-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مفاوضات
على وقع طبول الحرب والاستيطان عريب
الرنتاوي أيام
قليلة، وتنتهي حالة "الحرد"
التي عاشتها القيادة
الفلسطينية حيال مسألة
المفاوضات، وستحظى الرئاسة
الفلسطينية بغطاء عربي مجزوء،
وربما غير رسمي، للدخول في
محادثات تقريب غير مباشرة “Proximity Talks”،
وستنخرط بإرادتها الحرة أو تحت
الضغط، في واحدة من أسوأ عمليات
"الخداع" من حيث الحبكة
والسيناريو والإخراج. نجازف
بإطلاق مثل هذه "النبؤة
السوداء"، على مبعدة أيام
قلائل من لحظة الحقيقة
والاستحقاق، لمعرفتنا الأكيدة
بانعدام الخيارات والبدائل لدى
القيادة الفلسطينية، ولأننا في
الأصل، لم نأخذ حكاية "الربط
بين استئناف المفاوضات وتجميد
الاستيطان" على محمل الجد،
خصوصا بعدما بلغ التواضع في
المطلب الفلسطيني حد اقتصار مدة
التجميد على أشهر ثلاث فقط،
وتحول شرط تجميد الاستيطان إلى
مسرحية سمجة، هدفها حفظ ماء
الوجه وليس الحفاظ على الأرض
والحقوق. ومن
يتأمل وضع السلطة الفلسطينية
الراهنة، يدرك تمام الإدراك بؤس
ما انتهى إليه شعار "القرار
المستقل"، فالسلطة التي تعيش
تحت جلد الاحتلال وتتغذى بأموال
الدول المانحة، لن تكون قادرة
على الصمود طويلا في وجه الضغوط
الغربية والإسرائيلية، والأرجح
أننا سنشهد على بداية التراجع
عن المواقف السابقة، والهبوط من
على قمة الشجرة، وبغطاء عربي،
شامل أو مجزوء، رسمي أو غير رسمي...لا
فرق. لقد
اتخذت السلطة قرار "ربط
المفاوضات بتجميد الاستيطان"
في ظروف دولية ظنت أنها مواتية،
وعلى أمل أن يعزز موقفها
التفاوضي، لكنها وبعد أن تحوّل
قرارها هذا من ذخر لها إلى عبء
عليها، بادرت لتهيئة الظروف
للتخلص من والتراجع عنه، بدل أن
تبدأ رحلة البحث عن "خيارات
وبدائل أخرى""...آثرت
الجلوس على مقاعد المتفرجين،
بانتظار تحرك واشنطن أو العواصم
الأوروبية، بدل أن تبدأ القراءة
والتفكير خارج "كتاب أوسلو
وخريطة الطريق" المتقادمين. رئيسها
– السلطة - أقسم أغلظ الإيمان
بأن لا يسمح باندلاع انتفاضة
ثالثة، ورئيس حكومتها، لم يترك
مناسبة دون التعهد بعدم الوقوع
في الفخ الذي تريد إسرائيل
استدراج الفلسطينيين إليه:
العنف والانتفاضة، والتنسيق
الأمني مع سلطات الاحتلال لا
يتأثر بتقلبات السياسة
والمواقف، والحملات المكارثية
على كل "نفس مقاوم" في
الضفة الغربية، لم تتوقف للحظة
واحدة، و"المقاومة الشعبية
السلمية" التي وعد بها الشعب
الفلسطيني ظلت من "النوع
المختبري" لا يخرج عن حدود
نعلين وبلعين، ولا يتخطى حدود
الممكن والمسموح إسرائيليا،
لتكون النتيجة أن إسرائيل "تستمع"
باحتلال غير مكلف، يمكّنها كما
يقول خبراؤها من التصدي لأية
تهديدات خارجية – إيران مثلا –
من دون أي قلق داخلي من أي نوع. والحقيقة
أننا لا ندعو للقفز من أسر
المفاوضات العبثية إلى خنادق
المقاومة غير الرشيدة، فثمة
دروس استراتيجية كبرى يجب
تعلمها من تجربة المقاومة
والمفاوضات، من تجربة
الانتفاضتين الأولى والثانية،
إذ من دون استيعاب هذه الدروس
وتمثلها، سيصعب اشتقاق
استراتيجية فلسطينية موحدة
بديلة، باعتبارها المهمة ذات
الأولوية الأولى على جدول أعمال
الحركة الوطنية والإسلامية
الفلسطينية. أمس
الأول، نشرت هآرتس مضمون وثيقة
قيل أن السلطة وزعتها على
شخصيات أوروبية، وتتحدث عن
خيارات وبدائل تمتلكها السلطة،
من بينها حل نفسها وأجهزتها
الأمنية ووقف التنسيق الأمني مع
الاحتلال، والذهاب إلى نضال
شعبي من أجل دولة ثنائية
القومية بدل دولتين لشعبين،
والحقيقة أن هذه الأفكار كان
يمكن أن تكون ذات جدوى وتأثير،
وأن تحدث تغييرا في سلوك حكومة
إسرائيل ومن يدعمها، لو أنها
أُخذت على محمل الجد من قبل
أصحابها أولا. لكن
يبدو أن حكاية الخيارات
والبدائل باتت من نفس طينة
حكاية استقالة الرئيس وعلى
شاكلتها وطرازها، لا هذه جدية
فعلا ولا تلك تؤخذ على محمل
الجد، لينتهي الأمر بالمشروع
الوطني الفلسطيني بمجمله، بلا
جدية ولا صدقية، بلا خيارات ولا
بدائل، بلا أفق ولا مستقبل. قريبا
ستلتئم مائدة مفاوضات التقريب
غير المباشرة، على وقع طبول
الحرب والاستيطان والتهويد،
وسيعيد التاريخ دورته من جديد،
وسنلدغ من الجحر إياه للمرة
الألف، وسيظل الحال على هذا
المنوال، إلى أن نصل إلى نتيجة
من اثنتين: أن تكتفي إسرائيل
بابتلاع ما تريد ابتلاعه من أرض
الفلسطينيين وحقوقهم تاركة لنا
دولة البقايا والفتات، أو أن
تقتنع إسرائيل ويقتنع العالم
معها، بأن جعبة الفلسطينيين ما
زالت تحتفظ بالكثير من الخيارات
والبدائل الكفيلة بجعل تكاليف
إدامة الاحتلال أعلى من كلفة
رحيله. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |