-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القدس..."أم
المعارك" عريب
الرنتاوي حرب
إسرائيل المفتوحة على القدس،
تستدعي ردا فلسطينيا وعربيا
مغايرا، ذلك أنها تختصر أو
تكاد، الصراع الفلسطيني –
الإسرائيلي والعربي
الإسرائيلي، بمختلف صفحاته
ورموزه وميادينه، وستتوقف على
مصائر هذه الحرب وطريقة حسمها،
وهوية الطرف المنتصر فيها،
مصائر هذا الصراع التاريخي
بمجمله. منذ 42
عاما، وتماما مثلما قال نتنياهو
بالأمس من على منصة الكنيست
بالأمس، وأعمال الضم والتهويد
وتغيير المعالم والملامح
مستمرة بنهم وكثافة، برغم
اختلاف الحكومات وتعاقبها، بل
أن المفارقة التي يعرفها خبراء
الشؤون الإسرائيلية تؤكد أن
شهية إسرائيل للاستيطان "تتفتح"
في زمن حكومات العمل و"معسكر
السلام"، وربما بأكثر مما
يصبح عليه الحال حين يأتي
اليمين للسلطة، ومن يراجع تجربة
حكومة أولمرت التي يشتاق لها
كثيرون من العرب والفلسطينيين،
لن يصعب عليه الوصول إلى هذه
الخلاصة واجتراح ذاك الاستنتاج. معالم
دينية إسلامية ومسيحية وأخرى
تاريخية عربية وثالثة تراثية
فلسطينية، يجري طمسها بالكامل،
حتى المسجد الأقصى التي قوّضوا
الأرض من تحته وجوّفوها تماما،
يتعرض بدوره إلى أبشع محاولة
طمس، تطاله وتطاول قبة الصخرة
المشرفة القائمة في صحنه، وما
"كنيس الخراب" الذي طاول
المسجد والقبة معا، سوى محاولة
لتخريب صورة القدس ومحو المكانة
الخاصة لقبتها الذهبية، وفرض
البصمة اليهودية على طابع
المدينة الخاص. لقد
تعهد نتنياهو الاستمرار في
عمليات البناء الاستيطاني في
القدس، برغم التحفظ الأمريكي
والدولي، فالقدس
عنده من دون سلام، أهم من السلام
من دون القدس، شأنه في ذلك شأن
أسلافه الذين تعاقبوا على
حكومات إسرائيل منذ الرابع من
حزيران عام 1967، وهي عنده كما
كانت عندهم، العاصمة الأبدية
الموحدة لدولة الاحتلال
والاستيطان والعنصرية،
والمعركة فيها وحولها، معركة
وجود أو عدمه، هكذا كانت من قبل
وهكذا هي اليوم، وهكذا ستظل إلى
أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. حصاد
العمل الاستيطاني في المدينة
وما حولها، جاوز الربع مليون
مستوطن، موزعين على عشرات
الأحياء والبؤر والمواقع
الاستيطانية، التي تكبل
المدينة وتحيط بها من جهاتها
الأربع، وتجعل أصحابها وسكانها
الأصليين من العرب الفلسطينيين
فيها، أقلية ضيئلة محاصرة،
مهددة بالاقتلاع والتبديد
والتهجير، وقد لا يمر زمن طويل
قبل أن يصبح حالها، كحال ما تبقى
من يافا عروس الساحل الفلسطيني،
بل والساحل الشرقي للبحر
المتوسط برمته، إذا ما قورنت
بجارتها تل أبيب. لم يعد
الصمت على ما يجري في القدس
وحولها ممكنا، ولم تعد الهتافات
والشعارات وحدها تجدي نفعا،
والهجمة الاستيطانية –
التهويدية الأخيرة على
المدينة، تستلزم ردود فعل خارجة
عن مألوف "الفزعات اللفظية"
الفلسطينية والعربية، ليس لأن
للمدينة طابعها الديني المقدس
فحسب، بل وبالنظر لقدسيتها
الوطنية والقومية كذلك، ولم يعد
مرضيا الاكتفاء بـ"الرد
الآلي المسجل" على المواقف
الإسرائيلية من نوع: أنها تهدد
عملية السلام وتقوّض آخر فرصه
ومساعيه، إلى آخر ما في
الاستطوانة المشروخة "إياها"
من رطانة لا تجلب نفعاً ولا تدرء
ضرا، المطلوب فلسيطنيا رد بحجم
القدس والأقصى والعاصمة
الأبدية للدولة الفلسطينية،
والمطلوب عربيا وإسلاميا رد
بحجم أولى القبلتين والعهدة
العمرية وكل ما في الذاكرة
والتاريخ من رموز ومعان. أما ما
هو الرد وكيف يمكن أن يكون شكله
وحدوده، فذلك ما يتعين على
مؤسسات صنع القرار الفلسطيني
والعربي التداعي لتدارسه
وتقريره، وهل ثمة أهم من القدس
لكي يصار إلى تجاوز حالة
الانقسام من أجلها، ولكي تتداعى
المؤسسات لعقد اجتماعات
ومؤتمراتها الطارئة
والاستثنائية، وبالطبع خارج
الضفة وبعيدا عن سياقات "التنسيق
الأمني" وترتيبات الـ"VIP". أما
عربيا، فثمة قمة في الأفق،
يتعين عليها أن تعيد النظر في
استراتيجية العرب وبدائلهم،
بدءا بالتخلي عن الشعار الساذج:
"السلام خيار استراتيجي وحيد"
وإحلال شعار "استرداد الحقوق
هو الخيار الاستراتيجي الأوحد"
محله، مرورا بجلب الفلسطينين من
مختلف الفصائل عنوة إلى بيت
المصالحة الوطنية الفلسطينية،
وتحت مظلة الجامعة والقمة،
بعيدا عن "الوساطات العبثية"
أو "الوكالات الحصرية"
لهذه العاصمة أو تلك، وانتهاء
بإعادة النظر في منظومة
العلاقات العربية – الدولية
ومن على قاعدة تقول بأن مواقف
الدول الأجنبية من القضية
الفلسطينية والصراع العربي
الإسرائيلي هي البوصلة المقررة
لوجهة واتجاه علاقاتها مع
العالم العربي، فضلا عن إعادة
الاعتبار لمختلف أوراق القوة
وأسلحة الاقتدار العربية
الدبلوماسية والاقتصادية
والنفطية وغيرها. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |