-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محاور
الإلحاد العلمي في الحضارة
الغربية (1/4) أ.د.
محمد اسحق الريفي نظرة
الغرب إلى العلم العلم
هو وسيلة للمعرفة بهدف الوصول
إلى الحقيقة؛ لاستخدامها في
مصلحة الإنسان في ظل احترام
القيم والكرامة الإنسانية.
وفي الحضارة الغربية؛ نجد
أن العلم يُعرض عن الحقيقة
الوحيدة التي يدل عليها وجود
هذا الكون، وهي خالق هذا الكون
وفاطره ومبدعه، سبحانه وتعالى.
وينظر العلماء الغربيون إلى
الحياة في الأرض على أنها نشأت
بمحض الصدفة، وتبعاً لذلك؛ لا
يوجد أي هدف محدد للوجود
الإنساني في نظر هؤلاء العلماء.
والأخلاق الإنسانية من وجهة
نظرهم ليست مطلقة؛ بل هي خاضعة
للمعرفة العلمية.
ويعني ذلك إقصاء الدين عن
الحياة، وعدم اعتبار الأخلاق
الإنسانية المبنية على الدين. ويعتمد
العلماء الغربيون على العقل
المجرد والتكنولوجيا، للبحث عن
أسرار هذا الكون وطريقة نشوئه،
ولتفسير الوجود الإنساني.
ونتج عن ذلك ظهور العديد من
النظريات التي تتحدث عن نشوء
هذا الكون، مثل نظرية "الانفجار
الكبير" Big Bang Theory؛
ونظرية "كل شيء" Everything
Theory؛ وأحدث نظرية كونية وهي نظرية
"الأوتار الفائقة" Superstring Theory. وكل هذه
النظريات تحيد عن حقيقة أن هناك
خالق عظيم لهذا الكون، وأنه
سبحانه وتعالى واحد لا شريك له،
وأنه قادر على كل شيء، وأنه لم
يخلق هذا الكون عبثاً، وإنما
خلقه لحكمة يعلمها هو سبحانه
وتعالى. ولقد
احتارت عقول العلماء الغربيين
في تفسير كثير من الأشياء،
فالعقل البشري عاجز عن إدراك
حقائق الكون، وبرغم هذا التطور
الهائل في التكنولوجيا التي
مكنت علماء الوراثة الجينية من
تحديد الخارطة الجينية
للإنسان، يعجز العلماء عن إدراك
حقائق جسم الإنسان، ونفسه،
ويعجزون أيضاً عن تفسير العديد
من الظواهر البسيطة التي تدور
رحاها في جسم الإنسان في كل لحظة. ولأن
العقل البشري محدود، فهو يتحرك
ضمن نطاق القوانين الفيزيائية
للعالم الذي نعيش فيه، والذي
استطاع الإنسان أن يتوصل إلى
قوانينه بحواسه، وبمساعدة
التكنولوجيا التي صنعها.
وكلما توفرت لدى العلماء
أدوات تكنولوجية ومعرفية
جديدة، تعَّرف هؤلاء العلماء
على المزيد من الحقائق المذهلة
عن هذا الكون، وأدى ذلك إلى
زيادة علامات الاستفهام حول
الكثير من الظواهر الكونية، مما
يجعل العلماء في تعطش إلى
المزيد من المعرفة والدراسة
والبحث، وإعادة النظر فيما
توصلوا إليه من نظريات علمية. ولقد
توصل العلماء إلى نظرية
الانفجار الكبير بعد نجاحهم في
تحليل ألوان الطيف وأشعة جاما،
حيث اتضح للعلماء أن كل شيء في
هذا الكون يبتعد عن كل شيء آخر،
فالكون يتسع باستمرار، وقد يكون
هذا مطابقاً لما جاء في لقرآن
الكريم؛ حيث يقول الله تعالى: {وَالسَّمَاء
بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ
وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (سورة
الذاريات: 47).
ولكن لا بد من الانتباه إلى
أن الاسم: "الانفجار الكبير"،
الذي اختاره العلماء لهذه
النظرية، فيه تضليل كبير،
وإلحاد بعلم الله وقدرته ودقة
صنعه. فالعلماء
الغربيون يعتقدون أن الانفجار
كان عشوائياً، وهذا يعني أن
وجود ظروف مناسبة للحياة في
الأرض، بالشكل الذي نراه، جاء
من قبيل الصدفة، من وجهة نظر
العلماء الغربيين.
والأمر الآخر في التضليل هو
أن الانفجار لا بد له من زمان
ومكان، ووفق ما يقول العلماء؛
فإن المكان والزمان وكل
القوانين الفيزيائية هي جميعاً
من آثار هذا الانفجار
ومقتضياته، لذلك فإن القوانين
الفيزيائية تتبدل وتتغير، كما
يرى هؤلاء العلماء. والعجيب
أن العلماء المسلمين يستشهدون
بنظرية الانفجار الكبير
للتدليل على الإعجاز العلمي
المتمثل في قوله تعالى: {أَولَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
كَانَتَا رَتْقاً
فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا
مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ
حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء:30)،
دون مراعاة لما تقتضيه هذه
النظرية من إنكار لوجود الله
تعالى! فلماذا
لا يضع العلماء المسلمون التصور
الإسلامي لنشأة الكون في ضوء ما
توصل إليه العلم من حقائق
ونظريات؟ وأقل
ما يمكن أن يقوم به العلماء
المسلمون هو تقييم هذه النظرية
وأمثالها وفقاَ للتصور
الإسلامي. ويمكن
للعلماء المسلمين أن يقوموا
بأكثر من هذا بكثير، فمثلا لو
نظرية الانفجار الكبير تتوافق
مع هذه الآية الكريمة، فالأولى
أن يسمي المسلمون تلك النظرية
"نظرية الرتق"، بدلاً من
نظرية الانفجار الكبير، التي
تنطوي على الإلحاد والتضليل. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |