-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 16/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أوباما صار ممن يقولون ويفعلون!

أديب طالب ()

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الثلاثاء 9/2/2010، وفي مؤتمر صحافي استثنائي تم التحضير له سريعاً. قال: "ثمة حملة سريعة تسير الى الأمام، لفرض عقوبات دولية على إيران. وبالرغم من نفي إيران، فإن من الواضح أنها تسير على الطريق نحو التسلح النووي".

ضجة أوباما الإعلامية في ظاهرها والعملية في مضمونها، والمقرة صراحة بالتوجه العسكري الذري للبرنامج النووي الإيراني... هذه الضجة موجهة أولاً لاسماع الأميركيين الذين وصلوا الى حد الملل من اليد "الفاشلة" الأوبامية الممدودة لطهران منذ نحو سنة. وموجهة ثانياً للإدارة الإيرانية النجادية المتغطرسة، كانذار أو شبه إنذار بأن الخيار العسكري لم يرفع من الطاولة، وبأن الاستعداد له على الارض قائم لا محالة. وموجهة ثالثاً، لأخذ العلم والمشاركة في العمل به، لباقي العالم على حد سواء.

وما يعطي تلك الضجة الإعلامية أهمية أكبر، أنها ترافقت مع عسكرة تمهيدية علنية للمنطقة كلها، وترافقت في الخليج العربي مع استكمال صريح وسريع للقبة الصاروخية المضادة للصواريخ الإيرانية بأنواعها المختلفة والتي طالما تباهت طهران بها. ولا يخفى على القارئ أن القبة العتيدة قد سبق وبدأ بها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في تموز 2007، قبل سنتين ونصف من الآن. القبة العتيدة فضلاً عن دورها العسكري الدفاعي الصرف في مواجهة أي رد فعل عسكري إيراني، هي عامل مهم هجومي في تشديد الحصار الاقتصادي على إيران، بحيث تغلق المسارات البرية والبحرية، منعاً لتهريب البضائع والوسائل والهادف لافشال ذاك الحصار بمساعدة دول "رخوة" كالصين.

الإدارة الأميركية بشبه انذارها، والإدارة الإيرانية بغطرستها حين قررت علناً رفع تخصيب اليورانيوم الى 20 في المئة مما أعطاه بعداً عسكرياً (قال الرئيس محمود أحمدي نجاد أمام الف كاميرا قبالته: دكتور صالحي ارفعوا التخصيب لعشرين في المئة)، كلتا الإدارتين متعمدتان نشر غبار التهديد بالحرب القادمة. الرئيس الإيراني يقول للإيرانيين وبغضب عارم: نحن أقوياء، نحن مقبلون على حرب حقيقية مع الشيطان الأكبر، الوطن في خطر، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، على موسوي وكروبي.. الخ أن يصمتوا أو أنهم عملاء لذاك الشيطان! الرئيس أوباما يقول للأميركيين وللعالم: لن نتخلى عن مصالحنا وحلفائنا في الخليج حيث منبع الطاقة في العالم كله، ولن نتخلى عن وعدنا الأبدي بحماية وجود وأمن إسرائيل، ولن نسمح بسباق تسلح نووي في المنطقة، قد ينهي أي شكل من الاستقرار فيها، فضلاً عن تقويته لقدرة الارهابيين على الارهاب!!

في باريس صرّح وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي ارفيه موران بأنه "علينا ان نواجه حقيقة هي انه إذا ما استمرت إيران في تطوير أسلحة نووية، فإنها من شبه المؤكد ستحرض على الانتشار النووي في الشرق الأوسط، هذا أمر خطير".

هل يفضي هذا التهديد بنشر غبار الحرب، وبصحبة عقوبات شديدة قاسية دولية على إيران، الى إجبار قادتها على مد يدهم لملاقاة يد أوباما الممدودة خفية، بعد ان فشل مدها علناً بهدف ايقاف السعي الإيراني لامتلاك السلاح الذري؟

الى متى يستمر التهديد بالحرب في ردع الإدارتين الأميركية والإيرانية عن القيام بحرب حقيقية؟

هل سنعود الى النصف الأول من القرن العشرين، حين كانت الحروب هي الحل الوحيد لكل المشكلات العالمية العالقة؟

في رأي الخبراء، أن إيران لن تكون لديها كمية كافية من اليورانيوم العالي التخصيب، ولانتاج قنبلة ذرية أو أكثر، قبل عام 2011، وهذا يعني أنها بعيدة عن تجاوز الخط الأحمر الذري مدة سنة على الأقل، وهذا يعني أيضاً أن الرئيس الأميركي أوباما، لن يحظى بقبول شعبي للحرب قبل ذلك التجاوز، لأن هذا التجاوز يؤكد للأميركيين عموماً، أن الحاجة الى الحرب مع إيران حاجة جوهرية. وفي رأي الخبراء أيضاً، فإن الرئيس عليه أن يحسم أمور أغلبيته من عدمها بعد تسعة شهور، في انتخابات الكونغرس النصفية في تشرين الثاني 2010، وهذا مما يساعد على اتخاذ قرار الحرب من عدمه.

يُفهم من السطور السابقة أن إيران وخلال السنة القادمة، لن تفكر أو تقدر على أكثر من تحريك حلفائها وأذرعتها في مواجهة الضغوط الأميركية والدولية، عبر العقوبات المتشددة التي تتقدم سريعاً وفق تصريحات أوباما الأخيرة، علماً أن هذه الأذرع تعاني حالياً من ضغوط وطنية وإقليمية ومحلية قد تجبرها على الحد من قيامها بدور إقليمي لصالح إيران. من هنا تتأتى ضرورة البحث الأميركي عن لغة مشتركة بينها وبين بعض هذه الأذرع وأؤلئك الحلفاء، ولقد كان من مفردات وجمل تلك اللغة أن سوريا دولة أساسية في أي استراتيجية تضعها واشنطن للمنطقة، وأن ثمة ضرورة لعودة سفير أميركي اليها. ولقد شرح رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز جيداً هذه الفكرة عندما زار المنطقة في كانون الثاني الماضي 2010.

لم يعد الرئيس الأميركي أوباما من الذين يقولون ما لا يفعلون. ولم يعد نمراً من ورق يجيد الخطابة، وهو ليس نمراً من ورق أصلاً. أوباما تخلى عن الليونة الديبلوماسية في خطابه مع الإيرانيين، ويبدو انه يقصر من الزمن الباقي للنهاية، ويبدو أنه يهيئ الأرض استعداداً لأي خيار بما فيه الخيار العسكري، وهذا كله لا يعني أن الحرب غداً أو بعد غدٍ، ولا يعني بالمؤكد أنها حاصلة فعلاً، رغم أن الولايات المتحدة تملك كل القدرات التنفيذية تكنولوجياً لبدء الحرب، ورغم أن أوباما لن تنقصه الكاريزما الشعبية، عندما يقرر ان يدافع عن المصالح الاستراتيجية للشعب الأميركي، وعن أمنه ونمط حياته، فضلاً عن حمايته الأبدية لوجود وأمن إسرائيل.

حتى تقوم الحرب بين أميركا وإيران، لا بد من أن يستقر الاقتصاد الأميركي خاصة والاقتصاد العالمي عامة، ولا بد من حسم الموضوع العراقي، ولا بد من نجاح ما في الحرب في أفغانستان، ولا بد من تسويات مع الصين وروسيا. كل هذه الأمور أساسية في نجاح الضغوط على إيران بهدف انجاح مفاوضات معها، أو بهدف مواجهة عسكرية إذا عاندت وتغطرست.

يقول الخبراء إن الولايات المتحدة قد تعوّض روسيا عن صفقات اقتصادية لها مع إيران، ويقول الخبراء أيضاً إن الإدارة الأميركية تهيئ جدولاً بشركات الحرس الثوري الإيراني تحضيراً لمحاصرته ومنع وصول البنزين وعدد من المشتقات النفطية التي تستوردها إيران. ان الحصار المتشدد على إيران، سينقص بالضرورة دعمها المادي والمالي والعسكري لأذرعتها، وعلى ضوء ذلك قد تعيد هذه الأذرع النظر في حاضر ومستقبل علاقتها الحميمية مع إيران.

حدد الرئيس أوباما للإيرانيين مهلتهم النهائية، وهي شهر أيار "مايو" من هذا العام للرد على مقترحات الخمسة زائداً واحداً حول برنامج إيران النووي، وبين أن لديه جدولاً زمنياً للانتقال من الأقوال الى الأفعال، بعد أن فشل جزئياً في سياسة الانفتاح على إيران وكوريا الشمالية، ونرى بوادر جدية ذاك التحديد في العودة الى سياسة أكثر قسوة.

في لقاء مع "الفيغارو" للفيلسوف الأميركي "فوكوياما" قال الاخير ما يلي عن سياسة أوباما الخارجية: "انجز أوباما ما يمكن انجازه، غيّر لهجته الديبلوماسية، انفتح على طهران وكوريا الشمالية، وكان متوقعاً أن لا ينجح الانفتاح كثيراً، ولكن هذا سيسمح له بالعودة الى سياسة أكثر قسوة". بالتركيز على جملة "سياسة أكثر قسوة"، نستطيع أن نفهم ما قاله الرئيس أوباما في 9/2/2010 حول العقوبات الدولية المشددة، وحول مسارعة إيران الى التسلح النووي العسكري.

السؤال الأخير: أين إسرائيل من كل هذا؟ الجواب: ان من يعتقد أن إسرائيل تقوم بعمل مهم دولياً لوحدها، يكن على درجة قريبة من السذاجة السياسية، رغم أن الاستاذ في التحليل السياسي حسنين هيكل، قد كتب مئات الصفحات حول الافتراق والتمايز الأميركي الإسرائيلي حيال المشكلات الكبرى في المنطقة والعالم وعلى رأسها الذرة الإيرانية.

أوباما من الذين يقولون ويفعلون. والأيام قادمة!

ــــ

() كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ