-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 27/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


يوم الأسير السوري

بقلم: عبد الرؤوف حداد

كنتُ أتصفح بعض المواقع على الإنترنت، فوقعتُ على مقال في جريدة الثورة، لسان حزب البعث الحاكم في سورية، في عددها الصادر في 21/4/2010م،  وكان عنوانه هكذا:

"في يوم الأسير السوري.. نحو تحرك فاعل لتحريرهم من عتمة السجون وظلم الاحتلال".

وقد فاجأني العنوان، وشَخَصَ أمامي خيال الآلاف من أبناء شعبي الذين دخلوا السجون منذ ثلاثين سنة ولم يخرجوا. رأيت بأم عيني طرفاً يسيراً مما يلقونه، وقد لقيته معهم. وسمعت وقرأتُ الكثير عما لقوه في فروع المخابرات العامة والمخابرات العسكرية، في دمشق وحلب وحماة وحمص وتدمر... مما لا يمكن أن نصدقه لولا تواتر الأخبار في ذلك. ويكفي لأحدنا أن يقرأ "تدمر: شاهد ومشهود" أو "خمس دقائق وحسب" أو "القوقعة" حتى يعلم أي ألوان من التنكيل والتعذيب ذاقها الأحرار في تلك السجون.

ولكن ما فاجأني به العنوان قد زال فور قراءتي مطلع المقال، لتنقلب المفاجأة إلى عجب!. وهاكم مطلع المقال:

"الحادي والعشرون من نيسان يوم الأسير السوري، وما زال في سجون الاحتلال ثمانية أسرى من الجولان السوري المحتل في السجون الإسرائيلية، منهم معتقل منذ عام 1985م، ويقضون أحكاماً مدتها 27 عاماً".

إذاً فليس الحديث عن الآلاف الذين ننتظر خبراً عنهم منذ ثلاثين عاماً، إنما عن ثمانية أسرى في السجون الإسرائيلية.

نعم إن الأسرى الثمانية يستحقون أن تُحشد الجهود، وتُرفع الأصوات للإفراج عنهم. إن الظلم لا يطاق، وإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإن الظلم لا يجوز أن يقع على حيوان، فضلاً أن يقع على إنسان حر كريم. ولكن ما معنى أن الجهة التي تمارس هذا الظلم على الآلاف من أبناء شعبها ترفع صوتها محتجة على عدوها أن يمارس الظلم على ثمانية من أبناء شعبها؟!!.

إن الاستمرار في اعتقال هؤلاء الأسرى الثمانية جريمة تستحق الإنكار، وهي تنمّ عن وحشية العدو الصهيوني الذي يعتقل هؤلاء الأحرار، ولكن أي جريمة تلك التي ترتكبها الجهة التي تعتقل الآلاف من أبناء شعبها وتذيقهم من العذاب ألواناً منذ ثلاثين سنة؟!.

لقد ذكر لي بعض أبناء شعبي الذي اعتُقلوا سنة 1973م، وأمضوا في سجن فرع الحلبوني في دمشق أكثر من سنتين، أنه مرت عليهم في ذلك السجن فترة انتعاش سُمح لهم فيها أن يطلعوا على ما تنشره جريدة الثورة! وكان من مقالات الجريدة آنذاك ما يندّد بما يلقاه "المطران كبّوشي" الذي كان معتقلاً في السجون الإسرائيلية. وقد وصفت الجريدة سوء المعاملة التي يمارسها العدو الصهيوني على المعتقل السياسي المطران كبّوشي فقالت: إنه يسجنه في زنزانة صغيرة لا يتجاوز طولها ثلاثة أمتار، ولا يتجاوز عرضها مترين!. وكنّا نقرأ المقال ونعجب: جريدة الثورة تستفظع أن يُحشر المطران كبّوشي في سجون العدو في مساحة لا تتجاوز 6 أمتار مربعة، والسلطة التي تصدر جريدة الثورة تحشر اثني عشر سجيناً (وأحياناً ستة عشر سجيناً) في مساحة لا تتجاوز عشرة أمتار مربعة، فتكون حصة السجين الواحد أقل من متر مربع!.

صدق رسول الله r: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت" [رواه البخاري].

ومسألة أخرى: إن الشجب والاستنكار وتحريك الضمائر الحرة تجاه ظُلمٍ يلقاه السجناء... أمور يستطيع القيام بها أفراد مستقلون، كما يستطيع القيام بها مؤسسات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان ونقابات المحامين... وأما الدول، لا سيما التي يقع الظلم على ثمانية من أبناء شعبها، وقد تُستباح أجواؤها فتصل طائرات العدو إلى مناطق بالغة الحساسية فيها، هذه الدول لا يُكتفى منها بالشجب والتنديد، بل يُنتظر منها ردٌّ من نوع آخر، وإلا فما فائدة الجيش الذي عندها؟! هل تقتصر مهماته على حماية القصر الجمهوري وقصور كبار المسؤولين، وعلى تطويق المدن وتمشيطها عند الحاجة؟! أم أن القيادة العليا للدولة تنتظر الرد المناسب في الوقت المناسب؟! ما زلنا ننتظر منها مثل هذا الرد منذ سنين، وإنا لمنتظرون!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ