-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المعادلة الجديدة والمراجعة المطلوبة

معن بشور

   كان خطاب امين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى الشهداء القادة مليئاً بالاشارات والدلالات السياسية والاستراتيجية، العسكرية والامنية، الراهنة والمستقبلية، المحلية والاقليمية، غير ان أمراً واحداً فيه يحتاج منّا جميعاً، لا سيّما اصحاب القرار في بلادنا، الى التوقف امامه، والتدقيق فيه، والتأمل بأبعاده واستخراج النتائج المترتبة عنه.

   فهذا الخطاب عبّر بوضوح مقنع، وبصدقية أكّدتها التجارب، عن رؤية استراتيجية شاملة لحال عربية واقليمية وعالمية في طور التغيير لا سيّما لجهة القوانين التي تحكم الصراع العربي -  الصهيوني، بل ان هذا الخطاب بتزامنه مع تصريحات لقادة فلسطينيين ومسؤولين سوريين وايرانيين، يظهر ان هذه الرؤية  باتت موضع تفاهم عميق وشامل على مستوى المنطقة، وقاعدة صلبة لسياسات ومبادرات ومواقف يمكن الاعتماد عيها لصوغ معادلات جديدة على مستوى الامة.

   فلقد كشف الخطاب بما احدثه من ارباك وقلق على مستوى  العدو تلازماً مع فضيحة الموساد الجديدة في دبي على خلفية اغتيال الشهيد القائد الفلسطيني محمود المبحوح (ابو العبد)، وبما اطلقه من ثقة وأطمئنان على المستوى اللبناني والعربي والاسلامي، ان هناك حقائق استراتيجية جديدة برزت منذ حرب تموز – آب 2006 في لبنان، وحرب غزة كانون اول 2009 وكانون ثاني 2010، وما تلاهما من ترتيبات واستعدادات، لم يعد ممكنا القفز  فوقها او تجاهلها، كما لم يعد ممكناً القفز عنها بعد حقيقة كبرى سطّرتها ايضاً المقاومة العراقية الباسلة وما تزال وكذلك المقاومة الافغانية والباكستانية في تغيير صورة العالم.

   واول هذه الحقائق ان معادلة التفوق المطلق للكيان الصهيوني على امتنا قد سقطت نهائياً، وان توازن ردع حقيقي وجّدي قد برز، وهو توازن يتجه تدريجاً لصالح قوى المقاومة والممانعة في الامة اذا استمرت في خططها واستعداداتها ومواقفها المبدئية وسياساتها الجامعة.

   وثاني هذه الحقائق ان العدو في ظل هذا السقوط لمعادلة التفوق المطلق قد بات اسير معادلة اخرى، طالما شكونا منها نحن العرب في عقود صراعنا الطويل معه وهي التعويض بالتصعيد الكلامي عن المأزق الفعلي الذي يعيشه، فهو بات "يقول كما كّنا، وبتنا نفعل كما كان " حسب مقولة اطلقناها في الايام الاولى من حرب تموز 2006.

   وثالث هذه الحقائق المستخرجة من الحقيقتين السابقتين، ان جميعنا، حكاماً وغير حكام، مدعوون الى مراجعة عميقة وشجاعة وجذرية لسياسات تم انتهاجها على مدى عقود فيما يتعلق بالصراع مع عدونا، سياسات  كانت، وما تزال، قائمة على التنازلات المتواصلة عبر اتفاقات ومبادرات ومفاوضات تعزز في العدو عنجهيته وكانت تروج بيننا لمنطق اليأس والاستسلام.

   في ظل هذه المراجعة يمكن لنا ان نستعيد مثلا" لاءات الخرطوم الشهيرة:  " لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف" وهي لاءات حملها الى السودان آنذاك رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الراحل احمد الشقيري اثر حرب 1967، لتتبناها القمة العربية وعلى رأسها القائد الخالد جمال عبد الناصر الذي حملت سيارته آنذاك جماهير السودان وقد زحفت الى مطار عاصمتها لتقول للزعيم الخارج للتو من هزيمة قاسية: "ان من كان شعبه معه لا يمكن ان يهزم"، ولتطلق معه ورشة الاستعداد لحرب الاستنزاف تمهيداً لعبور تاريخي عام 1973 اعاد للامة ثقتها بنفسها رغم محاولة اغتياله السريعة عبر "خيمة 101"، واتفاقات فك الارتباط وصولاً الى معاهدتي كمب ديفيد.


   وفي ظل هذه المراجعة، يصبح ممكنا لاهداف بسيطة واضحة قاطعة "كالتحرير والعودة" ان تتصدر المشهد السياسي من جديد، فلا نبقى اسرى عقلية معالجة نتائج الهزائم بالمزيد من الهزائم، وفي الانزلاق الى معالجة نتائج النتائج، ونتائج نتائج النتائج، حتى تصبح قضية وطنية وقومية كبرى كقضية فلسطين مجرد قضية تجميد بناء متسعمرات استيطانية ( لم ننجح حتى الان في وقفها رغم خطب اوباما نفسه)، وتصبح قضية انسانية متصلة بابسط حقوق  البشر كقضية حق العودة خاضعة لمساومات وتنازلات  من هنا وهناك، بل متراجعة امام مخططات "الترحيل" الصهيوني لمن بقي من الفلسطينيين في ارضه تحت شعار  "يهودية الدولة" او "التهجير الاخوي" من جديد لمن خرج من ارضه قبل عقود وتحت شعار "رفض التوطين" او "الوطن البديل" .

   وكي لا يسيء احد الظن بنا، ويتهمنا باننا ننقل الناس من يأس غير مبرر الى  امل كاذب، فاننا لا نقصد بالمراجعة المطلوبة قفزاً  فوق حقائق الواقع الراهن، واستخفافاً باعتبارات موضوعية، تتصل بموازين القوى الاقليمية والدولية، بل ندعو من خلالها الى اعتماد منهجية جديدة في التعامل مع هذا الصراع المصيري، منهجية اعتمدها لبنانيون وفلسطينيون وعراقيون في مقاومتهم، واعتمدها مسؤولون عرب في دمشق وعواصم اخرى في ممانعتهم، واعتمدها ابناء الامة واحرار العالم في تمسكهم بالثوابت، فاثبتت الايام نجاعة رهانهم  ونجاح حساباتهم، بل قدرة على كسر الحصار تلو الحصار، سياسياً كان ذلك الحصار ام غير سياسي، ، وليس من قبيل المصادفة ابداً ان يتزامن خطاب السيد نصر الله، مع قرار امريكي بتسمية سفير في دمشق بعد سنوات خمس عجاف مرّت على العلاقة السورية – الامريكية ، ومع زيارة مسؤول امريكي كبير لبيروت ودمشق وسط تصريحات "متفائلة" وايحابية اطلقها في العاصمتين.

   فمن يحترم نفسه اذن يحترمه الناس جميعاً، ومن يعتمد على ذاته في حماية شعبه ووطنه يردع الاخرين عن مجرد التفكير بالتحرش به، ومن يتمسك بحقوقه دون تفريط، ودون مزايدة او استعراضية ايضاً، يفرض هذه الحقوق على جدول اعمال اعدائه اولاً بأول.

   وبهذا المعنى يكتسب خطاب السيد نصر الله، ومعه مواقف شجاعة اخرى صدرت في السياق ذاته، اهمية مضافة، فهو ليس مجرد دعوة للمقاومة بل هو دعوة للمراجعة ايضا، كما هو نموذج لروح المصالحة المطلوبة والمتلازمة طبعاً مع فكرة المشاركة..

   مقاومة، مراجعة، مصالحة، مشاركة، عناوين كبرى لاستراتيجية المواجهة مع التحديات والتكيف مع المتغيرات الواقعية والفعلية الجديدة.

   أمّا من ينكر وجود هذه المتغيرات، فليسمح لنا هذه المرة ان نتهمه نحن، "الخشبيون" في نظره، بانه هو صاحب "خطاب خشبي"

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ