-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 18/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سباق إيران مع القدر لها أم عليها؟

"مغامرة الحرب القادمة": البادئ يحسم الحرب القادمة

الدكتور محمد احمد جميعان

تصريحات الرئيس الأمريكي لصحيفة (نيويورك تايمز) مؤخراً والتي جاءت قُبيل إعلانه عن استرتيجية معدلة للولايات المتحدة ستضيق الظروف التي ستستخدم فيها الأسلحة النووية حتى عند الدفاع عن النفس ولكن هذه التصريحات تنسف تلك الاستراتيجية بل تُقدم خياراً مرعباً ومباشراً، وعلى ذمة الصحيفة الأمريكية يقول الرئيس الأمريكي (باراك أوباما): "إن إيران في مسار سيمنحها قدرات أسلحة نووية وإن الاستثناءات في استخدام السلاح النووي سوف تختص بمن وصفهم "بالخارجين المتطرفين مثل إيران وكوريا الشمالية. التي إما خرقت معاهدة الانتشار النووي او تخلت عنها".

بالمقابل إلتقاط الرئيس الإيراني الرسالة سريعاً تُظهر مدى الاستعدادات الإيرانية لكافة الخيارات بما فيها المرعبة، حيث شن الرئيس الإيراني هجوماً على الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) ووصفه بأنه "هاوٍ يفتقر إلى الخبرة... يُسارع إلى التهديد باستخدام أسلحة نووية ضد أعداء الولايات المتحدة"، وأضاف أحمدي نجاد من خلال التلفزيون الإيراني: "أوباما أدلى بهذه التصريحات الأحدث لأنه يفتقر إلى الدراية، كما أنه سياسي هاوٍ، والسياسيون الأمريكيون عموماً كرعاة البقر أيديهم تمتد إلى أسلحتهم عندما يواجهون أوجه قصور قانونية، وإن إيران لن ترضخ للتهديدات وسترد بشكل مؤلم".

 

لم يكتفِ الإيرانيون بتصريحات نجاد بل أعلن مرشد الثورة خامنئي أن أمريكا تريد الحرب وحوّلت الخليج إلى مستودع أسلحة، فيما جاءت تصريحات وزير الدفاع الإيراني واضحة وحاسمة حين أعلن أنهم يضعون في حساباتهم "جميع الخيارات الدفاعية الممكنة، للدفاع عن النفس في مواجهة تهديدات الأعداء، وفي حال شن الكيان الصهيوني هجوماً على إيران فمن الممكن أن لا يبقى أثراً لهذا الكيان."

والسؤال هنا ما هي منطلقات الرئيس الامريكي ودلالات هذا التهديد المبطن والمباشر في نفس الوقت؟

وما هو الرد الإيراني المتوقع على ذلك؟

 

من المعروف أن التصريحات الاستراتيجية والعسكرية سيما التي تخص الأمن القومي الأمريكي التي يُدلي بها الرئيس الأمريكي تتم دراستها بشكل مستفيض تخدم الغاية من تقديمها على لسان الرئيس الأمريكي، وهي توجه رسالة دقيقة ومحددة إلى الدولة المعنية بالتصريح بعد أن تكون قد استنفذت متطلبات سابقة لها، والمتابع يرى أن التهديد النووي من قِبل أمريكا بقي نائماً منذ زمن بعيد ولم يعد محل تلويح رغم الأزمات التي مرت بها أمريكا بعد انتهاء الحرب الباردة، فلماذ تم استرجاعه الآن وتم ذكر إيران تحديداً  ولو بشكل تلويح مبطن ولكنه مباشر؟

بلا شك إن ذلك يعني مجموعة دلالات...

الدلالة الأولى أن امريكا في مأزق حقيقي تجاه معالجة الملف النووي الإيراني بل والموضوع الإيراني برمته الذي يُشكل تهديداً حقيقياً (لإسرائيل) ليس بالتصريحات الممنهجة التي يُطلقها الرئيس الإيراني لإزالة (إسرائيل) بل وبالاستعدادات وبناء القدرات العسكرية الإيرانية والحليفة كحزب الله سواء ما يُعلن عنها أو ما يبقى سرياً وغير معلن باعتبارهم أصحاب مدرسة المفاجاءات دون أن يكون هناك رادع يمنع إيران وحلفائها من استخدامها تجاه (إسرائيل) مستقبلاً.

 

الدلالة الثانية أن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والحليفة تُعاني من الضعف المعلوماتي والإستخباري وعدم القدرة على اختراق الأهداف المطلوبة في العُمق الإيراني مما يجعل أي ضربة تقليدية غير مجدية وغير فاعلة لتحقيق الهدف وتحجيم الخصم، ولا بد من ضربة قاصمة صاعقة تشل الدولة الإيرانية شعباً ومؤسسات وقيادات سياسية وعسكرية وتؤدي إلى قتل الروح القتالية والمعنوية لمحور المقاومة لا سيما حزب الله، وهذا لا يتحقق إلا بضربة نووية...

 

الدلالة الثالثة كما يبدو أن الخيارات قد حُسمت بالنسبة لأمريكا و(إسرائيل) بأن إيران هي في طريقها للوصول سريعاً إلى السلاح النووي، وأنه ليس هناك إستجابة إيرانية محتملة وليس هناك أي ضعوط يمكن أن تمنعها أو تحجمها، بل إن إيران تعمل على كسب الوقت في مناورات وتكتيكات لتحقيق الهدف وهذ يفرض سريعاً الحسم والمواجهة عسكرياً وبالسلاح النووي.

 

والدلالة الرابعة أن مدى الرعب الذي يُخيم على (إسرائيل) من ضربة إيرانية مدمرة ومفاجئة تُنهي أو تُفكك كيانهم يُعبر عنه تصريحات القادة الإسرائيليين ومراكز الدراسات فيها بل وإعلامهم الذي يمكن إجماله بتصريحات الرئيس الإسرائيلي (شيمون بيريز) نفسه حين تحدث بوضوح ودون مواربة أن إيران نووية يعني سريعاً ومباشرة محرقة ثانية تنزل من السماء على (إسرائيل)! وعلى (إسرائيل) أن تكون حاسمة وعذاب يوم وتضحياته خير من محرقة مجهولة الزمان والمكان. وهذ المناخ المسيطر على (إسرائيل) ألقى بظلاله على صاحب القرار الأمريكي من خلال "لوبيات" الضغط ومفاصل السيطرة الصهيونية في أمريكا.

 

والدلالة الخامسة ما توصل إليه صاحب القرار الأمريكي والإسرائيلي على ما يبدو من خلال توصيات وقناعات القادة العسكريين بأن توجيه ضربة بالسلاح التقليدي لن تُحقق الهدف ولن يُجدي في تحجيم إيران وإفشال مشروعها النووي، بل سيواجه برد فعل إيراني مدمر قد يقلب الموازين لصالح محور المقاومة وقد يؤدي إلى إنهيار الكيان الإسرائيلي، وأن الحسم السريع يجب أن يأتي منذ البداية بالسلاح النووي حتى لا يفسح للإيرانيين بالرد الفعَّال ضد حليفتها (إسرائيل).

 

وهذه الدلات تدعمها مراجعة التاريخ القريب حين استخدمت أمريكا السلاح النووي ضد اليابان عام 1945 على (هيروشيما) و(نجازاكي) نجد أن الظروف متشابهة من حيث الدوافع والأسباب يتمثل في عدم القدرة على الحسم وهزيمة العدو بالأسلحة التقليدية، وهذا ما تحدث عنه في حينه في آب 1945 رئيس أركان الجيش (جورج مارشال) بأن أمريكا بحاجة إلى حسم سريع بسلاح جديد مدمر؛ حيث أمر الرئيس (هاري ترومان) بإلقاء القنبلة الأولى في 3/ 8/ 1945  على مدينة (هيروشيما) الصناعية تبعها بقنبلة أخرى عندما رفضت اليابان الاستسلام على (نجازاكي) وذلك بعد أن وجه (هاري ترومان) تهديداً مباشراً لليابان من أجل خروج أمريكا من مأزقها وهو وضع ليس بعيداً عن تهديدات الرئيس (أوباما) الحالية لإيران، والافت للنظر أن ذلك جاء بعد واقعة مهمة يوم يوم 16 تموز 1945 حيث كان الرئيس (هاري ترومان) قد بدأ اجتماعه مع الزعيم السوفياتي (جوزيف ستالين) ورئيس الوزراء البريطاني (ونستون تشرشل) في مؤتمر (بوتسدام) وكان الجدل قد بدأ بالفعل فيما يتعلق بالحكمة والأخلاق من استخدام هكذا قنبلة، ولكن الجدل تحوَّل إلى كيفية ومكان استخدامها وكان الحديث عن تدمير جزيرة في خليج طوكيو...

 

ولأن ضربـة نوويـة كهذه لإيران تُذكر بتاريخ أمريكا باسـتخدام السـلاح النووي في (هيروشـيما) و(نجازاكي) وما نجم عنـه من تدميرٍ ضخمٍ وخسـائر بشـريـة كبيرة تُخالف القيم الأخلاقيـة والإنسـانيـة، فإنـه يتوجب على أمريكا وإدارتها إعداد برنامج متكامل يُبرر ويُهيئ للرأي العام الأمريكي أولاً والغربي ثانياً والدولي ثالثاً ضرب إيران نووياً، ولعل هذا التصريح الذي ورد على لسـان الرئيـس الأمريكي (أوباما) هو المفتاح للبدايـة والتهيئـة، وهو بمثابـة إفتتاحيـة برنامج تهيئـة الرأي العام في الداخل والخارج  لضربـة نوويـة قاصمـة يُسـتخدم فيها سـيناريو اليابان في آب 1945 حتى تُعلن إيران اسـتسـلامها كما فعلت اليابان تماماً، ليتم بعد ذلك تصفيـة بقية حلفائها بهدوء وإعلان مشـروع الشـرق الأوسـط الجديد التي عجزت إدارة (بوش) من خلال ضرب وتصفيـة "حزب الله" عن قيامـه بعد أن عجزت (إسـرائيل) عن إنجاز المهمـة فكان لا بد من ضرب الرأس في إيران ليخور الجسـد بعد ذلك!؟ فهل يتحقق لها ذلك!؟

 

أم ينقلب السـحر على السـاحر ويحدث العكـس فتُفاجئ إيران لوحدها، أو مع حلفائها، (إسـرائيل) بضربـة مفاجئـة وقويـة ومدمرة وغير مسـبوقـة في زمانها ومكانها ومفاصلها ومصانعها الكيماويـة لا سـيما أن ذلك يرتبط بكثافـة سـكانها الإسـرائيليين ومحدوديـة مسـاحتها مما يُذهل أمريكا ويجعلها تحتار في الرد بعد فوات الآوان، وتشـل (إسـرائيل) وتُربكها وتجعلها في حالـة هذيان مدني وذهول عسـكري، تنشـغل في الإنقاذ والإسـعاف وتعجز بل وتطلب الحل وإنقاذ ما تبقى من كيانها ولو بالإسـتسـلام تماماً كما حدث لليابان، لا سـيما أن ضربـة غير مسـبوقـة بهذا الحجم وهذه القوة التدميريـة سـوف تهيج وتثور الشـارع العربي والإسـلامي بشـكل غير متوقع يُكبل أمريكا ووحلفائها وتجعلها عاجزة على التفكير في أي رد لا يُحقق الهدف بعد المفاجئـة وفوات الآوان وقد قاربت (إسـرائيل) على الإنهيار...!!!

 

إن مواجهة بهذا الحجم الاستراتيجي، وهذا العناد المتبادل وهذه القدرات العسكرية والتقنية على جانبي الصراع، وهذا التصميم على تحقيق الهدف وهذا القدر من الخطورة والخوف والهواجس المتبادلة، لا يمكن أن نُخضعه للتحليل المتعقل الذي يتحدث عن سيناريوهات تمتد لأشهر أو أسابيع من القتال بل لا بد من الأخذ بالأسوأ دوماً وهو أن صاحب الضربة الإستباقية الأولى يكسب وقد يحسم الموقف ويرسم خارطة الطريق للمنطقة تماماً كما رسمت خارطة العالم بعد الضربة النووية لليابان وكما رسمت (إسرائيل) طبيعة محيطها بعد ضربتها الإستباقية الشاملة عام 1967. فمن هو صاحب الضربة الإستباقية المدمرة هذه المرة ليرسم خارطة المنطقة؟

-----------

drmjumian@gmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ