-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
محاور
الإلحاد العلمي في الحضارة
الغربية (2/4) أ.د.
محمد اسحق الريفي القوانين
الفيزيائية التي عرفها
الإنسان، لا تستطيع تفسير
العالم الذي نعيش فيه، وإنما
تصفه فقط. وهناك
أسئلة عادية في مظهرها ليس لها
معنى فيزيائياً، مثل: "ماذا
كان يوجد قبل بداية الكون؟"،
أو "ما هو الحيز الذي ولد فيه
الكون؟"، وهذا ما تحاول نظرية
"كل شيء" الإجابة عليه، وهي
تنص على أن كل شيء في هذا الوجود
يمكن تفسيره بنظام يتكون من
مجموعة مترابطة من المعادلات
الرياضية التي توحد بين الأشكال
المتعددة للطاقة، وهذه النظرية
تبحث عن الشرارة الأولى التي
أحدثت الانفجار الكبير، على حد
زعم العلماء، علماً بأن المكان
والزمان لم يوجدا قبل المادة،
وإنما وجدا بعد خلق هذا الكون
مباشرة. أما
نظرية الأوتار الفائقة؛ فقد
نجحت في التوحيد بين صور الطاقة
الأربع في الكون: الجاذبية،
الكهرومغناطيسية، النووية،
النووية الضعيفة؛ المتمثلة في
الاضمحلال الإشعاعي.
ونجحت نظرية الأوتار
الفائقة في التوفيق بين نظرية
الكم ونظرية النسبية العامة، في
انسجام عجيب.
وبحسب هذه النظرية؛ فإن
الكون ما هو إلا سيمفونية أوتار
فائقة متذبذبة، والوتر
المتذبذب يجعل الفضاء المكاني
الزماني المحيط به يلتوي حوله.
ووفقاً لهذه النظرية؛ فإن
الكون له عشرة أبعاد، بالإضافة
إلى البعد الحادي عشر، وهو بعد
صغير جداً. وتقول
نظرية الأوتار الفائقة إن الكون
الذي نعيش فيه ليس وحيداً،
وإنما هناك أكوان عديدة متصلة
بعضها مع بعض كالعنقود.
ويرى العلماء أن هذه
الأكوان متداخلة، ولكل كون
قوانينه الفيزيائية الخاصة به،
بمعنى أن الحيز الواحد في
عالمنا قد يكون مشغولاً بأكثر
من جسم واحد في آن واحد، ولكن من
عوالم مختلفة.
وقد يكون هذا صحيحاً في
التصور الإسلامي، حيث يؤمن
المسلمون بوجود الجن
والملائكة، وهي مخلوقات لها
طبيعة خاصة بها؛ تختلف عن طبيعة
الكائنات التي نعرفها في عالمنا
المحسوس. ولكن
مشكلة هذه النظرية من المنظور
الإسلامي أنها تقتضي ضمنياً
الكفر بوحدانية الله تعالى،
بسبب مناداتها بتعدد الأكوان
وكأن لكل واحد منها إله خاص به.
على أي حال؛ على العلماء
المسلمين والعلماء الشرعيين أن
يبينوا للناس وجهة النظر
الإسلامية في كل هذه النظريات
ذات الطابع الإلحادي المتمثل في
الفوضى الكونية، والعشوائية
للوجود الإنساني، وفي أن
الإنسان وباقي الأشياء في هذا
الكون ما هي إلا أوتار متذبذبة
بترددات مختلفة... الخ. لذلك
فإن الإلحاد العلمي المتمثل في
الإعراض عن حقيقة الخالق العظيم
لهذا الكون؛ بسبب التفكير الضيق
للعلماء الغربيين، الذين
يعتمدون على الإدراك البشري
المحدود، وما أدى إليه من
اكتشافات علمية، هو سبب التخبط
والضلال الذي يعاني منه البشر
في هذا العالم.
ولقد انشغل العلماء
الغربيون طويلاً عن الإيمان
بخالق هذا الكون سبحانه وتعالى
في البحث عن الخلود في هذه
الأرض، وهو وهم بشري قديم لا
يزال يراود العلماء الغربيين،
ولا يقتنع هؤلاء العلماء أن هذه
الأرض ليست مكاناً لهذا الخلود،
ولا تصلح له.
ولن تجدي الإنسان نفعاً
محاولات البحث عن حياة أخرى في
هذا الكون؛ بسبب حاجزي الزمان
والمكان، فالإنسان يقف عاجزاً؛
بل يموت أمام هاذين الحاجزين.
وفي هذا الصدد؛ يقول الله عز
وجل: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ
وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ
أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ
إِلَّا بِسُلْطَانٍ} (الرحمن:33).
ولن يصل الإنسان إلى حقيقة
الوجود البشري ووجود هذا الكون
طالما أنه يتجاهل حقيقة أن الله
عز وجل هو وحده خالق هذا الكون
وفاطر السماوات والأرض.
يقول الله تعالى: {وَكَأَيِّن
مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ
عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا
مُعْرِضُونَ} (يوسف: 105)، {وَمَا
تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ
آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا
كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ}.
ومن يعرض عن آيات الله
فمصيره التخبط والضياع والضلال
والهلاك. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |