-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كلمات
في القرآن يوم
، إذ الدكتور
عثمان قدري مكانسي 1ـ يوم (
التصويرية
)
ودورها في الغالب الأعمّ نقل
المشهد الذي سيحدث في المستقبل
إلى الحاضر ، فينتصب حياً
أمام الرائي نابضاً بالحياة ،
يسمعه ويراه ، ويتقرّاه ويلمسه .
وقد ذكر في القرآن الكريم عشرات
المرات ، يتبعه
الفعل المضارع ( جملة
المضاف إليها
) بأحد نوعيه ؛ المبنيّ
للمعلوم أو المبنيّ للمجهول . من
ذلك :
قوله تعالى
يصف النفختين فنسمعهما
ونحسّهما كأن الأمر أمامنا يعرض
فلماً سينمائياً " يوم
ترجف الراجفة ، تتبعها الرادفة "
فإذا الأرض تهتز في
زلزالهاالكبير فتستوي جبالها
بوديانها " إذا
زلزلتِ الأرضُ زلزالها "
ويتحقق قول الله تعالى " لا
ترى فيها عِوَجاً ولا أمتاً "
ثم تأتي الرجفة الثانية في
النفخة الثانية
، فيأتي الناس أفواجاً
مهطعين إلى الداعي .
وقوله تعالى
يصف حال البشر يسمعون نفخة
الصور الثانية ، فينطلقون نحو
مصدر الصوت مستجيبين " يوم
يُنفخ في الصور فتأتون أفواجاً
" لا يريم أحدهم ولا يتأخر عن
الإجابة ، ولا يلوون على شيء .
وقوله تعالى يصف
حال الفزع بين الناس حيث يطلب كل
منهم لنفسه فقط الخلاص والنجاة
في هذا اليوم المخيف الذي لا
يترك صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها ، " يوم
يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه
وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم
شأن يُغنيه " يود الكافر
لو افتدى نفسه بأحب الناس إليه
جميعاً النار فهلكوا فيها
لينجوَ وحده من العذاب الشديد
" يود
المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ
ببنيه ، وصاحبته وأخيه ،
وفصيلته التي تؤيه ، ومن في
الأرض جميعاً ، ثم يُنجيه
" .
وقوله تعالى يصف
الأمم بين يديه ساكتة لا يتكلم
أحد منهم إلا بإذنه
ولن يُقبل اعتذارُ من أساء
في كفره واستكباره وإنكاره
وجحوده ، إن ذلك اليوم الرهيب
يومُ حسابٍ لا يومُ عمل " هذا
يوم لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم
فيعتذرون " وتصورهم
مبلسين خائفين ينظرون إلى النار
– مصيرهم الخالد – من طرْف خفيّ
، نعوذ بالله من هذا المصير
البئيس.
وقوله تعالى
يصف جلال الموقف بين يديه
سبحانه ، فالملائكة الكرام
الذين لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يُؤمرون
يمثلون أمامه دون حركة أو
قول ينتظرون أمره سبحانه خائفين
من هذا اليوم العظيم
وَجـِلين لا يتكلمون إلا
بإذنه جل
شأنه وعظُم سلطانُه " يوم
يقوم الروح والملائكة صفاً لا
يتكلمون إلا من أذن له الرحمن
وقال صواباً "
وقوله تعالى في
المؤمنين الموحّدين يكرمهم ،
وعلى رأسهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم يهبهم الله نوراً
يسعدون به في ظلمة ذلك اليوم
المكفهِرّ يمضي معهم حيث ساروا،
ويحاول المنافقون وأضرابهم أن
يتابعوهم ليقتبسوا من أنوارهم ،
فيُمنعون ، ويُفصل بينهم فيعيش
أولئك في ظلمات النفاق والعصيان
.. " يوم ترى
المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم
بين أيديهم وبأيمانهم ، بشراكم
اليوم جناتٌ تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها ، ذلك
الفوز العظيم ، يوم
يقول المنافقون والمنافقات
للذين آمنوا انظُرونا نقتبس من
نوركم ، قيل ارجعوا وراءكم ...
" ومتابعة لكلمة يوم
مضافة إلى الفعل المضارع
يرينا صور المستقبل بيّنة
صافية تجعلنا نحيط بالموقف
إحاطة واضحة لا لبس فيها . 2ـ
إذ ( التصويرية ) التي
تنقل المشهد الذي حدث في الماضي
إلى الحاضر فإذا
به أمامنا نراه ونسمعه ونعيشه
وكأنه يحصل بيننا الآن يتبعه
الفعل الماضي (
جملة المضاف
إليها ) ... من ذلك :
قوله
تعالى يصور
لنا الحوار الذي دار بينه
سبحانه وبين ملائكته في خلق
أبينا آدم عليه السلام
" وإذ قال
ربك للملائكة للملائكة : إني
جاعل في الأرض خليفة . قالوا
أتجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن
نسبح بحمدك ونقدّس لك ؟ قال إني
أعلم ما لا تعلمون " فقد رأوا – في رواية
من قال إن خلقاً في الأرض كانوا
قبل آدم - أن
أولئك اقتتلوا وأفسدوا ،
فأهلكهم الله
وأن هذا المخلوق الجديد –
آدم – قد يكون مثل سابقيه سوءاً
وفساداً ، فتعجبوا أن يتكرر ذلك
الأمر في الأرض بآدم وذرّيته ..
فكان هذا الحوار...
وقوله تعالى يامر
الملائكة أن يسجدوا لآدم سجود
طاعة لله وتكريماً لآدم
بتكريم الله له
" ولقد
كرّمنا بني آدم " فإذا بنا
نرى بأعين قلوبنا الملائكة تسجد
لأبينا بأمر الله وفضله
" وإذ
قلنا للملائكة اسجدوا لآدم
فسجدوا .. "
فما علينا إلا أن نحافظ على
هذا التكريم بطاعة الله سبحانه
والتزام أوامره والانتهاء عن
نواهيه .
وقوله تعالى يعدد
فضله على بني إسرائيل في نجاتهم
من فرعون وقومه ، فأخرجهم من مصر
إلى بلاد فلسطين المباركة ،
وجعل في البحر نجاتهم وفيه هلاك
فرعون وجنده ، فكان البحر
منجّياً ومهلكاً بآن واحد .
ورأوا مصارعهم دون أن يكلفهم
قتالهم كما
أن الله تعالى أراد كرامتهم حين
سمح بفضله أن يكونوا مع موسى
عليه السلام إذ يكلمه ، فأشركوا
قبل هذا التكريم واتخذوا العجل
إلهاً ، بل إنهم طلبوا أن يروا
ربهم جهاراً نهاراً فصعقهم الله
تعالى عقوبة لتجرئهم على طلب ما
ليس لهم ولا يستطيعونه ، وكان من
فضل الله تعالى عليهم أن أنزل
على موسى التوراة لتكون لبني
إسرائيل نبراساً .... وقد
أخذتنا " إذْ والفعل الماضي
بعدها إلى الماضي البعيد أو
قرّبتْ هذا الماضي فتصورناه
أمامنا بكل تفاصيله وصُوَرِه
رأيَ العين : " وإذ
نجّيناكم من آل فرعون ،
يسومونكم سوء العذاب .... "
"
وإذ فرقنا بكم
البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل
فرعون وأنتم تنظرون " "
وإذ واعدنا
موسى أربعين ليلة ، ثم اتخذتم
العجل من بعده وأنتم ظالمون " "
وإذ آتينا
موسى الكتاب والفرقان لعلكم
تهتدون " "
وإذ قال موسى
لقومه : يا قوم ؛ إنكم ظلمتم
انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا ..
" "
وإذ قلتم
ياموسى : لن نؤمن لك حتى نرى الله
جهرة ، فأخذتكم الصاعقة ..."
ولو تابعنا إذ والفعل
معها في آيات القرآن الكريم
لوجدناها تربو على العشرات
مصوّرة وموضحة ، تضع المنظر
أمامنا بكل أبعاده الحركية
والصوتية . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |