-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تغيير
أوباما...وصومعة نتنياهو بقلم:
فراس ياغي إذا صحت
ما تناقلته وسائل الإعلام عن
الأنباء التي وردت من البيت
الأبيض والإهانة التي تعرض لها
"نتنياهو"، فإن شعار "التغيير"
الذي طرحه الرئيس "أوباما"
أخيراً بدأ يتدحرج نحو منطقتنا،
خاصة بعد النجاح الباهر الذي
حققه في موضوع "الضمان الصحي"،
فمنذ خطابات "تركيا" و"القاهرة"
وشعوب المنطقة تنتظر خطوات
فعلية تجاه ما يجري في منطقة
الشرق الأوسط كردٍ على ما تقوم
به دَولة صُنعَت ورُكّبَت بقرار
أوروبي حلا لما كان يعرف ب "المسالة
اليهودية" والتي ظهرت بقوة في
منتصف القرن التاسع عشر وبداية
القرن العشرين وما تلا ذلك من
مجازر بحق اليهود فيما عرف ب "الهولكوست"،
ف "أوروبا" تحب "إسرائيل"
ولكنها لا تريدهم بين ظهرانيها،
وحَلت مُشكلتهم على حساب شعب
آخر لا يزال يعاني حتى يومنا هذا...الإدارة
الأمريكية ومنذ انتخاب رئيس
قَدِمَ من القواعد الشعبية،
أعلنت انه سيكون لسياسة الحوار
"الديالوغ" الصبغة
الأساسية لها وفي كافة الملفات،
فسمعة الولايات المتحدة تضررت
كثيرا، والكره الشديد لها جاء
بعد ظهور شعارات غير واقعية،
وتمثلت بعدة مفاهيم، أهمها
مفهوم الحرب الاستباقية
واستخدام القوة في حل النزاعات
وتقسيم العالم بين الخير والشر،
كما فعل المحافظين الجدد الذين
قادوا هذه الإدارة من خلال "الجونير
بوش" الابن ونائبه "تشيني". تجربة
حكومة "نتنياهو" مع إدارة
ديمقراطية ليست بجديدة، ففي
العام 1996 حيث كان الرئيس "كلينتون"
في البيت الأبيض، كان هناك جزر
ومد، أدى في النهاية لعمل حثيث
لإسقاط هذه الحكومة، وعندما حضر
"نتنياهو" للقاء الرئيس
الأمريكي، نقل المستشار "دينيس
روس" عن "كلينتون" قوله
عن اللقاء ب "أن نتنياهو يظن
نفسه بأنه هو الذي يقود الدولة
الأعظم في العالم"، وبسبب
الضغوط الكبيرة التي مورست ضده،
تم توقيع اتفاق "واي ريفير"،
الذي طبق منه نصفه "الخليلي"
فقط..."نتنياهو" كان له
الدور الأساسي في إنهاء اتفاق
"اوسلو" من خلال مماطلة
وكذب وتسويف استمرت لمدة ثلاث
سنوات، خلالها كان جُلَّ
التفكير ليس بفرض عقوبات على
الرافض لتطبيق الاتفاق، بل
التعامل معه لحين إسقاطه وإجراء
انتخابات جديدة، وهذا ما حصل،
ولكن بعد أن استطاع تأجيل
المفاوضات النهائية وبعد أن رفض
تطبيق كل ما اتفق عليه، عدا عن
قيامه بعملية استيطان واسعة جدا
في الضفة، كان أهمها في جبل أبو
غنيم "مستوطنة هارحوما"
والتي أصبحت الآن من أكبر
ألاحياء فيما يعرف بمصطلح "القدس
الكبرى" وأدت لقطع التواصل
بين جنوب الضفة وقلبها القدس...وما
أشبه اليوم بالأمس، ف "نتنياهو"
على رأس هذه الحكومة ويرفض
بإصرار تطبيق التبادلية
المنصوص عليها في خطة "خارطة
الطريق" والمتمثلة بتجميد
الاستيطان وإزالة البؤر
الاستيطانية المنتشرة وفتح
المؤسسات الفلسطينية بالقدس...
التغيير الذي حدث، هو حصول
أحزاب اليمين لوحدهم على
"65"مقعدا في "الكنيست"
الإسرائيلي من ضمنهم "38"
مقعدا لليمين الأصولي
والمتطرف، وبإضافة حزب "العمل"
لهذا التحالف يصبح عدد مقاعد
الائتلاف "78 "مقعدا، وإذا
ما فكرت الإدارة الأمريكية
بالطريقة القديمة بإسقاط هذه
الحكومة وتشكيل أخرى مع أحزاب
"كاديما" و"العمل" و"ميرتس"،
فانه بالحد الأدنى ثلثي أعضاء
حزب "الليكود" الذين هم
أكثر يمينية من أحزاب اليمين
سوف ينشقون عن حزبهم...هذه
الطريقة غير مجدية في هذه
الفترة، وفقط باتخاذ إجراءات
فعلية وعملية والقيام بعقوبات
واضحة، كسحب ضمان الفيتو من
مجلس الأمن الذي تضمن به
الولايات المتحدة عدم اتخاذ أي
قرار ضد إسرائيل، وبالتهديد
بعدم الالتزام بتفوقها العسكري
والأمني. إسرائيل
كانت ولا تزال جزء مهم وأساسي من
السياسة الأمريكية الداخلية،
ولكن حين يصبح الحليف الأصغر
عبئاً على حليفه الأكبر، وفي
نفس الوقت يرفض مساعدته من خلال
سياسات وتصرفات هوجاء تعكس روح
الغرور الذي وصلت له، كنتيجة
حتمية لغض الطرف عنه منذ عقود،
فلا بد إذا من إعادته لجادة
الصواب وحمايته من نفسه قبل فرض
المساعدة المطلوبة منه...في علم
الفيزياء حجم الكتلة الأكبر
يؤهلها لكي تجذب الأصغر، والماء
ينتشر بسرعة فائقة من الأجزاء
المشبعة لغير المشبعة بما يسمى
الضغط الاسموزي وبغض النظر عن
مكان وميلان هذه الأجزاء،
والسياسة ليست بعيدة عن
الفيزياء، فالتهديد
الاستراتيجي لمصالح الولايات
المتحدة في المنطقة وعلى رأسها
وضع حلفائها من الدول المعتدلة
ووجود جيشها على الأرض، يتطلب
خطوات من "الجزيء"
المُحتَل أكثر انسجاما وتساعد
في التهدئة وتؤدي في النهاية
لإنهاء الاحتلال وتجلياته
الاستيطانية والعسكرية، مواقف
هذه الدولة صغيرة الحجم في
المساحة والسكان، تؤدي بشكل
مباشر وغير مباشر، إلى زيادة
التطرف في المنطقة وتؤدي لعدم
ثقة من الشعوب بوضع جديد وعهد
جديد لدى إدارة أمريكية جاءت
لكي ترمم وتصلح ما أفسدته
مجموعات المحافظين الجدد الذين
شنوا حربين في المنطقة وأعلنوا
حربا عالمية على الإرهاب، بدون
تعريف واضح لمكنوناته وطبيعته...الجيش
الأمريكي والجنرال "بترايوس"
كانوا بتقاريرهم وتعبيراتهم
أكثر وضوحا من كل السياسيين،
فعدم حل القضية الفلسطينية، لب
الصراع في المنطقة، فلسطين
والقدس، سيُبقي الباب مفتوحا
على مصراعيه لحرب مستمرة في
المنطقة سيدفع ثمنها جيشهم
بالرجال وبالمال. ساعة
الحقيقة حلت، وازدواجية
المواقف غير قابلة للتبرير،
وسياسة النفاق والكذب لا يمكن
الوثوق فيها، والبيت الأبيض
يعلم جيدا قدرة "نتنياهو"
على المراوغة وكسب الوقت، وقد
أعطي المجال لذلك لأشهر عديدة،
وكان "ميتشيل" المبعوث
الأمريكي لعملية السلام واضحا
قبل عدة اشهر في رسالة وجهها
استنادا لتجربة سابقة حيث قال:"
ثقافة الكذب انتهت نحن نريد أن
نعرف من هو نتنياهو ؟وأين يقف ؟
وماذا يريد في حقيقة الأمر ؟"...نظرة
أمريكيا الاستراتيجية للمنطقة
في بعض جوانبها أصبحت تتناقض مع
ابنتها المدللة، فمصالحها
معرضة للتهديد المباشر، ولا
يوجد لها نظرة أيديولوجية تغطي
رأسها بها وتستعيض بها عن هذه
المصالح الحيوية، في حين ائتلاف
"نتنياهو" لا يفكر كثيرا
بمصالح الدولة الأعظم وليس لديه
أدنى نظرة سياسية تساعد في
مواجهة التطرف في المنطقة
لمصلحة هذا الحليف، فمنطلقاته
يمينية دينية متطرفة، إنه ينطلق
من "ليبرمان" المستوطن
وينتهي عند "يشاي"
المتدين، وما بينهما يمين في
يمين...إدراك طبيعة هذا الائتلاف
وأعضاءه، تستدعي من الرئيس "أوباما"
ومستشاريه الاستمرار في سياسة
الضغط الواضح وبدون مجاملات
سياسية على حساب الاستراتيجيا،
وبطريقة تبتعد عن تجربة سابقة
تؤدي لإسقاط المخادع أو تغيير
التكوينات الحزبية لائتلافه...المسألة
أكبر من ذلك بكثير، فكل
الزعامات من يسار ووسط ويمين في
إسرائيل، لم يتم التوصل معهم
لحلول بالحد الأدنى لتقبل به
القيادات الفلسطينية حتى
المعتدلة منها، حدود الدولة
الفلسطينية وفقا للرابع من
حزيران 1967 مع تعديلات بسيطة
بمفهوم تبادل الأراضي وبالقدس
الشرقية عاصمة لهذه الدولة وبحل
عادل للاجئين يُتفق عليه ويستند
للقرار الأممي 194، جنبا إلى جنب
مع اتفاقيات أمنية مضمونة
أمريكيا واتفاقيات مائية
مكفولة دوليا، لا يوجد في
إسرائيل من يوافق عليه...التغيير
المطلوب من إدارة الرئيس "أوباما"
هو تحول جوهري في السياسة الشرق
أوسطية بحيث تصبح الولايات
المتحدة ك "ملاك الرحمة"
بدل النظرة إليها ك "شيطان
أكبر"، وهذا لا يمكن حصوله
بدون إنهاء الصراع الإسرائيلي-
العربي وجوهرة القضية
الفلسطينية. في خضم
كل ذلك، مطلوب من الزعماء العرب
ليس دعم كلامي وتصفيق للمواقف
الأمريكية والتي تأتي كاستباق
لما يمكن أن ينتج عنهم في قمتهم
الحالية، لأنها ستصبح مجرد
أوهام إذا لم يتم إسنادها بدور
واضح عربي وفلسطيني...صحيح أن
هناك الآن تناقضات واضحة
بالمفهوم الاستراتيجي، ولكن
حينما يتعامل العرب
والفلسطينيين بالذات باسم
العقلانية وعدم إزعاج سياسة
القوة الأعظم في العالم،
سيتمادى الحليف وسيكون هروبه
للأمام بأجندة جديدة لكي يغير
قواعد اللعبة في المنطقة،
فالعرب مقبلين على تغيرات كبيرة
دبلوماسية سياسية وعنيفة، فمن
يتعرض للضغوط وهامش مناورته
يضيق عليه يوما بعد يوم، وليس
أمامه إلا الرضوخ أو اخذ
المنطقة لمواجهة جديدة لا أحد
يعرف مداها وحجمها، وإذا
استطاعت الإدارة الأمريكية فرض
أجندة "ميتشيل" على
الطاولة فهنا ستكون العاصفة لان
المطلوب أكثر بكثير مما هو
مطروح، فبالنسبة للغرب يكفي أن
يجمد "نتنياهو" الاستيطان
ويقبل بالحديث في كافة مواضيع
الحل الدائم، في حين المطلوب من
الجانب الفلسطيني تقديم
تنازلات لتشجيع الطرف الآخر على
الاستمرار بسياسته... تنعقد "سرت"
في ظل هذه الأجواء، وأقل ما هو
مطلوب منها، هو قرارات واضحة
ليس لدعم وتشجيع المواقف
الأمريكية، بل بما يؤسس لمواجهة
كل الاحتمالات، الحرب بشقيها
العنيف والدبلوماسي التفاوضي،
فمبدأ الأرض مقابل السلام هو
العنوان السابق واللاحق، وخطوط
الرابع من حزيران67 هو الهدف
والقدس الشرقية عربية وعاصمة
للدولة الفلسطينية ومهد لجميع
الديانات السماوية، ولا تطبيع
قبل القبول بمباديء الحل وبوجود
جدول زمني واضح مكفول ومضمون
أمريكيا ودوليا...المطلوب قرار
نهائي وبلا تردد إقليمي أو
قُطري بفك الحصار عن غزة ومن
جانب واحد وبدون انتظار، خطوات
عملية تُفهم الصديق والراعي
والرباعية الدولية ومجمل
المجتمع الدولي بأن العرب ضاقوا
من الكيل بمكيالين، فالأزمة
شاءوا أم أبو وصلت لعروشهم
وقصورهم جميعا...التطرف وسحب
البساط منهم هو العنوان القادم
بدون مواقف تستطيع لجمه، والوهم
سيكون السيد القادم إذا لم يتم
مساندة السياسات "ألتغييريه"
التي يعمل بها الرئيس الأمريكي
الحالي، ف "المؤسسة" التي
تحكم في أروقة البيت الأبيض،
ستعاود الانقضاض على هذا
التغيير إذا لم يتحرك العرب
بشكل يوحي بمدى الامتعاض والخوف
من سياسات المحاباة والدعم اللا
محدود للابنة التي أفسدها
الدلال. في
رواية "عزازيل"، قال "يوسف
زيدان"، أن أهل قريته الواقعة
جنوب أسوان في مصر كانوا
يعتقدون في قديم الزمان ب "أن
نهر النيل ينبع من بين أصابع
الآلهة، ويهبط ماءه من السماء"،
والموقف الأمريكي الحالي هو
حاسم فقط في المطالبة بمواقف
كلامية من الحليف أكثر منها
خطوات عملية، حاسم لتسهيل
السياسة الخاصة بترتيب
الاولويات، فالتناقض في النظرة
الاستراتيجية لا يعني انه
تناحري ولا يمكن تجاوزه...العلاقة
بين الطرفين ليست لها بداية
ونهاية، فذلك يكون فقط في
الخطوط المستقيمة، وحيث أنها
غير موجودة في العلاقة بين ألام
وابنتها، وهي موجودةٌ فقط في
أحلام وأوهام العرب التي
يَخِطّوها على الورق أو التي في
عقولهم، لأن نوعية العلاقة بين
الحليف وجزءه في شرق وأوسط
الكون تأخذ الشكل الدائري في
الحياة، حيث كل شيء يعود إلى ما
منه بدأ، ويتداخل مع ما اتصل به،
فلا بداية ولا نهاية، هنا
تَوالي لا تنقطع وتداخل لا يمكن
فصل عراه، والأمر الوحيد الثابت
هو اتساع الدائرة وتداخلها
وتفرع دوائر مختلفة عنها تملأ
أي فراغ قد يحصل...إنها علاقة
بمفهوم المتتالية المستمرة
التي لا نهاية لها، ولكنها أيضا
أصبحت تأخذ شكل الصراع بين
تغيير "أوباما" لمفهومه
للمتتالية والدائرية المتداخلة
باعتبار الحليف كمركز جذب دائم
وليس التداخل لصالح جاذبية
مراكز متعددة، في حين يبقى "نتنياهو"
في صومعته لا يريد تركها، يتمسك
بها، يحتمي بها، لعلَّ وعسى
تنقذه من مفهوم البرغماتية
السياسية "الاوبامية"
لصالح بقاءه في نطاق أيدولوجيا
ميثولوجية أصبحت تشكل خطرا على
المنطقة ككل...أما العرب فقد
ارتكبوا من الأخطاء كثيراً،
منها ما يغتفر وآخر يصعب
غفرانه، والمطلوب منهم الآن وقف
كل تلك التصرفات والأوهام
والتخيلات، وأخذ نصيحة زميل
ماري في قصة "فيرونيكا تقرّر
أن تموت" ل "باولو كويليو"
الذي قال: " يحق لنا أن نرتكب
الكثير من الأخطاء في حياتنا،
إلا تلك التي تدمّرنا"، فحصار
غزة قاتل، والانقسام الفلسطيني
قاتل، والخلافات العربية
قاتلة، وتقسيم العرب لِ "معتدل"
و "ممانع" فيه دمارنا. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |