-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خاطرة
... في رحاب الروح محمود
عثمان المكان
: ارتفاع 11000 متر جوا الزمان
: 15/02/2010 الساعة 23.45 تلقيت
مطلع الأسبوع الماضي دعوة لحضور
ندوة فكرية ثقافية سياسية تحت
عنوان (الأتراك بعيون العرب )
أقامتها محافظة مدينة أورفة ,
وهي الثانية بعد سابقتها التي
أقيمت في مدينة اللاذقية في
سوريا وكانت بعنوان ( العرب
بعيون الأتراك ) .. ترددت في
بداية الأمر في قبولها أو
الاعتذار عنها بسبب كثرة
المشاغل والمشاكل والمواعيد
والارتباطات , لكن في نهاية
المطاف قطعت ترددي وحملت حقبتي
وطرت إلى المدينة العريقة مدينة
خليل الرحمن أبي الأنبياء عليهم
وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم
التسليم , أو مدينة الأنبياء كما
يحلو لأهلها تسميتها . وصلت
المدينة ليلا وبعد تناول العشاء
اتجهنا نحو الفندق عبر أزقة
حجرية يفوح من جنباتها عبق
تاريخ عريق ضارب في القدم .. وما
إن وضعت حقيبتي حتى اتجهت صوب
النافذة المطلة على قلعة أورفة
التاريخية التي تشبه حارسا يقظا
ينتصب واقفا يرقب كل شاردة تحدث
في المدينة وواردة .. من لحظتها
حولت هاتفي الجوال إلى وضعية
الصامت طارحا خلف ظهري مشاكل
الدنيا ومشاغلها , مرتحلا من ضيق
الدنيا وعالم المادة إلى رحاب
التاريخ وعالم الروح . بداية
لابد لي من الاعتراف بسرقتي
للعنوان من كتاب " دع القلق
وابدأ الحياة " لديل كارنيجي
مع إدخال بعض التعديل عليه . ففي
الكتاب المذكور يوجد فصل بعنوان
(في رحاب الله ) يسرد فيه الكاتب
قصة جنرال انكليزي أيام الحرب
العالمية فكر بالانتحار بعد
عودته لأوربا حين رأى بأم عينه
سماسرة الحروب وتجار السياسة
جالسين على أرائكهم الوثيرة في
صالوناتهم الفارهة يتاجرون
بأرواح البشر ودمائهم ودموعهم ..
فيشعلون الحروب هنا ويفتعلون
الفتن هناك تحركهم نفوسهم
السادية وأطماعهم الامبريالية
الاستعمارية
بينما هو وجنوده يواجهون
الموت في كل لحظة وخلف كل جبل
وتلة .. صاحبنا هذا فكر
بالانتحار للخلاص من عذاب النفس
ووخز الضمير وهروبا من كابوس
القلق الذي يلاحقه , لكن حظه
أسعفه أو قل إن عمره لم ينته بعد
إذ التقى بالجنرال الانكليزي
لورنس .. لورنس العرب وقائد
جيشهم , ذاك الثعلب الانكليزي
الذي وضع بصمته أو قل مخالبه على
كل شبر في منطقتنا المنكوبة .
المهم صاحبنا فاتح لورنس بما
يجول في خاطره , فنصحه بالتوجه
فورا إلى بلاد العرب إلى
الصحراء الكبرى في أفريقيا .
وفعلا لم يكذب الرجل خبرا إذ
توجه في أقرب فرصة سانحة إلى
صحراء شمال إفريقيا وقضى هناك
سبعة أيام سماها ( في رحاب الله )
.. أما ما واجهه من حوادث ومفاجآت
فحكايتها أجمل من قصتي هذه لذلك
سوف أترك لكم متعة قراءتها
بأنفسكم .. ما رمت التنبيه إليه
فقط هو رحلتي الشاقة في الحصول
على عنوان خاطرتي هذه !. يوماي
الذين قضيتهما في أورفة كانا
كافيين لتغذية الروح وإنعاش
النفس وإراحة الفؤاد بعيدا عن
زحمة استانبول وضوضائها , وهموم
الديون والشيكات الناتج عن
إخلاف الوعود وتأخر الحوالات . رب سائل
يسأل :ألم يكن عنوان ندوتكم
الأتراك بعيون العرب فكيف نظر
العرب للأترك وبأي منظار رأوهم !؟
وماذا قالوا عنهم ؟ .. اطمئنكم
أنهم لم يقولوا إلا خيرا . ليس من
باب أطعم الفم تستح العين (طمي
التم بتستحي العين ) بل ربما لأن
جل الحاضرين من الشعراء
والأدباء والسياسيين والصحفيين
, وهؤلاء تجمعهم ( وأنهم يقولون
ما لايفعلون ) حتى يخيل لك وأنت
تسمعهم أن الدولة العثمانية لا
زالت قائمة , غير أنك تعيش في
حقبة سلطانها الطيب أردوغان
وصدرها الأعظم بشار الأسد ولكم
توزيع حقائب الوزارة كما تشاؤون
.. كان حلما من خيال أتمنى ألا
يهوي كما هوى حلم كوكب الشرق أم
كلثوم على أطلال حافظ ابراهيم . معذرة
أيها الأحبة فقد انتهت ورقتي
اليتيمة التي لا أملك سواها ..
كما بدأت طائرتنا بالهبوط
التدريجي نحو مطار استانبول ..
ادعوه تعالى أن يكون هبوطا سهلا
ميسرا . ودمتم
في خير وعافية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |