-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
السلطة
حين تتحدث عن "المقاومة" و"المقاطعة"
؟! عريب
الرنتاوي ما من
كلمة تتردد على السنة الناطقين
والمسؤولين الكبار في السلطة
الفلسطينية، أكثر من كلمتي:
المقاومة والمقاطعة: المقاومة
الشعبية (السلمية بالطبع)
ومقاطعة (المستوطنات
وليس إسرائيل كما هو معروف)، لكن
مع ذلك، لا يبدو أن هذا الخطاب
قد نجح في استقطاب قواعد
جماهيرية له، أو أن الشعب
الفلسطيني في عمومه قد أخذه على
محمل الجد، والسبب في ذلك لا
يعود لتآكل صدقية السلطة فحسب،
بل وإلى تناقض الدعوة للمقاومة
والمقاطعة مع تفاقم "اعتمادية"
السلطة على إسرائيل والغرب
ومجتمع المانحين من جهة ثانية. فالمقاومة
الشعبية (حتى السلمية منها) تفقد
قيمتها وتصبح فعلاً زائفا إن
اقترنت باستمرار التنسيق
والتعاون الأمنيين، والمقاومة
الشعبية (حتى السلمية منها)
تستلزم حشد جميع طاقات الشعب
والمجتمع على اختلاف مرجعياتها
ومشاربها، وما يجري في الضفة
الغربية من استهداف غير مسبوق (بشهادة
زكريا الزبيدي لهآرتس) لكادرات
ونشطاء حماس والجهاد و"المقاومة"
عموما، لا يوحي من قريب أو من
بعيد بأن "جماعتنا" جادون
فعلاً في حديثهم عن المقاومة،
بل ويؤكد أن "مقاومتهم" هذه
ليست سوى رسائل موجهة للداخل
الفلسطيني، وعملاً استعراضياً
لمواجهة الخصوم والمجادلين لا
أكثر ولا أقل. وما
ينطبق على المقاومة ينطبق على
المقاطعة، فكيف يمكن لسلطة
تتعهد ليل نهار بوقف "التحريض"
ومناهضته، أن "تحرّض" على
المقاطعة...كيف يمكن لسلطة تورط
العديد من رموزها في عمليات بيع
وإتجار وبناء وتزويد مع
المستوطنات ولها، أن تتصدى
لعمليات المقاطعة...كيف يمكن
لسلطة قبلت باستئناف المفاوضات
مع استمرار الاستيطان وتجيز
تبادلاً للأراضي مع الكتل
الاستيطانية أن تكون خصماً
عنيداً للاستيطان والمستوطنات
والمستوطنين...كيف يمكن لسلطة
تسمح لضباطها الالتقاء بـ"نظرائهم"
الإسرائيليين في المستوطنات
الرابضة على صدور الفلسطينيين
وقلوبهم وأراضيهم، أن تكون
منافحاً صلباً عن المقاطعة ورفض
التطبيع. نحن
نقدر بالطبع، النضالات الباسلة
لأهالي بلعين ونعلين ولكل
المشاركين في "المقاومة
الشعبية السلمية" ضد الجدار،
ونطالب بإخراج هذه المقاومة من
"المختبر الضيق" الذي تريد
السلطة احتجازها فيه، إلى رحاب
الأرض الفلسطينية المحتلة، كل
الأرض الفلسطينيية المحتلة،
فعدم قناعتنا بجدية السلطة
ومصداقية شعاراتها "المقاومة
والمقاطعة" لا يجب أن يصرف
أنظارنا عن الصفحات البطولية
التي يسطرها شعب فلسطين على
خطوط التماس هذه، ولا يجب أن
يحجب عنّا رؤية الفارق الجوهري
بين موقف السلطة والشعب في هذا
المضمار. ونحن
ندعو الفصائل الفلسطينية،
وبالأخص المعارضة (المقاومة
منها) للانضمام إلى نموذج نعلين
وبلعين أو خلق نماذج مشابهة
أخرى، متخطية تحفاظتها التي
نشاطرها إياها حول مسائل
النوايا والجدية والمصداقية،
فمثل هذا التحفظات يجب أن تكون
حافزاً لتطوير المقاومة
الشعبية وتفعيل المقاطعة
وتطويرها، بدل الاكتفاء
بالتشكيك بنوايا السلطة وهجاء
توجهاتها. المقاومة
والمقاطعة من الأسلحة التي
يستطيع الشعب الفلسطيني في
الضفة والقدس إشهارها واللجوء
إليها الآن، فكلفتها قليلة
نسبياً، وهي ستحظى بحكم طبيعتها
السلمية بفهم العالم وتفهمه،
وهي تندرج في باب "أضعف
الإيمان" الذي لا يتسبب بحدوث
انقسامات فلسطينية جديدة أو
تعميق الانقسامات القديمة كما
هو الحال فيما لو قررت فصائل
المقاومة اللجوء لخيار الكفاح
المسلح، وهي – المقاومة
الشعبية والمقاطعة – قد تكون
الاستجابة الأكثر عقلانية في
المدى المنظور، لحالة توازن
القوى القائمة في هذه البقعة من
فلسطين المحتلة وإلى أن يقضي
الله أمراً كان مفعولا ويهتدي
الشعب الفلسطيني إلى وسائل
كفاحية أفعل وأمضى في مواجهة
الاحتلال ومن شأنها رفع كلفته،
توطئة لكنسه. ولتكن
المقاومة الشعبية والمقاطعة
والحالة كهذه، المدخل للوحدة
الميدانية بين الجميع،
والاختبار الأول والأصدق
للنوايا والجدوى والجدية، لتكن
القاسم المشترك الأعظم المؤسس
لخيار الجمع بين المفاوضات
الرشيدة والمقاومة الرشيدة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |