-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كتابي
الذي قبّله أبو عمار د.
فايز ما سيلي فقرة من كتابي "افتراض
المشابهة" المطبوع في رام
الله سنة 2003، وفيه رأيي الصريح
بالتنسيق الأمني، وموقفي من
المنسقين؛ وذلك قبل سيطرة حماس
على قطاع غزة، وقد أهديت نسخة من
الكتاب إلى الرئيس ياسر عرفات،
وكما نقل إليّ، فقد قلّب
المرحوم أبو عمار صفحات الكتاب،
وقبّله بعد أن وقف عند الصفحة
التالية: لقد انفجرت شرايين قلوبنا
مع شرايين قلب الشاعر المتوكل
طه وهو يسمع، ويرى، أولئك
المسئولين الذين يصافحون
المحتل ويلتقطون معه الصور
التذكارية، مع الابتسامة
العريضة، وهم ينسقون معه لذبح
الانتفاضة، ومن ثم يخرجون
للتصريح: بأن الانتفاضة مستمرة
حتى زوال الاحتلال. هذه
الازدواجية لدى المسئولين
أوجبت المشابهة بين سياسي
الساحة الفلسطينية هذه الأيام،
وبين شخصية "الزغل" في
التاريخ العربي في الأندلس. فماذا تقول كتب التاريخ قبل
ستمائة سنة: "لقد ظل "الزغل"
رمزاً للمقاتل الصنديد ضد
القشتاليين في بلاد الأندلس،
ولكن الرجل في خطوة غير متوقعة،
وبعد أن أدرك أنه محاصر من
الأعداء والأصدقاء، وقّع على
معاهدة تسليم وتنازل عن البلاد،
التي كانت تحت يده، ويد قواده،
ووافق على أن يستقر سيداً في
مدينة (أندرش) وما إليها، وأن
يكون له ألف تابع من بني وطنه،
وأن يمنح معاشاً سنوياً كبيراً،
لقد وقع "الزغل" في فخ
القشتاليين، وأصبح موظفاً
يتسلم وقواده الرواتب، ويتحرى
مؤامرة القشتاليين لإبعاده عن
موطنه، بعد أن وقع لهم على
التنازل. وهذا ما تحقق فعلاً،
لقد أضطر الرجل إلى المغادرة،
وهرب إلى المغرب العربي بماله
وعياله، وهناك ألقى القبض عليه
بتهمة الخيانة، وحوكم بتجريده
من أمواله، وسمل عينيه، وترك
يبحث عن لقمته في الشوارع،
جزاءاً على ما خان". عقاب الزغل بهذه القسوة لم
يكن الأول في التاريخ، لقد سبق
ذلك بآلاف السنين أن عاقب "نبوخذ
نصر" الكلداني ملك اليهود "صدقيا"،
الذي ثار على حكم الكلدانيين،
فأرسل نبوخذ نصر جيشه وحاصر
عاصمته "أورشليم" سنة 586 ق.م.
ولما ضاقت في وجه ملك بني
إسرائيل السبل، فر باتجاه
أريحا، وهناك ألقي القبض عليه،
وعاقبه نبوخذ نصر بقتل أبنائه
الثلاثة أمامه، ثم سمل عينيه،
ليكون أخر منظر رآه في حياته
مقتل أبنائه الثلاثة، ليعيش
ضريراً يلوك الحسرة في شوارع
بابل. بالعودة إلى ديوان "الخروج
إلى الحمراء" الذي يحذر
القيادة الفلسطينية من النهاية
التي وصل إليها الزغل، ويحذر
المسئولين من الوقوع بين فكي
الذئب، يقول المتوكل طه: من يأخذ الذئب جاراً صالحاً
أبداً
لحم الصغار على أنيابه
قُبَلُ إن
لغة الشعر تعرف بوصفها خروجاً
أو انزياحاً عن قواعد النظام
اللغوي المستخدم في الحياة
اليومية، أي النظام النثري،
سواء أكان هذا الخروج ينتظم في
كلام موزون مقفى، أو كان
متحرراً بدرجات متفاوتة من
قواعد العروض، فالقول الشعري
يعتمد على نظام أشاري يختلف عن
النظام الذي يستخدمه المتكلم
العادي، وقد يكون الذئب جاراً
اضطرارياً، وقد يكون صالحاً
تكتيكياً، ولكن لفظة "أبداً"
يقف لها شعر رأس كل سياسي
فلسطيني عاقل. قرأ أبو عمار الصفحة بتمعن،
وهز رأسه بأسى كمن أدرك
الحقيقة، ولكن بعد فوات الأوان،
فقد كان رئيساً محاصراً في
المقاطعة! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |