-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ما
الذي جاء به ميتشيل إلى
المنطقة؟! عريب
الرنتاوي يجول
الموفد الأمريكي لسلام الشرق
الأوسط على عواصم المنطقة
ويلتقي بقادتها، والهدف كما هو
واضح، وصلُ ما انقطع من جهوده
إثر ما بات يعرف بـ"أزمة
رامات شلومو" التي اندلعت بين
واشطن وتل أبيب، وهو – أي
ميتشيل- يأمل في تسويق وتسويغ
إجابات بينيامين نتنياهو على
"أسئلة/شروط" واشنطن
الثلاث التي أشهرت في وجهه بعد
أن وجّه صفعته الأشد إلى وجه
نائب الرئيس جو بايدن، وألحق
بالدولة الأعظم، إهانة من
العيار الثقيل، وفقا لوصف
المسؤولين الأمريكيين أنفسهم. واشنطن
تبدو متفائلة بفرص نجاح موفدها
في إقناع محاوريه الفلسطينيين
والعرب بأهمية البضاعة التي
سلّمها نتنياهو إلى كلينتون في
آخر اتصال هاتفي بينهما، قبل أن
تطفئ الأخيرة الضوء الأحمر الذي
أشعلته في مهاتفة سابقة مع رئيس
وزراء إسرائيل، وتشعل الضوء
الأخضر لزيارته لواشنطن ولقائه
بها أمس، و"قمته" المنتظرة
اليوم مع أوباما اليوم في البيت
الأبيض. لقد
انتهت الأزمة، وثبت أنها سحابة
صيف أو زوبعة في فنجان، وغالباً
من دون أن يتقدم نتنياهو بأي
تنازل جوهري من تلك النوعية
التي طلبتها زعيمة الدبلوماسية
الأمريكية، وأهمها على الإطلاق
وقف الاستيطان في القدس
الشرقية، بدلالة أن نتنياهو
نفسه قال بأن البناء القدس
كالبناء في تل أبيب، مستمر
وسيتواصل، وأنه لن يكف عن فعل ما
كان يفعله أسلافه منذ 42 عاما ومن
دون انقطاع، ليأتي بعد ذلك أحد
كبار حزبه سيلفان شالوم للحديث
عن اسئناف البناء قريبا في
"رامات شالوم"، وليعود
إيلي يشاي وزير داخليته من حركة
شاس، للتعهد باستئناف البناء مع
حلول أيلول القادم، موعد انتهاء
مهلة تجميد المستوطنات التي
قطعها نتنياهو على نفسه. كلمة
السر لم تصدر عن نتنياهو إذن،
والاستيطان لن يتوقف، وفي أحسن
الأحوال، فإن من المتوقع أن
يطرأ بعض التباطؤ على الأنشطة
الاستيطانية في المدينة، أو
تتواصل من دون إعلان، أو أن تعلن
في توقيت لا يتزامن مع وجود
مسؤولين أمريكيين كبار في
إسرائيل أو المنطقة، هذه هي
التفاهمات الأمريكية –
الإسرائيلية التي يروج لها
ميتشيل في المنطقة، على أمل أن
يقنع قادتها، بأن الأمور على ما
يرام، وأن "غرف مفاوضات
التقريب غير المباشرة" قد
باتت جاهزة لاستقبال النزلاء من
الجانبين، وعلى الأغلب بقيادة
صائب عريقات عن الجانب
الفلسطيني وإسحق مولكو عن
الجانب الإسرائيلي كما تقول
الصحافة العبرية. ولتغليف
هذا التعنت والصلف الليكوديين،
وكتعبير عن الرغبة في تفادي كسر
إرادة زعيم الدولة الأعظم للمرة
الثانية في غضون أشهر معدودات،
رضخ نتنياهو لمطالب واشنطن
باتخاذ إجراءات بناء ثقة، لم
يكشف عنها بعد، بيد أنها لا تخرج
كما تقول المصادر، عن مألوف
الإجراءات الإسرائيلية في مثل
هذه الأحوال: الإفراج عن دفعة من
المعتقلين الذين شارفوا على
إنهاء محكومياتهم...رفع بعض
الحواجز أو تغيير
مواقعها....إدخال بضعة شاحنات
إضافية إلى غزة تحت راية
الأونروا أو غيرها من منظمات
الإغاثة العالمية، وهذا سيحصل
قريبا، وهو حصل من قبل وسيحصل من
بعد، طالما أن بالإمكان وفي كل
لحظة، إضافة مئات المعتقلين إلى
قائمة السبعة آلاف أسير، وطالما
أن إعادة نشر الحواجز أكثر
سهولة من انتزاعها، وطالما أن
إدخال عدة شاحنات من الأغذية
والوقود لن تخرج قطاع غزة من
غرفة العناية الحثيثة التي
دخلها منذ حرب الرصاص المصبوب
على رؤوس أبناء القطاع المنكوب
وبناته. بضعة
أشهر، انهزمت الإرادة
"الطيبة" للرئيس أوباما
أمام تعنت نتينياهو صلفه، ونزلت
واشنطن عن الشجرة، وقبلت
باستئناف المفاوضات من دون وقف
كامل الأنشطة الاستيطانية،
ونجح موفد أوباما إلى المنطقة
في إقناع الفلسطينيين والضغط
على العرب ليضغطوا بدورهم على
الفلسطينيين للتخلي عن شرط
تجميد كامل الأنشطة
الاستيطانية، وتفتق ذهن الوسيط
الأمريكي عن نظرية "مفاوضات
التقريب غير المباشرة"، ورضخ
العرب والفلسطينيون وقدموا
تنازلا جديدا على طريق طويل
مفروش بالتنازلات، وممتد منذ
سنوات وعقود. واليوم،
ينجح نتنياهو في صد الهجمة
الأمريكية المرتدة، ويخرج
بصفقة مع البيت الأبيض، ظاهرها
رضوخ إسرائيلي وانحناءة أمام
عاصفة الغضب الأمريكي، أما
جوهرها فلا تعديل أو تبديل
جوهريين على مواقف تل أبيب من
مسألتي الاستيطان والقدس على
وجه التحديد، وها هو ميتشيل
يطوف العواصم ذاتها، ويلقتي
القادة أنفسهم، ويعيد إنتاج
السيناريو ذاته: إقناع العرب
بأن ليس بالإمكان أبدع مما كان،
وسيكون لميتشيل ورئيسه
وإدارته، ما تريد، وسيرضخ العرب
مرة أخرى، وسترضخ القيادة
الفلسطينية وتعاود مزاولة
هوايتها المفضّلة، المفاوضات
التي لا ملجأ منها إلا إليها،
وستنتهي قريبا لعبة شد الحبال
واستعراض العضلات، وستذهب
زوبعة جو بايدن جفاء أما ما
سيمكث على أرض القدس الشرقية
فهي مستوطنة رامات شلومو، تماما
مثلما ذهبت زوبعة كلينتون
(الزوج) وأولبرايت قبل أكثر من
عشر سنوات، وظلت مستوطنة هار
حوما جاثمة على صدر جبل أبو
غنيم. لسنا
نرجح "لعبة تبادل أدوار"
بين واشنطن وتل أبيب، ونكاد
نجزم بأن حل أزمة الشرق الأوسط
بصورة "معقولة" هي في صميم
رغبة وإرادة أول ساكن أسود
للبيت الأبيض، ولا يساورنا شك
في أن إدارة أوباما تسعى في
إحداث تغيير على حكومة نتنياهو
– تعديل أو تغيير وزاري بلغة
السياسة الأردنية المحلية –
كما لا يساورنا شك بأن الأوامر
صدرت من تل أبيب لخلايا اللوبي
اليهودي النائمة في واشنطن
ونيويورك للتحرك على عجل
لمحاصرة أوباما في مهده وحزبه
وعاصمته، فالعلاقة بين
الحليفتين الاستراتيجيتين ليست
من النوع "السهل"، وهي
تحتمل المناوشات والاشتباكات
وعض الأصابع واليدين، ولا يمكن
اختصارها بالعبارات والتقييمات
الدارجة على الألسن، لكنها مع
ذلك علاقات عميقة وثابتة
واستراتيجية الطابع، وغالبا ما
تميل كفتها لصالح إسرائيل، وما
الاستثناء هنا إلا تكريسا
للقاعدة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |