-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المفاوضاتُ
"المُؤَخّرةُ" مفاوضاتٌ
"مُعَوّقةٌ" بقلم:
فراس ياغي لا زعيم
مثله، لم يُجَرّب بَعد، مَذاقَه
يختلف عن غَيره، هو ليس كَغيره
من اللذين كانوا وذهبوا، يُريدُ
أن يَصنعَ مجداً له وبإسمه وهو
قادر على ذلك إن أراد، ونحن لا
نستطيعَ مُقاومة
إغراءه...حاولنا وفشلنا، هو
صريحٌ جداً وواضحٌ بطريقةٍ غيرِ
مَعقولة، لم يكذب عليتا ابدا،
لم يُعطينا وعوداً ونَكسها، منذ
لحظة تَسلّمه زمامَ العالم نَجح
في كل شيء، فلديهِ نظرةٌ سحريةٌ
في العالم أجمع وحتى لدى شعبه،
كلامه جميل، وخطاباته موسيقى
تمزج الراب بالرومانسية
الشرقية، فيكون لها وقعاً قوياً
على مستعميه، شعوباً وقادة
وزعماء وملوك، "ليس كمثله
شيء" على الارض... يبدو أنه
يستخدم نظرية "ديدرو" الذي
وضعَ سلما شبه أخلاقي للحواس
ولكن بطريقته الخاصة، فالنظرُ
لديه ثاقبٌ ومتوازنٌ وليس أكثر
سَطحية، والسمعُ عنده حاسة
النجاحِ وليس الغرور، والمذاقُ
لديه راقي ومتواضع وليس
مُطيراً، أما اللمس فله مكانة
خاصة فهو الأكثر عمقاً والاكثر
واقعيةً، وإستخدامه يكون بعد
تفكير كبير وبدون إنجرار نحو
عواطف جياشة وافكار
أخّاذه...إستخدم كل هذه
الاحاسيس، فنجح في الضمان
الصحي، والحد من الاسلحة
النووية والاستراتيجية، وهو
يواجه الآن "وول ستريت"
بكلِّ ثقة ويعمل بجهد كبير نحو
وضع نظام مالي جديد، وبطريقته
المعهودة في استخدام كل
الاحاسيس بالتأكيد سيحقق إنجاز
تاريخي...في موضوع الشرق الاوسط
والقضية الفلسطينية، لم تنفع كل
حواسه التي جربها، وغابت عنه
الحاسةُ الاهم هنا، حاسة الشم،
فهذه الحاسه صنفها "ديدرو"
بحاسة الرغبة، الحاسة التي
يحكمها اللاشعور وليس المنطق،
والشرق الاوسط يعيش
"بارانويا" قاتلة، فهنا
يقالُ ما لا يُفعل، ويُفعلُ ما
لا يُقال، ولو إستخدمها جيدا
لما إضطر الى الاعلان على الملأ
بأن توقعاته لم تلامس الواقع
اسرائيليا وفلسطينيا، بل إعترف
بأنه لم يستطيع أن يحقق من
إسرائيل سوى التعهد بعدم إتخاذ
خطوات "استفزازية"، وجدد
تمسكه بمفهوم الدولتين والسلام
بالفعل قدر الامكان، فمصطلح
مفاوضات "التقريب" جديد
علينا في عالم المفاوضات
المستمر منذ عقدين تقريبا،
ولكنه إبتدعه ولا بأس فقد أتى
بجديد، و "ميتشيل" سوف
يستخدم كل إمكانياته في هذا
المجال، فهو حقق شيئا في جانب
آخر من العالم القديم، ويريد ان
يسجل للتاريخ أنه قادر على
إكمال المتبقي في الجانب الآخر
من هذا العالم القديم. المشكلة
لم تكن أبدا في المفاوضات،
بالذهاب اليها من عدمه، فلا
بديل لمن ليس لديه بديل سوى
المفاوضات أصلا، ولكن أن نأخذ
الشعب والنخب السياسية نحو
مواقف وتصريحات لا قُدرة لصاحبه
عليها ثم نتراجع عنها، ليست في
علم المفاوضات سوى انتكاسة
كبرى، وتراجع بالنقاط لصالح
الآخر، وما الحديث عن إعطاء
"الوسيط" فرصة سوى تبريرٌ
للتبرير، ورغم أن الحق معنا،
إلا أن الباطل هو الذي يعيش
ويحيا، وليس لان الباطل أقوى،
وإنما لأنه ليس لدينا كما يبدو
نظام حقيقي يجمع قوتنا ويرتب
أوراقنا، وكما قال الامام
"محمد عبده" "إن الباطل
يعيش بالنظام، والحق لا يعيش
بغير النظام"، وهكذا نحن
فلسطينيين وعرب..."الوسيط"
الذي لا يُقاوم إغراؤه، بحاجةٍ
لفرصة، لماذا؟ لأننا لم نستطيع
أن نرتب أوراقنا جيدا مع هذا
"الوسيط"، بل إندفعنا بقوة
لشعاراته، فأصبحنا عالقين به
ومعه، إنجرفنا كالعادة نحو
أحلامنا وخيالاتنا، وحَمّلنا
"الوسيط" مسئولية تأييدنا
لما طرحه، فهو من دعا لتجميد
الاستيطان في القدس الشرقية وكل
الضفة الغربية، وهو من أيد وجود
مرجعية للمفاوضات ووضع جدول
زمني لها، وقراراتنا جاءت
منسجمه معه، وحين فشل
"الوسيط"، فشلنا معه، وكان
عليه أن يَبتدع طريقه أخرى
لينتشل نفسه قبلنا مما أصبحنا
فيه، فكانت مفاوضات
"التقريب" لأربعة شهور
بديلا عن كل ما ذهب، هي تقريب
وفي نفس اللحظة غير مباشرة،
وستصبح مباشرة حين تنضج الثمرة،
بطريقتنا أو بطريقتهم، فكل
الطرق مسار واحد، والكل مع
المفاوضات، فحياتنا وأيامنا
وأحلامنا وخبزنا وزيتنا
وقمحنا، مفاوضات، بدونها سنفقد
كل شيء، ولا بأس أن نجرب حتى
المُجَرّب، فهذا العلم لا
ينتهي، وتجاربه الكثيرة في
العالم لم نجربها بعد، ومع
علمنا بأن المفاوضات
"المُؤَخّرة" هي مفاوضات
"مُعَوّقة"، لذا يجب
الاسراع فيها، فسنة ونصف تكفي
في الممانعة عنها، وحصاد
الممانعة كانت ممانعة، وذهابنا
لا يعني تسليمنا بمنطقها بقدر
ما هو تأكيد أخلاقي وقيمي على
تمسكنا بنهجنا الاستراتيجي،
فلا تنازل عن القدس الشرقية،
فأحياؤنا العربية فيها لنا، ولا
تنازل عن الاغوار فالارض لنا
والترتيبات الامنية لهم، ولا
تنازل عن المساحة الجغرافية
ككتل استيطانية ومناطق حرام،
فسنأخذ بدل كل سنتيمتر باسم أل
"swap" ، ولا تنازل عن حق اللاجئين
في العودة، فهو حق يجب حله بشكلٍ
عادل ومتفق عليه، ومياهنا سنزيد
حصتنا فيها ونقتسمها بشكل لا
يؤثر عليهم، لكن بالتأكيد
سيتحسن وضعنا فيها. يقال أن
"طغيان الكثرة لا يقل خطراً
عن سيطرة القلة"، عندنا
الكثرة شعبيا ليس لها رأي،
والقلة تقرر قبل الذهاب
لمؤسساتها، كل شيء معكوس وغريب،
فقبل الذهاب للعرب و"لجنة
المتابعة" العربية كان
الاجدر بنا أن نتخذ القرار اولا
في "اللجنة التنفيذية"
للمنظمة ونضع موافقتنا مشروطه
بدعم العرب لنا، وليس العكس،
فبالتأكيد الآن كل مؤسسات الشعب
الفلسطيني مجتمعه لن تستطيع أن
تخالف القرار العربي، وإذا كان
موقف العرب هو المهم، فلماذا لا
نرد لهم الامانة ونسلمهم كل
المفاوضات ونحن نكون جزءا من
الوفد العربي؟!!! فلسطين ضاعت من
أيدي العرب اولا وأخير، والقدس
ليست لنا وحدنا، فهي قبلة
المسلمين الاولى وقبلة كل
المسيحيين...منطق غريب بالمفهوم
النظري، وفي واقع الامر هذا هو
حالنا، نحن بحاجة للعرب لاننا
لم نستخدم حاسة الشم جيدا،
فالانقسام أزكمنا ولم نعد
قادرين على استخدام أنفنا جيدا،
فأصحاب المفاوضات يفكرون
بطريقة الغاية تبرر الغاية،
وأصحاب ما يسمى "المقاومة"
يفكرون بطريقة الانفاق
ومكاسبها، المفاوضات هنا تمنع
الحصار الاقتصادي، والانفاق
هناك تكسر الحصار الاقتصادي،
وقضيتنا تحولت لمشروع بذي جدوى
اقتصادية في دولة الانفاق ودولة
الازدهار، والوحيد صاحب الرؤيا
العملية وبغض النظر عن مدى
وامكانية تطبيقها يهاجم من
أصحاب المشاريع، فبناء المؤسسة
والاقتصاد وفق خطة وضمن آلية
واضحة ومحددة يستطيع أن يواجه
لحظة "التخلي" التي
نعيشها، فحين نتأكد ونحن
متأكدين بأن لا جدوى في حكومة
اليمين الاسرائيلية، لا يبقى
لدينا سوى الصمود والتمسك
بالاهداف والبناء. سنذهب
لواشنطن، وسيأتي المبعوث
الامريكي ليس تسع مرات هي عدد
زياراته بدون احتساب مجيء
مساعديه ونائبه، بل طوال أربعة
شهور وحتى لسنتين قادمتين، ف
"كندوليزا رايس" وزيرة
الخارجية الأمريكية السابقة
جاءت اكثر من تسعة عشرة مرة وفي
ظل حكومة "أولمرت-ليفني"،
ولم نحصل على شيء يذكر، رغم أنها
من نفس "لون" الرئيس الذي
لا يقاوم (استمحيكم عذرا بهذا
اللفظ)، لكن البعض يقول: لا بأس
أن نجرب صاحب مقولة
"التغيير"، وصاحب مقولة
"نعم نستطيع"، لعل وعسى
تسعفنا هذه الشعارات، ويكون
لدينا القدرة قبل ان تكون لديه،
وتكون لدينا الاستطاعه قبل ان
تكون لديه، ويكون عندنا التغيير
الذي ينشده، ف "على الثوري أن
يقوم بالثورة" كما قال
"تروتسكي"، ولكن ثورة وفق
القرن الواحد والعشرين وليس وفق
ثورة "البلاشفة". ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |