-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحرب
المقبلة إن اندلعت؟ عريب
الرنتاوي لا
يتردد حزب الله عن القول ، بأن
الحرب المقبلة إن اندلعت ، لن
تكون كسابقاتها ، وأنها ستنتهي
بتغييرات جذرية في صورة المنطقة
وخرائطها ، حتى أن بعض
التصريحات الدعائية -ربما -
الصادرة عن مصادر الحزب ، تذهب
للقول بأنها قد تكون آخر الحروب
، حيث لن تقوى إسرائيل من بعدها
على شن "عدوانات" جديدة ،
إما لانهيار سيصيب قوتها
الردعية في مقتل ، أو لانهيارها
كدولة وكيان. القيادة
السورية التي تبادلت مع إسرائيل
خلال الأسابيع القليلة الفائتة
، أشد حملات الاتهام والتهديد
والتحذير ، قالت أن أي مقامرة
يقدم عليها "زعران" تل أبيب
، ستجعل من الحرب المقبلة حربا
شاملة ، ستكون المدن
الإسرائيلية ، وليس السورية أو
اللبنانية وحدها ، ساحة لهذه
المعركة وميدانا لها كذلك. دمشق
أنذرت بأن أي حرب إسرائيلية
مقبلة على لبنان ستكون بمثابة
حرب على سوريا ، معيدة إلى
الأذهان نظرية "تلازم
المسارين" ولكن بصيغة جديدة
هذه المرة: "تلازم
الجبهتين". أمس ،
دخلت إيران على خط السجال ، من
على أرفع منصة وفي أهم مناسبة:
رئيس الدولة في عيد الثورة ،
إيران "اقترحت" على ما يبدو
، أن تجعل من أي عدوان إسرائيلي
قادم ، عليها أو على سوريا أو
لبنان ، فرصة لـ"تسوية
الحساب" وإلحاق الهزيمة
بإسرائيل وإسقاطها ، ودعت دمشق
والمقاومة إلى دراسة
"اقتراحها" مليا والنظر
إليه بجدية. ما الذي
يدفع هذه الأطراف للاعتقاد بأن
الحرب المقبلة ، المرجحة بكل
الحسابات ، ستكون حرب مصير ،
ليست كسابقاتها ، وقد لا يكون
لها مثيلات في المستقبل. من أين
تأتي هذه الأطراف بكل هذه الثقة
بالنصر؟ هل هي ثقة حقا ، أم أنها
سياسة "حافة الهاوية" ،
وتكتيك التلويح بالحرب لدرء
الحرب ، أم هو "خيار شمشون"
وتكتيك "هدم المعبد عليّ وعلى
أعدائي" ، أم هي تصريحات
ومواقف "معلبة" مسبقا بغرض
الاستهلاك المحلي؟. هذه
الأسئلة والتساؤلات ، لها ما
يبررها ، ظاهريا على الأقل ،
فهذه الأطراف تَعًد بأكثر مما
تستطيع فعله على ما يبدو: حزب
الله مهما تعاظمت قدراته وخبرات
مقاتليه وتفانيهم ، يبقى في
المقام الأول والأخير ، مجرد
فصيل ، لن يقوى على
"الإطاحة" بالدولة الأعظم
شرق أوسطياً. سوريا التي فقدت
الإسناد العربي الرسمي منذ أن
تحوّل "الاعتدال العربي"
إلى معسكر ، لا خيارات خاصة له
خارج السياقات الاستراتيجية
الأمريكية في المنطقة ، تواجه
"فجوة" حقيقية في ميزان
القوى مع إسرائيل ، خصوصا في ظل
تواضع قدراتها على تمويل تسلحها
وتحديث ترسانتها ، وبالأخص مع
إصرار روسيا على البقاء في ظلال
"العباءة الأمريكية"
الوارفة. أما إيران ، فبعيدة
جغرافيا ولوجستيا عن ميدان
الصراع والمواجهة ، وصواريخها
لن تكون أشد فتكا من صواريخ صدام
حسين ، وحتى بفرض تفوقها عليها ،
فإنها لن تتخطى صواريخ حزب الله
، كماً ونوعاً. قد
يندرج كل ما سبق في عداد تثبيط
العزائم وترويج الهزائم ، وقد
يبدو صحيحا كل الصحة ، ولكنْ مع
ذلك ، ثمة وجه آخر للصورة يجدر
تأمله وتفحّصه ، فالحرب القادمة
ستكون على الأرجح ، من طراز
"حرب المدن" التي عرفتها
إيران والعراق في حرب السنوات
الثمان ، فإسرائيل ليست في وارد
الإقدام على "احتلالات
جديدة" ، وهي التي لم تهضم بعد
نتائج احتلالاتها القديمة ، بل
وتكاد "تتشردق" فيها حد
الاختناق ، والاحتلال
الإسرائيلي للأرض العربية
اليوم ، سيكون أعلى كلفة من
احتلال لبنان عام 1982 واحتلال
الضفة من قبله عام 1967 ، ذلك
الاحتلال الذي تخلت عنه إسرائيل
قبل عشر سنوات ، من دون قيد أو
شرط ، وتحت ضربات المقاومة
لبنانيا ، وستتخلى عنه طائعة أو
مكرهة ، وبعد أقل من عشر سنوات ،
تحت ضغط الديموغرافيا
والمقاومة معا ، فلسطينيا. في
"حرب المدن" المحتملة ،
ستكون "الجبهة الداخلية"
الإسرائيلية ساحة للقتال ، كما
كانت في حرب تموز 2006 ، وبدرجة
أقل في حرب الرصاص المصهور ،
وستتألم إسرائيل مثلما سيتألم
العرب ، برغم الفجوة الهائلة
بين قوة النار الإسرائيلية وقوة
النار العربية ، وهي فجوة آخذة
في التقلص على أية حال ، وليس
الاتساع ، حتى مع منظمات صغيرة
كحزب الله وحماس ، في ظل تطور
تكنولوجيا الصواريخ ، متعددة
المديات والأوزان والرؤوس ،
قليلة الكلفة. ثم أن
إسرائيل أخذت تدرك ، وبرغم
"عنتريات" نتنياهو ـ باراك
ـ ليبرمان ، بأن ثمة حدودا
لبربريتها ، يصعب تخطيها من دون
المقامرة بفقدان "شرعيتها"
الدولية ، والتقرير الذي صدر عن
معهد "رؤوت" مؤخرا ، والذي
حذر من خطر تآكل "شرعية"
إسرائيل ، باعتباره خطرا
استراتيجيا ، يقرع ألف ناقوس
خطر في العقل الجمعي الإسرائيلي
، ويدفعها للتفكير بصورتها
ومكانتها و"شرعيتها" أيضا
، فالقوة الغاشمة وحدها ، ليست
كفيلة ببناء صورة ردعية ،
والأهم أنها غير قادرة على
تأمين شروط مواتية لاستثمار
التفوق العسكري أو حتى جني ثمار
النصر في ميدان الحرب. حرب
تموز 2006 على لبنان ، وإلى حد ما
حرب الرصاص المصهور على غزة ،
غيّرت كثيرا من المعطيات
العسكرية والاستراتيجية ،
وأعادت تفكيك وبناء نظريات
وعقائد حربية وقتالية ، وربما
هذا ما يدفع أطرافا عربية
وإقليمية ، دولا ومنظمات ، تبدو
ضعيفة بمعايير القوة التقليدية
وحساباتها أمام إسرائيل ،
للتحدث بلغة التهديد والوعيد
أيضا ، موقنة بأن القرح الذي
سيمسها ، سيمس القوم قرح مثله ،
وقديما قيل أن الشجاعة صبر ساعة
، واليوم قد يقال بأن النصر صبر
ساعة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |