-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الانتفاضة
(المقاومة) السلمية عريب
الرنتاوي لا بأس،
فالمقاومة يمكن أن تكون مسلحة
ويمكن أن تكون سلمية، المهم أن
تكون هناك مقاومة، وأن يعاد
الاعتبار لروح الشعب الكفاحية
الوثّابة، أما شكل المقاومة
ووسائلها وأدواتها، فتلك مسائل
تختلف من بلد لآخر، ومن مرحلة
إلى مرحلة، فالمقاومة ليست "إيقونة"
و"تصنيمها" هو أقصر الطرق
لإفراغها من أي مضمون وتحويلها
إلى شعار مجرد كعشرات الشعارات/المسلمات
التي يطرحها البعض منّا من دون
تفكير أو تأمل. لكن لكي
تكون هناك مقاومة سلمية أو
انتفاضة شعبية، فإن للمسألة
شروطا يجب توافرها، ومقدمات
تبنى عليها النتائج، وأعتذر
للقارئ العزيز إن أثرت هنا جملة
من المسائل التي تندرج في سياق
المسلمات والبديهيات، فنحن في
زمن لم تختلط فيه التحالفات
وتتداخل المواقف فحسب، بل وبتنا
فيه بحاجة إلى إعادة تعريف
العدو والصديق، فيما يشبه
العودة إلى "ألفباء التحرر
الوطني". المقاومة
الشعبية (السلمية) تفترض ابتداء
ا لاتفاق على تعريف للعدو، وثمة
في الأوساط الفلسطينية من تاهت
بوصلته، وأصبح العدو بالنسبة
إليه هو الآخر الفلسطيني، يتآمر
عليه، ويجمع المعلومات عنه،
ويتدرب عسكريا وأمنيا على
مقاومته، وتحت إشراف دولي رفيع
المستوى، ويرد أسمه في كل مرة
تنفذ فيها عملية عسكرية
فلسطينية، أو تنجح فيها
المخابرات الإسرائيلية في
الوصول إلى ناشط فلسطيني. والمقاومة
الشعبية (السلمية) لا تنسجم أبدا
مع استمرار "التنسيق الأمني"،
خصوصا حين يكون هدف التنسيق
مواجهة "الخطر الفلسطيني"،
فالمقاومة والاحتلال، لا
تجمعهما مصلحة واحدة ولا هدف
واحد، وأبسط أشكال المقاومة
السلمية (الشعبية) هو وقف
التعاون والتنسيق الأمني، وهي
بمثابة استدعاء السفير للتشاور
في العرب الديبلوماسي بوصفه
شكلا أدنى من أشكال التعبير عن
الاستياء والاحتجاج. والمقاومة
الشعبية (السلمية) تستلزم أن
يبادر المقاومون وقياداتهم إلى
اختبار العيش تحت الاحتلال من
دون فوارق ولا امتيازات، فلا
يعقل أن يحظى قادة المقاومة
الشعبية بامتيازات مرور
وبطاقات "في آي بي" في
الوقت الذي تعاني فيه جماهيرهم
المقاومة من سخط الاحتلال
وغضبه، ولا يعقل أن يحرم
الاحتلال الشعب المقاوم من كثير
من حقوقه الأساسية فيما قادته
يحظون بتسهيلات مرور وحركة
أتاحت لبعضهم ممارسة "هواية
تهريب الموبايلات والسجائر"
ظنا منهم أنهم في مأمن من عيون
الرقيب وكاميراته. المقاومة
الشعبية (السلمية) في شروط الضفة
والقدس وظروفهما، قد تكون الشكل
الأنسب – مرحليا على الأقل –
لمقاومة الاحتلال ورفع كلفته،
على أنها تتطلب بداية ً "فك
الارتباط" مع الاحتلال من
خلال رفع مستوى المقاطعة ووقف
أشكال التطبيع المختلفة،
وإيقاف كل أشكال التنسيق
الأمني، وتعميم نموذج نعلين
وبلعين على مختلف مناطق الضفة
الغربية والقدس، كما أنها
تستلزم الشروع من دون إبطاء في
حوار وطني شامل حول خصائص
المرحلة وشروطها وأدواتها
الكفاحية، حوار يشمل الجميع من
دون استثناء، لا يخرج فصيلا أو
حزب أو جماعة من دائرته، على
قاعدة أن الاحتلال هو العدو
المشترك للشعب بأسره، ومن منطلق
أن إزالة هذه الاحتلال وكنسه هو
الهدف الموّحد للشعب الفلسطيني. المقاومة
الشعبية (السلمية) قد تكون طريقا
واقعيا بين طريقين غير واقعيين
في المدى المنظور: المفاوضات
العبثية التي لم تفض إلى أي
نتيجة، والمقاومة المسلحة
المستحيلة في الضفة والقدس، وهي
وحدها دون سواها من أشكال
وأدوات كفاحية (في المدى المرئي
على أقل تقدير) الكفيلة بجعل
المواجهة مع الاحتلال فعلا
شعبيا / جماهيريا ينخرط فيه
بنجاح الشعب بأسره ومختلف
فئاته، وليست فعلا فصائليا
لكتائب واذرع وسرايا. وهي، أي
المقاومة الشعبية (السلمية)،
وفي المدى المباشر والمتوسط على
الأقل، الشكل الوحيد من
المقاومة التي يمكن لأهل الضفة
والقدس احتمالها والعيش معها
وتحمّل أكلافها وتبعاتها، ونحن
في بداية المطاف ونهايته، نريد
مقاومة ترهق كاهل الاحتلال
وترفع كلفته، لا "مقاومة"
ترهق الشعب وترفع كلفة إدامة
صموده وثباته على أرضه. وأخيرا،
فإن المقاومة الشعبية (السلمية)
في الضفة والقدس، لا تتعارض
أبدا، وليست بديلا على الإطلاق
عن تعزيز صمود قطاع غزة وتعزيز
قدراته الردعية بحيث يصبح منطقة
محررة فعلا، حتى وإن جاء خلاصه
كنتيجة لنظرية شارون الأحادية،
والشعب الفلسطيني الموزع على
امتداد وطنه التاريخي وشتاته،
اختبر من قبل، ويجب أن يختبر
الآن، أشكالا ومستويات شتى من
المقاومة وفقا للظروف
والمعطيات المختلفة التي يعيش
بين ظهرانيها، ودائما بهدف
تسريع كنس الاحتلال وممارسة حق
العودة وتقرير المصير وبناء
الدولة وعاصمتها القدس. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |