-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عن
السودان و"حركته الشعبية" عريب
الرنتاوي تحتل
الحركة الشعبية لتحرير السودان
موقعا فريدا، يندر أن تجد حركة
سياسية في العالم نفسها في وضع
مماثل أو شبيه به....فهي شريك
أساسي في الحكم من جهة وهي شريك
أساسي في المعارضة...لها كل ما
يعود للجنوب من مواقع ومناصب
وعوائد مالية ونفطية وسياسية،
ولها كل ما للمليشيات المسلحة
في أطراف السودان من غنائم
وعوائد، وإن كان لا بد من تقديم
"أنموذج حي" على
"الانتهازية" في كليات
العلوم السياسية في العالم، فإن
الحركة تصلح أكثر من غيرها
لتجسيد هذا الدور. فالحركة،
شريك الحكم الأساسي في الخرطوم،
لا تفوّت فرصة واحدة من دون أن
تستثمرها للتآمر على شريكها
الآخر أو لإضعافه إلى أبعد
الحدود، فرحت بقرار حزب المؤتمر
عدم المنافسة على مواقع السلطة
الأساسية في الجنوب، من دون أن
ترد بخطوة مماثلة ولو من باب
المجاملة في الشمال، وأصرت على
ترشيح ياسر عرمان كمنافس على
موقع الرئاسة في الخرطوم،
شعارها ما لنا لنا وحدنا، وما
لكم لنا ولكم. تلعب
الحركة بورقة الانتخابات كما
يلعب المقامرون وقنّاصو الفرص،
تخوض غمار الانتخابات كما لو
كانت ستجري غدا، وتضم صوتها إلى
صوت المعارضة مطالبة بتأجيل
الانتخابات، وعندما تلوّح
بورقة المقاطعة، كما تفعل بعض
أحزاب المعارضة، فلا يفوتها أن
تؤكد أن هذه المقاطعة ستقتصر
على الولايات الشمالية الثلاثة
عشرة فقط، أما في ولايات الجنوب
فإنها ستشارك في انتخاباتها،
وترفض إرجاءها، هي إذن مقاطعة
ومشاركة في الآن ذاته، صيف
وشتاء على سطح واحد، سلطة
ومعارضة في الوقت عينه، ودائما
تفصّل مواقف الحركة على مقياس
المصالح الفئوية ووفقا
لجغرافيا النفوذ والانتشار. وعندما
لوّح الشريك الآخر في الحكم،
حزب المؤتمر الوطني، بورقة
الربط بين الانتخابات العامة
والاستفتاء على تقرير المصير في
الجنوب، هب قادة الحركة هبة رجل
واحد، رفضا لهذا الربط، وتأكيدا
على "قدسية" استحقاق
الاستفتاء، لكأن استحقاق
الانتخابات لا قدسية له،
فالقداسة من منظور الحركة تسير
في ركاب المصالح والحسابات
الخاصة بها، والحركة تنتظر
بفارق الصبر استفتاء يونيو 2011
(الذي سيجري في وقته المحدد شاء
من شاء وأبى من أبى- ياسر عرمان)
فيما انتخابات أبريل 2010 تبدو
أقل أهمية من وجهة نظر الحركة
وحساباتها. بوجود
شريك وحليف مثل الحركة الشعبية
لتحرير السودان، لا حاجة لحزب
المؤتمر للخصوم والأعداء،
فالعدو هنا في غرف النوم
والجلوس والمطابخ، في الأمام
والخلف وبين الظهرانين، ولا
أدري كيف يبيت الشريكان على
سرير واحد، فيما القبضات ممسكة
بإحكام بمقابض الخناجر
والأصابع متسمّرة على الزناد،
بانتظار انطلاق رصاصة الغدر
الأولى. جنوب
السودان يتجه للانفصال، هذا هو
السيناريو الأكثر ترجيحا،
والانفصال عند حصوله، سيحظى
بدعم دولي وإقليمي منقطع النظير
كونه سيتوّج عملية سياسية
اشتركت أطراف كثيرة مؤثرة في
إطلاقها ورعايتها وتوجيهها صوب
غايتها، وما نشهده الآن من حراك
سياسي وانتخابي وعض أصابع وبناء
قدرات، ليس سوى توطئة وتهيئة
للحظة الحقيقة والاستحقاق التي
قد لا يطول انتظارها، كما أن
اللاعبين الإقليميين والدوليين
قد فرغوا منذ زمن في صياغة
سيناريوها ما بعد الاستفتاء،
وإجراء التمارين للتعامل مع
مخرجاته المرجحة. أما
المخلصون لقضية السودان
ومستقبل شعبه فهم وإن نظروا
للطلاق بين شطريه كأبعض الحلال،
إلا إنهم يرجون أن يتم ذلك بصورة
سلمية وحضارية، فلا نعود من
جديد لخنادق القتال ومتاريس
الحرب الأهلية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |