولة الأقوى في التاريخ
الدولة الأكثر تخلفا وفقرا في
العالم بوابل من الصواريخ
والقذائف من مختلف الأحجام
والعيارات ) ولتكون تلك الحرب هي
العالمية الأولى في القرن
الجديد بقيادة الولايات
المتحدة الاميركية على
أفغانستان , وهي واحدة من أطول
الحروب في التاريخ الحديث حيث
أنها لا زالت مستمرة ومشتعلة ,
ولا نتصور أنها ستنتهي سوى
بنهاية الولايات المتحدة
الاميركية بنفس دراما سقوط
الاتحاد السوفيتي في العام 1989م ,
وربما يكون ذلك في نفس المكان 0
تلاها لاحقا وفي 20 / 3 / 2003م
بداية الغزو الاميريكي للعراق ,
والذي سبقه إقرار مجلس النواب
الاميركي لأكبر ميزانية عسكرية
أميركية منذ إدارة الرئيس
رونالد ريغان
وذلك في مايو من العام 2002 م ,
وقد بلغت قيمتها 383 بليون دولار
– أي – بزيادة 50 بليون دولار عن
سابقتها , احتل بعدها العراق في 9
ابريل من العام 2003م تحت ذرائع
تبين لاحقا بأنها مجرد أكاذيب
وأباطيل واهية كامتلاك العراق
للأسلحة النووية والبيولوجية
والكيميائية , ولا زالت تبعات
هذه الحرب مستمرة متحملا
تبعاتها الإنسانية والكارثية
التاريخية الرئيس الاميركي
السابق جورج دبليو بوش ورئيس
الوزراء البريطاني توني بلير ,
وجملة المشاركين في تلك الحرب
من القيادات السياسية
والعسكرية 0
والملاحظ هذه المرة بان
القارة الأسيوية بوجه عام ,
والمنطقة العربية على وجه
الخصوص , قد أخذا الحيز الأكبر
من مساحة ذلك التغيير العالمي ,
بل وعلى وجه الدقة كانا المركز
التاريخي الذي بدأ منه تغيير
الخارطة الدولية للقرن الحادي
والعشرين , ( وبناء عليه فقد
تحولت المنطقة العربية الى نقطة
ساخنة ومفتوحة لمختلف أنواع
التحديات والصراعات والحروب -
بالمفرق والجملة - , فأصبح أي
تغيير او تطوير او تحوير في
النظام العالمي بأكمله , او على
الأقل , فيما يخص " الإصلاحات
" التي تحتاج إليها بعض
البلدان المتهمة بتنمية
الإرهاب , لابد له ان يمر عبر
السياقات التي خلفتها أحداث 11
سبتمبر ومن خلالها )0
شكلت بعدها السنوات اللاحقة
من تلك الأحداث المخيفة
والتحولات والصراعات المرعبة ,
والتي هزت العالم بأسره , وخصوصا
تلك التفجيرات التي ضربت العديد
من دول العالم كبريطانيا
واسبانيا واليونان وسيريلانكا
ومصر والسعودية واليمن ولبنان
والجزائر والمغرب وهي على سبيل
المثال لا الحصر , الدائرة
الضيقة التي كان يدور من خلالها
التاريخ الحديث , وفيها تم
اغتيال الإنسانية باسها بدم
بارد 0
هذا بخلاف الحروب
الأهلية والصراعات الوجودية
والانقلابات التي اجتاحت
العديد من دول العالم كما حدث في
بنجلاديش وباكستان والهند
واندونيسيا وغينيا , خصوصا
العالم العربي كما حدث في
السودان والصومال وموريتانيا ,
وقيام الحكومة الصينية بغارات
ضد ما تسميه " بالإرهاب " في
زيجيانغ , والتدخل الإثيوبي في
الصومال , والحرب الجورجية –
الاوسيتية التي بدأت في 8 / 8 / 2008
م , تلاها التدخل الروسي المباشر
" اجتياح الأراضي الجورجية
" فيما أطلق عليه بالحرب
الروسية – الجورجية , والتي
لازالت مستمرة رسميا بسب
التواجد الروسي العسكري في
جورجيا , والحرب اليمنية
السعودية ضد ما يسمى بقوات
التمرد الحوثي في اليمن والتي
ترافقت والأيام الأخيرة من
العقد الأول للقرن 21 0
كذلك ومما لا يجب تغافله من
متغيرات ترافقت مع العقد الأول
من القرن الحادي والعشرين وكانت
جزء لا يتجزأ من مسارات الخارطة
الجيوسياسية العالمية , الملفين
النوويين الكوري الشمالي
والملف النووي الإيراني ,
والأزمة المالية التي عصفت
باقتصاديات العالم بلا استثناء
, وأزمة الدرع الصاروخي
الاميريكي مع روسيا والتي وصلت
في وقت من الأوقات الى مرحلة
تهديد روسيا لبولندا بالأسلحة
النووية , وانتهاء معاهدة ستارت
1 , ومرض انفلونزا الخنازير الذي
اجتاح العالم بأسره 0
المهم في الأمر بان صفحات
العقد الأول من القرن الحادي
والعشرين كانت مليئة وزاخرة بكل
أشكال الكوارث البشرية
والطبيعية , وكل ما يمكن ان نطلق
عليه بانحرافات الفكر الإنساني
المتطرف , ولذا فان العقد القادم
– أي – العقد الثاني للقرن 21 ,
سيكون امتدادا طبيعيا وحتميا
لردات الفعل والتصرفات الفكرية
البشرية الناتجة عن أحداث
ومخلفات السنوات السابقة له ,
وتحديدا سنوات العقد الأول
وأزماته الاخيره , فنوعية (
الردود الاستراتيجية على هذه
التوترات العالمية والإقليمية ,
وعلى هذه الصراعات المتنوعة
وأسبابها سوف تحدد , الى درجة
كبيرة مصير السلام والاستقرار
والعدالة والحرية في كثير من
المجتمعات , وفي النظام السياسي
العالمي خلال العقود القادمة ) 0
وهنا لاحقا سنتناول ابرز ما
نتصور – من وجهة نظرنا الشخصية
– بأنها ستكون النقاط الرئيسية
التي ستحدد من خلالها ملامح
الفضاء القادم للخارطة
الجيوسياسية الدولية خلال
القرن الحادي والعشرين , ومنها
سيحدد مصير العديد ن مسارات
التاريخ البشري ومجريات
التاريخ الإنساني بجميع
أبعادها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وغيرها , وتحديدا
في ظل انهيار ما يطلق عليه "
بالمركزية القطبية " الذي
تسيدته الولايات المتحدة
الاميركية لأكثر من عقد كامل من
الزمن , امتد ما بين العام 1989م
والعام 2000م 0
وهو ما أفضى بدوره الى تشكل
بناء جديد للبنية السياسية
الدولية , يعتمد كليا على تبعثر
مراكز القوة ومصادر تحريك
القرار العالمي , وان كان ذلك
بالطبع لا ينفي مطلقا بقاء
الولايات المتحدة الاميركية
خلال العقد الثاني من القرن
الحادي والعشرين على رأس القوى
العالمية التي لا زالت وستظل
حتى وقت ليس بالقصير تحرك
مجريات التاريخ وتحدد مساراته
الجيوسياسية , مع التأكيد على
بروز العدد الأول من قائمة
القوى العالمية التي ستشكل مجرى
التاريخ السياسي حتى منتصف
القرن الحادي والعشرين على اقل
تقدير , كروسيا والصين على سبيل
المثال لا الحصر , والتي أتصور
يقينا بأنها ستشارك الولايات
المتحدة الاميركية بقوة تشكيل
العقد القادم , وهذا بالطبع لا
ينفي وجود آخرين لن يقل شانهم عن
شأن القوى العالمية سالفة الذكر
من حيث التأثير , ولكن لن يكون
ذلك بنفس القوة كألمانيا وفرنسا
وبريطانيا واليابان والهند 0
ومن أهم الملفات والمحاور
الجيوبوليتيكية للصراع
والمنافسة على رقعة الشطرنج
الدولية , والتي أتصور – من وجهة
نظري الشخصية – بأنها ستأخذ
الحيز الأكبر من الاهتمام
العالمي في العقد الثاني من
القرن الحادي والعشرين , وستشكل
الصورة الحقيقية لهيكلية
البناء السياسي له المحاور
التالية :-
( 1 ) محور الشرق الأوسط :
والذي أتصور بأنه سيظل قلب
مركزية الصراع العالمي القادم
بشكل عام والأسيوي على وجه
الخصوص , وأكثر مناطق العالم
توترا وسخونة ولفترة ليست
بالقصيرة , فهناك من الملفات
الساخنة والمؤهلة للتأجيج خلال
الفترة القادمة , وعلى رأسها
الملف النووي الإيراني , والذي
أتصور بأنه سيحسم بطريقة او
بأخرى في فترة لن تتجاوز العام
2011م , هذا بخلاف الصراعات
الطائفية والمذهبية والقومية
التي ستهز عواصم الشرق الأوسط ,
لتنذر بتفكك بعض الأنظمة وتدهور
بناءها السياسي , وربما قيام بعض
الحروب الداخلية على شاكلة ما
حدث في اليمن والسودان والصومال
, كما إنني لا استبعد زيادة هوة
الخلافات والانقسامات العربية
العربية مما سينتج عنه قيام بعض
التكتلات والتحالفات السياسية
الفضفاضة 0
كما ان منطقة الشرق الأوسط
وعلى صعيد ملف الصراع العربي –
الإسرائيلي , والذي يتوقع ان
يتأجج كثيرا خلال الفترة
القادمة , وتحديدا من خلال عودة
ما يسمى بظاهرة الانتفاضات
الفلسطينية الكبرى , واجتياح
إسرائيل لمعظم الأراضي
الفلسطينية في محاولة لحسم هذا
الملف , سيدخل منطقة الشرق
الأوسط في دوامة من الحروب
الجانبية ستطال لبنان وربما
سوريا 0
( 2 ) المحور الأسيوي : والذي
نؤكد من خلاله على ان القارة
الأسيوية تحديدا ستكون مركز
الصراع العالمي القادم , بل
وسينطلق من خلالها فتيل تغيير
النظام العالمي بأكمله , مع بقاء
المتنافسين الكبار كروسيا
والصين والهند وباكستان
ممتنعين حتى النهاية عن أي
تصادم عسكري مباشر خوفا من
الحرب النووية , ولكن ذلك لن
يمنع بالطبع قيام الحروب
الداخلية وخصوصا تلك التي
تؤججها الطائفية والمذهبية
والقوميات , وخصوصا في كل من
باكستان وبنجلاديش وبعض دول
جنوب شرق أسيا , كما ستبرز الصين
كقوة اقتصادية عالمية انطلاقا
من هذا العقد , مع التنبيه الى
عودة بروز مشكلة تايوان من جديد
على الساحة الصينية , والملف
النووي الكوري الشمالي 0
أما الساحة الساخنة الأخرى
على صعيد هذا المحور فستكون
الساحة الشمالية للقارة
الأسيوية , ومنها ما سيتداخل
ليشكل معا قارتي " اوراسيا
" , وهو ما سنتناوله في المحور
الثالث لمركزية الصراع القادم
في الفضاء الثاني من القرن
الحادي والعشرين , وسيتسيد
الصراع في هذا المحور
الامبراطورية الروسية , وتحديدا
إذا ما نجح فلاديمير بوتين في
الاستمرار على قمة الهرم
السياسي الروسي , وستكون مراكزه
في كل من منطقة القوقاز
والبلقان ومناطق النفوذ
السوفيتي السابق , حيث ستحاول
القيادات الروسية القادمة بكل
الطرق إعادة بناء الدولة
الروسية القومية من جديد , ولو
كان ذلك على حساب جيرانهم
المستقلين دون مشيئتها 0
( 3 ) المحور الاورو- أسيوي
" اوراسيا " : وهو محور
ستعيد بناءه الدول القومية , و-
بمعنى آخر – الدول التي
ستحاول استعادة مكانتها
الدولية التاريخية كفرنسا
وألمانيا وروسيا خلال العقد
القادم , إلا إننا نشدد على
روسيا كقوة عالمية محورية
موازية للقوة الاميركية
القطبية مع احتمال ليس مستبعد
للدول سالفة الذكر ( فالدول
القومية ما زالت تكون الوحدات
الأساسية للنظام العالمي , وعلى
الرغم من تدهور قومية الدول
العظمى واضمحلال أيديولوجيتها
قد قللا الشحنة العاطفية في
السياسة العالمية – في الوقت
الذي فرضت فيه الأسلحة النووية
قيودا كبيرة على استخدام القوة
– فان المنافسة القائمة على
الأرض ما زالت تسيطر على الشؤون
الدولية , حتى وان أصبحت اليوم
تأخذ أشكالا أكثر تمدنا ) 0
وهكذا فان التحولات
الجيوسياسية في الفضاء العالمي
القادم على رقعة الشطرنج
الدولية خلال العقد الثاني من
القرن الحادي والعشرين ستبدأ من
هذه المحاور الثلاثة تحديدا ,
وستكون التصرفات والأجندات
السياسية القادمة وردات الفعل
تجاه بعض القضايا الراهنة هي
المحرض لبدء تشكيل هيكلية
النظام القادم , وعلى رأسها
السعي لامتلاك الأسلحة النووية
والتدخلات القومية ومحاربة
الحكومات لما تطلق عليه
بالإرهاب الطائفي والقومي 0 ـــــــــ *باحث في الشؤون
السياسية والعلاقات الدولية رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الاستراتيجية
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |