-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ليست
صفعة لجوزيف بايدن فقط بقلم
نقولا ناصر* حتى لو لم تجمد دولة الاحتلال الإسرائيلي
قرارها يوم الثلاثاء الماضي
ببناء 1600 وحدة استيطانية على
مساحة 580 دونم في مستعمرة "رامات
شلومو" لغلاة المتطرفين
الدينيين من اليهود في شرقي
القدس، وحتى لو أعلنت هذه
الدولة عن خطط لبناء مائة ألف
وحدة استيطانية جديدة في القدس،
وليس فقط خمسين ألف وحدة كما
قالت صحيفة هآرتس الخميس
الماضي، فإن الرئاسة المفاوضة
لمنظمة التحرير الفلسطينية سوف
تستأنف عملية التفاوض، المباشر
وغير المباشر، والعلني والسري،
بتفويض أو دون تفويض شرعي عربي
أو فلسطيني، لأنها عندما تعلن
بأن البديل الاستراتيجي الوحيد
للمفاوضات هو المفاوضات فقط فإن
استئنافها للتفاوض يكون مسألة
وقت فقط، حتى لو أوقفته تكتيكيا
ومؤقتا إلى حين، أو هددت علنا
بوقفه، إذ لم يعد أحد يصدق أي
تهديد كهذا لها لا في أوساط
شعبها ولا في الوسط العربي وليس
حتى في معسكر الأعداء أو معسكر
الخصوم السياسيين، فالجميع
يبني خططه السياسية على أساس
هذه الحقيقة. تعقيبا على قرار حكومة دولة الاحتلال
الأخير ببناء 1600 وحدة استيطانية
في شرقي القدس، وفي اليوم
السابق قرارها ببناء (112) وحدة
أخرى لتوسيع مستعمرة جبل أبو
غنيم بين القدس وبين بيت لحم --
مما يرفع عدد الوحدات
الاستيطانية التي يجري بناؤها
منذ أعلنت دولة الاحتلال تجميدا
مؤقتا للاستيطان لمدة عشرة أشهر
إلى أكثر من خمسة آلاف وحدة --
عشية وأثناء زيارة نائب الرئيس
الأميركي جو بايدن، قال عضو
مجلس بلدية الاحتلال في القدس
عن حزب ميريتس ،مئير ميرجاليت،
إن توقيت القرار "لم يكن
مصادفة، وإن هدف نائب رئيس
الوزراء ووزير الداخلية ورئيس
حزب "شاس"، إيلي ييشاي، "كان
توجيه صفعة على الوجه للإدارة
الأميركية" ومما يثبت ذلك "حقيقة
أن ييشاي لم يستطع أن ينتظر بضعة
أيام أخرى حتى يغادر بايدن
البلاد"! إن مسارعة بايدن والبيت الأبيض الأميركي
إلى "إدانة" القرار لأن "جوهر
وتوقيت الإعلان" عنه "ينسف
الثقة التي نحتاجها في هذا
الوقت بالذات" بعد إطلاق "مباحثات
التقارب" الفلسطينية مع دولة
الاحتلال ولأنه "يتعارض مع
المباحثات البناءة" التي
أجراها بايدن مع حكومة الاحتلال
هي إدانة تستهدف حفظ ماء الوجه
الأميركي بقدر ما تستهدف قطع
الطريق على أي إدانة من المفاوض
الفلسطيني يعرف بايدن أكثر من
غيره أنها حتى لو صدرت فإنها لن
"تنسف" ثقة هذا المفاوض في
راعيه الأميركي حد أن "يحرجه"
بأي إعلان عن وقف "مباحثات
التقارب" التي أعلنت الرئاسة
المفاوضة موافقتها عليها باسم
منظمة التحرير الفلسطينية التي
أعلنت الفصائل الأساسية
الممثلة في لجنتها التنفيذية
الحالية معارضتها لاستئنافها. ويبدو أن "الإدانة" الأميركية قد
حققت هدفها، فالخطط الأميركية
لاستئناف "مباحثات التقارب"
حول استئناف المفاوضات
مستمرة،وهو ما تريده رئاسة
محمود عباس، ولذلك اكتفت
باعتبار القرار الإسرائيلي "استفزازا"
واتخذت منه دليلا على أن دولة
الاحتلال "لا تريد السلام"،
وكأنما اكتشفت جديدا، بينما
تهربت هذه الرئاسة من اتخاذ
موقف بالتهرب من مسؤوليتها
المفترضة بمحاولة ترحيلها إلى
جامعة الدول العربية، حيث هاتف
عباس عمرو موسى مطالبا برد عربي
منسق على القرار الإسرائيلي،
تمما مثلما حملت هذه الرئاسة
الجامعة العربية المسؤولية عن
تراجعها عن مطالبتها بتجميد
الاستيطان كشرط مسبق معلن
لاستئناف المفاوضات. وكانت هذه الرئاسة قد أعلنت شرطها ذاك بعد
أن أعلن عباس "خيبة أمله"
من تراجع الإدارة الأميركية عن
شرط مماثل أعلنه رئيسها باراك
أوباما في مستهل عهده بعد أن
تلقت هذه الرئاسة صفعتين
إسرائيلية وأميركية في آن معا
إثر الزيارة التي قامت بها
وزيرة الخارجية الأميركية
هيلاري كلينتون للمنطقة أواخر
تشرين الأول / أكتوبر الماضي
وأعلنت خلالها إسقاط هذا الشرط
الأميركي – الفلسطيني لاستئناف
المفاوضات. ففي تزامن مع
زيارتها أعلنت حكومة الاحتلال
عن بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة
استيطانية جديدة، وكانت تلك
الصفعة الأولى التي وجهتها دولة
الاحتلال للإدارة الأميركية. وإذا كانت تلك الصفعة قد أفشلت المهمة
المعلنة لكلينتون آنذاك، وهي
استئناف المفاوضات الفلسطينية
– الإسرائيلية، فإن الصفعة
الجديدة لم تفشل مهمة بايدن في
الحث على إطلاق "مباحثات
التقارب"، والفضل الواضح في
ذلك يعود إلى رئاسة عباس التي لم
تعلن عن أي "خيبة أمل" من
الإدارة الأميركية هذه المرة
يستتبعها الاستنكاف -- ولو
تكتيكيا وإلى حين -- عن مباشرة
مباحثات التقارب. ومن المعروف أن قرارات توسيع الاستيطان
في القدس المحتلة تمر عبر وزارة
داخلية دولة الاحتلال، وأن
حكومة رئيس وزراء هذه الدولة،
بنيامين نتنياهو، استثنت القدس
من قرارها الذي اتخذته في تشرين
الثاني / نوفمبر الماضي بتجميد
التوسع الاستيطاني مؤقتا لمدة
عشرة أشهر، وأن هذا القرار خارج
القدس في بقية الضفة الفلسطينية
المحتلة لنهر الأردن يصنع في
وزارة الحرب فيها بموافقة حكومة
الاحتلال ورئيس وزرائها، لذلك
فإن الصفعة الأولى التي وجهت
للإدارة الأميركية وللرئاستين
الأميركية والفلسطينية على حد
سواء تتمثل في موافقتهما على
استئناف المفاوضات على أساس هذا
"الأمر الواقع". ولن تخفف من وقع هذه الصفعة ذرائع المفاوض
الفلسطيني بأنه لا يجري مفاوضات
مباشرة بل مباحثات غير مباشرة،
وهي ذرائع لم تقنع فصائل "اليسار"
المؤتلفة مع هذا المفاوض في
إطار منظمة التحرير التي وفرت
له غطاء زائفا من "التعددية"
في نهجه التفاوضي الذي تمخض عن
الوضع الراهن البائس للقضية
الوطنية طوال العشرين عاما
المنصرمة. كما لن تخفف من وقعها الوعود الأميركية
المعسولة الكاذبة والمتكررة
بان مباحثات التقارب غير
المباشرة الحالية سوف تنتهي
بمفاوضات مباشرة تقود إلى حل
الدولتين الموعود خلال عامين،
فقد سبق الرئيس الأميركي باراك
أوباما سلفاه بيل كلينتون وجورج
دبليو. بوش بوعود بدولة
فلسطينية عام 1999 ثم عام 2005 وبعده
عام 2008، بحيث فقد الشعب
الفلسطيني ثقته في الوعود
الأميركية بقدر ما فقدها في
مفاوضيه الذين أدمنوا التفاوض
بقدر "ما تعود خدهم على اللطم"
فأدمنوه بدوره. إن المعارضة المعلنة للجبهتين الشعبية
والديموقراطية وحزب الشعب و"المبادرة"
وجبهة التحرير الفلسطينية،
ناهيك عن معارضة "المعارضة"
التي تقودها حماس، هي معارضة
كان لقوتها واتساعها الفضل في
إخراج "الصامت الأكبر" في
اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير، علي اسحق، عن صمته
لينفي أن اللجنة قررت "بالإجماع"
تبني القرار العربي باستئناف
المفاوضات، ويعتبر تبني هذا
القرار "أمرا خطيرا"،
وينتقد عرضه على لجنة المتابعة
العربية قبل عرضه على اللجنة
التنفيذية، ويذكر بقرار
المنظمة السابق الرافض
للمفاوضات المباشرة وغير
المباشرة، و"يدين ما جرى"،
مما يثير سؤالا كبيرا حول من
تمثل اللجنة التنفيذية
للمنظمة، وحول شرعية قرارها،
ويوجه صفعة، من المفترض أنها
"فلسطينية"، لمنظمة
التحرير ومؤسساتها وفصائلها
وشرعيتها. وقد كانت زيارة بايدن في حد ذاتها لطمة
على الخد الفلسطيني، فهي عدا عن
كونها تتويجا هو الأرفع مستوى
لسيل كبار المسؤولين
الأميركيين الذين تدفقوا على
دولة الاحتلال مؤخرا يرجونها
ألا تنفرد بأي هجوم على إيران،
فإن تأكيده أثناء زيارته على
"الالتزام المطلق والكامل
وغير المخفي بأمن إسرائيل"
لإدارة أوباما دون حتى أي تلميح
إلى حد أدنى من الحرص المقابل
على الأمن الفلسطيني كشف بأن
الهدف من زيارته ليس له أي علاقة
بالسلام أو بالمباحثات أو
المفاوضات، المباشرة أو غير
المباشرة، إلا بقدر ما تكون
جزءا من "عملية سلام" تضمن
أمن الاحتلال ودولته، وقد وجه
القرار الاستيطاني الجديد صفعة
لكل المتوهمين بأن مباحثات
التقارب تمثل "لحظة فرصة
حقيقية"، كما أعلن بايدن. ـــــــــــــــ * كاتب عربي من فلسطين ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |