-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عن
"الانتفاضة الثالثة" قبل
اندلاعها عريب
الرنتاوي الفلسطينيون
الذين لا يريدون "انتفاضة
ثالثة" في الضفة، لا يعرفون
في المقابل ماذا يريدون، فهم
كالغراب الذين حاول تقليد
الحمامة، نسي مشيته ولم يتقن
مشيتها، لم يظلوا مناضلين ورجال
ثورة كما كانوا، ولم تمكنهم
إسرائيل – فضلا عن أسباب أخرى –
من أن يصبحوا رجال دولة، أضاعوا
الثورة ولم يأتوا بالدولة،
وبقيوا عالقين في نظرية
"المفاوضات حياة"، أو كما
قال أحد القراء الأعزاء، ما
انفك هؤلاء يرددون سورة:
"ولكم في المفاوضات حياة يا
أولي الألباب"، حتى وإن كانت
مفاوضات من أجل المفاوضات،
ومفاوضات عبثية تستكمل بعد
تعثرها، بأخرى لا تقل عبثية
عنها. هؤلاء
نعرفهم جيدا، هم الذين نشروا
"قواتهم المسلحة" على طول
وعرض نقاط التماس المحتملة في
الضفة الغربية، لمنع الشبّان
الغاضبين من الاشتباك مع جنود
الاحتلال...هم الذين "صادروا
غضب الضفة" فلم تنتصر لغزة
ولم تنتصر للقدس ولم تنتصر
للأقصى، والأهم أنها لم تعد
تنتصر لنفسها، وهي المستباحة
بالعدوانات والاعتقالات
والجدران والاستيطان والحواجز
على أنواعها، ولقد استحق هؤلاء
الشكر والثناء مرات عدة، من قبل
خصوهم قبل أصدقائهم، وآخر أيات
الثناء والتقدير تلك التي صدرت
عقب هبة القدس في يوم الغضب أمس
الأول، وعلى ألسنة كبار رجال
الأمن الإسرائيليين الذين
أراحهم نظرائهم الفلسطينيين من
مغبة الاشتباك والمطاردة
والملاحقة. والفلسطينييون
الذين يريدون "انتفاضة
ثالثة" ويستعجلونها، لا
يعرفون ماذا سيفعلون بها صبيحة
اليوم التالي، ولا إلى أين
ستأخذهم أو أين سيأخذونها، هم
في الأصل لم يتوقفوا أمام دروس
الانتفاضتين الأولى والثانية،
هم لم يقررا شكل المقاومة
والكفاح وأدواته، هم لم
يتساءلوا عن "قدرة الضفة"
على إشعال انتفاضة ثالثة، وأي
انتفاضة وبأي أدوات، هم لم
يسألوا أنفسهم هم بالذات، لماذا
توقفت أو تكاد تتوقف مقاومتهم
المسلحة في الضفة الغربية، وهل
السبب عائد لـ"سلطة
دايتون" وتنسيقها الأمني
الكريه مع الاحتلال، أم أن في
الأمور أمور، ووراء الأكمة ما
وراءها، وما الذي ينتظرنا فعلا
وراء الأكمة، هل ضاقت الضفة على
خيار الكفاح المسلح بعد الحواجز
والجدار وإعادة الاحتلال
و"التنسيق الأمني"، ماذا
يجري وكيف حصل هذا ومن المسؤول
وكيف يمكن الخروج من مأزق الوضع
الراهن، وبأي اتجاه وصوب أي
أفق، أسئلة وتساؤلات يجيب عليها
هذا الفريق عموما بعبارة واحدة:
التنديد بسلطة الحكم الذاتي
وأجهزة دايتون والتنسيق
الأمني، وهو اختزال أقل ما يمكن
أن يقال فيه، بأنه مُخلّ ولا
يشفي غليلاً معرفياً، ومن دون
التقليل بالطبع، من شأن
المبررات والأسباب والذرائع
(أحيانا) التي تساق في تبرير
أزمة الكفاح الفلسطيني في
الضفة. نحن في
الحقيقة نريد للجدل حول
"الانتفاضة الثالثة" أن
يندلع قبل أن تندلع الانتفاضة
ذاتها، لتكون نتائجه وخلاصاته
ودروسه المستقاة من مستودع
التجارب التاريخية الهائل
للشعب الفلسطيني، نبراسا هاديا
و"خريطة طريق" تخرج
الفلسطينيين فعلا من نفق
المراوحة والانقسام والضعف
أمام واحدة من أشرس الهجمات
الاستيطانية / الإحلالية
والتوسعية الإسرائيلية التي
تتعرض لها الضفة والعاصمة
الأبدية للدولة الفلسطينية منذ
أن خضعت للاحتلال عام 1967،
نريدها انتفاضة لا تعيدنا سنوات
إلى الوراء، فتخرجنا من نفق
لتدخلنا في آخر أكثر طولا وأشد
ظلاما، نريدها انتفاضة نقوى على
تحملها وحمل أعبائها لا انتفاضة
ننوء بأحمالها وأعبائها...نريد
حوارا حقيقيا يتخطى التراشق
بالاتهامات للبحث عمّا هو جوهري
ومشترك وموحد وكفيل بإخراجنا من
عنق الزجاجة... نريد قراءة
للأحداث والتطورات تخرج بها عن
الوظيفة التي قررناها لها سلفا،
ومن خنادقنا المتقابلة، بوصفها
شاهدا على "خيانة" أحدنا
وتواطئه، ودليلا على
"عمالة" الأخر وارتباطه
بمحاور وعواصم إقليمية، نريد
قراءة للأحداث تعيد إدراجها
وترتيبها في سياقها الطبيعي،
كحلقات متصلة في مسلسل عدواني
تمارسه إسرائيل بيد حرة وطليقة،
تعيث هدما للمنازل وتجريفا
للمزارع وتقتيلا في الأرواح
البريئة. قبل أن
نصدر الأوامر للجند بقطع الطريق
على أية انتفاضة أو مقاومة،
علينا أن نتبصر في خيار
المفاوضات والسلام الذي انتهى
إلى غير رجعة، كما تشير لذلك
كافة الدلائل والقراءات،
وعلينا أن نفكر ولو لمرة واحدة،
في الكيفية التي سنرفع بها كلفة
الاحتلال الرخيص لأرضنا
وحقوقنا ومقدساتنا...وقبل أن
ندعو لانتفاضة ثالثة
ونستعجلها، علينا أن نفكر بما
نحن مقبولين عليه، فمن السهل
إدخال الفيل في دكان لبيع الخزف
والزجاج، ولكن من الصعب إقناعه
بعدم "تكسير" مقتنياته،
والانتفاضة الثالثة التي
يستمطرها البعض منا، يجب أن
تكون في مواجهة الاحتلال وبهدف
كنسه، لا أن تصبح قبل اندلاعها
وعند اندلاعها وبعد توقفها،
أداة من أدوات تأجيج الخلاف
الداخلي، ووسيلة لتصفية
الحسابات وتسويتها، وحجة
نستخدمها لتبادل المناكفات
والنكايات والاتهامات. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |