-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ما
بعد تهويد القدس ؟! عريب
الرنتاوي يحذر
القادة العرب والفلسطينيون من
خطر "تهويد القدس" باعتبار
ما قد يكون، مع أن المعطيات على
الأرض، تشير إلى أن المدينة
المقدسة، أولى القبلتين وثالث
الحرمين الشريفين، عاصمة
الدولة الفلسطينية العتيدة، قد
"تهوّدت" بالفعل، وهي تلج
الآن عتبات مرحلة ما بعد
التهويد، وتأخذ يوما بعد آخر،
شكلها النهائي كـ"عاصمة
موحدة" للدولة العبرية. يتحول
العرب الفلسطينيون إلى أقلية في
مدينتهم، فالمستوطنون لأحياء
ومناطق وقرى محسوبة على القدس
الشرقية وتتبع لها إداريا، لا
يقل عددهم عن الربع مليون
مستوطن، في حين بالكاد يبلغ عدد
سكان المدينة الأصليين المائتي
ألف مواطن، يعيشون في "جيتوات"
و"معازل"، ويرزحون تحت نير
التهديد الأمني والاقتصادي
المعيشي، وتضيق بهم بيوتهم في
ظل امتناع الإدارة الاحتلالية
عن الترخيص لهم ببناء وحدات
سكنية تستوعب نموهم الطبيعي، بل
ولجوئها إلى تشريدهم وتهجيريهم
ودفعهم لهدم منازلهم – غير
المرخصة – بأيديهم وعلى نفقتهم. حرب
التطويق الاستيطانية التي
شُنّت على المدينة منذ احتلالها
عام 1967 سارت على محاور أربعة:
الأول، ويهدف إلى تطويق البلدة
البلدة القديمة والكلومتر
المربع الذهبي – المقدس،
والثاني ويهدف إلى تهويد
الأحياء العربية ومحاصرتها
بالبؤر والمستوطنات داخل
الحدود البلدية للمدينة،
والثالث ويهدف إلى إذابة وتهديم
القرى العربية المجاورة
للمدينة وبناء مستوطنات كبرى
على أنقاضها وعلى حساب أراضيها،
والرابع ويهدف إلى تقطيع أية
صلة بين القدس ورام الله والقدس
وبيت لحم، مقابل ربط المدينة
بالمستوطنات المحيطة بها
وبمناطق "داخل الخط الأخضر". ترتب
على هذه السياسة، تهجير ألوف
العائلات المقدسية ومصادرة
عشرات ألوف الدونمات، وتوسيع
القدس الكبرى لتلتهم ما يعادل
ربع الضفة الغربية، ناهيك
بالطبع عن تكثيف عمليات البناء
وشق الطرق الاستيطانية وتخصيص
مناطق كحدائق ومحميات لمنع
أصحابها الفلسطينيين من
إشغالها، وبناء سكك حديدية فضلا
عن التوسع في بناء ما يسمى بـ"مؤسسات
النفع العام". أما عن
المقدسات الإسلامية والمسيحية
في المدينة، فحدّث ولا حرج،
فالاحتلال الإسرائيلي دشن عصره
بإشعال الحرائق وتنديس
المقدسات، وها هو يُتوّجُه
ببناء الكنس العملاقة إلى جانب
المسجد الأقصى وقبة الصخرة،
فضلا عن عشرات المشاريع المضمرة
والمعلنة، قيد الإنشاء
والمرسومة على الخرائط، والتي
ستجعل من المستحيل بعد إتمامها،
على زائر القدس أن يتعرف على
هويتها الفلسطينية والعربية
والإسلامية والمسيحية. لم يبق
في القدس سوى الأقصى كشوكة في
حلق "يهودية العاصمة"، وهو
شوكة تفكر إسرائيل في انتزاعها
بلا شك، وبأي ثمن، وربما يتم ذلك
دفعة واحدة أو على دفعتين: فإن
تقرر إتمام الأمر بضربة واحدة،
فإن هزة أرضية تحدث قضاء وقدر،
أو بفعل فاعل، كفيلة بتسجيل
الجريمة ضد مجهول، وإن تقرر
إنجازها على دفعتين، فإن
سيناريو الحرم الإبراهيمي
الشريف هو أكثر السيناريوهات
ترجيحا، كأن يجري تقسيم المسجد
إلى "غرفتين"، واحدة
للمسلمين والثانية لليهود،
توطئة لإدراج الأقصى كما الحرم
الإبراهيمي على لائحة التراث
الإنساني – الديني – اليهودي. القدس
الشرقية في إطار القدس الكبرى
والموحدة، تتجه لاحتلال مكانة
يافا الراهنة إلى جانب تل أبيب:
حي مهمل ينهض شاهدا على فقرنا
وتخلفنا و"لا حضاريتنا"
إلى جانب المدينة اليهودية
العصرية واليهوديه، ومثلما
تحوّلت يافا من عروس متوّجة
للشاطئ الشرقي للبحر المتوسط
إلى مكب نفايات ومخدرات وعصابات
إجرام، فإن القدس الشرقية مرشحة
للاطلاع بدور مماثل ما لم يحدث
ما ليس في الحسبان، وقد لا يمضي
وقت طويل قبل أن نبدأ بـ"التحسر"
على أحيائها ومعالمها العربية
والإسلامية والمسيحية، مثلما
نتحسر هذه الأيام على أحياء
العجمي والمنشية وأبو كبير
ومساجد يافا ومقاهيها وبحرها
وصالات السينما الريادية فيها. القدس
دخلت فعليا عصر التهويد
والعاصمة الأبدية الموحدة،
وكفى لغطاً منافقا عن الحرص على
عروبتها وإسلاميتها، ففي الصيف
ضيّعنا اللبن، والمطلوب الآن أن
نرفع شعار استعادة عروبة القدس
وإسلاميتها ومسيحيّتها، وفي
هذا السياق ينطبق على العاصمة
ما ينطق على الوطن الرازح
بمجمله تحت الاحتلال، وبانتظار
أن يمحو نهر الأردن آثار القدم
الهمجية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |