-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بطاقة
تقدير .. للمرأة العربية د
. لطفي زغلول
بداية
لا بد لي في يوم المرأة العالمي
، أن أبعث ببطاقة تقدير وإكبار
للمرأة العربية بعامة في كل
الجغرافيا العربية احتراما
لدورها المقدس ، باعتبارها قلب
المجتمع العربي النابض في كل
الإتجاهات . وهنا فإنني أخص
المرأة الفلسطينية بتحية إكبار
وإجلال لكفاحها وصمودها
وتضحياتها المستدامة ، وهي
تتصدى لأعتى التحديات
الإحتلالية وأشرسها . أحييها
أما ، زوجة ، أختا ، بنتا ، ربة
بيت ، عاملة ، طالبة علم ، أسيرة
في معتقلات الإحتلال . وأدعو
الله أن يتغمدها برحمته الواسعة
شهيدة مأواها جنة الرضوان . الثامن
من اّذار / مارس من كل عام . إنه
يوم المرأة العالمي . وهو يوم في
حقيقته مكرس لإبراز منظومة
التحديات التي كانت ولا تزال
شرائح عريضة من نساء العالم
يشعرن أنهن يواجهنها على كافة
الصعد الحياتية ، وفي المقابل
استعراض إنجازات ومكاسب حققتها
المرأة على مدى عام منصرم ، أو
أهداف ما زالت تسعى لترجمتها
على أرض الواقع ، وقد وضعتها نصب
أعينها بغية تحقيقها .
والواقع
أن هذا اليوم يخص كل النساء في
العالم ، ويبحث قضاياهن
المختلفة بصورة عامة ، والمرأة
العربية تحتفل به كونها جزءا من
المنظومة النسائية العالمية .
وليس ثمة ما يحول دون الإحتفال
به على المستوى العربي بعامة ،
والفلسطيني بخاصة مع الأخذ بعين
الإعتبار خصوصية المرأة
العربية . إنه
ليس بالضرورة أن كل ما تعانيه ،
أو تحلم به وتسعى المرأة
الأوروبية أو الأميركية ، أو
سواهما إلى تحقيقه من أهداف
يمكن أن ينطبق بحذافيره على
المرأة العربية في العالم
العربي ، حتى وإن كانت بعض
المشكلات والأهداف قد تقاطعت ،
فلا يعني هذا أنها كلها تتقاطع ،
نظرا لاختلاف مخرجات الفلسفة
العامة التي تدين بها المجتمعات
الإنسانية المختلفة . وفي
اعتقادي أنه من السابق لأوانه
الحديث عن مظلة العولمة
الشمولية في هذا الصدد . إن
الواقع العربي فيما يخص المرأة
العربية يفرض أن يُفرز لها يوم
عربي خاص بها تحتفل به بغية
إبراز قضاياها مباشرة في قلب
الساحة العربية ، وليس على هامش
احتفالات العالم بهذا اليوم ،
ولا يعني هذا عدم المشاركة فيه .
ومرة أخرى لا يعني هذا الطرح
الإقلال من قيمة المرأة العربية
، أو الإنتقاص من قدرها لا سمح
الله ، وإنما تهيئة ساحة عربية
خاصة بها وبقضاياها في عقر
العالم العربي ، وبين مواطنيه
أصحاب الشأن . وبداية
يجب الإقرار أن هناك قضايا
ساخنة تخص المرأة العربية بعامة
، والفلسطينية بخاصة لا ينبغي
السكوت عنها ، أو الإلتفاف
عليها ، أو حتى تجاوزها . ولعل
أهمها وأخطرها أن لا يظل
المجتمع العربي مجتمع رجال فقط
، وهي قضية تخضع للمتغيرات في
العالم العربي ، وتسير في اتجاه
إيجابي مقارنة مع فترات سابقة . في
هذا السياق ، لا أحد ينكر أن
المرأة العربية ، قد حققت
إنجازات ومكاسب كثيرة في العديد
من المجالات . إن المرأة العربية
قد أخذت تنطلق إلى آفاق لم تكن
تتسنى لها في السابق . وهي
انطلاقة تقضي ولو شيئا فشيئا
على بؤر التباين والتفاوت في
المكانة والحقوق العامة بينها
وبين الرجل . وجراء
تطور في النظرة العامة للرجل
العربي تجاه علاقته بالمرأة على
خلفية عدة اعتبارات : أهمها
التعليم والمكتسبات الثقافية
واتساع مساحة الوعي العام ،
وبهذا الصدد لا يمكن التغاضي عن
منظومة الموروث العقائدي الذي
تلعب دورا هاما هي الأخرى فيه . وهنا
لا ينبغي التركيز على الرجل ،
باعتباره العنصر المانح تأشيرة
مرور للمرأة ، دون ذكر إنجازات
حققتها المرأة العربية في
مجالات التعليم والثقافة
والوعي العام لحقيقة شراكتها ،
ودورها في تطوير المجتمع . إذ
لولا هذه الإنجازات لظلت المرأة
العربية حبيسة جدران التخلف
التي كانت مفروضة عليها ردحا من
الزمن ، وتحديدا فيما يخص
الحقوق السياسية كحقها في تقلد
المناصب السياسية في مؤسسات
السلطات الثلاث التنفيذية
والتشريعية والقضائية . فنضال
المرأة هنا مشروع ويفترض ألا
يعترض عليه أي معترض ، ومع ذلك
ننوه أن المرأة العربية لا تشكو
وحدها هذا الوضع بل هي ظاهرة
ملحوظة حتى في أرقى دول العالم
المتحضر . في
مجمل حقوق المرأة بشكل ، عام فلا
ينبغي أيضا تناسي أن للمرأة
وضعا فسيولوجيا يحد من قدراتها
مقارنة بقدرات الرجل ، ولكن
بشرط أن لا يصل الأمر إلى
التفرقة في الحقوق الأساسية ،
أو إلى حد حرمان المرأة العربية
من حقوقها السياسية كاملة .
وبهذا الصدد ثمة مقولات كثيرة
مشكوك بالنوايا التي تقف خلفها
والتي تتمثل في اللمز والغمز
على كل ما هو شرقي يمس بمكانة
الرجل العربي أو الشرقي بشكل
عام . إن
القضية لا ينبغي أن ينظر إليها
من زاوية أنها معركة بين الرجل
والمرأة . إنها ببساطة متناهية
منظومة حقوق مشروعة ، يمكن
للمرأة أن تحصل عليها بأساليب
متحضرة تكفلها لها مستويات
معقولة من التطور العلمي
والثقافي . وهنا يتبادر سؤال ملح
: لماذا يظل العلم حجة الرجل في
الإستحواذ على كامل الحقوق ؟ .
إن العلم بالنسبة للمرأة هو
سلاحها للخروج إلى الحياة ،
وعليها أن تشهره . وهنا
لا بد لنا أن نطرح بعض ما
يفترض في اعتقادنا أن تكون
عليه العلاقات بين الرجل
والمرأة في مجتمعنا العربي
بعامة والفلسطيني بخاصة . فقضية
حقوق المرأة
لا ينبغي لها أن تكون بأية
حال من الأحوال مدعاة للتمرد أو
التحريض المستندين إلى صراع على
خلفية جنسوية ، أو أن تكون
تستهدف إبراز السلبيات دون
الإيجابيات . واستكمالا
فليس بالضرورة أن ما تشعر به
شريحة من النساء من" قهر وقمع
" يمكن تعميمه وتطبيقه على كل
النساء . وفي اعتقادنا أيضا أن
قضايا المرأة لا يمكن أن تحل في
معزل عن الرجل في جو من التشنج ،
أو التعصب اللذين لا مبرر لهما
والقائمين على سياسة شد الحبال
، تغذيها جهات تتخذ من التعصب
النسوي " الفيمانيزم "
منهجا لها . إن
الحل هنا يفترض به أن يكون
مشتركا ومبنيا على أسس من
التفاهم . وهو بطبيعة الحال
تدريجي ويخضع للمتغيرات
الثقافية والتربوية والتعليمية
والإقتصادية والتوعوية
بشكل عام ، ومنوط بما تستطيع
المرأة أن تحققه من إنجازات على
أرض الواقع وعلى كافة الأصعدة
تثبت من خلالها قدراتها
وكفاءاتها . وهنا
لا ينبغي إغفال نقطة هامة
وحساسة للغاية ، تخص علاقة
المرأة العربية بالمرأة
العربية . ففي كثير من الأحيان
كانت المرأة سببا مباشرا لخذلان
المرأة ، وعدم انطلاقها إلى
تحقيق أهدافها . ومثالا لا حصرا
، في قضية الإنتخابات ،
والترشيح لعضوية المجالس
التشريعية ، أو النيابية ، حيث
كان بالإمكان أن يكون لها من
خلال حضورها دور فاعل وحاسم في
سن تشريعات وقوانين تناصر
حقوقها . ومع
ذلك نؤكد هنا على حقيقتين .
أولاهما أن دور المرأة الثلاثي
الأبعاد المتمثل في كونها زوجة
وأما وربة بيت ، ومدى نجاحها فيه
هو الأساس في مكانتها العامة
دون أدنى معارضة لمساهمتها في
أطر القوى العاملة المنتجة
الأخرى . وثانيتهما أن ما حصلت
عليه المرأة العربية خلال نصف
القرن الماضي مثير للإنتباه ،
ولا يمكن الإقلال من شأنه أو
أهميته ، والأهم من ذلك أنه غير
متوقف عند حد من الحدود ، وأن
مساحته العامة آخذة بالإزدياد
والتنامي مع الأيام .
إن معيار القوى الجسدية
الذي كان يميز الرجل عن المرأة ،
قد فقد مفعوله جراء كثير من
المتغيرات الحضارية ، ذلك أن
ثمة قوى أخرى عقلية وإبداعية
تلعب دورها ، ولا تميز في جنس
مبدعها ذكرا كان أم انثى . وتظل
المرأة هي العنصر الأهم والأخطر
والأشمل في تربية الأجيال
وتنشئتها وبخاصة الذكور منها . وتظل
بصماتها التربوية مطبوعة على
ذاكرة هؤلاء الذكور ، وتتحكم في
سلوكاتهم تجاه كثير من الأشياء
والمواقف والأشخاص . وأخيرا
وليس آخرا ، إن المرأة العربية
تستحق أن يكون لها يوم عربي خالص
يؤكد على عروبة قضاياها ووحدتها
قبل عالميتها . كلمة
أخيرة . في يوم المرأة العالمي ،
نتمنى أن يكون للمرأة العربية
يوم عربي على الأجندة العربية ،
تكرس فيه فعاليات مساندة لكفاح
المرأة الذي يجب أن يشارك الرجل
فيه ، بغية رفع مستواها في كافة
النواحي ، ولجعل احترام حقوقها
ومكانتها ثقافة تسود المجتمعات
العربية . وهذه
الثقافة لا يتسنى لها التكريس ،
ما لم يبدأ بها من المرأة ذاتها .
فهي الأقدر على نشرها ، كونها هي
العنصر الرئيس في تربية النشء ،
وتشريبه القيم والإتجاهات
الصحيحة . ونحن هنا لا ننكر دور
المدرسة والمناهج التعليمية ،
ولا دور كل شرائح المجتمع
المثقفة . إن
المرأة هي روح المجتمع ،
وبدونها يصبح المجتمع أحادي
القطب . وبمعنى آخر فإن تطور
المرأة هو الذي يقضي على آفات
التخلف ، ذلك أن المرأة شئنا أم
أبينا هي المقياس والمعيار
الأساسيان لتقدم المجتمعات
البشرية . والمرأة
قبل هذا وذاك هي الأم والأخت
والإبنة والزوجة والحبيبة . وهي
الجمال والرقة بكل معانيهما
وأشكالهما . وكل عام والمرأة
العربية بخير وتقدم وازدهار ،
والمرأة الفلسطينية قد تحرر
وطنها من الإحتلال البغيض ،
وحققت كل ما يصبو له من سيادة
وحرية وتحقيق أهداف في ظل دولة
عاصمتها القدس الشريف ، والعودة
إلى الوطن . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |