-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هدفان
تركييان في الشّبَاك العربية عريب
الرنتاوي هزّت
الدبلوماسية التركية
"الشباك" العربية بهدفين
نظيفين، خلال الأشهر القليل
الماضية، الأول سجّله رئيس
وزرائها رجب طيب أردوغان عندما
غادر المنصة تاركا عمرو موسى
يجرجر أذيال الحرج والعجز
والإرباك أمام شمعون بيريز
وبحضرة جمهور "دافوس"
المالي والسياسي رفيع المستوى،
ومن خلفه ملايين المشاهدين في
العالمين العربي والإسلامي،
وعلى امتداد الكون على اتساعه،
والثاني سجّله بالأمس في
ميونيخ، وزير خارجيته الألمعي
أحمد داود أوغلو، عندما رفض
الجلوس على منصة واحد مع نائب
وزير الخارجية الإسرائيلية
داني أيالون، الذي نجح في تعويض
الصفعة التركية، بـ"مصافحة
سعودية" رفيعة المستوى، من يد
الأمير تركي الفيصل، ومن دون
اعتذارات من أي نوع، ودائما على
مرأى ومسمع ملايين القراء
والمشاهدين والمستمعين. في كلتا
الحالتين، كان الإعلام حاضرا
بقوة، مُكرسا بريشة الصحفيين
وعدساتهم، صورتان نمطيتان،
الأولى عن تركيا، الدولة التي
تثأر لكرامتها الوطنية،
و"تُطَلّق من رأسها" من دون
انتظار ما ستأتي به رؤوس
الآخرين، دولة تنتصر للحق
الفلسطيني ولا تخشى به لومة
لائم، دولة تمارس
"السيادة" قولا وفعلا، وفي
مختلف المجالات والميادين،
وترفض الخضوع لابتزاز "زعران
إسرائيل"، وليس لديها ملفات
محرجة لقياداتها، فلا فساد ولا
خلافة ولا توريث. أما
الصورة النمطية الثانية التي
يجري تكريسها بأفعال ووقائع من
هذا النوع، فهي تلك التي تتصل
بضعف العرب وعجزهم وهوانهم
وتهافتهم، فصلابة الدبلوماسية
التركية تفضح ميوعة
الديبلوماسية العربية، وعنفوان
المسؤول التركي يظهّر خنوع
المسؤول العربي، وممارسة تركيا
لـ"سيادتها"
و"سياستها" تكشف بؤس
التوظيف لمفهوم "السيادة"
في العالم العربي، مثلما يفضح
بؤس السياسة التي قادتنا من
النكبة إلى النكسة. لو أن
ما صدر عن أردوغان وأوغلو صدر عن
أحمدي نجاد ومنوشهر متكي، لما
وجدنا انفسنا، ولما وجد
الديبلوماسيون العرب أنفسهم،
في موقع المقارنة المحرجة،
فإيران تنتمي لمعسكر غير
معسكرنا، وقاموسها السياسي
يحتمل مواقف وتصريحات وسلوكيات
أشد "تطرفا" من تلك الصادرة
عن أنقرة، لكن أن تصدر المواقف
التركية، عن دولة هي في صميم
الاعتدال، وعضو في
"الناتو"، وتقترب من عضوية
"الاتحاد الأوروبي"، فهذا
أمر كفيل بإلحاق الحرج، أشد
الحرج، بعرب الاعتدال وعربان
التحالف مع الغرب. ليس
مرغوبا من الدول العربية ولا
مطلوبا منها، أن تجاري إيران في
تحديها للغرب وتصديها
للاستكبار العالمي، ومضيها
قدما في بناء القدرات الذاتية
العملاقة، فذاك أمر لا تحتمله
أحلام اليقظة لرجل الشارع
العربي، ولكن ليس أقل من أن
يرتقي أداء الديبلوماسية
العربية وكبرياؤها، إلى مصاف
الأداء التركي، أقله في المسائل
المتعلقة بالصراع العربي
الإسرائيلي، وفي نصرة الشعب
الفلسطيني، إذ كيف يمكن لأمين
عام الجامعة، وزير الخارجية
المصري الأسبق، الرجل الذي
وضعته الأغنية الشعبية المصرية
كفرد في مواجهة إسرائيل كدولة،
أن يبرر "قعوده" عن اللحاق
بأردوغان والبقاء إلى جانب
بيريز، وبأي لغة سيبرر سلوكه
هذا، وما الذي كان سيخسره لو أنه
تصرف على نحو مماثل لتصرف
أردوغان، أقله من باب التضامن
مع من تضامن معنا. ثم، أما
كان بإمكان الديبلوماسي
السعودي المخضرم، ورئيس جهاز
مخابرات المملكة سابق، أن
يتفادى مصافحة نائب وزير
الخارجية الإسرائيلي (البلطجي
نائب البلطجي)، أقله تضامنا مع
سفير تركيا (المُهان) ووزير
خارجيتها الذي لم يفعل شيئا سوى
الانتصار لكرامة بلده
وديبلوماسيها عندما رفض الجلوس
على منصة واحدة مع أيالون، ما
الذي كان الأمير يبحث عنه لدى
ممثل حكومة نتنياهو في المؤتمر
الأمني في ميونيخ، وأية رسالة
كان ينوي توجيهها ولمن ولخدمة
أية أهداف...هل كان بحاجة للدخول
في جدل مع أحد "زعران "
إسرائيل حول من الصادق ومن
الكاذب، من الذي اقترب مِن مَن،
ومن الذي اعتذر لمن وعن ماذا، هل
كان بحاجة لـ"تكذيب"
أيالون لكل ما ورد على لسان
الأمير من تصريحات، أليست
المصافحة بهذا الطريقة
الاستعراضية، ومن على منصة هذا
المؤتمر الدولي المرموق،
تطبيعا مجانيا، في زمن يجد
الفلسطينيون حرجا فيه في الجلوس
على مائدة مفاوضات مباشرة مع
إسرائيل، ما الذي جناه الأمير
وما الذي حققته بلاده، وما الذي
أضاعه على نفسه وضيّعه على
بلاده، لو أنه انتصر علنا وبقوة
لزميله التركي، ورفض رفضا قاطعا
مصافحة بلطجي بدرجة ديبلوماسي،
والجلوس معه على منصة واحدة ؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |