-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فلسطين بين جيلين: "السلف
العدمي" و"الخلف الواقعي" عريب
الرنتاوي يبدو
أننا عربا وفلسطينيين، قد بلعنا
الطعم، وصدقنا الرواية
الإسرائيلية عن تاريخ صراعنا مع
الاحتلال والاستيطان، وبدأنا
نقر ونعترف بأن "رفضنا"
للمشاريع والمبادرات والكتب
البيضاء والسوداء والخضراء
وقرارات التقسيم وتقارير لجان
تقصي الحقائق، كان السبب وراء
"عدم التوصل إلى تسوية منصفة"،
وهو المسؤول عن استمرار الصراع
لمائة عام أو يزيد، في حين أننا
لو قبلنا "اليد اليهودية /
الإسرائيلية الممدودة للسلام
والتسويات والحلول الوسط"
لكنا انتهينا من هذا الصراع
وتداعياته الثقيلة منذ زمن بعيد. والحقيقة
المجردة، التي لا تخطئوها
العين، أننا قبل النكبة في
العام 1948 وصولا للهزيمة في
العام 1967، كنا نميل فعلا لرفض
التسويات والمشاريع التي جرى
تداولها كحل للصراع ينهي العنف
والحروب والمطالبات، لكننا
وبعد أن فقدنا الأرض والحقوق،
جنحنا للسلم والتسويات، ولم
نرفض منذ النكسة قبل 43 عاما أي
مبادرة من أي نوع، قبلنا
القرارين 242 و338، قبلنا روجرز
والنقاط العشرة ومفاوضات جنيف
وفك الارتباك والمعاهدات،
قبلنا مدريد وأوسلو وطابا و"جنيف"
وعباس بيلين وعبد ربه بيلين،
وكل ما يخطر على البال، تقدمنا
بمبادرات منزوعة الدسم تماما،
فيها استعداد مطلق للسلم
والتطبيع، وفيها إيحاءات
بالتخلي عن حق العودة، وفيما
بين سطورها زُرع الاستعداد
لتبادل الأراضي والقبول
بترتيبات خاصة للقدس، إلى غير
ما هناك من مشاريع تقزّمت معها
حقوق شعب فلسطين وكرامة الأمة
برمتها على حد سواء. لكننا
ومع كل هذا التهافت والهرولة في
اتجاه إسرائيل، لم نجد من بين
قادتها من هو على استعداد لمد
اليد، والتقدم خطوة للأمام،
وإبداء الاستعداد الحقيقي
للتسويات، الأمر الذي يدحض،
دفعة واحدة، جملة وتفصيلا،
وبجرة قلم، كل المزاعم
الإسرائيلية، وإلى حد كبير،
الغربية، حول مسؤولية "الرفض
العربي" عن تبديد فرص الحل
وابتعاد حلم السلام وتعذر تحقيق
التسويات. الخلاصة
المنطقية لهذه التجربة، هي أننا
لا يجب بحال من الأحوال أن نستمر
في جلد الذات وشتمها، وتوجيه
اللعنات للأباء والأجداد، فهم
لم يخطئوا حين رفضوا ما عرض
عليهم من مبادرات، هم أخطأوا
حين قصّروا في الاستعداد للنزال
والمواجهة، هم لم يخطئوا حين
قالوا بأن إسرائيل لا تريد
سلاما واستقرار، وأنها لا تعيش
وتزدهر خارج إطار الحروب
والاستيطان والعدوان، هم
أخطأوا حين لم يتبعوا القول
بالعمل، ولم يتصدوا بالنجاعة
المطلوبة للأحلام التوراتية
السوداء. لكن بعض
العرب، غالبية العرب، وحين أقول
العرب هنا، لا أقصد الأنظمة
القائمة وحدها، بل ومن خلفها
تيار "تيار الليبرالية
المتهافتة"، جعل ومن موقع
العجز والتخاذل والتواطؤ، من
تاريخنا "مذغة" له، ومادة
للتندر والتهكم والسخرية، مع
أنهم بمقارباتهم "البديلة"
لم يتحصّلوا على شيء قط، لم
يحرروا أرضا ولم يبنوا وطنا،
فكانوا كالمنبت لا أرضا قطع ولا
ظهرا أبقى. والمؤسف
أكثر من هذا وذاك، أن عرب اليوم،
غالبيتهم على الأقل، تتصرف من
وحي "عقدة ذنب مع التاريخ"
أو "عقدة نقص حياله"، فهم
لا يريدون مثلا أن يظهروا بمظر
المعطّل لعملية السلام، حتى وإن
اقتضى ذلك الاستمرار في مفاوضات
عبثية تحولت مؤخرا إلى مطلب ملح
لنتنياهو – ليرمان – بارك. ولكي
لا يظهروا بمظهر "القومي
العدمي"، تراهم لا يكفون عن
الهبوط عن سقف مطالبتهم يوما
بعد آخر، وجولة بعد أخرى من
جولات التفاوض المفتوحة على
الزمان والمكان. أضاع
"السلف الرفضاوي، القومومي
والعدمي" الأرض والحقوق في
معارك لم يكسب واحدة منها، وها
هو "الخلف الواقعي والعقلاني
المفتوح على عصر العولمة"
يضيّع ما تبقى من حقوق وكرامة
وماء وجه، ومن دون أن ينجح في
استرجاع أرض أو بناء وطن، وفي
الحالتين كان الضعف والانقسام
وغياب عنصر "القوة ورباط
الخيل"، هو السبب الكامن وراء
الفشل والهزيمة، فهل لنا أن
نراهن على جيل مقبل جديد، يتقن
تعلم دورس تجربة مرة وحصاد وخيم
تراكم فوق بعضه البعض حتى صارت
رائحته تزكم الأنوف. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |