-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
القدس
في "قمة سرت" عريب
الرنتاوي سبق
للقمة العربية أن أنشأت صندوقين
دعما لفلسطين: الأول حمل اسم
صندوق القدس والثاني حمل اسم
صندوق الانتفاضة، ولقد تقرر ضخ
مليار دولار في كل منهما،
انطفأت الانتفاضة قبل أن تصل
الدولارات، وخسرت القدس نسبة
مقدرة من سكانها وأراضيها
ومعالمها ومقدساتها من دون أن
يتمكن المقدسيون من الحصول على
المال العربي الداعم لصمودهم
والمثبّت لأقدامهم والمحافظ
على هوية مدينتهم. وليس
لدينا ما يدفع على الاعتقاد بأن
مصائر "صندوق القدس
الجديد" ستكون أفضل من مصائر
ما سبقه من صناديق وحسابات،
علما بأن العرب في سرت،
"تواضعوا" حتى في تقديم
التعهدات الجوفاء وقطع الوعود
المجانية، وربما يكونون كما
يقول قائل، قد فقدوا
"نخوتهم" أو أنها تقلصت
إلى "الربع" بعد أن فقدت 75
بالمائة من قيمتها السوقية، إذ
حتى "الوعود اللفظية" لم
تعد سهلة المنال في زمننا
العربي الذي يزداد رداءة، قمة
إثر أخرى. لن نخرج
إلى الشوارع للهتاف بحياة
المجتمعين في سرت على موقفهم
البطولي حيال القدس، فالمبلغ
المرصود أقل بكثير من بعض
الوقفيات التي يخصصها "متمول
أمريكي / يهودي واحد" للإنفاق
على مشاريع إستيطانية في
المدينة، ولطالما سمعنا عن شقق
لا تصل مساحتها عن المئة متر
مربع، تباع بأكثر من مليون
دولار، لأن بانيها وبائعها
وشاريها وساكنها، لا يبحث عن
القيمة الفعلية للعقار، بقدر ما
يسهم في حملة التهويد
والاستيطان المكثفة التي تتعرض
لها القدس الشرقية، فكم رجل
أعمال عربي قرر فعل شيء مشابه،
بل وكم دولة عربية ثرية قررت
أنقاذ مدرسة أو عقار أو حديقة أو
فندق تاريخي من المصادرة
والتهويد، ولو من خلال مشاريع
استثمارية تعود عليهم بالربح
الوفير وإن بعد حين. القدس
والمقدسيون بحاجة ماسة لكل قرش
يمكن أن يصرف لحفظ هويتها ودعم
صمود أهلها، ونرجو أن يصل
المبلغ المرقوم على تواضعه، إلى
محطته النهائية المستهدفة، وأن
يوضع في أيدي أمينة تخرجه من
براثن الفساد والعمولات
والسمسرات، وتنأى به عن
الحسابات الصغيرة التي قد تسعى
في تجييره لصالح فريق ضد آخر في
الصراع الفلسطيني
الداخلي...القدس والمقدسيون
بحاجة لكل قرش يصرف خالصا لوجه
عروبة المدينة وفلسطينيتها
وإسلاميتها ومسيحيتها. على أن
القدس بخاصة، وفلسطين بعامة،
بحاجة لما هو أكثر من ذلك وأبعد
من ذلك، بحاجة إلى موقف عربي
سياسي وعملي، يرقى إلى مستوى
التحدي الصلف والمتغطرس الذي
يشهره نتنياهو وحكومة اليمين
واليمين المتطرف في وجوهنا
جميعا، فإسرائيل لم تستول على
القدس وتصادر الحقوق بالمال
وحده، ودور المال اليهودي
الوفير، جاء لاحقا لدور السياسة
والقوة والاقتدار، ومن يريد أن
يستعيد هوية القدس ويحفظ
مكانتها، ينبغي أن يعد ما
استطاع من "قوة ومن رباط
الخيل"، وهذا ما يبدو أن
الإرادة العربية عاجزة عن
تحقيقه، في قمة سرت اليوم، أو
حتى في قمة بغداد المقبلة والتي
قد تعقد في رحاب المارينز
والبلاكووتر. سيخرج
علينا من سرت من يذكرنا بأن
إسرائيل تريد أن تستفزنا وتجرنا
لاتخاذ ما لا نشتهي من مواقف
وسياسات، وأن الرد عليها يكون
بالحفاظ على جثة مبادرة السلام
العربية الهامدة، ونقلها في
تابوت مهيب إلى قمة بغداد،
ليصار إلى الاحتفال مجددا
بعملية الاستلام والتسليم،
تماما مثلما يجري استلام وتسليم
رئاسة القمة، وسيقال لنا أن
أفضل رد على صلف إسرائيل هو
بإحراجها بتجديد التمسك
بـ"خيار السلام الاستراتيجي
الوحيد"، بل ودعوة من لم
يعترف بهذا الخيار ومقتضياته
إلى المسارعة إلى فعل ذلك،
فتوحيد الموقف العربي يجب أن
يكون في سياق متناغم مع هذا
الخيار، ومتسق مع أولويات
الاستراتيجية الأمريكية في
المنطقة، ومنطلق من الحاجة
لمواجهة "التهديدات
الإقليمية" لنظام الملالي
وأعوانه وحلفائها. والخلاصة
أن القمم العربية لم تفلح في
إقناعنا بجدواها وجديتها حتى
وهي تلتئم في دول المركز العربي
وبقيادة "أصحاب الأدوار
الإقليمية" في العالمين
العربي والإسلامي، فهل ستفلح في
استرداد ثقتنا بها وهي تلتئم في
دول الأطراف التي بالكاد خرجت
من شرنقة عزلتها؟!. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |