-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الصيد
في المياه العكرة (
الدرع الصاروخي الاميركي
نموذجا ) أ.
محمد بن سعيد الفطيسي
هناك العديد من الأسئلة
وعلامات الاستفهام المحيرة ,
والتي لابد أن تطرح حول
المستجدات الأخيرة لقضية الدرع
الصاروخي الاميريكي في شرق
أوربا , وخصوصا أنها أعادت بعد
فترة من الدفء العلاقة الباردة
وتصعيد لهجة الخلاف بين النسر
الاميركي والدب الروسي , وحقيقة
إمكانية ربط تلك الأحداث
والتطورات المتسارعة في تلك
البقعة الجغرافية من العالم
والأحداث التي تهز الشرق الأوسط
من قريب او بعيد , وخصوصا
الإصرار الاميريكي على ربط
مسالة الدرع الصاروخي
الاميريكي في شرق أوربا بالملف
النووي الإيراني .
فلماذا أعادت الولايات
المتحدة الاميركية مساعيها
لنشر منظومة الدفاع الصاروخي
" بري " في كل من بولندا
وبلغاريا ورومانيا بعد أن أعلنت
في وقت سابق وبشكل علني نيتها عن
تغيير تلك المنظومة الى منظومة
" بحرية " متنقلة لإرضاء
روسيا ؟
وهل لذلك دخل منطقي بتطور
الأحداث على صعيد الملف النووي
الإيراني ؟ وخصوصا في وقت
استطاعت فيه إيران أن تخصب
اليورانيوم بنسبة 20% , وأكدت
لاحقا بأنها تستطيع أن تصل الى
نسبة 80% على هذا الصعيد ولكنها
هي من لا يريد ذلك ؟ ورفضت في
الوقت نفسه أن ترسل
القسم الأكبر من مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب
لمعالجته في روسيا وفرنسا
ثم إعادته إليها على شكل وقود
نووي , وهو ما تسبب بصدمة
لحليفها الروسي الذي كان يتأمل
من هذا التبادل الكثير من
العوائد المادية !!! .
كذلك ومن ابرز علامات
الاستفهام التي لابد أن تطرح
على هذا الصعيد , وفي هذا الوقت
على وجه التحديد , هي تلك التي
تدور حول الأسباب المقنعة
والمنطقية التي دفعت بالولايات
المتحدة الاميركية للإعلان عن
نيتها تزويد عدد من دول الخليج
العربي بصواريخ باتريوت , وهل
يمكن ربط تلك الصواريخ بسلسلة
منظومة الدفاع الاميريكية بشرق
أوربا , والتي تدعي الولايات
المتحدة الاميركية أن أسباب
نشرها تتعلق بإمكانية
الإيرانيين صناعة رؤوس نووية
بعد امتلاكهم لتكنولوجيا
الصواريخ طويلة المدى التي يمكن
لها أن تصل الى المدن الأوربية ,
والقدرة الذاتية العالية على
تخصيب اليورانيوم ؟ وهل
لإسرائيل التي طالما سعت لإشعال
فتيل حرب بين القوى الكبرى
وإيران , دور في كل تلك الأحداث
المتسارعة , وتحديدا على صعيد
مسالة الدرع الصاروخي في كل من
شرق أوربا والخليج العربي ؟
كل تلك الأسئلة وغيرها هي
أسئلة مشروعة ولابد أن تطرح بكل
صراحة وشفافية , وأي تحليل سياسي
أو عسكري أو إعلامي قد يخلوا
منها هو طرح فاقد للمصداقية
والشفافية والحيادية , فهل حقا
هناك ما يدور ويدبر في الأروقة
المظلمة لتوجيه ضربة عسكرية
للقضاء على إيران بتحريض من
إسرائيل ومنظمات الضغط
الصهيواميركية ؟ وتصر روسيا
والصين على تأجيلها لأطول مدة
ممكنة ؟ و- بمعنى آخر – أن كل ما
في الأمر لا علاقة له بالملف
النووي الإيراني والصواريخ
الإيرانية المزعومة والتي تهدد
امن وسلامة الدول الأوربية !!؟؟
وخصوصا أن الإيرانيين يدركون
مقدار الرد الانتقامي والثأري
المتوقع حال الإقدام على خطوة
إطلاق صواريخ
ضد مدن أميركية أو أوربية أو
خليجية ؟ وان كل ما في الأمر
يعود الى استفحال النزق
الصهيوني للتوسع وعودة الأحلام
اللاهوتية الإسرائيلية للسيطرة
على منطقة الشرق الأوسط لا أكثر
! والتي تعتبر فيها الجمهورية
الإيرانية وطموحاتها وأهدافها
العائق الأكبر والأخطر لتلك
الأماني والأحلام .
أم أن هناك من الحقائق ما لا
يخطر على أذهان الكثيرين , وهو
اكبر بكثير من حدود الشرق
الأوسط وشرق أوربا وحتى أحلام
إسرائيل ؟ - أي – أن هناك لعبة
عالمية تتجاذبها مصالح الدول
الكبرى الثلاث , الولايات
المتحدة الاميركية وروسيا
الاتحادية والصين لتقاسم رقعة
الشطرنج الدولية خلال العقد
الثاني من القرن الحادي
والعشرين !!؟ , وهو ما يدفع
وسيدفع لاحقا هذه القوى الكبرى
للدخول في صدامات وخلافات سيكون
الشرق الأوسط كما كان دائما
المنطلق لإشعالها لتغيير
الخارطة العالمية , وهو ما خلط
الأوراق والمصالح والأهداف
الاستراتيجية لتلك الدول
الكبرى .
إذا ما هي العلامات
والإشارات التي يمكن لنا
كمحللين للأحداث والتطورات أن
نستند عليها للإجابة على تلك
الأسئلة ؟ وتحديدا في حال نشرت
الولايات المتحدة الاميركية
صواريخها في كل من بولندا
ورومانيا وبلغاريا وربما لاحقا
في يوغسلافيا وهنغاريا
ومقدونيا وسلوفاكيا ؟ ونشرت
صواريخ باتريوت في دول الخليج
العربي ؟ وربما إسرائيل وعدد من
الدول العربية ؟ وهل ستقبل
روسيا ذلك , أم أنها ستقف دون
تنفيذ ذلك المخطط الاميركي ؟
وما هي الخطوات الإجرائية
والاحترازية التي ستتخذها
روسيا ؟ وهل ستعيد روسيا
التفكير بمعاهدة الحد من
الأسلحة الاستراتيجية مع
الولايات المتحدة الاميركية ,
وربما ستقوم بتهديد تلك الدول
سالفة الذكر كما فعلت سابقا مع
بولندا ؟
هل ستستمر الصين وروسيا
بالوقوف مع إيران في وجه
المخططات الصهيواميركية ؟ والى
متى سيستمر ذلك ؟ وهل يمكن أن
تقبل الصين يوما بالمساعي
الاميركية تجاه إيران في حال
عقدت معها الولايات المتحدة
الاميركية صفقة ما تتعلق
بتايوان على سبيل المثال لا
الحصر ؟ وهل يمكن لنا أن نعتبر
أن عودة أمريكا لنشر تلك
المنظومة من الصواريخ في شرق
أوربا مجرد لعبة سياسية للضغط
على روسيا للقبول بالأهداف
والمساعي الاميركية لفرض
المزيد من العقوبات على إيران
وربما ضربها لاحقا لإرضاء
الحليف الإسرائيلي في المنطقة ؟
نعم , أن جل تلك الأسئلة
السابقة تربط الملفات السياسية
والعسكرية بعضها ببعض , وذلك في
سياق العلاقة التي صنعتها
الولايات المتحدة الاميركية
ولا زالت مستمرة في حبكها بين
منظومة الدفاع الاميركية في شرق
أوربا , والملف النووي الإيراني
, وان كانت تلك مجرد أسئلة للبعض
, فهي في الحقيقة تجيب على نفسها
في كثير من الأوقات والأحيان ,
وبالتالي فنحن بانتظار اللحظات
الأخيرة لقرع طبول الحرب
والتغيير في الشرق الأوسط بوجه
خاص , وعلى صعيد تغيير الخارطة
الجيوسياسية العالمية على رقعة
الشطرنج الدولية . ـــــــــــ * باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الاستراتيجية
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |