-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تجربة
حماس في الحكم بقلم/
حسام الدجني* اجتمع
المطبخ السياسي لحركة المقاومة
الإسلامية "حماس" وكان
موضوع المشاركة السياسية في
الانتخابات التشريعية على
طاولة الاجتماع، فتم التصويت
على القرار، فحصلت المدرسة
السياسية التي ترغب في المشاركة
على الأغلبية، والتزم الجميع
بالقرار، وذهبت حماس واحدة
موحدة إلى الانتخابات
التشريعية في 25/1/2006م، وحصلت على
أغلبية نيابية (74 مقعداً) وبدأت
التجربة. كانت
حماس تعلم أن الطريق لن تكون
مفروشة بالورود، فهي لديها
قراءة كافية للبيئة الدولية
والإقليمية، وهي تعلم علم
اليقين أن خصومها السياسيين
وتحديداً حركة التحرير الوطني
الفلسطيني "فتح" التي
هيمنت على النظام السياسي
الفلسطيني لأكثر من 38 عاماً
سواء كان ذلك عبر منظمة التحرير
أو السلطة الفلسطينية، لن تكون
جاهزة من كل النواحي لتسليم
الحكم والسلطة إلى حركة حماس. اجتهدت
حماس وعملت بكل طاقاتها من أجل
نجاح تجربتها السياسية، فأصابت
وأخطأت، كسبت وخسرت، استفادت
وفادت، ولكن الرباعية الدولية
والمحيط الإقليمي، وحتى حركة
فتح لم تقرأ المعادلة بالشكل
الصحيح، وكان جل همهم هو إفشال
تجربة حماس بالحكم، خوفاً من
تمدد الإسلاميين إلى دول
الإقليم المحيط.
قد يكون هذا التخوف مشروعاً
من نواحي عديدة، فالأنظمة
الشمولية في الشرق الأوسط تلبي
مصالح الدول الكبرى بشكل كامل،
وهي تخشى على مستقبلها السياسي،
ولكن على المدى الاستراتيجي قد
يكون تقييم المجتمع الدولي
خاطئاً، لأن وجود حركات الإسلام
السياسي في الشرق الأوسط هي
الحاضنة للجماهير العربية
المسلمة، لأن البديل عن حركات
الإسلام السياسي هو الفكر
المتشدد والذي يمثله بوضوح في
مرحلتنا تنظيم القاعدة، فعدم
الاعتراف بالديمقراطية التي
تفرز الإسلاميين في المنطقة
ستنعكس بالسلب على مصالح الدول
الكبرى في المنطقة، لأن فرض
الحصار، وازدياد معدلات
البطالة والفقر في المجتمعات
العربية والإسلامية، سيولد
نتائج عكس ما تتمناه الدول
والأنظمة، وقد تنفجر الأمور في
أي لحظة في وجه الظلم والعدوان
والاستكبار. نعود
إلى حركة حماس في فلسطين والتي
أعلن أحد قيادييها صلاح
البردويل عن صعوبة المزاوجة بين
العمل السياسي والعمل المقاوم،
وهو اعتراف صريح بعدم قدرة حماس
بممارسة المقاومة بجانب ممارسة
الحكم في البيئة السياسية
الفلسطينية، وهذا صحيح، وقد
يفرح الكثيرون من هذا
التصريح كونهم راهنوا منذ
البداية على فشل هذا الخيار،
وفي قراءة سريعة لما بعد تصريح
الدكتور البردويل نطرح التساؤل
التالي: ماذا بعد ذلك؟ هل حماس
ستستمر بالحكم؟ أم ستعود إلى
مربع مقاومة الاحتلال؟ وهذا
السؤال موجه إلى المجتمع
الدولي، الذي يرغب في تمرير
تسوية سياسية في هذه المرحلة،
ليتفرغ إلى التحديات الأكبر
كملف إيران النووي، أو ملف
الإرهاب الدولي. اعتقد
أن الإجابة عن ذلك تحمل مؤشرات
هامة وخطيرة، فحماس تمارس الحكم
في ظل حصار، وتتحمل عبء مليون
ونصف المليون نسمة في قطاع غزة،
لذلك من وجهة نظري أن حماس ترى
في ذلك حكم ناقص، فالمساعدات
الدولية تذهب إلى السيد محمود
عباس وحكومته في رام الله، لذلك
حماس قد تعاني من صعوبة في
التمويل، وهذا المؤشر يعطي
نتيجة تجزم أن حماس قد تعود إلى
مربع المقاومة، وبذلك ستكون
البيئة السياسية غير مواتية
للمفاوضات، بل قد يصل الأمر إلى
اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة
الغربية، قد تهدد حكم الرئيس
الفلسطيني محمود عباس ورئيس
وزرائه سلام فياض، وقد تمتد
تداعيات ذلك إلى دول الإقليم. لذلك قد
تبحث حماس عن مخرج، وقد يلبي
التوقيع على الورقة المصرية هذا
المخرج، وقد يعتقد البعض أن
عودة الأجهزة الأمنية التابعة
للرئيس محمود عباس إلى قطاع غزة
قد يسيطر على حماس، أعتقد من
يراهن على ذلك هو مخطئ، فحماس لو
عادت إلى مربع المقاومة، ستكون
أقوى وستلتف الجماهير
الفلسطينية حولها، وستغيب
الظواهر الطارئة التي خرجت
مؤخراً من رحم حماس مثل جلجلت
وغيرها، فبقاء حماس في الحكم
مصلحة فلسطينية وإقليمية
ودولية. فحماس
جزء أساس في النظام السياسي
الفلسطيني، ويضم في صفوفه مئات
النخب السياسية والخبراء
والمثقفين ورجال الدين
والعلماء، فلن تنجح أي تجربة
سياسية مستقبلية في الحكم بدون
حماس، وهذه المعادلة يعلمها
القاصي والداني. نحتاج
إلى مئات الصفحات عند تقييم
تجربة حماس في الحكم، ولكنن
أكتفي بذلك واكتب بعض التوصيات
إلى حركة المقاومة الإسلامية
حماس: 1-
التوقيع على الورقة المصرية
فوراً، والذهاب إلى انتخابات
رئاسية وتشريعية ومجلس وطني
مهما كانت النتائج ولكن بشرط
ضمان نزاهتها. 2-
عدم مشاركة الصف القيادي
لحماس في أي حكومة فلسطينية
مستقبلية، ودعم مستقلين
مواليين للحركة، والاكتفاء
بالرقابة الإدارية من خلال
المجلس التشريعي. 3-
إعادة الاعتبار لبرنامج
المقاومة، وقيادة حركات
المقاومة الفلسطينية ضمن
إستراتيجية موحدة ورؤية وهدف
واضح. 4-
إعادة الاعتبار للفكر
الدعوي وأسلمة المجتمع. 5-
إبقاء كوادر وعناصر الحركة
في الجسم الحكومي، لأن ذلك يخفف
من أعباء الحركة المادية، ويقدم
خدمة للمواطن الفلسطيني. 6-
إعادة تقييم التجربة من كل
جوانبها واتخاذ القرارات
الملائمة لذلك. أعتقد
أن المجتمع الدولي سيزحف من أجل
بقاء حماس في الحكم، لأن
المقاومة ستكلف إسرائيل ثمناً
باهظاً، وستقوض مشاريع ومصالح
الدول في المنطقة، وستعيد
معادلة توازن الرعب، فلا
إسرائيل ولا المجتمع الدولي ولا
المحيط الإقليمي ولا حتى السيد
محمود عباس يرغب في ذلك، أعتقد
أن إعلان حماس على لسان
البردويل ستدفع المجتمع الدولي
لاتخاذ قرارات دراماتيكية
لصالح بقاء الحركة في الحكم في
المرحلة الراهنة، قد لا تكن
معلنة، وقد تكون على شكل
تسهيلات وتخفيف من الحصار وفتح
معبر رفح بشكل متقارب، وقد تكون
أكبر من ذلك. ـــــــ *كاتب
وباحث فلسطيني ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |