-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 17/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عن نهجي "المقاومة" و"المساومة" و"الطريق الثالث"

عريب الرنتاوي

إن صح القول بأن الانقسام على الساحة الفلسطينية هو انقسام بين برنامجين: "مُقاوم" و"مُساوم"، فثمة قول صحيح آخر مفاده أن كلا البرنامجين مأزوم، وأن أياً منهما لا يحمل وعداً خلاصياً قريباً، فلا البرنامج "المُقاوم" عاد مقاوماً، بعد أن وجد نفسه مكبلاً بقيود السلطة وترهلها وحساباتها وشروطها الصعبة، ولا البرنامج "المُساوم" بقيت لديه هوامش حركة تعطية قدراً من المصداقية أو الجدية، وهو سائر إلى "قَدَرِه المحتوم": التلاقي مع "السلام الاقتصادي" لنتنياهو، عن حسن نية أو من دونها، لا فرق، طالما أن العبرة دائما في النتائج.

 

جديد أنصار البرنامج "المُساوم" أن أحداً من أنصاره ما عاد قادراً على البوح بـ"قناعته" بهذا الخيار، فكل الأسباب التي تُحشد لتبرير استمرار السير في دروبه ودهاليزه، ليس من بينها سبب (أو حتى مبرر) واحد يتصل باستعادة الحقوق واسترداد الحريات، هذا يحدثك عن رغبة في تفادي إغضاب (إفشال) أوباما، وذاك يدرج المسألة في سياق "العلاقات العامة"، وثالث يتحدث عن "الحاجة لكشف زيف نتنياهو وعريه" ورابع يقول": "لا نريد أن نتحمل وزر فشل العملية السياسية نيابة عن إسرائيل"...أسباب ومبررات عديدة ترد على ألسنة فرسان هذا البرنامج، تتحدث عن كل شيء ما عدا عن استرداد الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.

 

جديد أنصار البرنامج "المُقاوم" يتجلى في سعي أنصاره والناطقين باسمه للتوفيق بين أمور وممارسات يصعب الجمع بينها، فكيف يمكن الجمع مثلا بين الهدنة المفتوحة و"المقاومة"، منع إطلاق الصواريخ والتصدي لمطلقيها من جهة والحديث المستمر عن المقاومة (لسنا بالمناسبة من مؤيدي أطلاق الصواريخ الآن من قطاع غزة)، كيف يمكن تفسير هذا "الموات" في الضفة والقدس، أين ذهب المقاومون هناك، وهل يمكن الركون إلى خيار لم يودي بحياة إسرائيلي واحد طوال سنوات، وماذا حل بمعادلة (1 : 3) أو توازن الرعب التي حدثنا عنها رموز هذه المدرسة؟.

 

منذ أن أصبح الاحتفاظ بالسلطة هدفاً عزيزاً على قلوب القائمين على كلا البرنامجين، فقد كل منهما قدرته على أن يكون طريقاً خلاصياً مُوحداً للشعب الفلسطيني: فمن أجل الحفاظ على السلطة في رام الله، يجري التنازل تباعا عن حقوق شعب فلسطيني بل ويجري تفهم الرواية التوراتية للحق اليهودي في فلسطين، وتصبح المشكلة أن إسرائيل تختار "تلالنا" لبناء المستوطنات بدل التلال غير المأهولة، وتصبح يهودية الدولة مسألة تقررها إسرائيل، نحن نعترف بإسرائيل وهي تقول بعد ذلك أنها يهودية نقية أو دولة جميع سكانها، ونحن نريد من إسرائيل أن تعترف بحق العودة أما العودة فهي مكفولة إلى أي مكان ما عدا داخل الخط الأخضر، إلى آخر ما هنالك من تنازلات لم تعد تثير أحدا بعد أن أُدرجت "الثوابت الفلسطينية" في عداد "تصريف الأعمال"؟

 

ومن أجل الحفاظ على السلطة في غزة، لا يجوز استفزاز إسرائيل بأكثر مما ينبغي، لأن "نهج المقاومة" بات مكشوفاً، أصحبت له مكاتب ومقار وعناوين وأماكن إقامة دائمة، أصبحت له طقوس ومراسم وتقاليد وأعراف، أصبحت له رزنامة مختلفة عن رزنامة المقاومة، وأولويات تملي "الصبر على الصلف الإسرائيلي المتمادي"، ودائما بحجة حماية المقاومة ونهجها وخيارها، حتى وإن اضطرنا الأمر للاختلاف مع رفاق السلاح وأحيانا الاشتباك معهم؟.

 

في كلتا التجربتين المأزومتين، لا بأس من استحضار المقاومة بأشكالها المختلفة لتدعيم "منطق" هذا الفريق ودحض "لا منطق" ذاك: فالمقاومة الشعبية السلمية الخاضعة لقانون الاجتماعات العامة في رام الله (؟!) تبدو أمراً مطلوبا لحفظ ما تبقى من صدقية وماء وجه، والتلويح بتصعيد المقاومة والتهديد باختطاف المزيد من الجنود، بات الزاد اليومي للناطقين باسم نهج المقاومة، الذين يشكون من بطالة شبة تامة هذه الأيام.

 

ومع تردي أزمة الانقسام الفلسطيني، وتفاقم مأزق جناحي المعادلة الفلسطينية، فإن "طريقا ثالثا" يشق طريقه على الأرض، بدعم دولي كاسح، ورضى إسرائيلي لا تقلل من شأنه بعض التصريحات ضيقة الأفق لبعض متطرفي الائتلاف الحاكم، والمقصود بهذا الطريق هو خطة بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال (أو في مواجهته كما يزعم أنصار هذا الطريق من دون أن يأتوا بأي برهان على ما يقولون)، علماً بأننا لا نرى أية أجراءات إسرائيلية على الأرض (باستثناء بعض التصريحات المجنونة لليبرمان) تدل على ضيق تل أبيب بهذا النهج وصاحبه وأنصاره.

 

خلاصة القول: أن خطة السلام الاقتصادي كما وردت في برنامج الليكود ونتنياهو، ستلتقي في نقطة معينة، قد لا تكون بعيدة، مع برنامج بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال، وسيلتقي الرافدان في مجرى واقعي واحد، ظاهره اختلاف الأجندات واصطراعها، وباطنه التقائهما التام حول الأهداف والوسائل والمآلات، فإن تمت "التسوية" رسمياً على يد القابلة القانونية جورج ميتشيل، أعلن عن ولادة الحل التوافقي في احتفال دولي مهيب، وهو حل لن يخرج كما بات مؤكداً عن حدود "كامب ديفيد – ناقص"، وإن تعثرت التسوية وثبت أننا أمام حمل كاذب، تعلن الدولة الفلسطينية من جانب واحد، وبوصفها فعلاً نضالياً، وترد إسرائيل بخطوات أحادية مضبوطة، وسيعترف العالم بالدولة الناشئة ويدعو لجولة جديدة من المفاوضات ولكن بين دولتين "مستقلتين"، ويعاد إنتاج "سيناريو كشمير" بالتمام والكمال: مفاوضات لستين سنة قادمة، مع بقاء كل طرف في "مطرحه"، وسيكون هناك في الجانب الفلسطيني بالطبع سلطة أو سلطات، همها الأول والأخير، أن تظل قائمة وأن تجدد نفسها بنفسها، ستكون هناك خطط إنعاش اقتصادية طالما أن "جوع الفلسطينيين قد يشكل تهديداً لأمن إسرائيل" وستكون هناك أجهزة أمنية هدفها حفظ الأمن الإسرائيلي تحت مسمى منع فوضى السلاح وفلتان الفصائل، وستخرج من رام الله صيحات النصر بقيام الدولة رغم أنف الاحتلال، وسترد عليها غزة بتصريحات نارية غاضية تنتهي بإبداء الحرص على استعادة الوحدة الوطنية والمشاركة في بناء أجهزة السلطة ومؤسساتها، وسيُخرِج لنا الإسرائيليون ألسنتهم قائلين: لكن القدس وغور الأردن ومناطق خلف الجدار ما زالت في أيدينا، فيما لاجئيكم في الوطن والشتات ما زالوا في مخيماتهم يزيلون الغبار عن أوراقهم الثبوتية ومفاتيح بيوتهم القديمة، وستكون هناك ما يكفي من المؤتمرات والاجتماعات المؤيدة حينا والغضبة في أغلب الأحيان، سيُغلق فصلٌ من فصول صراع المائة عام، وسيُفتتح فصلٌ جديد يؤسس لمائة عام قادمة من الصراع، ومن يعش ير.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ