-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القيادي
المهندس الشهيد إسماعيل أبو شنب ظل
وفياً لفلسطين، من بحرها حتى
نهرها، وما ساوم، حتى سلم
الراية نقياً كالثلج بقلم
: أوس داوود يعقوب* في 21 آب
(أغسطس) 2003 رصدت عصابات الاحتلال
الصهيوني القيادي الفلسطيني
المهندس إسماعيل أبو شنب عضو
القيادة السياسية لحركة
المقاومة الإسلامية حماس ،
ونجحت في اغتياله مع اثنين من
مرافقيه هما مؤمن بارود و هاني
أبو العمرين وإصابة نحو خمسة
عشر مواطنا متوسطة في عملية قصف
جوي بالصواريخ على سيارتهم جنوب
مدينة غزة . وقد
أفاد شهود عيان ، يومها ، أن
طائرات من نوع أباتشي
صهيوأمريكية ظهرت فجأة في سماء
غزة و أطلقت حوالي خمسة صواريخ
باتجاه سيارة مدنية فلسطينية
اشتعلت فيها النيران . ويعد
المهندس إسماعيل أبو شنب ، من
القلائل الذين استطاعوا
التوفيق و الجمع بين إبداعهم في
مجال تخصّصهم و بروزهم و
مشاركتهم الواضحة في الحياة
العامة و حمل هموم الأهل و الوطن
، و قد تفوّق في الجمع بين العمل
السياسي و النقابي و الأكاديمي . جاءت
عملية اغتيال المهندس إسماعيل
أبو شنب ، في غمار حالة تردي
الأوضاع الفلسطينية ، واحتدام
الصراع الدامي مع عصابات
الإرهاب الصهيوني ، بعد القيام
بعملية القدس الاستشهادية في
(19/8/2003م) ، وإصدار تعليمات قادة
الإرهاب الصهيوني إلى أذرع
الأمن المختلفة، في ختام
مشاورات لتقويم الوضع أجراها
رئيس الحكومة اليمينية بلدوزر
الإرهاب آرئيل شارون
ووزيرحربيته شاؤول موفاز بأن
"المسؤولين عن عملية القدس
سيدفعون ثمن أعمالهم حتى أكبر
مسؤول فيهم"، على حد تعبيرها.
وفي الوقت الذي قررت فيه قيادة
العدو استهداف كافة القيادات
الفلسطينية المقاومة ، دون
الأخذ بعين الاعتبار ، من هو
المقاوم والناشط العسكري ومن هو
السياسي في هذا الوقت ، ومع تنبه
قيادة حماس منذ اغتيال المهندس
يحيى عياش واستهداف من ساروا
على طريقه بالاغتيال
والاعتقال،أنه لابد من جعل
المعركة مع المحتل أشبه بمعركة
أشباح ، قررت حكومة العدو
استهداف قادة الجناح السياسي
لحماس في خطوات صهيونية يائسة ،
أحد أهم أهدافها هو تفريغ حركة
المقاومة الإسلامية
من رموزها وشخصياتها دون أن
تفطن أن الحركة شابة ، ولادة ، و
متجددة . وفي
أعقاب عملية الاغتيال
الإرهابية ، طالبت قيادات العدو
الصهيوني ، على لسان الإرهابي
عوزي لانداو الوزير في حكومة
العدو " إن على تل أبيب أن
تواصل سياسة الاغتيالات ". و
أضاف أنه : "إذا كان بالإمكان
الاستبشار بهذه العملية بعودة (إسرائيل)
إلى محاربة "الإرهاب" (المقاومة)
، فيجب الترحيب بذلك ، لكن إذا
كانت هذه العملية مجرد رد عيني ،
فلن تكون نجاعتها كبيرة" !! . من جهة
أخرى دعا نائب وزير التجارة و
الصناعة الصهيوني ، عضو
البرلمان ، ميخائيل راتسون من
حزب "ليكود" الحاكم في
الدولة العبرية إلى اغتيال جميع
قادة فصائل المقاومة
الفلسطينية . و أضاف
راتسون أنه "من الواجب علينا
اغتيال جميع قادة الفصائل
الفلسطينية العسكريين و
السياسيين ، ومن بينهم رئيس
السلطة الفلسطينية ياسر عرفات و
أتباعه .. لا يتعيّن منحهم أي
فرصة إضافية ، و يجب ضربهم بكل
قوة" ، على حد تعبيره . في هذا
المعترك الصاخب والخطير ، امتطى
فارسنا صهوة الجواد، دون أن
يعرف الفواصل الصغيرة بين
الفصول. بع أن أوقف حياته، لحساب
قضية، ترقى إلى مستوي العقيدة،
وهي معيار الإختبار لمعادن
الرجال. كان صادقاً وعميقاً، في
توحده بجموع المقاومين، ولم
يخذل أولئك المؤمنين، الذين
بذلوا حياتهم، على طريق الله،
الذي هو طريق الحرية لفلسطين
وشعبها! الميلاد
والنشأة ولد
المهندس إسماعيل حسن محمد أبو
شنب "أبو حسن" في مخيم
النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة
عام 1950 و ذلك بعد عامين من هجرة
عائلته من قرية "الجيّة" و
التي تقع جنوب شرق المجدل و
عسقلان ، حيث استقرت أسرته في
نفس المخيم . نشأ أبو
شنب نشأة السواد الأعظم من
أبناء فلسطين الذي هُجّروا من
ديارهم في نكبة عام 1948 ، فالمخيم
هو عالمهم ، و الفقر هو القاسم
المشترك الذي يجمعهم . و كان
والده "حسن" أمياً و لكنه
كان يستطيع قراءة القرآن الكريم
. و كان حريصاً على تعليم أبنائه
و خاصة القرآن الكريم ، فما إن
فتحت بعض مراكز تعليم القرآن
الكريم أبوابها حتى سارع باشراك
إسماعيل و هو طفل صغير فيها ، و
قد قدّر له أن يحفظ حوالي نصف
القرآن الكريم و هو ما يزال في
المرحلة الابتدائية من تعليمه . قضى
معظم دراسته الابتدائية في
مدرسة وكالة الغوث في النصيرات
، كان ذلك ما بين عامي 1956 و 1961
حيث تأثّر كثيراً حينها
بتوجّهات و رعاية الأستاذ حماد
الحسنات أحد الدعاة في منطقة
النصيرات "و هو من قادة حركة
حماس" . كان
والده جاداً مجداً في السعي على
عياله يعمل في فلاحة الأرض عند
بعض الناس ، حيث أخرج من أرض في
"الجيّة" حانوتاً صغيراً
يبيع فيه بعض الحاجيات لسكان
منطقته من اللاجئين في المخيم و
من البدو الذي يقطنون بالقرب
منه . و توفيّ
الوالد و الأطفال لا يزالون
صغاراً ، أكبرهم كان إسماعيل ، و
الذي كان ما يزال في المدرسة
الابتدائية ، و تولي رعاية
العائلة بعض الأقارب ، الذين
رأوا أن تنتقل عائلة إسماعيل
إلى مخيم الشاطئ للاجئين غرب
مدينة غزة ، حيث يقطن العديد من
أقاربهم هناك . و بعد
أن أكمل أبو شنب المرحلة
الإعدادية من دراسته في مدرسة
غزة الجديدة التابعة لوكالة
الغوث في عام 1965 انتقل إلى مدرسة
فلسطين الثانوية ، و كان دائماً
من الطلاب المتفوّقين في صفه . وضعت
حرب عام 1967 أوزارها .. و قد أنهى
إسماعيل الصف الثاني الثانوي ،
و في أول أعوام الاحتلال تقدّم
إسماعيل مع من تقدّم من الطلاب
لامتحان الثانوية العامة و ذلك
في صيف عام 1967 ، و حصل على شهادة
الثانوية العامة ، و التي لم
تعترِف بها أيٍ من الدول
العربية في ذلك الوقت . فالتحق
بمعهد المعلمين برام الله ليدرس
اللغة الإنجليزية و مدة الدراسة
في هذا المعهد سنتان ، حيث
يتخرّج الطالب و يصبح مؤهلاً
ليكون معلماً في مدارس الوكالة.
. و في
عام 1969 جرت ترتيبات مع الحكومة
المصرية ، عن طريق منظمة
اليونسكو و اللجنة الدولية
للصليب الأحمر لإجراء امتحانات
الثانوية العامة في قطاع غزة
بإشراف وزارة التربية و التعليم
المصرية حتى يمكن لطلاب القطاع
أن يحصلوا على شهادات مصدقة و
موقعة من جهة عربية ، كي
يتمكّنوا من إكمال دراستهم
العليا . تقدّم
أبو شنب إلى هذا الامتحان إلى
جانب دراسته بمعهد المعلمين و
نجح فيه ثم تقدّم بطلب لمكتب
تنسيق القبول للجامعات المصرية
و تم قبوله فعلاً ، ترك إسماعيل
الدراسة في المعهد رغم أنه لم
يبقَ على تخرجه منه إلا أشهر
معدودات ، فقد كان طموحاً أكثر
مما يمكن أن تقدّمه له الدراسة
في المعهد . و في
شهر شباط عام 1970 وصل طلاب القطاع
إلى مصر ، و في تلك الفترة كان من
الصعب على الكثير منهم الانتظام
في الدراسة ، و قد مضى ثلثا
العام الدراسي و أمامهم تقف
مشكلات في التأقلم مع ظروف
الحياة المصرية في المدن و التي
يختلف جوّها كثيراً عن أجواء
المخيمات الفلسطينية في ذلك
الوقت . قرّر
أبو شنب أن يتقدّم لامتحان
الثانوية العامة للمرة الثانية
، و أن يستثمر الأشهر القليلة
الباقية في الدراسة علّه يحصل
فرصة أفضل تمكّنه من دخول كلية
الهندسة ، و فعلاً تم له ذلك
أخيراً ، فقد قبل في المعهد
العالي الفني "بشبين الكوم"
، و انتقل في السنة التالية إلى
المعهد العالي الفني بالمنصورة
و الذي تحوّل فيما بعد إلى جامعة
المنصورة ، و تخرّج من كلية
الهندسة بجامعة المنصورة عام 1975
بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف و
كان الأول على دفعته .
عودة الفارس إلى أرض الوطن و قد
عرض عليه أحد أساتذته في
الجامعة أن يتم تعيينه "معيداً"
في الكلية و لكنه فضّل أن يعود
إلى قطاع غزة ليعمل هناك ، و
فعلاً عاد و اشتغل مهندساً
للمشاريع في بلدية غزة لمدة خمس
سنوات ، عرفه خلالها زملاؤه ، و
من احتك به ، مهندساً متميزاً
سواء في الناحية الأخلاقية أو
المهنية و يشهد بذلك الكثير ممن
عرفه . و في
تلك الفترة اعتزمت جامعة النجاح
الوطنية بنابلس أن تفتح كلية
الهندسة فيها ، فأعلنت عن توفير
بعثات دراسية للمهندسين ،
لاستكمال دراستهم العليا
ليعودوا ليعملوا مدرسين في كلية
الهندسة ، و تقدّم أبو شنب بطلب
للانبعاث للدراسة و تم اختياره
لهذا الغرض فاستقال من عمله في
بلدية غزة و سافر إلى الولايات
المتحدة الأميركية حيث حصل على
درجة الماجستير في هندسة
الإنشاءات من "جامعة
كالورادو" عام 1982 . و عاد
أبو شنب إلى جامعة النجاح
ليدرّس فيها ، ثم سنحت له فرصة
إكمال دراسته مرة أخرى ، فرجع
إلى الولايات المتحدة
الأميركية عام 1983 ، حيث بدأ
الدراسة للحصول على شهادة
الدكتوراه ، و لكن جامعة النجاح
استدعته لحاجتها الماسة له و
لأمثاله للتدريس في الجامعة ،
فقطع دراسته و عاد إلى الجامعة و
عيّن قائماً بأعمال رئيس قسم
الهندسة المدنية في عام 1983 - 1984 و
ظلّ يدرس في الجامعة حتى
أغلقتها سلطات الاحتلال مع
اشتعال الانتفاضة أواخر عام 1987 .
دور بارز في قيادة العمل
النقابي أما في
مجال العمل النقابي فيعتبر أبو
شنب رائداً في هذا المجال فهو من
مؤسسي جمعية المهندسين
الفلسطينيين في قطاع غزة عام 1976
، و كان عضواً في مجلس إدارتها
من عام 1976 و حتى عام 1980 ثم انتخب
رئيساً لمجلس إدارتها و نقيباً
للمهندسين في نفس العام ، حيث
ترك هذا المنصب لسفره للدراسة
في أمريكا و مصر ، و بعد عودته من
هناك تم انتخابه عضواً لدورتين
متتاليتين و جرى اعتقاله في عام
1989 ، و هو يحمِل هذه الصبغة ، و
بعد الإفراج عنه في عام 1997 ،
أعيد انتخابه رئيساً لمجلس
إدارة الجمعية و نقيباً
للمهندسين حتى اللحظة . و أثناء
عمله في التدريس في جامعة
النجاح كان له دور بارز في توجيه
الحركة الطلابية و النقابية في
الجامعة لتكون في موقع الريادة
للمجتمع الفلسطيني في مواجهة
المحتلين . و بعد
عامٍ تقريباً من إغلاق الجامعة
مع بداية الانتفاضة استقال من
الجامعة في أواخر عام 1988 و عمل
مهندساً في وكالة الغوث حيث
مارس عمله النقابي هناك حتى
اعتقاله في أيار (مايو) لعام 1989م
. ومنذ
عام 1976 ساهم الشهيد أبوشنب في
تأسيس الجمعية الإسلامية بغزة ،
و التي واكبت ظهور المجمع
الإسلامي و كان له دور رئيس في
استقطاب الشباب الفلسطيني و
إنقاذهم من وحل الاحتلال الذي
كان يحاول أن يدمّر أخلاقهم
الأمر الذي اعتبر رافداً هاماً
من روافد اندلاع الانتفاضة
المباركة حيث كان للجمعية
نشاطات اجتماعية و ثقافية و
رياضية ..الخ ، و هو كان حتى
استشهاده محاضراً في كلية
الهندسة بالجامعة الإسلامية
بغزة ، و رئيس كلية العلوم
التطبيقية في الجامعة . و قد
تأثّر الشهيد أبو شنب بالشيخ
الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة
"حماس" منذ كان صغيراً ،
حيث كان يسكن في نفس مخيم الشاطئ
الذي يقطن فيه الشيخ ياسين
آنذاك حيث كان الأخير و رغم
إعاقته الجسدية دائب الحركة و
النشاط و كان له تأثير واضح و
كبير في الحياة الاجتماعية و
الثقافية للمخيم ، و في نهاية
الستينيات تعرّف على العمل
الإسلامي من خلال الشيخ ياسين ،
حيث قويت هذه الروابط حينما
ساهم أبو شنب بتأسيس الجمعية
الإسلامية التي كانت امتداداً
للمجتمع الإسلامي الذي كان يرأس
إدارته الشيخ أحمد ياسين في ذلك
الوقت. و عرف
أبو شنب بالاعتدال في مواقفه
وآرائه، وكان له دور مهم في
إنجاح مبادرات الحوار الوطني
الفلسطيني والذي أسفر عن إعلان
هدنة شهدتها الساحة السياسية. و كان
له دور مهم خلال الأحداث
المؤسفة التي وقعت بين
التنظيمات الفلسطينية في عام 1986
في قطاع غزة حيث تداعت المؤسسات
و الهيئات الأهلية في القطاع
لوأد الفتنة و تم اختيار
المهندس إسماعيل أبو شنب عضواً
في لجنة الإصلاح المنبثقة عن
هذا التجمّع و قد أدّت اللجنة
دوراً طيباً في تصفية الأجواء و
تهدئة الخواطر . كما لعب
أبو شنب خلال الانتفاضة الأولى
دوراً مميزاً في قيادتها منذ
الشرارة الأولى لاشتعالها و ظلت
بصماته واضحة عليها حيث و منذ
اليوم الأول الذي اندلعت فيه
الانتفاضة كلّفه الشيخ أحمد
ياسين بمسؤولية قطاع غزة في
تفعيل أحداث الانتفاضة و كان
نائباً للشيخ ياسين ، و عمل منذ
اليوم الأول في الانتفاضة على
متابعة كافة الأحداث التي تقوم
بها حماس و عمل على تقوية هذه
الثورة من خلال عوامل كثيرة و
تطوير أساليبها حتى لا تقتصر
على الحجر فحسب ، أيضاً عمل على
تنظيم الأجهزة المتعددة للحركة
و ترتيبها و تفرّد كلّ جهاز
بعمله الخاص حتى اعتقل في إطار
الضربة التي وجهتها المخابرات
الصهيونية لحركة حماس و كان ذلك
بتاريخ 30/5/1989م ، و قد أفرج عنه
بتاريخ2/4/1997م
جهاد في معتقلات العدو و لم
يتوقّف أبو شنب عند اعتقاله عن
العمل فهو و منذ اللحظة الأولى
لاعتقاله أدرك أنه انتقل إلى
مرحلة جديدة في العمل الجهادي و
هيّأ نفسه جيدا لهذه المرحلة و
كان مدركاً تماماً أن البداية
ستكون صعبة جداً و فعلاً أخضع
للتحقيق من قبل المخابرات
الصهيونية في سجن الرملة و عذّب
عذاباً قاسياً لمدة ثلاثة شهور
و بعد هذه الفترة من التعذيب تم
نقله إلى زنازين العزل في نفس
السجن ظلّ فيها مدة 17 شهراً لم
يرَ النور فيهم ، و من ثم و في
عام 1990 و بعد انتهاء فترة العزل
أصبح ممثلاً للمعتقل في الرملة
، و قد شكّل داخل المعتقل قيادة
حركة حماس و ذلك بعد اعتقاله من
سجن الرملة إلى سجن عسقلان ، حيث
أمضى بعد ذلك باقي مدة محكوميته
البالغة ثماني سنوات قاد خلال
هذه الفترة حركته بصورة رائعة ،
حيث لم تشهد الحركة الأسيرة
قائداً مثل أبي شنب حيث خاض و
إخوانه المعتقلون إضرابين كان
لهما أثر بالغ على تحسين حياتهم
داخل السجن و حقّقوا من خلالهما
إنجازات عظيمة و ذلك في عام 1992 ،
و في عام 1995 . و لعب
أبو شنب بعد الإفراج عنه دوراً
مهماً كقائد سياسي في الحركة
حيث كان يمثل الحركة في الكثير
من اللقاءات مع السلطة و
الفصائل ، و كان يُعرَف بآرائه
المعتدلة ، و هو يرأس مركز
المستقبل للدراسات . كأن
الشهيد إسماعيل أبو شنب، قد
تحسس مسبقاً، عواقب استحقاق ما
بعد عملية القدس، في مرحلة ضياع
المعايير، وانحراف اللغة،
وطغيان الباطل وتجبره. وكأنه
أحس بأن اللغة لم تعد كافية -
وحدها - للإقناع، حتى وإن حملت
معاني التأكيد على الالتزام
بالهدنة، فتأهب لتلك اللحظة
السوداء، التي كان فيها دمه
الزكي، يكتب النداء: لا
للاقتتال الفلسطيني. ولم تثنه
تهديدات العدو المتواصلة ، فكان
أن سقط شهيدا في ساحة المعركة في
عملية إرهابية جبانة . وقد
حاولت قوات الاحتلال الصهيوني
تبرير عملية الاغتيال باتهام
أبو شنب بأنه كان يخطط لهجمات
على الاحتلال. وأعلن مسؤول
صهيوني ، آنذاك ،
أن أبو شنب الذي يعتبر الرجل
الثالث في حماس "كان يخطط
لهجمات إرهابية انطلاقا من غزة".
و زعم أنه "بمقتل أبو شنب ننقذ
أرواح العديد من المدنيين
ونتفادى خسائر كثيرة". واعتبر
المسؤول الصهيوني أن "حماس
اتخذت قرارا استراتيجيا قبل
أسبوعين بإعطاء ضوء أخضر لتنفيذ
هجمات إرهابية بينما كانت تؤكد
أنها تسعى إلى احترام الهدنة".
غير أن
هذه المزاعم لقادة الإرهاب
الصهيوني لم تقنع أيا من الجهات
الدولية لاسيما أن أبو شنب معرف
بأنه رجل سياسي من الدرجة
الأولى و كان له دور كبير في
حدوث الهدنة لكنه في الوقت نفسه
متمسك بالمقاومة ضد الاحتلال. و دعت
كتائب القسّام كافة خلاياها
المجاهدة في فلسطين بالرد
السريع بقوة ، و استهداف جميع
أركان الدولة العبرية . كما
أدانت الصمت العالمي الفاضح
إزاء الممارسات الصهيونية ، و
صمتهم المشبوه على الخروقات
اليومية التي مارسها الصهاينة
خلال فترة الهدنة . و قال
متحدث باسم حركة الجهاد
الإسلامي : " إن رئيس الحكومة
الصهيونية آرئيل شارون و وزير
حربيته شاؤول موفاز ، سيتحمّلان
المسؤولية عن النتائج الصعبة
المترتبة على اغتيال إسماعيل
أبو شنب ، أحد القادة السياسيين
البارزين في حركة المقاومة
الإسلامية "حماس، وأن
الحكومة الصهيونية فقدت عقلها ،
و لا تفرّق بين قائد سياسي و بين
حامل السلاح " و أدانت
حركة فتح في بيانها هذه الجريمة
و حمّلت الحكومة الصهيونية كامل
المسؤولية و النتائج المترتبة
عنها ، و أضافت فتح أن "معاودة
الحكومة (الإسرائيلية) لاستئناف
سياسة و جرائم الاغتيالات بحق
القيادات و الكوادر النضالية
الفلسطينية ، يعني العودة إلى
المربع العسكري و الصدام ، و
الذي لم تخرج منه يوماً منذ
إعلان الهدنة ، و يدلل بأنها
حكومة حرب لا تريد السلام ، و
تواصل التنكر لحقوق الشعب
الفلسطيني المشروعة في الحرية و
الاستقلال الوطني الكامل" . و حمل
الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس
والديار الفلسطينية ، آنذاك ،
على سياسة العدو الصهيوني في
استهداف المجاهدين الفلسطينيين
من خلال الاغتيالات
والاجتياحات العسكرية ومصادرة
الأراضي. وقال
الشيخ عكرمة في خطبة الجمعة في
المسجد الأقصى المبارك:" إن
الاغتيالات لن تثني الشعب
الفلسطيني المؤمن المرابط في
بيت المقدس وأكناف بيت المقدس
عن حقوقهم المشروعة ولن تدفعهم
إلى التنازل عنها . ووصف
المركز الفلسطيني لحقوق
الإنسان جريمة الاغتيال البشعة
التي استهدفت المهندس إسماعيل
أبو شنب عضو القيادة السياسية
لحركة حمـاس بأنها جريمة حرب
بشعة يعاقب عليها القانون
الدولي . و كرّر
المركز في بيانٍ له دعوته
للمجتمع الدولي و الأطراف
السامية المتعاقدة على اتفاقية
جنيف الرابعة لعام 1949 بالتدخل
العاجل و الفوري لوقف
الانتهاكات المستمرة لحقوق
الإنسان و القانون الدولي
الإنساني من جانب قوات الاحتلال
الحربي الصهيوني . و
بينما كانت روح الدكتور المهندس
الشهيد إسماعيل أبو شنب تصعد
إلى بارئها ، كانت دماؤه في ذات
الوقت تصون الوحدة الفلسطينية
وتعمدها بالروح الزكية والدم
الدفاق . فالقرارات
التي اتخذتها السلطة
الفلسطينية تحت وقع التهديدات
الصهيونية والضغوطات الهائلة
التي وضعت فيها نفسها أمام
الويلات المتحدة الأمريكية
تهاوت مع وضع القاتل الصهيوني
أصبعه على زر إطلاق الصواريخ
تجاه موكب الشهيد أبو شنب في
خطوة لا يفهم منها سوى الجنون
الوحشي الصهيوني الذي يبدد آمال
من يفاوضونهم وفي ذات الوقت
يطلب منهم ما لا يطيقونه
ويقدرون عليه على الرغم من
المؤشرات التي أعلنتها السلطة
إثر عملية القدس الاستشهادية
التي كان فارسها القسامي رائد
مسك . و لقد
ظل الشهيد إسماعيل أبو شنب حتى
اللحظة الأخيرة.. وفياً لما آمن
به ، وفياً لأرضه، و لشعبه،
وفياً لفلسطين، من بحرها حتى
نهرها، ما ساوم، حتى سلم الراية
نقياً كالثلج. هؤلاء هم الرجال
الذين يدفعون ثمن مواقفهم
وقناعاتهم بدمهم لا ترهبهم
ترسانة العدو، ولا تخدعهم
أكاذيبه وترهاته، وأوهام
السلام مع كيان لقيط قائم على
الإرهاب والقتل، ونفي الآخر. رحم
الله أبا حسن، شهيداً حياً في
ضمائر الشرفاء من أبناء أمتنا
العربية . ــــــــــ *كاتب
وباحث فلسطيني ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |