-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 31/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معادلة «الوحدة والصراع»

 بين العلمانية والإسلام المقاوم

عريب الرنتاوي

ميّز الرئيس السوري بشار الأسد بين دعمه لكل من حزب الله وحركة حماس من جهة ، وحبه لهما أو إعجابه بكل ما يقومان به من جهة ثانية ، مُرجعا الدعم إلى الالتزام بالقضيتين الفلسطينية واللبنانية ، مفسرا الخلط بين الدعم والحب ، بعجز الغرب عن إدراك "تعقيدات" المنطقة وملفاتها الساخنة والشائكة ، والتي أملت على سوريا بدورها اتخاذ ما اتخذته من مواقف وانتهاج ما انتهجته من سياسات.

 

كلام الرئيس الأسد ورد في أثناء حديث لمحطة "بي بي إس" الأمريكية ، وردا على سؤال عن "المفارقة المثيرة للدهشة" الذي أثاره الصحافي شارلي روز والمتمثلة في احتفاظ سوريا "العلمانية" بعلاقات تحالفية مع حركات إسلامية كحزب الله وحركة حماس ، ومن خلفهما إيران.

 

والحقيقة أن سؤال الصحافي الأمريكي للرئيس الأسد ، يذكرنا بعشرات الأسئلة المماثلة ، التي نواجهها نحن المحتسبين على المعسكر العلماني والديمقراطي واليساري الذين رفضنا ونرفض الانجرار وراء منطق (لا منطق) محافظي واشنطن الجدد و"من تبعهم من دون إحسان" من كتاب وصحفيين ومثققين عرب وفلسطينيين وأردنيين. نحن الذين كففنا منذ انهيار كامب ديفيد وطابا واندلاع الانتفاضة الثانية على أقل تقدير ، عن ترداد الشعار الأبله: "السلام خيارنا الاستراتيجي الوحيد". نحن الذين طالما جوبهنا بالسؤال: كيف لكم أنتم خصوم الإسلاميين فكريا ، إن تقفوا معهم ، أو بالأحرى خلفهم ، سياسيا و"جهاديا".

 

جوابنا المتكرر عن هذا السؤال المتكرر ، لم يكن يبتعد عمّا قاله الرئيس الأسد لشارلي روز: إسرائيل هي التهديد الأكبر والأخطر ، إسرائيل هي من يهدد أمن المنطقة واستقرارها ، إسرائيل هي من أطاح بعملية السلام وقوّض عروشها ، إسرائيل هي من يواصل التوسع والاستيطان والعدوان والاحتلال ، إسرائيل هي من تواصل ابتلاع الأرض والحقوق وضرب الكرامات وإذلال الشعب والأمة. إسرائيل هي من خصّب تربة الشرق الأوسط لنمو الأصولية والتطرف والغضب والعنف. وبالنظر لكل هذا وذاك وتلك ، فإن إسرائيل ، وإسرائيل وحدها ، هي من استحق مكانة العدو الأول لكل الأحرار والشرفاء ، لكل الوطنيين والديمقراطيين واليساريين والإسلاميين الغيوريين في هذه المنطقة.

 

ألا تكفي التهديدات الإسرائيلية الوجودية لمصالح شعوبنا وأمتنا أن تقنعنا بالحاجة لـ"تبادل الدعم" ، حتى وإن تعذر علينا "تبادل الحب"؟. ألا تستحق القضية الفلسطينية أولا وأساسا ، أن نضع في مرتبة ثانوية قضايا الخلاف حول تطبيق الشريعة والموقف من حقوق المرأة والأقليات ، ثم من قال أنه يتوجب وضع هذه القضايا على الأرفف أو في الأدراج ، أليس بالإمكان صياغة علاقة "وحدة وصراع" مع قوى التيار الإسلامي على تنويعاته ، نتفق على مواجهة إسرائيل وتهديداتها ، ونختلف حول مشروعنا الديمقراطي والإصلاحي؟ هل من الضروري أن نتخلى عن علمانيتنا أفرادا وجماعات ودولا لكي نتبادل معادلة "الدعم والإسناد وليس الحب واإلإعجاب" مع الإسلاميين ؟ الأسد أجاب بالنفي ، وقال للقناة الأمريكية أن التحدي الأكبر الذي يواجه سوريا هو الحفاظ على علمانيتها ، بوصفها ضمانة التنوع المثري للحياة والمغني للروح ، ونحن نرى أن دعم ، أو بالأحرى الانخراط في الخط الفلسطيني واللبناني والعربي والإقليمي المقاوم للغطرسة والهيمنة والتوسع والعدوانية الإسرائيلية ، هو أولوية أولى ، لا تقلل للحظة واحدة من شأن بقية عناوين أجنداتنا الوطنية والقومية ، ولا تبدد في حال من الأحوال قناعاتنا الديمقراطية واليسارية والعلمانية ، فالأحداث تؤكد يوما إثر آخر صوابية هذه الخيارات وعقلانيتها ، وفشل تجارب الإسلاميين في السلطة ، هو المصداق للدعوات الرامية لتطوير نموذجنا العلماني الخاص بنا ، نموذج معتدل ، لا يعادي الدين ولا يستعدي التدين ، ولكنه يرسم تخوما واضحا بين ما هو لله وما هو لقيصر ، فصل لا يسيء للدين باسم السياسة ، ولا يرفع السياسة إلى علياء الوحي الإلهي أو يصبغ عليها "قداسة" لا تستحقها ولا هي من طبيعتها.

 

سوريا العلمانية كما قال رئيسها ، تعيش ضغوط التطيّف التي تعصف بجوارها الشرقي (العراق) والغربي (لبنان) ، وهي في قلب منطقة شهدت في سنواتها الثلاثين الفائتة أوسع عمليات الأسلمة السلفيّة - الوهابية المتطرفة ، فلا بد أنها ستتأثر بكل ما يحصل حولها ، لكنها - سوريا - مع ذلك ، وبالأخص المجتمع السوري ، ما زالت الأكثر احتفاظا بطابعها وهويتها ومدنيها وعلمانيتها ، في مواجهة سيل "البدونة" و"التطيف" و"الأسلمة المتطرفة" الذي كاد يبتلع مجتمعاتنا العربية بمجملها ، فهل سيحافظ المجتمع السوري على مذاقه الخاص ونكهته المتميزة ، هذا هو التحدي الأهم كما شخصه الرئيس الأسد محقا.

 

أما نحن فنضيف قولا على قول الأسد: مقاومة المشروع الصهيوني باتت شرطا لازما لتطوير خيار ديمقراطي تقدمي علماني ، وإلا نُظر لأصحاب هذا الخيار كعملاء وطابور خامس ، ودخول هذا التيار على خط المقاومة ، هو الذي يعطيها طابعها الوطني والقومي ، ويحفظها من الشطط والانجراف إلى حرب دينية عبثية ، والمزاوجة بين حدي هذه المعادلة ، هو وحده الطريق لإعادة الأمور إلى نصابها ، فهل نحن فاعلون؟،.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ