-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مغزى
الصمت المريب المحيط بـ"ملف
شاليط" عريب
الرنتاوي صمت
إسرائيل عن "صفقة شاليط"
مريب للغاية، فبعد أن كان
الجندي الأسير يتصدر الأجندة
السياسية والإعلامية في الدولة
العربية، انسحب (أو سُحِبَ) هذا
الملف من التداول نهائيا، ولم
نعد نقرأ المقالات والتحليلات
والتعليقات المثيرة عن
المسألة، وغابت عن المشهد
الإسرائيلي الداخلي، المظاهرات
والاعتصامات التي تطالب بـ"إعادة
الجندي إلى المنزل" أو تلك
التي تقول "كلنا شاليط". ولولا
حديث مقتضب عن وصول "وسيط
إلماني جديد" خلفا للوسيط
السابق إلذي انتقل إلى مواقع
أرفع في المسؤولية الأمنية في
بلاده، لما قرأنا شيئا يذكّرنا
بحكاية الرجل الذي شغل العالم،
ولم يخل لقاء فلسطيني مع وسيط
دولي إلا واحتلت قضيته حيزا على
أجندته، حتى أن الرئيس الفرنسي
اعتبر "تحرير شاليط" الذي
يحمل الجنسية الفرنسية كذلك،
التزاما شخصيا يقطعه على نفسه
وإدارته ودبلوماسيته. لماذا
هذا الصمت؟..ولماذا كل هذا
التعتيم؟ هل
السبب بلوغ المفاوضات طريقا
مسدودا؟...بل ولماذا بلغت
المفاوضات بشأن شاليط طريقا غير
نافذ، بعد أن كان الطرفان قاب
قوسين أو أدنى من إتمام الصفقة؟...ومن
المسؤول عن التعطيل والتخريب؟...هل
صحيح أن واشنطن أشهرت "الفيتو"
في وجه إتمامها؟...هل صحيح أن مصر
نصحت بعدم إتمامها خشية تزايد
نفوذ حماس وشعبيتها، ورغبة في
ممارسة ضغط على الحركة لجلبها
إلى "بيت الطاعة المصري"؟...ما
موقف السلطة وما صحة كل ما يقال
عن "تفضيلاتها"؟. أحسب أن
أسبابا سياسية وليست "تقنية"،
هي التي حالت دون إتمام الصفقة
في ربع الساعة الأخير، وأدت إلى
"تشدد" مفاجئ في مواقف
الحكومة الإسرائيلية من
الأسماء والأعداد والقوائم
المتداولة للتحرير والحرية...وأحسب
أن مختلف الأطراف المذكورة،
ضالعة بأقدار متفاوتة في لعبة
التأجيل والتخريب والتعطيل،
ودائما للسبب ذاته: حرمان حماس
من فرصة تعزيز شعبيتها، وفي
المقابل، واستتباعا، الحيلولة
دون حدوث المزيد التآكل في
شعبية السلطة؟. بالطبع،
هناك دائما طرف إسرائيلي معارض
لصفقات من هذا النوع، وهناك
دائما مطالبات بوضع "قواعد
جديدة" لصفقات التبادل،
وهناك دائما من يجادل بضرورة
"عدم تمكين" الخصوم من
الإرهابيين الفلسطينيين، سواء
كانوا من فتح أم حماس أم الجبهة
الشعبية – القيادة العامة، أو
أي فصيل يضع يده على أسير
إسرائيلي. لكن في
المقابل، كانت دائما هناك، قوة
رئيسية في إسرائيل تؤيد إتمام
الصفقة وإنجاز التبادل، وكانت
دائما هناك أغلبية من الرأي
العام تدفع بهذا الاتجاه، بل أن
الرأي العام الإسرائيلي، غالبا
ما كان قوة إيجابية ضاغطة
باتجاه إنجاز الصفقة، وليس
العكس، أما هذه المرة فتبدو
الصورة مختلفة تماما، لقد غاب
الرأي العام، وتغلبت الاقلية
على الأكثرية، وفي ربع الساعة
الأخير لإتمام الصفقة. في ظني
أن وراء الأكمة ما وراءها، وما
وراء الأكمة هنا، لا يقتصر على
رغبة مختلف الأفرقاء في إضعاف
حماس وابتزازها وعدم تمكينها من
زيادة نفوذها وشعبيتها، بل هناك
رغبة في تنفيذ عملية جراحية
لاسترداد شاليط بالقوة، ومن دون
مقابل، عملية تكون نتائجها
كارثية على حماس وسمعتها
ومصداقيتها، عملية تجعل الثمن
الباهظ الذي دفعته الحركة من
دماء وحرية أبنائها ونوابها،
ومن دماء وعرق وقوت شعبها، يذهب
هباء ومن دون مقابل. وفي هذا
السياق، تجدر ملاحظة تطورين
هامين: الأول،
تواتر التسريبات عن تنسيق أمني
مصري – إسرائيلي – فلسطيني
لتحديد موقع احتجاز الجندي
الإسرائيلي، ولكل طرف من أطراف
هذه المثلث أهدافه وأغراضه، وهي
تسريبات تؤكدها روايات معتقلين
أفرج عنهم مؤخرا من السجون
المصرية، أفادت بأنهم تعرضوا
للسؤال والمساءلة عن مكان
احتفاظ حماس وكتائب القسام
بالجندي الإسرائيلي. والثاني:
رغبة إسرائيل الجامحة التي
تجتاحها هذه الأيام في تضخيم
صورتها الردعية والمبالغة في
"أسطرة" أجهزتها الأمنية،
واحتواء الاهتزازة التي أصابت
سمعة هذه الأجهزة على يد جهاز
أمن وشرطة دبي وقائده ضاحي
خلفان. نحن إذن
أمام سيناريو شرير، يستبدل
العملية الجراحية بالمفاوضات،
حتى وإن أدى ذلك إلى إلحاق الضرر
بسلامة وحياة الجندي الأسير،
وهو ثمن يمكن أن تدفعه إسرائيل
وحكومة نتنياهو نظير مكاسب كبرى
تجنيها في مكان آخر و"مطارح"
أخرى. ولا يجب
بحال من الأحوال إسقاط هذا
سيناريو من الحساب والتحسب، حتى
وإن كنا لا نستبعد أن يكون
التجاهل و"تمويت" المسألة
يندرجان في باب الضغط على حماس
ودفعها للهبوط بسقف سعرها
المطروح مقابل رأس شاليط، فهو
يبقى قائم ومحتمل، حتى لا نقول
مرجحا. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |