-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تحرير
الأسعار، وتقييد الأفكار أ.د.
ناصر أحمد سنه* إن استشراف مستقبل أفضل لمجتمعاتنا
العربية يعتمد ـ ضمن ما يعتمد ـ
علي ركيزتين هامتين ومتداخلتين:
ركيزة اقتصادية، وأخرى فكرية (تعليمية
وثقافية وسياسية الخ). ففي الفترة الأخيرة هناك سمتان عامتان
طغتا علي مجتمعاتنا العربية ـ
والتي لكل منها خصوصيته، ونمط
معيشته، ومداخيله المالية
وموارده الاقتصادية، وأسلوب
تعبيره الخاص، وحراكه العام ـ
ألا وهما: ذلك الارتفاع الكبير
في أسعار السلع الضرورية
والخدمات والعقارات، كذلك
التململ من "تقييد الأفكار
وحرية الرأي والتعبير، وتدهور
السياسات التعليمية والبحثية،
وكذلك مناخ الحياة الثقافية
والممارسة السياسية كمظهر من
مظاهر الحياة الديموقراطية.
ولاشك أن هاتين السمتين قد
سببتهما تراكمات من التحولات
والتغيرات الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية عبر
عقود متتالية إلا أن تجلياتها
قد تفاقمت مؤخرا.. وهي تستدعي
إصلاحات قبل أن تعم الكارثة. حياة اقتصادية بحاجة إلي إصلاح من اقتصاد يغلب
عليه السمات الاشتراكية
والمركزية وتحكم الدولة
والقطاع العام.. وتحديد وتقييد
الأسعار ودعم السلع والخدمات،
وتوزيع البطاقات، وأجور رمزية،
واعتماد شبه كلي علي الدولة،
حيث لا ملكية خاصة حقيقية.. مما
ولد لدي الناس شعورا بأن الطعام
والشراب والتعليم والثقافة
والاستقرار مسئولية النظام
الحاكم، وأنهم غير مطالبين بعمل
أو إنتاج حقيقي ومثمر.. فكيف لمن
سلبت حريته وأمنه وكرامته
وهويته وانتمائه أن يجيد صنعة
أو يتقن حرفة، أو يبدع علما أو
يحسن عملا أو يبتكر فكرا أو
يستقر نفساً أو يقهر عدواً؟؟..
مما أدي إلي تدهور الحياة
الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية علي حد سواء.
ومن ثم كانت رأسمالية، وانخراط تام في
منظومة "الاقتصاد العالمي
الجديد" الذي يرسم معالمه
منظمة التجارة العالمية،
وصندوق النقد الدولي والبنك
الدولي للإنشاء والتعمير.. حيث
شيوع القطاع خاص "خصخصة"،
وإعادة الهيكلة، واقتصاد
السوق، وتحرير التجارة، ورفع
الحواجز الجمركية، وعولمة
اقتصادية وثقافية وشركات
متعددة الجنسية، ورفع الدعم عن
السلع والخدمات، وتحرير نظم
التأمين والمعاشات.. وتعظيم
الربحية والملكية الخاصة،
وحرية تملك الأجانب، مع تعميم
قيم الاستهلاك والاسترخاء
والإمتاع.. ، فهل أدت آليات هذه
"الخصخصة" الدور المطلوب
منها.. تنمويا أو تصديريا؟ لقد حققت آليات السوق تقدماً ووفرة لبعض
البلدان التي لم تكن على درجة
متقدمة من التصنيع مثل النمور
الآسيوية لكن وفق تجارب مميزة
ومدروسة، ولكنها دفعت ببلدان
أخرى نحو التهميش والفقر الذي
دفع بأبنائها إلي الموت "عبر
قوراب الموت" علي سواحل أوربا
من أجل لقمة العيش. في غالب المجتمعات العربية، فعلي الرغم
الحوافز المتعددة التي حصل
عليها القطاع الخاص، ومنها
الإعفاء الضريبي على الأرباح
التجارية والصناعية، وتوفير
الائتمان، ودعم سعر الفائدة
وتخفيض تكلفة مدخلات الإنتاج من
خلال دعم تكلفة الأراضي
والمرافق، وتخفيض الضرائب
الجمركية على الآلات التي
تستورد للمصانع المقامة في
المدن الجديدة وتخفيض الضرائب
الجمركية على المواد الخام
والوسيطة، هذا بخلاف ضمانات
وحوافز الاستثمار التي وفرتها
القوانين المحلية، فأين الدور
التنموي الحقيقي المطلوب منه..
محلياً أو تصديريا؟ ففي عصر العولمة واعتمادها علي "اقتصاد
المعرفة" وما يميزه من استناد
متزايد على قوة العمل المؤهلة
والمتخصصة في مختلف ميادين
الحياة، إلى جانب انتقال الهيكل
الاقتصادي من الاعتماد على
إنتاج السلع إلى إنتاج الخدمات.
فحوالي 70% من القوة العاملة في
كندا والولايات المتحدة
واليابان تعمل في ميدان
الخدمات، كما أن أسلوب إنتاج
المعلومة ونشرها واستنساخها قد
قلل الفوارق بين السلع
والخدمات، فضلا عن أن المعلومة
التي تشكل قوام مجتمع المعرفة
أدت إلى اختلاف وتداخلات بين
اقتصاد السلع واقتصاد الخدمات،
ودمجتهما. إن من اللافت للنظر القطاع الخاص في
المجتمعات العربيةـ على الرغم
من ضخامته النسبيةـ إلا أنه غير
متجانس وأغلب منشآته فردية
وعائلية وعشائرية، كما أنه لا
يمتلك بعد مقومات مشروع اقتصادي
وطني استراتيجي متكامل يمكنه من
إحداث تنمية وطنية حقيقية
تعكسها مؤشرات عدة وبخاصة
الاجتماعية منها. الأمر الذي
خلق تهديدات اجتماعية، وطلب
متزايد علي السلع الضرورية (ارتفع
سعر القمح بنسبة 90% في خلال عام
واحد)، والخدمات والعقارات،
واضطرابات في الأسواق، تهديد
فرص العمل، ومحدودية الدخل
وثباته، وتهديد الأمن المالي
والاقتصادي، في حين نجد من يلقي
باللوم في الارتفاع المحلي
لأسعار الحاصلات الزراعية علي
الدول المنتجة والمصدرة لها حيث
عمدت إلي إنتاج الوقود الحيوي
منها، مما رفع أسعارها العالمية!!. إن تراجع القدرات الإنتاجية للمجتمعات
العربية (واعتمادها شبه الكلي
علي الاستيراد الزراعي
والصناعي، وتراخي دورها
التصديري (معظم المنتجات
الصناعية هي صناعات تجميعية
لمنتجات شركات أجنبية)، ففي مصر
مثلا تعد الصناعات الاستهلاكية
الخفيفة هي المسيطرة علي الهيكل
الصناعي القائم، فالصناعات
الغذائية وصناعة الغزل والنسيج
تمثل معا نحو 53.5% من قيمة
الإنتاج الصناعي، لا يوجد تخصص
في صادرات صناعية (عدا مواد خام
وشبه مصنعة ونفط خام وغاز).
إن سطوة السياسات الاحتكارية الداخلية
والخارجية (كما في صناعات
التشييد كالحديد والأسمنت الخ)،
وتفشي ظواهر الفساد والرشوة
والمحسوبية (حجم الفساد في
الدول العربية بلغ 300مليار
دولار سنويا) ، وتدهور مستويات
الشفافية الاقتصادية، مع زيادة
الدخول الطفيلية، وارتفاع
معدلات البطالة، فضلا عن غياب
الرقابة الحكومية وسيطرتها
أجهزتها علي الأسواق والأسعار
قد انعكست تأثيراتها السلبية
المجتمعية لتلح طلبا للإصلاح
الاقتصادي الحقيقي. لقد ظلت قضية الملاءمة بين الاشتراكية
والسوق دائما محط اهتمام ومثار
نقاش. إن من الخطأ الاعتقاد
بالتعارض ما بين اقتصاد السوق والنظام
الاشتراكي إذ إن الاشتراكية لم
تعد فقط الملكية العامة أو الجماعية لرؤوس الأموال أي
أدوات ووسائل الإنتاج، وجود
قطاع عام في الدول الرأسمالية لا يعني
بحال التحول باتجاه
الاشتراكية، فقد تملكت الدولة
الرأسمالية وسائل الإنتاج وأقامت العديد من
المصانع والمشاريع الإنتاجية
وليس فقط التدخل في النشاط الاقتصادي, وقد أطلق
الاقتصاديون اليساريون على هذه
المرحلة من تطور الرأسمالية تسمية رأسمالية الدولة
الاحتكارية. أنه بتطور الفكر
الإنساني .. وبخاصة السياسي والاقتصادي فقد تطور مفهومي الاشتراكية أو مفهوم
الليبرالية الاقتصادية. الليبرالية الاقتصادية تشير إلي إن
النظام الاقتصادي الأمثل هو ذلك
القائم على حرية المبادرات
الفردية.. والذي هو بمثابة النظام
الطبيعي،
وإن
المنفعة الشخصية هي القانون
الاقتصادي الطبيعي الذي يحكم
مجمل النشاط الاقتصادي،
فالإنسان قادر على الموازنة بين
حاجاته ورغباته من جهة
وإمكانياته من جهة أخرى. وفي
سعي الأفراد وراء تحقيق مصالحهم
الشخصية تحقيق للمصلحة العامة.
وبناء عليه فإن تلك الليبرالية الاقتصادية تقوم
علي أسس ثلاثة:
أولها
الملكية الخاصة التي تشكل
الأساس القانوني للحياة الاقتصادية، وثانيها:
الحرية الفردية التي تعتبر
ملازمة لقانون المنفعة الشخصية وبالتالي يجب ترك الحرية
للفرد في العمل وفي الإنتاج وفي
الربح، وثالثها:
المنافسة
الحرة وآلية السوق التي تعتبر
بمثابة آلية لتنظيم الفعالية
الاقتصادية. واقتصاديو الغرب يتحيزون إلى نموذجهم
الغربي في التحديث، ويذهبون إلى
أنه هو المدخل الحقيقي والطريقة
الفضلى لتحديث البلدان النامية.إلا
أن التنمية الحقيقية هي التنمية
المتكاملة المعتمدة علي الذات،
والتنمية البشرية الجادة
والمستدامة، والعناية القصوى
بمستوى ونوعية التعليم والبحث
العلمي وربطه بسوق العمل،
والاستثمار الجيد فيه، وتعزز
قيم العمل والإنتاج، وإعادة
الاعتبار المجتمعي للحرف
والمهن التطبيقية، واستنبات
التقنية، والصبر علي استيعابها
وتطويرها، مما يتيح إعادة هيكلة
القوي العاملة ويزيل الهدر في
التعليم، واستنهاض الصادرات
بدلا الاستيراد والوكالة شركات
أجنبية. كل هذا وغيره مع أتساق
متواز مع الخصوصيات الثقافية
والاجتماعية والاقتصادية
لمجتمعاتنا، مع التواصل
الحضاري الفعَّال، والتفاعل مع
سائر النماذج وبخاصة القريبة
منا كالنماذج الأسيوية. إن في تجارب شرق آسيا الاقتصادية خير شاهد
علي إن التضارب الثنائي بين دور
الدولة الاقتصادي وآليات السوق
الحر إنما هو تضارب وهمي. فقد
استوعبت هذه التجارب كل معطيات
النموذج الغربي المادية، ولم
تهمل آليات السوق الحر إلا أنها
جمعت أيضا دور تنموي للدولة ..
تخطيطا لا مركزيا وجهازا للثمن
.. يخصص الموارد ويوزع السلع في
الأسواق واحتفظت بمقومات
شخصيتها الإنسانية، وقيم
مجتمعاتها وخصوصيتها الثقافية
كسبيل للنهضة الاقتصادية. فكان فيها "التدخل الانتقائي"
للدولة، والعلاقة التفاعلية
والتكاملية بين القطاعين العام
والخاص في صورة أدت وتؤدي إلي
تسهيل وتسريع عمليات التصنيع،
وتبني معدلات عالية القدرات
البشرية، والمنتجات
الصناعات التحويلية مما خلق
مسار دينامكي للنمو وتوجه حميد
للتغيير الهيكلي الاقتصادي (وفق
منظمة التجارة العالمية فإن
الصادرات الصناعية لماليزيا في
العام 2005م بلغت 105 مليارات دولار
أي بما يعادل إجمال الصادرات
الصناعية للدول العربية
بالإضافة إلي إيران وباكستان
وأفغانستان وآسيا الوسطي
مجتمعة) بديلا عن نظرية
الاقتصاد المفتوح والتحرير
الاقتصادي والتوجه للخارج وفق
معايير صندوق النقد والبنك
الدوليين. وحياة فكرية (تعليمية وثقافية وسياسية
الخ) بحاجة إلي إصلاح قضايا المجتمعات كلها ـ وليس الحياة
الاقتصادية فقط ـ تتحول الآن من
ولاية الدولة القطرية إلى ولاية
"نظام عالمي جديد"، ككل لا
يتجزأ، لكن أسرع الأشياء
انتقالا بين حضارة ضاغطة إلي
أخرى مضغوطة هي العادات
المعيشية وآخرها القيم
والتقنيات فالأولى اكثر دعة
وراحة، بينما الثانية أكثر جهدا
و كدا وكدحا. بيد ان تحديث
المظهر الاقتصادي لا يحقق
أهدافا واضحة ومستقرة ومستمرة
مثلما يحقق تحديث الأفكار
والسياسات التعليمية والثقافية
والممارسات السياسية. لاشك أن العلاقة بين أهل السلطة وأهل
الفكر والعلماء والمثقفين
علاقة متوترة كانت وما تزال محط
اهتمام وجدل، حيث تبدو السلطة ـ
في أعين البعض ـ كهيئة عليا
متعالية بمقدورها حفز أو كبح،
رعاية أو إهمال، إصلاح أو إفساد
الحياة الفكرية والعلمية
والثقافية، ويبدو النشاط
الفكري والبحثي والثقافي كنشاط
ذهنى يفسد باقترابه من السلطة
ويسمو بابتعاده عنها، وبانفصال
ممثلي السلطة والفكر (الصولجان/
القلم) تنفصل مجالات الحياة أو
تلتقي بالتقائهم. ولقد تجلي ذلك
في ميل المؤسسات الحكومية
البيروقراطية إلى إرسـاء دعائم
الهيمنة المركزية، وتأمين
مقومات الروتين، وتأكيد
التوجهات الرقابية على نحو
شمولي مأمون، وجمود المقررات
العلمية والتعليمية والبحثية
بعيداً عن التصدى لتحديات
القضايا والمشكلات المجتمعية
وتداعياتها الآنية والمستقبلية.
فالجامعات تعدّ في نظر عديد من الحكومات
بؤر خطر، فهي مكان "يعبّر فيه
الشباب عن مطالبه وتململه،
وانتظاراته وأحيانا عن غضبه".
كما أن المراقبة الحكوميّة
المتشددة كثيرا ما قادت وتقود
إلى ضرب من "الرقابة الذاتية"
التي يفرضها رجال التدريس على
أنفسهم درءً للخطر، لذا فأغلب
الجامعات والمعاهد العليا في
البلدان العربيّة لا تفسح أيّ
مجال أكاديميّ لحرية البحث
العلمي والفكري، فضلا عن فقدها
الدعم الكافي والمكانة
اللائقة، وربطها باحتياجات
المجتمعات. فقد نُقل عن جامعة الدول العربية أن نحو:"54%
من الطلاب العرب المبتعثين لا
يعودون، في حين أن
31% من إجمالي هجرة الكفاءات
في العالم النامي تأتي من
العالم العربي، منها 50% أطباء،
23% مهندسون، 15% علماء نابهين،
وأن الأطباء العرب يشكلون نحو 34%
من أطباء المملكة المتحدة
الأكفاء، كذلك توجد 75 %من
الكفاءات العربية العلمية في
ثلاث دول هي أمريكا وكندا
وبريطانيا، وفي هذا المجال تقدم
مصر وحدها 60% من العلماء
والمهندسين العرب إلي الولايات
المتحدة الأمريكية وهو ما
يكبدها حوالي200 مليار دولار
خسارة سنوية (للمزيد:"الثقافة
العلمية واستشراف المستقبل
العربي" لمجموعة من الكتاب،
كتاب العربي: 67، يناير 2007م،
ونقلاً عن جريدة الدستور
المصرية). المتابع لهذه الأرقام "الرسمية"
وغيرها كالتي ترصد وتقارن بيننا
وبين الصين والهند ـ علي ضخامة
عدد سكانهما، فخلال العام 1999م
هاجر من العرب علي الإجمال مما
مجموعه 4.5 مليون عربي، كان منهم
مليون جامعي غالبيتهم من
الأطباء والمهندسين، ونحو 120
ألف طالب للدراسات العليا"ماجستير
ودكتوراه"، 85% منهم للحصول
علي الدكتوراه، عاد
فقط نحو 15% من إجمالي هؤلاء
الدارسين، بينما هاجر من الصين
في نفس العام اقل من مليونين من
الأشخاص منهم أيضا مليون جامعي،
وشّـكل طلاب الدراسات العليا
منهم نحو 106 ألفا، ومن الهند
هاجر مليون وستمائة وخمسين ألفا
منهم نحو 53 ألفا للدراسات
العليا (نقلا عن د. انطوان زحلان
خبير في دراسات الوحدة العربية).
وبدلا من أن تكون البعثات العلمية في
عصرنا الحديث والتي كان في
طليعتها رفاعة الطهطاوي (1801- 1873م)،
لباريس والتي عادت لتكون رافدا
يضئ بعض جوانب كانت معتمة من
حياتنا العملية والحضارية، غدت
مصبا في بحر" الآخر" الزاخر.
ورغب المبتعثون عن العودة
لبلدانهم يفيدونها مما نهلوا في
إبحارهم هناك، فازدادت بلداننا
تصحرا وشح هطول الأمطار المحملة
بجديد العلوم والمعارف. يرحل
المبعوث للانخراط في المنظومة
العلمية والمعرفية في دول
الغرب، وينمى قدراته البحثية
والعلمية والمادية بيد أن
معظمهم ينتظم في أبحاث واطروحات
وأفكار يريدها الآخر لاستكمال
منظومة وتفوقه وهيمنته حتى لو
استدعى الأمر مواقف سلبية من
إمكانية نهوض أوطانهم الأصلية
وتلك خسارة كبيرة ودعامة من
دعائم تكريس الفجوة العلمية
الحضارية (مجلة العربي: 566،
يناير 2006م، ص 19). و"لا تتمثل المشكلة في مجرد فجوة
معرفيّة؛ بل من قهر واستبداد
فكري ، وأمية متفشية وبخاصة بين
النساء" والترويج للكسل
والخمول والتبعية والتقليد،
كما تكمن المشكلة في الهيمنة
الرقابة علي الأفكار والتضييق
علي الحريات، وضحالة روح
الابتكار والتفكير الإبداعي. إن توطين الكفاءات يستلزم معرفة وعلاج
الأسباب المتداخلة:علمية
وعملية واقتصادية وسياسية
وشخصية. فهو يستلزم محاولات
جادة لرأب الفجوة العلمية
المتزايدة بين ما كانوا فيه
وبين ما يجدونه من دولاب العمل
والبحث العلمي في وطنهم. ووضوح
الرؤية لألوية البحث العلمي
وذلك من خلال ارتفاع"المواطنية
الأكاديمية" وتكامل وتناغم
شتي الأنظمة العلمية والتقنية..
هيئة سليمة لوجود " حرم"
جامعي. وتقوية الهياكل
التنظيمية والإدارية والمؤسسية
والرقابية والمالية للجامعات
ولهيئات التعليم والبحث العلمي
وتكوين مؤسسات ومحاضن ترعي
المواهب والكفاءات والمخترعين
وشباب العلماء. وإيجاد توجه
شعبي/ اجتماعي / أكاديمي ينحو:
"لمدرسة علم لمجتمع حر، وقرار
علمي وطني، واستقلال الذات
العلمية ونهوض تنموي نافع"(الثقافة
العلمية، م.س.، ص235). كما يستلزم زيادة الدعم المادي (الحكومي
وغير الحكومي) والاجتماعي
والمعنوي للعلم وللعلماء
وللجامعات ومراكز البحث
العلمي، ومن ثم زيادة مستوي
الأنفاق والاهتمام ورعاية
البحث العلمي ، وتمثل دولة
الكويت مثالا رائدا غير مسبوق
في هذا المجال. كذلك ربط وتفعيل
الناتج العلمي ودور الجامعات في
مواكبة وحل مشكلات المجتمع
وتلبية حاجاته إلي العلم
والمعرفة والتقانة مما يثري دعم
مؤسساته وقطاعه الخاص للبحث
العلمي، دون انتهاك "براءة
الجامعة" ومراكز البحث
العلمي للحصول علي دعم خارجي
مقابل مطالب غير أخلاقية يريدها
"الممولون". والحاجة ماسة لمناهج صالحة ومناسبة
ومتناسقة مع تكوين المجتمع
السليم تعمل علي توسيع هوامش
الإبداع والابتكار والخلق،
والبعد عن أسلوب التلقين
والاستظهار، و"تقديس
الامتحانات والشهادات"،
وإشاعة "الديموقراطية
الفكرية العلمية"، وزيادة
التعبير الحر عن الحقيقة
المجردة ونشرها.. تنويرا للواقع
استشرافا للمستقبل، مع المرونة
العلمية التي تستوعب عوامل
التغيير التي تحيط بالإنسان
بعامة والمجتمعات والإنسانية
بخاصة (الثقافة العلمية، م.س.، ص
227-228). الارتفاع بهمة الهيئة
التدريسية والبحثية ومعاونيهم،
وتجردها، وتفرغ الأستاذ
الجامعي للبحث العلمي.. عزما
وصبرا وتصبرا.. وتكوين مدارس
علمية وأجيال بحثية ذات كفاءة
ودربة، ورقى وتطوير الجامعات
لترتفع عن أن يقتصر دورها فقط
علي الترقية للوظائف الجامعية
والأكاديمية، والارتفاع بقواعد
الإنجاز والنشر الأكاديمي
الرفيع عن أن تكبله الأعراف
البيروقراطية التي قد تساير بعض
قطاعات المجتمع المتنافسة. وينبغي أن تكون البعثات العلمية ضمن
منظومة علمية متكاملة للبحث
العلمي والحضاري لتسد النقص
وتقارب الفجوات، ومضرب المثل في
هذا الشأن أحد المبعوثين
اليابانيين البارعين الذي ترك
أطروحته الأصلية جانبا وقام
بفهم عمل وتركيب"الموتور"
الذي كانت تفتقد بلاده ومن ثم
نقله وتوطينه، فكان هذا "طفرة"
علمية وحضارية لليابان. كما
ينبغي تفعيل دور الملحقات
والمكاتب الثقافية والعلمية
بالخارج ومتابعة ورعاية
المبتعثين وذويهم في شتي دول
المهجر، وربطهم بأوطانهم
ومجتمعاتهم، وتذليل الصعاب لمن
يعودون منهم. في الإمكان قيام خطط تنموية خمسية وغير
خمسية وطنية تستوعب ضمن
مشاريعها تلك الكفاءات
وتوطينها افضل توطين، فضلاً عن
توطين تلك الأموال العربية"المهاجرة"،
لتحط استثماراتها في أوطانها
وتحقق طفرة إنمائية ملحوظة مما
يتيح لمشاريع إقليمية أكبر
وأضخم. ورغم التهجير القسري
بسبب حروب ونزاعات وكوارث
طبيعية، لا خلاف علي أفضلية
هجرة الكفاءات داخل بلداننا
العربية الإسلامية يعطون
وينتجون فيها فتستفيد منهم
أقطارنا.. نهوضا وتقدما علي طريق
التوحد والوحدة المنشودة. إن علاقة السلطة بالفكر والثقافة فى
العصر الحديث مختلفة عما كانت،
ليس على المستوى الكمي فقط،
ولكن على المستوى الكيفي أيضا،
والسبيل إلى تحقيق إصلاح في
جوانب تلك الحياة لا يمرّ عبر
إصلاحات جزئية، فمجمل البنية
الفكرية والثقافية والإعلامية
والسياسية مطروح للنقاش. بل إن
مجمل البنيان الاجتماعي بحاجة
إلي "عقد اجتماعي" جديد
متوافق عليه. ولقد زاد من تلك
التحديات الحقيقية للثقافات
الوطنية ذلك الانتشار الواسع
لوسائل الاتصال العالمية
والمعرفية وشبكات الأقمار
الصناعية. هناك مناداة بحرية التعبير عن الأفكار
والآراء عن طريق الكلام أو
الكتابة أو الفن بدون رقابة أو
قيود بشرط أن لا يمثل طريقة
ومضمون هذه الأفكار أو تلك
الآراء ما يمكن اعتباره خرقا
لقوانين وأعراف الدولة أو
المجموعة التي سمحت بحرية
التعبير ويصاحب حرية الرأي و
التعبير على الأغلب بعض أنواع
الحقوق والحدود مثل حرية
التفكير وحرية الصحافة و حرية
التظاهرات السلمية. بالنسبة
لحدود حرية الرأي و التعبير
فانه يعتبر من القضايا الشائكة
والحساسة إذ أن الحدود التي
ترسمها الدول أو المجتمعات
المانحة لهذه الحريات قد تتغير
وفقا للظروف الأمنية والنسبة
السكانية للأعراق والطوائف
المختلفة التي تعيش ضمن الدولة
وأحيانا قد تلعب ظروف خارج نطاق
الدولة أو المجموعة دورا في
تغيير حدود الحريات. لكن هناك
ترسيخ لفكرة الحرية المسئولة،
حيث المسئولية هي الوجه الآخر
للحرية، إذ أنه لا حرية مطلقة
وإنما هناك حرية منضبطة
بالمسؤولية، حرية تواجهها
مسئولية، فالإنسان مسئول بقدر
ما هو حر. ويعتبر جون ستيورات ميل ((1806 - 1873 من
أوائل من نادوا بحرية التعبير
عن الرأي مهما كان: "إذا كان
كل البشر يمتلكون رأيا واحدا
وكان هناك شخص واحد فقط يملك
رأيا مخالفا، فان إسكات هذا
الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام
هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني
البشر إذا توفرت له القوة".
وكان الحد الوحيد الذي وضعه ميل
لحدود حرية
التعبير هو "إلحاق الضرر"
بشخص آخر في جدلية مستمرة إلي
اليوم حول ماهية ذلك الضرر
ونسبيته من مجتمع لآخر. وكان جون
ستيوارت ميل من الداعين للنظرية
الفلسفية التي تنص على أن
العواقب الجيدة لأكبر عدد من
الناس هي الفيصل في تحديد
اعتبار عمل أو فكرة معينة
أخلاقيا أم لا وكانت هذه
الأفكار مناقضة للمدرسة
الفلسفية التي تعتبر العمل
اللاأخلاقي سيئا حتى و لو عمت
فائدة من القيام به. علي أية حال فإن نهوض الحياة الفكرية
والثقافية رهن بتضافر الجهود
والشراكة بين المؤسسات
التنفيذية ومنظمات المجتمع
المدني ومؤسسات القطاع الخاص
للعمل علي إلغاء كافة صور
الرقابة على النشر وتداول
المطبوعات والصحف والإبداع
الفكري والفني، وإطلاق حرية
تداول المعلومات، وإلغاء
القوانين المتعلقة بحجب وسرية
بعض المعلومات باستثناء
المعلومات المتعلقة بالدفاع
الوطني، والحق في التجمع
والتظاهر السلمي، وضرورة تنقيح
البنية التشريعية من النصوص
التي تمثل انتهاكا للحقوق
والحريات، وضرورة الالتزام
بالمواثيق الدولية المعنية
بذلك، وضرورة وقف العمل بقوانين
الطوارئ التي تعصف بالعديد من
الحقوق والحريات العامة
والشخصية. وتنظيم حق التظاهر
وفق المعايير الدستورية
والدولية، على أن يكون ممارسة
هذا الحق من خلال إخطار الجهات
المعنية بكافة المعلومات
المتعلقة بالمسيرة من زاوية
الجهة والتوقيت والزمن المقرر
للمسيرة والمكان والمسار
المحدد بما لا يعطل حركة المرور.
مع إزالة كافة القيود المفروضة
على الحق فى تنظيم الجمعيات
والأحزاب والنقابات بوصفها
الأطر التنظيمية التي تسهم فى
انتظام وتنظيم الحق فى التظاهر
من قبل المجموعات التي ترغب فى
ممارسة هذا الحق. وإلغاء قانون
الرقابة على المطبوعات
الأجنبية؛ لأنه أصبح غير فعال
في ظل السماوات المفتوحة
والفضائيات التي ألغت كل الحدود.
في الشأن الديموقراطي والليبرالي يوجد خلط رائج بين مفهومي الديمقراطية
والليبرالية، فهناك تمايز بل و
أحياناً تناقض بينهما.
فالديمقراطية تركز على مفهوم
"سيادة الشعب"، فالعقلية
الديمقراطية تسند إلى ديالكتيك
الحرية والمساواة، حيث إن
الديمقراطية بالنسبة للعالم
الغربى تنطلق من أن كل فرد يؤمن
أن حريته تقوم على إثبات حرية
الآخر وبذلك تصبح الحرية ميسورة
للجميع. بينما
الفكر الليبرالي يركز على
الحقوق والحريات الفردية،
وضمان حقوق الملكية وحرية
التبادل الاقتصادي، التعارض
بين الليبرالية والديمقراطية
اكتسب بعداً جديداُ في عصر
العولمة، حيث أصبحت المصالح
الليبرالية المرتبطة برأس
المال بعيدة كل البعد عن هيمنة
الدولة، وبالتالي خارج متناول
المحاسبة الديمقراطية. ليس هذا
فحسب، بل أصبحت الامبراطوريات
الإعلامية العابرة للقارات،
والواقعة خارج إطار المحاسبة
الديمقراطية تتحكم في اللعبة
الديمقراطية دون أن تتقيد
بشروطها، كما نرى تلك
الإمبراطوريات الإعلامية تؤثر
في السياسة في أكثر من بلد دون
أن تعبأ بضوابط المحاسبة
الديمقراطية. لقد قامت
الولايات المتحدة في الأساس على
مفاهيم ليبرالية، وكان الآباء
المؤسسون لا يستخدمون مصطلح
الديمقراطية إلا لماماً،
ويميلون إلى مصطلح "الحكم
الجمهوري"، تيمناً بروما، لا
أثينا. وقد كان المنظرون
الليبراليون يتخوفون منذ
البداية من أن يؤدي ترسخ
المفاهيم الديمقراطية إلى "انقلاب"
يقوم فيه الفقراء بالإمساك
بالسلطة واستخدامها لسلب
الأغنياء أموالهم. ومثل هذه
المخاوف كانت سائدة في الفكر
الغربي منذ أيام أرسطو، واكتسبت
أهمية جديدة بعد قيام الثورة
الفرنسية وما ارتكبته في حق
الطبقات العليا، وزادت بعد ظهور
الفكر الماركسي والحركات
الاشتراكية التي أخذت تنادي
علناً بحق الفقراء في السلطة
تحديداً لإنهاء هيمنة الطبقات
الغنية. ولكن هذا التمايز بين الديمقراطية
والليبرالية تم الاستناد إليه
عند بعض منظري اليمين الجديد في
الولايات المتحدة بأن سياسة
أمريكا يجب أن تروج لليبرالية
وتمتنع عن المناداة
بالديمقراطية. ولا شك أن مثل هذا
الموقف قد يجد هوى عند كثيرين من
أنصار التيار العلماني
المتخوفين من أن يؤدي "التسرع"
في تبني الديمقراطية إلى هيمنة
عناصر "غير ليبرالية" على
مقاليد الأمور، فتتولد من
الديمقراطية نقيضها. وعلى الرغم
من أننا نجد المرزوقي يرفض مثل
هذه الدعوات، إلا أن بعض
انتقاداته لمفهوم الإسلاميين
للديمقراطية قد يفهم منها أنه
أيضاً يقدم الليبرالية على
الديمقراطية، أو على الأقل لا
يرى مكاناً للديمقراطية بمعزل
عن مركبها الليبرالي. وإذا كان
الأمر كذلك، فقد يطرح هذا
تساؤلات مهمة حول المعادلة
المطلوبة في هذا المجال. وهي أن الديمقراطيات، بما فيها
الديمقراطية الأمريكية، قد لا
تكون ديمقراطيات حقيقية، بل
استبداد مقنع. الديمقراطية، كما
نعلم، تميز نفسها عن بقية أنواع
الحكم في كونها نظام حكم يقوم
على حكم الشعب والمساواة في
المواطنة. ولكن هناك من يرى
تقارباً بين الديمقراطيات
الحديثة ونظم الاستبداد في
كونها أخذت تتحول فعلاً إلى
ارستقراطيات تقسم الشعب إلى قلة
من "المواطنين" وأغلبية من
"الرعايا".
الفرق بين الاستبداد المقنع
في الديمقراطيات المزعومة
والمكشوف عندنا هو أن تلك
الديمقراطيات لديها ما يكفي
لشراء سكوت الرعايا، وما يكفي
من الأدوار الثانوية لاستيعاب
العدد المتزايد من "المواطنين"
إلى جانب الأرستقراطيات
المتمكنة. أما في الدول الأخرى
فلا بديل عن القمع لضبط الأمور. أن الديمقراطية بما تتضمنه من تنظيم
مؤسسى للوصول إلى القرارات
السياسية يؤدى إلى أن يحصل
الأفراد على القدرة علي اتخاذ
القرار عن طريق التنافس
الجماهيري. علاقة المشاركة
السياسية بمؤشرات مختلفة مثل
المستوى الاقتصادي الاجتماعي
للأسرة، والانتماء إلى جماعات
مؤسسية، ولا يكفى أن تصبح
الدولة ديمقراطية من خلال مجرد
نقل المؤسسات الديمقراطية
ليصبح النظام ديمقراطي بل لابد
من تنمية القواعد العملية
للنظام الديمقراطى مثل السلوك
السياسي وميكانيزم اتخاذ
القرار، والعلاقة بين الحكام
والمحكومين وهذا الكل الثقافي
يرتبط بعلاقات إنسانية تتطور من
خلال المواطنة والتي تساهم في
وجود مواطن نشط فى المشاركة
السياسية. وبالصورة التي تتوافق مع مصالحنا ومصالح
وطننا وأبناء أمتنا وهويتنا
يمكن الدفاع عن قضية
الديمقراطية الحقة، التي هي
علي تبسيط لها هي اختيار بين
بدائل، ولن يتأتي هذا الاختيار
دون وعي ومعرفة وثقافة ومناخ حي
وحيوي قوي ومستنير. تعبير
دقيق عن توازن الطبقات فى
المجتمع ومستوى التطور الداخلي
العضوي، لا مجرد استجابة لإيعاز
مقطوع الصلة بالمنطقة
وتطوراتها، ولا كمجرد " ديكور"
خارجي، مفروض لتحقيق مصالح
الآخر. فاحترام الكرامة
الإنسانية، إرساء الحقوق
المدنيّة، وشيوع قيم المسئولية
و ديموقراطية الأسرة والمجتمع
حيث يتاح للكل التعبير عن
رغباته وآرائه والمشاركة في
اتخاذ القرار،(فالمشاركة قلب
الديمقراطية)، مع حق الاختلاف
ونبذ سياسات التمييز بسبب ذلك،
وعدم الاعتمادية والمثابرة
وتأجيل الملذات العاجلة،
ومحاربة الانتهازية الفردية
والجماعية، و تقرير المواطنة
الصالحة.." ثقافة" تمثل
جوهر كل السياسات كبيرها
وصغيرها، و"ضرورة" لا محيد
عنها. صفوة القول: عالم الأشياء الاقتصادي/المادي (المدنية)،
وعالم الأفكار المعنوي (الثقافة
والتعليم والسياسة الخ) هما
جناحي التحليق في فضاءات التقدم
والرقي، ولا تقوم نهضة حقيقية
إلا اعتمادا عليهما. فالمدنية
علوم الحضارة العملية
والتجريبية وتطبيقاتها
التقنية، والفكر هو نظمها
وقيمها ومبادئها. وفي البناء
الحضاري لابد لنهوض اقتصادي قوي
متداخل مع قيم الحرية والكرامة
والعدل.. تتمركز في قلب نظام
القيم السائد وتتبناها كل
المؤسسات الرسمية والشعبية. كما
أن الحرية نوعان: حرية التفكير
وحرية الاختيار وهما يتحققان
عندما لا تقيدهما إرادة مخلوق،
ولا تخرج عن القوانين
الاجتماعية الطبيعية، ولا تجور
علي نسق الحياة. لذا فلكي تنهض
المجتمعات العربية من كبوتها
عليها الموائمة بين اقتصاديات
وديناميكات الأسواق، وبين حرية
الأفكار والتعليم والثقافة
والسياسة الخ التي لا قيود
عليها بما يحقق الصالح العام
لتلك المجتمعات. ـــــــــــــــ *كاتب وأكاديمي من مصر ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |