-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 07/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العرب وسياسة الجوار المجهضة

عريب الرنتاوي

تنطوي المقارنة بين "سياسة الجوار العربي" التي اقترحها عمرو موسى على "قمة سرت" وسياسة "الجوار الأوروبية" على مفارقة مضحكة/ مبكية، إذ في الوقت الذي انطلقت فيه الأخيرة من فرضية "مركزية" الدور الأوروبي، فإن الضرورات التي أملت سياسة الجوار العربي تكمن في الأساس في نهوض جوار مؤثر وصاعد، بعد أن فقد العرب "مركزيتهم" ودورهم وثقلهم الوازن في السياستين الإقليمية والدولية.

 

الأوروبي اتجاهان أو جناحان: الأول شرقي، ويتركز على أوروبا الوسطى والشرقية والدول الخارجة من رحم الاتحاد السوفياتي المنحل ومنظومته الاشتراكية المتفسّخة، والثاني جنوبي، ويعنى بدول الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط مضافا إليها الأردن الدولة الوحيدة المشمولة بهذه السياسة والمستهدفة قبلا بعملية برشلونة من دون أن تكون مشاطئة لهذا البحر.

 

أما سياسة الجوار العربي، فهي تستهدف إيران وتركيا ودول جنوب الصحراء الكبرى، وأظن أن الأخيرة أدرجت في هذا "السياق" من باب رفع العتب، فثمة إطار عربي – أفريقي لإدارة وتنظيم العلاقات مع دول القارة السوداء، لكنه أطار فقد قيمته منذ أن تحول "الحوار العربي – الأفريقي" من ذخر للمتحاورين إلى عبء عليهم، وبعد أن فقدت أفريقيا الحوافز الاقتصادية والسياسية والروحية للتقرّب منا والتقارب معنا.

 

سياسة الجوار الأوروبي، تغذيها وتدعهمها عشرات مليارات الدولارات التي تصرف شرقا وجنوبا، وبالأخص شرقا، وهي تمتلك من المبادئ والخطط التنفيذية ما يكفي لتحفيز دول "الأطراف" على الانخراط فيها، بينما لسان حال العرب مع جوارهم يقول: "لا خيل عندك تهديها ولا مال"، فالعرب بين جوارهم اليوم، هم الأقل اقتدارا من حيث السياسة والمال وعناصر القوة و"رباط الخيل"، فما الذي يمكن أن يحفز جوار العالم العربي على الاكتراث بما نقول ونفعل.

 

لدى أوروبا "نماذج" تصدّرها لجوارها: اقتصادات قوية وديمقراطيات راسخة ومنظومة قيمية مستقرة أو "قارّة" وفقا لتعبير إخواننا في المغرب العربي، فما "النماذج" التي يمتلكها العرب والتي يبدو جوارهم في أمس الحاجة لها، أية اقتصادات وأية ديمقراطيات بل وأية عناصر قوة واقتدار نمتلكها ولا تمتلكها طهران أو أنقرة؟.

 

بين دول الاتحاد الأوروبي الكبرى أولويات متفاوتة، فألمانيا لها اهتمام أكبر بشرق القارة ووسطها، فيما فرنسا تميل للاهتمام بجنوب المتوسط ومعها أسبانيا أما بريطانيا فموزعة على مختلف الجبهات والمحاور، ومع ذلك أمكن لهذه الدول أن تصوغ توافقا وأن تبني إجماعا حول سياسة الجوار وخططها التنفيذية، فيما يشبه تقسيم العمل بين الدول الـ"27" الأعضاء.

 

وبين دول "الاتحاد" العربي الكبرى أولويات متفاوتة كذلك، سوريا وثيقة الصلة بتركيا تربطها علاقات استراتيجية مع إيران، فيما القاهرة التي تنظر بـ"عين المنافسة" لأنقرة تبدو في حالة حرب باردة مع إيران، وكذا الحال بالنسبة للسعودية، لكن وبخلاف الحال الأوروبي، أخفقت الدول العربية في صوغ توافق وبناء إجماع حول الموقف من الدولتين الجارتين الكبريين، وفشل عمرو موسى في تمرير مقترحه على قمة القادة العرب في سرت.

 

والحقيقة أننا نحن كأمة صرنا موضوعا (وهدفا) لسياسة جوار تركية نشطة، وقبلها كنا ولمّا نزل، موضوعا لسياسة جوار إيرانية نشطة، وقد نجحت الدولتان في بناء فضاء لمصالحهما وسياستهما الخارجية في دولنا ومجتمعاتنا، وبات لكل واحدة منهما "مجال حيوي" يندرج في عداد دوائر تحرك هاتين الدولتين ومجالات مصالحهما الحيوية، على أن "الفضاء العربي" ليس سوى دائرة واحدة (ليست الدائرة الأهم بالطبع) من دوائر تحرك وفضاءات المصالح العليا لكل منهما.

 

للأسف، لأول مرة تعرض على مؤسسة القمة العربية مبادرة "حوار استراتيجي" مع جوار الأمة وجيرانها التاريخيين، وترفض أو تسقط بالتجاهل والتأجيل، مع أن حسابات الجغرافيا والتاريخ على حد سواء، تملي خلاف ذلك، خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن القادة العرب اتخذوا في القمة ذاتها، قرارا بالتجديد لخيار التفاوض والسلام الاستراتيجي الوحيد، وأبقوا أياديهم ممدودة لإسرائيل لصنع "سلام الشجعان" مع إسرائيل، الجار الإقليمي الثالث الطارئ والمزروع بقوة النار والحديد وديمونا، في حين كان المطلوب فعل شيء مماثل (حتى لا نقول أفضل) مع جيران عشنا معهم منذ مئات السنين، وسنظل نعيش معهم مئات أخرى من السنين.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ