-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حرب إسرائيل المقبلة لن تكون كسابقاتها

بوفلجة غيات

بعد سنوات من الهدوء على الجبهة السورية الإسرائيلية، بدأت طبول الحرب تدق في الفترة الأخيرة، وقد بدأت إسرائيل حربها النفسية على سوريا ولبنان وقطاع غزّة بل حتى على السلطة الفلسطينية برام الله.

إن التصريحات والتهديدات الإسرائيلية التي صدرت أخيرا، تدلّ على عمق أزمة النظام اليميني المتطرّف في إسرائيل، وهو يبحث عن مخرج عسكري له كعادته.

ولهذا المنحى عدّة دوافع وأسباب، منها أن الأنظمة العربية رغم ضعفها وأزماتها الإقتصادية وصعوباتها السياسية ومشاكلها الداخلية، حافظت على مطالبها السياسية حيال القضية الفلسطينية، ولم تستسلم لرغبات إسرائيل رغم الضغوط الأمريكية. وهو ما أدى إلى خيبة آمال إسرائيل في تلاشي الضغوط السياسية العربية عليها.

إلى جانب ذلك، نجد تراكم الصعوبات الإسرائيلية ومظاهر الفشل خلال العقود الأخيرة، بدءا من اضطرار جنودها إلى الهروب من جنوب لبنان تحت جنح الظلام، بسبب ضربات مقاومة حزب الله. فشلت أيضا في حربها الأخيرة في لبنان (2006)، فلم تتمكن من إنهاء وجود حزب الله في الجنوب، ولا في تجريده من أسلحته، بل أن حزب الله أصبح أقوى من أي وقت مضى.

كما شلت إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة (2008-2009)، ولم تتمكن من استرجاع أسيرها –جلعاد شاليط -، ولا القضاء على حركة حماس وهيمنتها على القطاع، رغم الدعم الذي حصلت عليه من مصر، التي لم تقبل بوجود حركة إسلامية قوية على حدودها.

أكثر من ذلك، أن إسرائيل خسرت علاقاتها الإسترتيجية مع تركيا، التي كانت الحليف الوحيد في المنطقة، والتي تحوّلت في عهد الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، لتصبح حليفا إستراتيجيا لسوريا، ومدافعا قويا عن حركة حماس.

أما مع السلطة الفلسطينية، فلم يكن الأمر أحسن حالا، إذ أن محمود عباس رفض التحاور مع حكومة  نتانياهو دون توقيف بناء المستوطنات، في حين تريد إسرائيل مفاوضات دون قيد ولا شرط، وهو ما يقاومه رئيس السلطة الفلسطينية إلى اليوم. وهو ما أدى إلى توقيف الإتصالات السياسية بين الجانبين، رغم ضغوط الولايات المتحدة، التي أظهرت عجزها وفشلها الذريع في دفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

أما على المستوى الإقليمي، فإن إسرائيل بنت آمالا كبيرة على تغيّر الظروف السياسية لصالحها بعد احتلال العراق. إلا أن ذلك لم يتحقق، ولم يحدث أي تغيير في سياسة الأنظمة العربية المعادية لها وخاصة سوريا، وأن كلّ جهودها في هذا الإتجاه باءت بالفشل. كما أن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في إيجاد شرق أوسط كبير، تصبح فيه إسرائيل هي "مايسترو" المنطقة، طال انتظاره ولن يتجسد أبدا.

وهكذا فشلت الولايات المتحدة الأمريكية – أكبر حليف لإسرائيل - في العراق، وهي تسعى حاليا لإنهاء احتلاله بسرعة تفاديا لمزيد من الخسارة. وستخرج منهزمة مدحورة تجر أذيال الخيبة وراءها، رغم ما خلّفته من خراب ودمار وما ألحقته من أذى وأضرار بالشعب العراقي وشرفائه البواسل. كما أن أهدافها الإستراتيجية لم تتحقق من هذه المغامرة العسكرية، وسوف لن تتحقق مغامرتها في أفغانستان أيضا. ولكل ذلك تبعات وتداعيات سلبية على إسرائيل التي كانت تتوقع جني الكثير من المغانم السياسية جراء هذه الحروب.

إلى جانب ذلك نجد صمود إيران في وجه الغرب، وإنجازاتها العلمية والتكنولوجية في إنتاج أسلحة متطورة، ونجاحاتها العلمية في تخصيب اليورانيوم، وعدم الرضوخ للتهديدات الغربية والإسرائيلية. بل أن هذه التهديدات زادتها عزيمة وإصرارا على المقاومة لحقيق النصر.

من هنا نجد أن إسرائيل لن تستطيع تحقيق اتفاقيات سلام مع جيرانها العرب، لأنها لن تقبل بتوقيف توسيع المستوطنات، ولن تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، ولن تقبل بالتنازل عن القدس الشرقية كعاصمة للفلسطينيين، ولن تقبل بدولة ديمقراطية واحدة ذات قوميتين، عربية وإسرائيلية، ولن تقبل بعودة النازحين الفلسطينيين إلى أراضيهم. وهو ما يدلّ أن ادعاءا إسرائيل في سعيها للسلام مع العرب، لا تتعدى كونها مناورات سياسية لكسب الوقت وتغيير الوقائع على الأرض ليس إلا.

إن تأمل الواقع السياسي والإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، يؤكد أن الخناق يضيق حول إسرائيل بعد خسارتها لتركيا، وأن مصر لن تستطيع أن تكون بديلا عربيا لها، لتراجع مكانة ودور هذه الأخيرة عربيا، وخاصة مع تزايد ارتباط علاقاتها بالكيان الصهيوني.

وهنا لم يبق لإسرائيل إلا الحرب تشعلها لإظهار قوتها وتفوقها، أملا في ردع جيرانها واستعطاف الدول الغربية، لكسب مزيد من الدعم والتأييد. إلا أن ما تخفيه إسرائيل عن شعبها، هو أن الحرب القادمة لن تكون كسباقاتها لعدة أسباب.

منها أن الحرب القامة في المنطقة، في حالة اضطرار سوريا إلى خوضها، لن تجري وقائعها على الأراضي العربية فقط، بل ستطال الأراضي الإسرائيلية بكاملها. قد تحافظ إسرائيل على تفوقها الجوي وقوة نيران أسلحتها، وقد تلحق أضرارا كبيرة بالمدن السورية، بما في ذلك دمشق –لا قدر الله-، إلا أن الأكيد هو أن إسرائيل لن تستطيع تغيير الوقائع على الأرض، واحتلال أراض جديدة.

كما أن سوريا ستعتمد على نفسها هذه المرّة، ولن تكون في حاجة إلى التنسيق مع مصر أو الأردن أو أي دولة عربية أخرى. بل ستخوض حربا تعتمد فيها على نفسها وإمكانياتها الذاتية بالدرجة الأولى، وهي مستعدة لذلك دون شك. كما يمكنها الإعتماد على مساعدة حزب الله على الساحة اللبنانية، وعلى الدعم الإيراني لتزويدها بالأسلحة المتطورة، التي لا تعرف إسرائيل وحلفاءها شيئا عنها، وهي بذلك تحافظ على عنصر المفاجأة.

وبهذا تكون الكلمة الأخيرة في هذه الحرب للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، وأن لسوريا الكثير منها دون شك. وهي صواريخ كبيرة ومتطورة أرض أرض، تستعملها سوريا لضرب كامل التراب الإسرائيلي، كما تستعمل صواريخ أرض جوّ للدفاع عن مجالها الجوّي ومواجهة تفوق الطيران الإسرائيلي. وهكذا ستواجه إسرائيل لأول مرة في تاريخها، هجوما صاروخيا مركزا على مدنها الكبرى، وهي تعرف ما سيلحق بها من دمار. وهنا لا ينفع إسرائيل قوة طيرانها ولا قنبلتها النووية، ولا صواريخ الباتريوت، ولا القبة الفولاذية أو نظم الدفاع الجوي التي تفتخر بها، لأن الصواريخ سوف تتهاطل عليها بالمئات في نفس الوقت وهو أهم سلاح تتوفر عليه سوريا فيما أعتقد، وسوف تستعمله استعمالا حسنا.

من هنا نستنتج أن الحرب القادمة، لإسرائيل إن تجرأت على ضرب سوريا، لن تخرج منها سالمة كعادتها. فإن كانت صواريخ حزب الله قد هددت أمن مستوطنيها ومدنها المجاورة للبنان، فما بلك بصواريخ سوريا، سواء المصنعة محليا، - كما أطلعتنا عليه الصحافة العربية -، أو الصواريخ الأكثر تطورا وفتكا، والتي لن تبخل إيران عليها بها. الأكيد أن سوريا لن تكون البادئة بالهجوم، وأنها قد تضبط أعصابها في حالة تعرضها لاعتداء المحدود، أما إذا أرادتها إسرائيل حربا شاملة فإن سوريا ستدافع عن نفسها دون شك.

 

لهذا على إسرائيل الآن التفكير مليا قبل أن تقدم على أي مغامرة عسكرية في المنطقة، إذ أنها ستلقى الصاع صاعين، في حالة نشوبها. وإن كان العرب قد اعتادوا على الضربات العسكرية بل حتى على الهزائم، وبإمكانهم تحمل الصدمات مهما كانت قوتها. إلا أن الإسرائيليين لن يتحملوا ذلك، وسيف يذوقون طُعم الحرب ومرارتها، في كل بقعة من إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية. عندئذ سوف تعرف مدنهم حجما كبيرا من والدمار والخسائر المادية والبشرية، لدرجة لم يعرفوها من قبل. وهنا سيدرك الإسرائيليون قدر ضعفهم وحجمهم الحقيقي وخطورة وضعيتهم، ويتعرفون على قدرهم المحتوم، والذي لن يطول انتظاره.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ