-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ما أحوجنا لفتح "الأرشيفين" الجزائري والكويتي

عريب الرنتاوي

يجتاحنا شوق لـ"دبلوماسية رجل المطافي" التي برعت فيها دولتان عربيتان في سبعينييات القرن الفائت وثمانينيياته، حين كان لحضورها الكثيف في "الملفات الخلافية" العربية على الدوام، الأثر الحاسم في بعث الطمأنينة وإشاعة مناخ التفاؤل والثقة بأن "الأمور في طريقها إلى الحل.

 

الجزائر والكويت، لعبتا هذا الدور باقتدار وحيوية، وكانت "دبلوماسيتاهما" تلقيان الاستجابة والقبول من قبل معظم اللاعبين في أزمات المنطقة العربية، إلى أن ابتليتا من المشاكل بما أطاح بدوريهما الإنقاذيين: الكويت باجتياح العراق لها صيف العام 1990، والجزائر باندلاع موجة الإرهاب والعنف الأصولي التي ضربتها وفي توقيت متزامن تقريبا.

 

وبرغم أن الكويت نجحت في لملمة ذيول الاجتياح واحتوت تداعياته المدمرة، وكذلك فعلت الجزائر في مواجهة موجة الإرهاب المنحسرة، إلا أن دبلوماسيتي البلدين ما زالتا على حذرهما وانكفائهما، فكنا نحن في المشرق، وبالأخص في فلسطين، أول من دفع الثمن الباهظ لغزو العراق للكويت واجتياح الإرهاب للجزائر.

 

ما كانت أزمة بين دولتين عربيتين لتندلع هنا أو هناك، حتى كنت ترى الدبلوماسيين الجزائريين والكويتين في صدارة "الهابطين" في قلب الأحداث، يجرون الاتصالات تحت النار، ويجترحون المبادرات ويقومون بالمساعي الحميدة، وغالبا برضى الأطراف وقبولها إن لم يكن بطلب منها معلن أو مضمر.

 

ولقد وقف على رأس هاتين الديبلوماسيتين، رجلان محنكان، تربعا على عرش الدبلوماسية في بلديهما لسنوات طوال، قبل ان ينتقلا – يا للصدفة التي تتكشّف عن ضرورة – للتربع على قمة الهرم القيادي في دولتيهما: الشيخ صباح الأحمد في الكويت، والرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر.

 

وأظنني، ومن باب نسبة الفضل لأصحابه، ومن دون خشية من اتهام بالتملق أو خوف من الإصابة بمرض "الاحتواء الناعم"، أجرؤ على القول بأن الرجلين ومن موقعيهما على رأس الدبلوماسية في بلديهما، كانا "الوسيط النزيه" في مختلف الأزمات، من دون أن يدفعهما ذلك للتظاهر بـ"حياد زائف"، أوأن يجبرهما على أن يخفيا انحيازهما الكامل لفلسطين، وتعاطفهما مع كفاح شعبه في سبيل حريته واستقلاله، ودعمهما المتواصل لمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى وإن أفضى ذلك إلى وقوع بعض الفتور – القابل للاحتواء – مع هذه الجهة أو تلك، عربية كانت أم دولية.

 

ولو أن البلدين لم يضربهما زلزال الاجتياح والإرهاب، وعلى أعلى "درجات ريختر"، لما انكفآ إلى همومهما الداخلية، ولكانا اليوم يخترقان كرة المراوحة المصمتة التي تحيط بالأزمات الفلسطينية المتعددة، ولكانا أول من بادر إلى "كسر الوكالة الحصرية" التي منحت للدبلوماسية المصرية للقيام بدور الوسيط بين الفلسطينيين أنفسهم من جهة، وبينهم وبين الإسرائيليين من جهة ثانية، ولما كنا شهدنا على مثل هذه "الاستعصاء" الذي يضرب ملفات المصالحة والمعابر وإعادة الإعمار و الحصار وشاليط.

 

ليست الكفاءة وحدها هي ما دفعت بهاتين الدبلوماسيتين إلى صدارة العمل السياسي العربي المشترك، بل الرغبة الخالصة في "رص الصفوف وسد الثغرات" في جدار الموقف العربي، يضاف إليها غياب "الأجندات الخاصة" بهاتين الدولين في معظم، إن لم نقل جميع الملفات التي تولتاها، الأمر الذي ولّد ارتياحا لدى أطراف النزاعات وأنشأ قبولا غير متردد أو متحسب بدور جزائري ومسعى كويتي.

 

وزاد في ألق الحضور الدبلوماسي لهاتين الدولتين، توفرهما على قدرات سياسية ودبلوماسية وشبكة علاقات وصداقات إقليمية ودولية قابلة للتوظيف، ناهيك عن "الذراع المالي والنفطي والاقتصادي" القوية الذي كان يسند بقوة الذراع الدبلوماسي لهاتين الدولتين.

 

هذه الشروط والعوامل، مكّنت البلدين من القيام بدور "رجل المطافئ والإنقاذ" في معظم أزمات المنطقة، وجعلت سفراءهما نجوما ساطعة في سماء "دول الأزمات العربية"، وهي شروط قلما توفرت مجتمعة تحت سقف واحد، لدولة عربية واحدة. صحيح أن هناك دولا أغنى وأكبر من الدولتين المذكورتين منفردتين ومجتمعتين، لكن الصحيح أن الأجندات الخاصة، والأدوار التدخلية لهذه الدول، ورغبتها في ممارسة دور "الشقيق الأكبر" المهيمن على أشقائه الصغار، قد حالت دون نجاح هذه الدول في القيام بدور مماثل، بل أن حراكها الدبلوماسي كان على الدوام – ولا يزال بالمناسبة - موضع تساؤل ومبعث شك وريبة، بدلالة استمرار الفشل في معالجة الأزمات الفلسطينية المركبة وتفاقم أزمات اليمن الداخلية ومع جواره، وبلوغ العلاقة بين بعض العواصم العربية حدا من القطيعة غير مسبوق، فما أحوجنا لمثل هذه الأدوار و"الدبلوماسيات" في زمن المحاور والانقسامات العربية، ما أحوجنا لإعادة فتح أراشيف وزارتي خارجية كل الجزائر والكويت، للاستفادة من الدروس وأخذ العبر.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ