-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كلمات..
مع أسطول الحرية محطة
من محطات طريق التحرير في معركة
المصير نبيل
شبيب لم يصل
أسطول الحرية إلى غزة، ولكنّه
وصل إلى صناعة مَعلم آخر من
معالم التغيير في المعادلة
الدولية والإقليمية على طريق
تحرير فلسطين. وسقط
عدد من كوكبة الأحرار من
المتضامنين ضحيّة عربدة
الإجرام الإسرائيلي في كنف
الغيبوبة الرسمية العربية،
وموات "الضمير العالمي"،
إنما لن تكون تضحيتهم دون مقابل. ولم تصل
أطنان المساعدات المعبّرة عن
إنسانية الإنسان في كل مكان إلى
الإنسان الفلسطيني في غزة، إنما
وصلت إلى الإنسان الفلسطيني
والعربي والمسلم وإلى جنس
الإنسان في كل مكان، الرسالة
التي نطقت بها حركتهم البطولية
من أجل جمعها والإبحار بها رغم
العقبات والعراقيل القائمة في
كل مكان من أنحاء العالم. •
• • عندما
دهست جرّافة إسرائيلية
المواطنة الأمريكية راشيل خوري
عقابا على تضامنها مع الحق
الفلسطيني على أرض فلسطين، كان
المسؤولون الإسرائيليون عن
الجريمة يحسبون أنهم يردعون
بجريمتهم سواها، ولم يكونوا
يحسبون أنهم سيواجهون بعد بضع
سنوات فقط "أسطولا" يتحرّك
من أنحاء العالم للتضامن مع
الحق الفلسطيني بأرض فلسطين. ولئن
استمرّت الغيبوبة الرسمية
العربية وموات الضمير الدولي
"الرسمي" منذ ذلك الحين،
فقد أثبت أسطول الحرية أنه لن
يكون آخر أشكال التعبير عن حياة
الضمير العالمي "الشعبي"،
وأن قضية الحق والعدالة أطول
عمرا بكثيرا من عمر أيّ كيان
يقوم على الاغتصاب والتوسع
والإجرام. إن ما
واجهه أسطول الحرية يقول بصوت
مسموع: لقد مضى في تاريخ فلسطين
عهد ارتكاب المذابح لتحقق
أغراضها على طريق التطهير
العرقي والتهويد، وبات ارتكاب
مزيد من الجرائم والمذابح معاول
"انتحارية" غبيّة تهدم من
الجذور جميع ما أقيم على دعائم
التطهير العرقي والتهويد
الفاسدة. لقد
بدأت الصهيونية توجّه لنفسها
الضربات منذ انتفاضة فلسطين،
ولم يعد يجدي معها "الإسعافات"
التي حصلت وما تزال تحصل عليها،
عبر نفق أوسلو وعبر مبادرات
السلام، عبر متاهة المفاوضات
وعبر الجدار الفولاذي، عبر
اعتقال المقاومين داخل فلسطين
وعبر حصار المقاومة في أكثر من
مكان حول فلسطين. وأجبرت
العربدة الصهيونية في مياع
المتوسّط ساسة الغرب من أقصاه
إلى أقصاء على إطلاق تصريحات
الإدانة، وإن اختيرت الكلمات
ببراعة "ديبلوماسية"
فائقة، وأجبرتهم على محاولة
التهدئة، وإن سبقها التجاهل
الكليّ لتضامن بعض أبنائهم
وساستهم المنصفين مع فلسطين
وأهلها ومخاطرتهم بأنفسهم لكسر
الحصار الذي بدأت به تلك الدول
الغربية نفسها وتابعته
الصهيونية الإسرائيلية معها. كما
ساهمت العربدة الصهيونية منذ
الحرب على غزة على الأقلّ في أن
يكتسب التحوّل الجاري في تركيا
باتجاه قضية فلسطين وباتجاه
المنطقة العربية والإسلامية،
درجة من التأييد الشعبي، جعلت
سائر الأحزاب التي سبق أن أقامت
ما أقامته من علاقات وثيقة
وتعاون واسع النطاق مع
الصهيونية الإسرائيلية، تتخذ
موقفا مشتركا يدين الإجرام
ويؤيد مسيرة الحكومة التركية
للتحرك ضدّه. •
• • صحيح
أنه لم ينجلِ بعدُ غبار المعركة
الإجرامية بين القوات المدجّجة
بالسلاح ومئات المتضامنين "
المدجّجين" بسلاح الضمير
الحيّ وما يمليه، وأن أمواج
الأيام المقبلة يمكن أن تحمل
مزيدا من المفاجآت على صعيد مدى
ما يمكن أن يهبط إليه مستوى
التواطؤ الدولي مع الإجرام
الصهيوني، ومدى ما يمكن أن تصل
إليه مناورات العجز والتخاذل
الرسمية في الدول العربية
المستهدفة بالإجرام ومخططاته
كفلسطين.. وصحيح
أنّ مخاض التحرك الشعبي في
عواصم العالم يمكن أن يهدّأ قبل
أن يولد التغيير.. إنما لم
يعد يوجد ريب في أنّ ما يشهده
مسار تاريخ القضية منذ الاندحار
الإسرائيلي عن جنوب لبنان
وانتفاضة حجارة فلسطين
المحتلة، لم يعد يشابه على
الإطلاق ما كان يجري من قبل
النكبة الأولى ووصل إلى قاع
منحدر التسليم في كامب ديفيد
الأولى. لم يعد
يصنع أحداثَ تاريخ القضية أولئك
الذين طرحوا ما طرحوه من
مبادرات سلام وعقدوا ما عقدوه
من معاهدات تسليم وقطعوا ما بين
عواصم بلدانهم وعواصم الغرب
أضعافَ أضعافِ ما دمّروه من
مسافة تفصلهم عن الشعوب، إنما
أصبحت صناعة تاريخ قضية فلسطين
مرتبطة بأسماء صلاح شحادة ورائد
صلاح، بأسماء أحمد ياسين ومحمد
الدرة، بأسماء الشهداء على أرض
فلسطين وحولها، وأسماء الزعماء
الذين يصنعهم تراب فلسطين
والتضامن مع فلسطين وإدراك أن
مستقبل المنطقة العربية
والإسلامية مرتبط بعودة فلسطين
والعودة إلى فلسطين.. بل يرتبط
بذلك مستقبل الأسرة البشرية
وعودة الحياة إليها. لقد
أثبتت مسيرة أسطول الحرية أنّه
لا توجد قوّة في الأرض مهما بلغ
تسلّحها الطاغوتي، وإجرامها
العلني، يمكن أن تغلق أبواب
الحرية والتحرير، والحق
والعدالة، في وجه شعوب تنتفض
على الطاغوت بمختلف أشكاله وعلى
جنده وعتاده وأعوانه. لم تنته
رحلة أسطول الحرية في أشدود فما
زالت مستمرة، وسيتخذ مكانه في
مجرى التاريخ محطة أخرى على
طريق التحرير، وسيصنع من خلال
تلاقي من تلاقى على متن سفنه من
مختلف الأديان والجنسيات
والأعمار والتوجّهات، نقلة
العولمة الحقيقية في حياة
البشرية، نصرة للمقاومة
المشروعة، وترسيخا للحقوق
الإنسانية، وتثبيتا للحق
والعدالة. •
• • ولًيستشهد
من يميل إلى الاستشهاد بتاريخ
العالم الحديث على ما شهده من
تحوّلات مذهلة، وكيف أخذت مداها
بينما لم يكن أحد يحسب أنها
ستبلغ ما بلغته عندما كانت في
بداياتها الأولى، فكم ذا
يستشهدون بفولتيير على إسهامه
في صناعة ضمير الثورة الفرنسية
وكانت تصادر كلماته ويسجن،
ويستشهدون بعميد التنوير
الأوروبي الألماني كانت، وكان
يلاحَق في منصب التدريس الجامعي
ويُضطهد، ويستشهدون
بسولشينيتسن في روسيا
الشيوعية، وبفالينسا في بولندا
الشيوعية، وبمقتل الملايين في
ثورات الفلاحين الأوروبية..
وتحقق التغيير في كل مرة من حيث
لم يكن المستبدّون ينتظرونه.. واستمرت
الجولات العاتية بين الحق
والباطل بمختلف الصور إلى يومنا
هذا.. ولسوف يقع من التحوّلات
المذهلة ما لا يحسبون له حسابا
في حدود رؤيتهم الضيقة لرصاصة
إجرامية تقتل مناضلا مسالما،
وسفينة مساعدات تعترضها بارجة
حربية. وإن لنا
في فلسطين وما حولها أضعافا
مضاعفة من الشواهد على صناعة
التاريخ، على مرّ الحقب
الماضية، وما خنساوات فلسطين
اليوم إلا استمرارا لمسيرة
الخنساء بالأمس، وما شباب
فلسطين اليوم إلا استمرارا
لشباب الفتح يوم الفتح والتحرير
يوم التحرير، وليس بعض ما نشهده
من مواقف مشرّفة للقليل القليل
من الزعماء السياسيين إلا
استمرارا لما ظهر أيام الاحتلال
من زعماء سياسيين صنعوا ما لم
يكن أحد في عصرهم يظنّ أنّ في
الإمكان صنعه من انتصارات، وقد
انتشر حولهم من العجز والتخذيل
والتواطؤ ما يعادل أضعاف ما
انتشر اليوم.. وتحققت
الانتصارات رغم ذلك، بعد فترة
وجيزة من عمر التاريخ. إن
أسطول الحرية يعبّر تعبيرا
صادقا وقويّا عن الأمل الكبير
في قادم الأيام، ويوجب على كل
مخلص أن يبذل ما يستطيع ليساهم
في تحويل الأمل إلى واقع مشهود
على الأرض، ولم يعد ذلك من باب
التمنّي، فقد بدأ تيار التحرير
يتحرّك، ويستحيل أن يتوقف بعد
اليوم.. إلى أن يتحقق التحرير
بإذن الله. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |