-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إسرائيل
على عتبة التقاعد بقلم:
د. فوزي الأسمر عندما
تحتفل إسرائيل بعيد استقلاها،
تذكر الفلسطينيين أنها سرقت
بلادهم وشردتهم، وحولت معظمهم
إلى شعب لاجئين. وهذه السنة
تحتفل إسرائيل بمرور 62 عاما على
قيامها أي أنها تقف على عتبة
التقاعد. ولكن الأهم من ذلك كله
أنها تقف أمام مفترق طرق هام.
وقد يكون مصيرها مرتبطا بهذا
القرار. ويبدو
أن هذا العام، أكثر من أي عام
مضى، يشكك الكثير من المفكرين
اليهود الإسرائيليين بنجاح
المشروع الصهيوني كما حلم به
المؤسسون لهذا الفكر في نهاية
القرن التاسع عشر. ويعتقدون أن
دولتهم تسير في الاتجاه الخطأ
والذي قد يؤدي في نهاية المطاف
إلى ما حل بمجموعة
"المكابيين" في متسادة
قبل ألفي سنة عندما قرروا
الإنتحار الجماعي . وقد جاء
ذلك في مقالة لأحد الكتاب
الدائمين في صحيفة "هآرتس"
(19/4/2010) حيث قال: "والمتطرفون
الذين تحصنوا في متساده قرروا
بشكل مستقل، قبل ألفي سنة، أن
ينتحروا. ومنذ ذلك الحين أصبح
لكلمة: الاستقلال، أبعادا مركبة
أكثر منها أبعاد عملية أو قرار
شخصي أو جماعي، دون الأخذ بعين
الاعتبار سكان المنطقة". بمعنى
آخر أن الاستقلال لا يعني أنه
يجب تنفيذ كل ما يدور في خلد
الشخص أو المجموعة. وهذا ينطبق
على حكومة إسرائيل التي تعتقد
أنها كدولة مستقلة تستطيع تنفيذ
ما يحلو لها أو ما تعتقد أنه
لصالح شعبها بغض النظر عن
المآسي التي تلحقه بالشعب
الآخر. ولهذا
السبب يرى الكثير من علماء
الاجتماع والعلماء النفسانيون،
أن إسرائيل تمر بمرحلة تخبط
واتخاذ القرارات الخاطئة التي
قد تؤثر على قيامها كدولة، على
الرغم من نجاحها الاقتصادي
والأمني. ففي
مقال مطول نشرته صحيفة
"هـآرتس"
(16/4/2010)عــنـوانــه "استقلال
في ظل خطر الإبادة". يقول
الكاتب: "بعد أيام سنحتفل
بعيد استقلالنا الـ 62 ، ولكن في
الحقيقة أننا بعيدون كل البعد
عن الاستقلال، يساوي البعد
القائم بين باراك أوباما وبين
بنيامين نتنياهو. وفي الواقع
أننا لم نزل نخوض حرب الاستقلال
(أي حرب 1948). ولم نستطع أن نحصل
على الأمن بعد، ولا هدوء ولا
سلام. كما أننا لا نزال مرتبطين
بدولة عظمى واحدة، ونحن الدولة
الوحيدة في العالم التي يرفف
فوقها خطر عدم البقاء". والتحديات
التي تواجه إسرائيل في عيدها
الـ 62 كثيرة داخليا وخارجيا.
ولهذا السبب يزداد التخبط
السياسي لقادتها، وتزداد
الانتقادات لحكامها ليس فقط من
المراقبين والقياديين في
العالم، بل أيضا من المراقبين
الإسرائيليين أنفسهم، وهذا
الأهم. ففي
مقال نشرته صحيفة "معاريف"
(18/4/2010) جاء فيه: "كلما تقترب
احتفالات يوم الاستقلال يتحتم
علينا أن نتذكر: طالما أن
الفلسطينيين يعيشون في سجن كبير
فأننا نحن أيضا لا نستطيع أن
نعيش أحرارا". وأضاف
الكاتب: "إن أمننا سيبقى معرض
للتحطيم ما دام جيراننا لا
يشعرون بالأمان، كما أن حياتنا
ستصبح جحيما. عندما يستطيع كل
فلاح على أرض إسرائيل يهوديا
كان أم عربيا الوصول إلى قطعة
أرضه وإلى عمله بحرية، عندها
فقط سيصبح يوم ألاستقلال عيدا
للحرية الحقيقية".
والحلم
الصهيوني بإقامة دولة تكون
"منارة للشعوب" على حد
تعبير مؤسس الحركة الصهيونية،
ثيودور هرتسل، وأحد مؤسسي
إسرائيل ديفيد بن غوريون أخذ
ينهار في أعين الكثيرين من
الإسرائيليين. فالإصطلاح
"منارة للشعوب" فيه من
الغطرسة والتعالي الشيء
الكثير، أي إقامة الدولة
المثالية، فكيف يمكن أن تقام
دولة مثالية، وهي قائمة على
جماجم شعب آخر؟ وعلى أشلاء شعب
لآخر؟ وعلى سرقة أرض شعب عاش
آلاف السنين على تلك الأرض؟
دولة تحكمها أيديولوجية
صهيونية عنصرية؟ وقد لخص
ذلك عاموس لابيدوت قائد سلاح
الجو الإسرائيلي سابقا ورئيس
أكبر جامعة علمية في إسرائيل
"التخنيون" في مقال له
نشرته صحيفة "هآرتس" (19/4/2010)
رؤيته لمقومات إسرائيل بعد أكثر
من نصف قرن على قيامها،
في ثماني نقاط: * على
الرغم من النجاح الإقتصادي فإن
الفجوة بين طبقات الشعب تتسع
وهي من أكبر الفجوات
في العالم الغربي. *
الفساد في قيادة الحكم وفي
الدولة تغطي
المجتمع الإسرائيلي
.والفساد في مؤسسات الدولة ينفذ
عن طريق الدولة ومؤسساتها،
وأحيانا عن طرق شخصية وكلها على
حساب أموال الشعب. وهذا يتضمن
رؤساء الدولة ووزراء وأعضاء
كنيست ورؤساء بلديات وشخصيات
مرموقة في المجتمع. بعضهم حكم
عليهم بالسجن وهناك من
يزال ينتظر محاكمتهم. * العنف
في المدارس وفي الشوارع بتزايد
مستمر بعدده وشراسته. * تزايد
مستمر في العمليات الإجرامية:
عصابات الإجرام المنظم في
تزايد. ولا يمر يوم بدون وقوع
جريمة قتل. وهناك تهديدات
مستمرة على حياة القضاة الذين
يحاكمون المجرمين. *
تتزايد نسبة
الهروب من الخدمة العسكرية،
ويرد الجيش على هذه الظاهرة
بالعفو. كما أن السياسة مخترقة
للجيش عن طريق عناصر مختلفة،
وكل له برنامجه الخاص. * في
المجتمع اليهودي المتدين تظهر
علامات عنصرية، وبالأخص بين
الأشكنازيم (الغربيين)
والسفارديم (الشرقيين)، وهذه
التجمعات الدينية في تزايد
مستمر، وهي ترفض أن تثقف
أبناءها على حياة العمل
والإستقلال الشخصي. والدولة تغض
الطرف عن هذه الظاهرة، والذي
يدفع الثمن هو الشعب. * نظام
التعليم في مكانه يَعُد.
الإنجازات العلمية في تدهور
مستمر، والطاعة غير موجودة،
وتصرفات الطلاب عنيفة ضدّ
المعلمين ومع بعضهم البعض.
والتعليم الإجتماعي فاشل. * هناك
إهمال كامل منذ سنين في أراضي
اليهودية والسامرة: سرقة
الأراضي الفلسطينية من أجل
إقامة المستوطنات اليهودية،
وبناء مستمر بدون الترخيص.
وأموال الدولة تتدفق
للمستوطنات بطرق غير مباشرة
وسرية وبدون رقابة. والمستوطنون
يعتدون على جيرانهم من
الفلسطينيين، والشرطة والجيش
يغضون الطرف عنهم، ولا يوجد
قانون ولا قضاة. وكل القضايا ضدّ
المشاغبين (اليهود) تهمل في
نهاية المطاف. ويمكن
الاسترسال في مثل هذه من خلال
معظم المقالات التي نشرت خلال
فترة عيد الإستقلال هذه السنة،
وجميعها تؤكد أن إسرائيل تقف
أمام مفترق طرق خطير، شيء لم
تشهده أعياد الإستقلال خلال
السنين الماضية. ففي
ظاهرة فريدة من نوعها هذه السنة
خرجت مجموعات يهودية متدينة
مناهضة للصهيونية في مظاهرات ضد
الدولة العبرية، وحرقوا العلم
الإسرائيلي، شيء لم يسبق أن حدث
من قبل.لقد كانت هذه المجموعات
تقوم برفع الأعلام السوداء في
هذه المناسبة، ولكن هذه المرة
أعربت عنها مواقفها بشكل مختلف
جدا. (يديعوت أحرونوت، 19/4/2010). ولخصت
صحيفة "هآرتس" (19/4/2010) في
افتتاحيتها وضع دولة إسرائيل في
عامها الـ 62 بهذه الكلمات: "...
وللأسف الشديد فإن يوم
الإستقلال الـ 62 يأتي والدولة
في تخبط سياسي وأمني ونفسي، فهي
معزولة سياسيا في العالم وتخوض
صراعا مع الدولة العظمى الصديقة
والتي نحتاجها لبقائنا كدولة.
تخاف من كل تحرك، ولديها شعور
بأن وجودها مهدد، وتقوم بجمع كل
ظاهرة لاسامية، إذا كانت حقيقية
أو خيالية مستغلة ذلك من أجل
الإستمرار في عدم الإكتراث
والإهتمام". ـــــــــــــــ * كاتب
وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |