-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اسعد البيروتي كلّ القراصنة
صغارٌ امام اسرائيل . سرقت ارضاً
، هجّرت شعباً ، وساهمت في تدمير
عدد من الشعوب . صدق رئيس
الوزراء التركي رجب طيب اردوغان
، وكان بليغاً عندما وصف
القرصنة الاسرائيلية في
المتوسط بأنها ارهاب دولة ، وان
اسرائيل دولة عصابات ارهابية
ويجب ان تعاقب . ولقد اجمع
الشعبان العربي والتركي ومليار
وثلث من المسلمين على ان قيامها
كان عبر ابشع ارهاب ، وان بقاءها
ستون سنة هو الارهاب عينه ،
وانها سبب رئيس في كل الحروب
التي مزقت المنطقة ومنعتها من
التقدم . اسرائيل هي الاستعمار
الوحيد الباقي على وجه الارض ،
وهي مصرة على استمرار احتلالها
الشرس وعلى سيطرتها شبه المطلقة
على غزة والضفة ، وضمها للجولان
السوري . بعد التوصيف السابق ، تبدو المفارقة
الاساس بين العرب واسرائيل
شديدة الوضوح . السلام خيار
استراتيجي عند العرب ،
والمبادرة العربية للسلام محط
اجماعهم وجوهر سياساتهم مع
الدولة العبرية . العدوان
المستمر والحروب هو خيار
استراتيجي اسرائيلي ، وتحاول
دولة القراصنة ان تغلفه بخيار
"لاحرب ولاسلم" ، وهذا يتيح
لها ان تنتقل الى الحرب ساعة
تشاء ، والى مفاوضات عبثية في
الوقت والمكان الذي تريد ومع
الجهة التي ترغب ومع وسيط ترضاه
. طريق السلام هو المفاوضات ، وهدفها ازالة
الاحتلال ، واقامة دولة
فلسطينية مستندة الى اجماع دولي
على حل الدولتين . القرصنة
الاسرائيلية الفاشلة تهدف
استراتيجيا لتعطيل المفاوضات
ان لم نقل منعها . المفاوضات لن تتوقف طويلاً . ثمة اسباب
لذلك ، ثمة اعتراف بها ودفع لها
من قبل اللجنة العربية المتابعة
لتنفيذ المبادرة العربية
للسلام . ثمة شريك فلسطيني حقيقي
مقتنع وقادر على السلام وعلى
الاقل في الضفة الغربية ،
الرئيس الفلسطيني المنتخب
محمود عباس مثالا . وثمة شريك
فلسطيني قادر على بناء الدولة ،
رئيس الوزراء الفلسطيني سلام
فياض مثالا . ثمة سبب مهم وفاعل
آخر وهو ان الرئيس الامريكي
باراك اوباما يعتبر ان
المفاوضات ولو بدأت متعثرة ،
يعتبرها الخطوة الاولى في سلام
استراتيجي كواحد من ثوابت
الرؤية الاوبامية رغم ان جوهرها
التغيير ، سلام يحفظ امن امريكا
وارواح جنودها . القرصنة
الاسرائيلية الفاشلة جريمة قتل
موصوفة عن سابق اصرار وتصميم .
كان بامكان اسرائيل ان لا تكون
النتائج دموية ، كان بامكانها
ان تصيب واحدا من محركات
الباخرة "مرمرة"، ومن ثم
تجرها الى ميناء اسدود ، وكان
بامكانها تعطيل السفن قبل او
اثناء او بُعيد انطلاقها . ولقد
اقترح "اوري افنيري" وقف
السفن للبحث عن السلاح فيها من
خلال تفتيشها دون اراقة الدماء .
مسؤولية اسرائيل عن الجريمة
كاملة وحصرية ، وناشطوا اسطول
الحرية ابطال ومقاومون مدنيون .
ولهذا كله بالذات يجب ان لايسمح
لتلك االقرصنة ان تقضي على "التقدم
المحدود ولكن الحقيقي
للمفاوضات " ، وهذا ما اكده
المبعوث الخاص بالشرق الاوسط
جورج ميتشيل امام مؤتمر فلسطين
للاستثمار 2010 . ولهذا كله ايضا
وبسبب الفشل الصريح لتلك
القرصنة ؛ قال وزير الدفاع في
دولة العدوان الاسرائيلي : "على
رغم الاحداث الاخيرة علينا ان
نتغلب على كل العواقب وان نواصل
المفاوصات غير المباشرة مع
الفلسطينيين" . القرصنة الاسرائيلية الفاشلة حرب صغيرة
لاستدعاء حرب كبيرة مع حزب الله
وحماس ولبنان ، وهي بمثابة
استفزاز للدفع بهم الى استفزاز
تتخذه اسرائيل ذريعة لضرب اهداف
لبنانية وفلسطينية ، ومن هنا
نلحظ اهمية كلام الزعيم وليد
جنبلاط الاخير "ايانا ان نعطي
اسرائيل الذريعة" . ان قطع
الطريق على عدوانية اسرائيل لا
يكون الا بالاصرار على
المفاوضات الموصلة للسلام . القرصنة
الاسرائيلية الفاشلة ؛ لن تزيد
كثيراً في رصيد الدولة العبرية
الحافل بالتعدي على القانون
الدولي ، وعلى قرارات مجلس
الامن ، والمتراكم منذ
نشأتهاعام 1948 وحتى تاريخ 30/5/2010 .والحافل
ايضا بالجرائم ضد الانسانية ؛
وعلى سبيل الثال لا الحصر :
جريمة كفر قاسم ، دير ياسين ،
بحر البقر ، صبرا وشاتيلا
،اغتيال خليل الوزير ، وصلاح
خلف ، جريمة حصار الرئيس عرفات
في المقاطعة في رام الله ، جريمة
اغتيال كمال عدوان وكمال ناصر
وابو يوسف النجار وابو حسن
سلامة ، واغتيال الشيخ ياسين
وصلاح شحادة وعبد العزيز
الرنتيسي . وهذا يعني ان القرصنة
الاخيرة ليست بداية الاجرام
الاسرائيلي مما يستلزم ايقاف
المفاوضات . ارجو الا يفهم من كل الكلمات السابقة أنّ
الموقف العربي والدولي
المستنكر والمحتج ؛ غير ذي
فائدة او جدوى ، الحقيقة عكس هذا
تماما ، خسرت اسرائيل معركتها
الاعلامية معنا ، وزادت عزلتها
الدولية . وحتى لا نخسر هذين
النصرين ، ثمة اشتراط رئيس هو
الا نسمح لاسرائيل وبمساعدتنا ،
ان تفيد من الموقف لنسف
المفاوضات ؛ والتي تخوفت منها
صحيفة معاريف الاسرائيلية على
طريقتها ، قالت : " لن يبعد
اليوم الذي تٌفرض فيه تسوية على
اسرائيل ، بلا اي اعتبار لرغبة
الجانب الاسرائيلي ومطالبه "
. لنا ان نفخر بالدول والشعوب وخاصة الدولة
التركية والشعب التركي ؛ فلقد
وقفت معنا ضد القرصنة الاخيرة
في المتوسط . ومن حقهما علينا ان
نشكرهما على مساندتهما لنا ،
وكما لنا وعلينا فمن الفطنة
السياسية ان نتذكر ان الدول
الحقيقية هي التي تحكمها
قٌدراتها ومصالحها في كل
علاقاتها الاقليمية والدولية ؛
فالمجتمع الدولي والاقليمي لم
يكونا يوما جمعية خيرية للبر
والاحسان والرأفة بالضعيف
والمظلوم ؛ ولم يكونا يوما
محكومين من الضعفاء أو ممن
يتجاوزون امكاناتهم بالحماس
الايدولوجي . وانّ موقف اردوغان
كان بمثابة استجابة للحق
والعدالة ، واستجابة للحس
الجمعي التركي المعادي
لعدوانية اسرائيل ، واستجابة
ونقولها ثلاثة لمصالح شعبه
الوطنية . قال وزير الخارجية التركي احمد داوود
اوغلو ، وبعد يومين من القرصنة
الاسرائيلية ، وبعد عودته من
الولايات المتحدة : " حان
الوقت كي يحل الهدوء محل الغضب
في الرد على اسرائيل ، وينبغي ان
يتجنب الناس السلوك الانفعالي
" . ما نفهمه من كلام اوغلو هو
التهدئة التي تهيؤ لمناخ سياسي
؛ يمنع المفاوضات غير المباشرة
بين الاسرائيليين والفلسطينيين
من الاحتضار ، وهذا مما قد يسمح
لتركيا بمعاودة دورها في مسار
مفاوضات سورية اسرائيلية ، ألم
نقل ان المصالح هي أم السياسة
وابيها وكل عائلتها ؟ . ======================= "ريح شيطانية" تهب
على "شرق المتوسط" عريب الرنتاوي شهدنا بالأمس كل ما يمكن وصفه ب"طقوس"
الهوان العربي: عواصم تتحرك
بتثاقل وتستيقظ متأخرة على
الجريمة التي امتزجت بخيوط
الفجر، ردات فعل "مذياعية"
لا تتخطى البيان "المتأخر"
لأغراض الدرس والتدقيق،
وتحذيرات لإسرائيل من مغبة
الاستمرار في مقارفة الجرائم،
لكأن تحذيراتنا السابقة لها
أجدت نفعاً...حتى الاستدعاء
الخجول للدبلوماسيين
الإسرائيليين، بات "فولكلوراً"
لا يُطرب أحداً. لكن "الهوان" العربي بلغ والحق يقال
مبلغاً عظيماً في حديث الناطق
باسم الخارجية المصرية لراديو
"بي بي سي"، فهو قال رداً
على سؤال لماذا لا تستدعون
السفير المصري في تل أبيب
بالقول: لو أننا استدعيناه في كل
مرة تقترف فيها إسرائيل عملا من
هذا النوع، لما مكث يوماً في
مكتبه، أنظروا بالله عليكم أي
درك بلغته الدبلوماسية
العربية، أنظروا كيف يريدنا
هؤلاء أن نعتاد العيش والتعايش
مع الجرائم الإسرائيلية
المتواصلة بلا انقطاع، حتى من
دون ردات فعل خجولة، وهل
تستغربون والحالة كهذه، قول
بينيامين بين أليعازر "فؤاد"،
بأن في مصر من هو ذخر استراتيجي
لإسرائيل ؟! وقبل أن نلوم العرب والزعامة المصرية
المتآكلة لهم، لا بد من توجيه
سهام اللوم إلى القيادة
الفلسطينية "التاريخية" في
رام الله، التي عوّدتنا على
الصمت دهراً والنطق كفراً، هي
التي لم تحرك ساكناً لجعل مهمة
أسطول الحرية ممكنة، بل ويقال
أن بعض أجنحتها تآمر لمنع
القافلة من بلوغ شواطئ غزة، وهي
تكتفي كما جرت العادة أيضا،
بإعلان الحداد وربما إضاءة
الشموع، فيما تستمر الرهانات في
اليوم التالي على حالها، وغدا
أو بعد غد، سيطالعنا الرئيس
عباس بتصريح يعرب فيه عن ثقته
بأن السلام ممكن خلال أسبوع إن
جنح نتنياهو له، وأن البديل عن
المفاوضات العبثية المزيد
منها، وأنه نَذَرَ نفسَه بأن
يكون آخر الرصاص وآخر الحجارة. لم تعد تأخذنا ردات الفعل "الطقسيّة"
التي تصدر عن رام الله أو
العواصم العربية، فنحن نعرف وهم
يعرفون والأهم أن واشنطن وتل
أبيب تعرفان، بأنها لن تبدل
حرفا واحدا في أجندتنا لليوم
التالي، سنظل نقوم بأعمالنا
كالمعتاد “business
as usual”، وستواصل إسرائيل جرائمها
كالمعتاد أيضاً، وستلقى جريمة
"شرق المتوسط" مصادر
غولدستون وتقريره، لأن الحق
العربي ليس وراءه مطالب كما
يقال، فأصحاب هذا الحق منصرفون
إلى هموم وأولويات أخرى، ليس من
بينها نصرة الحق الفلسطيني في
فلسطين، وبما يستحق ويستوجب. حتى على المستوى الشعبي العربي، ستكون
هناك ثورة غضب قابلة للاحتواء،
تتغذى بالبث الفضائي المتواصل،
وتتعزز بالروح التركية
الوثّابة رسميا وشعبيا، روح
أردوغان التي تلهم ملايين
العرب، وشكراً ل"الجزيرة"
التي أصبحت اللاعب الأول على
مستوى الشارع (الشوارع)
العربية، ولا أدري من دونها من
كان سيحرك هذه الجماهير ويخرجها
عن رتابة يومياتها، ويؤسفنا
أننا أمة لا تعرف الصبر والجلد
والتراكم والبناء على بناء، أمة
ذاكرتها مثقوبة، تطفو على شبر
ماء ويذهب هديرها جفاء،
فالشوارع ستودع الجماهير كما
استقبلتهم بكثير من رجال
البوليس والدرك والجندرما
والعسس وزوار الفجر، وسنعود
للإشادة بأولياء النعم عند أول
لقاء مع مقدمي برامج البث
المباشر وصباح الخير ياعرب. ما الذي نحتاجه أكثر من هذه الجريمة وما
سبقها من الجرائم لكي نصحو، ما
الأمر الذي إن ارتكبته إسرائيل
أصبح نقطة تحول لها ما قبلها وما
بعدها، ما الفعلة التي إن
قارفتها إسرائيل لن نظل على ما
كنّا عليه من هوان وتخاذل، ولن
نبقي معه على خياراتنا البلهاء
القديمة التي جرّبت مراراً
وتكراراً من دون جدوى، ونبادر
للبحث عن بدائل وخيارات جديدة؟. يبدو لي أن سؤالا كهذا لا يقلقنا ولم يعد
مطروحاً على جداول أعمالنا،
والأرجح أن إسرائيل وهي تختبر
في لبنان "عقيدة الضاحية"
وفي غزة "الرصاص المسكوب"
وفي "شرق المتوسط" الريح
الشيطانية التي أُسميت زوراً
الريح السماوية، باتت مطمئنة
إلى محدودية ردات فعلنا وعدم
فاعلية طقوسنا وفولكورنا. لكن وبرغم هذه الصورة القاتمة، فإن ثمة
ضوء تركي ودولي في نهاية النفق،
فالعالم أصبح أقل تسامحاً مع
إسرائيل بخلاف حكامنا، والعالم
ضاق ذرعاً بجرائمها بخلاف
الناطق باسم الخارجية إياه،
وتركيا تقود التحولات في
المنطقة، ليس من منطلق "عاصمة
الخلافة" كما قال اسماعيل
هنية الذي يفقدنا ف يكل خطاب من
خطاباته شرائح إضافية من
المتضامنين مع فلسطين وغزة
وشعبها المحاصر، بل من منطلق
القوة الناعمة التي تتوفر
عليها، قوة النموذج الذي لم
تستطع حماس حركة وحكومة أن
تستلهمه، بل وتريد أن تقرأه بما
لا تريد أنقرة ولا تشتهي، تريد
أن تقرأه إسلامويا فيما أنقرة
تفكر مدنيا وديمقراطيا
وعلمانيا، تفكر بقوة النموذج
الذي لم تتوصل حركاتنا
الإسلامية إلى صياغة ما يشبهه
بعد. طوبى لأبطال أسطول الحرية فقد أيقظونا
على خوائنا وأيقظوا العالم على
وحشية الإسرائيليين وبربريتهم...طوبى
لهم ودماؤهم الزكية تسبقهم إلى
شواطئ غزة التي طالما حلموا
بغسل أقدامهم في مياهها...طوبى
لهم وهو يقاومون بأجسادهم سلاحي
الجو والبحرية الإسرائيليين،
والمجد والخلود لشهداء الحرية
الأبرار. ======================== صبحي غندور* يُرجِع بعض العرب سلبيات أوضاعهم الراهنة
إلى هزيمة يونيو/حزيران عام 1967،
رغم مرور أكثر من أربعين عاماً
على حدوثها، بينما الواقع
العربي الراهن هو نتاج تدهورٍ
متسلسل تعيشه المنطقة العربية
منذ اختار الرئيس المصري الراحل
أنور السادات السير في المشروع
الأميركي/الإسرائيلي الذي وضعه
هنري كيسنجر بعد حرب أكتوبر/تشرين
الأول 1973 وأشرف على تنفيذه. إن مشروع كيسنجر مع مصر/السادات كان حلقةً
في سلسلة مترابطة أوّلها إخراج
مصر من دائرة الصراع مع
إسرائيل، وآخرها تعطيل كلّ
نتائج حرب عام 1973 الاقتصادية
والسياسية والعسكرية، وذلك من
خلال إشعال الحروب العربية/العربية
وتوريط أكثر من طرف عربي
لسنواتٍ عديدة فيها.
إنّ الحقبة السياسية بعد
حرب 73 (وليست النتائج السياسية
لحرب العام 1967) كانت بالنسبة لنا
كعرب هي الأخطر، لأنها أوجدت
بذوراً لكلّ ما نعانيه الآن. لقد كانت حرب
73 درساً لأميركا وإسرائيل في
أنّ الهزيمة العسكرية الكبرى
لمصر عبد الناصر عام 67، والقوة
الإسرائيلية الهائلة والمتفوقة
في المجالات كلّها، والصداقة
الخاصة مع حكومات.. هي عناصر لم
تكن كافية لضمان المصالح
الأميركية في المنطقة، ممّا دفع
بأميركا إلى إعادة حساباتها في
ظلّ إدارة هنري كسينجر للسياسة
الأميركية الخارجية.
فإذا بالمنطقة العربية
تنتقل من حال النتائج الإيجابية
لحرب 1973؛ بما فيها القيمة
العسكرية لعبور قناة السويس،
وظهور القوة المالية
والاقتصادية والسياسية للعرب
آنذاك، ثم القرار الذي أعلنته
الأمم المتحدة بمساواة
الصهيونية بالعنصرية.. إذا بها
تنتقل من هذه الإيجابيات
الدولية، ومن حال التضامن
العربي الفعال.. إلى إشعال
الحروب العربية/العربية،
والحرب العراقية/الإيرانية،
وتصاعد العدوان الإسرائيلي على
لبنان والأراضي الفلسطينية
المحتلة وتعرّض بيروت عام 1982 -
كأوّل عاصمة عربية- للاحتلال
الإسرائيلي. فكانت آثار
تلك المرحلة ليست في تعطيل دور
مصر العربي فقط، بل بفتح
الأبواب العربية كلّها لحروب
داخلية وحدودية واختلال الجسم
العربي بأسره. وإذا كان
أنور السادات قد دفع بمصر في
أواخر السبعينات إلى سلامٍ
منفرد وناقص ما كان يجب أن يفعله
وأدّى بذلك إلى اختلالٍ وتدهور
في الوضع العربي.. فإنّ صدام
حسين أيضاً دفع بالعراق في
الثمانينات ومطلع التسعينات
إلى حروبٍ ما كان يجب أن تحصل،
وما كان يمكن أن يقوم بها لولا
الاختلال الذي حصل في الجسم
العربي نتيجة سياسة أنور
السادات وغياب دور مصر الفاعل. أيضاً، لولا
هذه السياسات الخاطئة في "السلم
والحرب" من قبل قيادتيْ مصر
والعراق لما حصل ما حصل من تمزّق
عربي خطير وهدر وتدمير لإمكانات
عربية كثيرة وإعادة فتح أبواب
المنطقة للتدخل والوجود
العسكري الأجنبي، خاصّةً بعد
غزو الكويت وحرب الخليج الثانية..
ممّا أدّى لاحقاً إلى تراجعات
على مستوى القضية الفلسطينية
ظهرت جليّاً في "اتفاق أوسلو"
الذي نقل القضية الفلسطينية من
قضية عربية إلى شأن خاص بقيادة
منظمة التحرير - وليس حتى بالشعب
الفلسطيني كلّه - فانعزلت
القضية الفلسطينية عن محيطها
العربي، وضعف وضع المقاومة
المسلّحة المشروعة ضدَّ
الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحت
"منظمة التحرير" مسؤولة عن
تأمين أمن إسرائيل! .. إضافةً
طبعاً إلى تبرير أنواع العلاقات
كلّها والتطبيع بين إسرائيل
ودول عربية ومجموعة الدول
الأفريقية والآسيوية. *** وتحلّ الآن على العرب ذكرى مناسبتين
هامّتين في التاريخ العربي
المعاصر. الأولى، هي مناسبة
ذكرى تحرير جنوب لبنان من
الاحتلال الإسرائيلي في 25 أيار/مايو
2000، والثانية، هي مناسبة ذكرى
هزيمة 5 حزيران/يونيو 1967. ورغم وجود تناقض من حيث الشكل بين
الاحتفال بالنصر على إسرائيل (في
لبنان) وبين ذكرى هزيمة العرب في
حرب عام 1967، فإنّي أرى تطابقاً
وتكاملاً بين المناسبتين، ليس
فقط في طبيعتهما المتّصلة
بالصراع العربي/الصهيوني، ولكن
أيضاً في منهج التعامل مع هذا
الصراع بوجهيْه السياسي
والعسكري. إنّ انتصار المقاومة اللبنانية على
إسرائيل وإجبارها على الانسحاب
غير المشروط في لبنان، كان
تأكيداً للمقولة التي أطلقها
جمال عبد الناصر بعد حرب 67 بأنّ
"ما أُخِذ بالقوّة لا
يُستردُّ بغير القوّة"، كما
كان انسجاماً طبيعياً مع ما
وضعه جمال عبد الناصر عقب حرب 67
من استراتيجيّة لإزالة آثار
العدوان، تلك الاستراتيجية
التي قامت على الجمع ما بين
مقرّرات قمّة الخرطوم (1967)
الرافضة للمفاوضات المباشرة
وللصلح والاعتراف بإسرائيل،
وبين حرب الاستنزاف التي قامت
بها القوّات المصرية على جبهة
السويس لأكثر من عامين وإلى حين
وفاة ناصر تقريباً. لقد كانت هزيمة العام 1967 سبباً مهماً
لإعادة النظر في السياسة
العربية لمصر الناصرية حيث وضع
جمال عبد الناصر الأسس المتينة
للتضامن العربي من أجل المعركة
مع العدوّ الإسرائيلي، وتجلّى
ذلك في قمّة الخرطوم عام 1967 وما
تلاها من أولويّةٍ أعطاها ناصر
لإستراتيجية إزالة آثار عدوان
1967، وإسقاط كل القضايا الأخرى
الفرعيّة؛ بما فيها سحب القوات
المصرية من اليمن والتصالح مع
الدول العربية كلّها والسعي
لتوظيف كلّ طاقات الأمّة من أجل
إعادة تحرير الأراضي المحتلة. وكانت هذه السياسة هي سمة السنوات الثلاث
التي تبعت حرب 1967 إلى حين وفاة
عبد الناصر. فقد أدرك عبد الناصر
ومعه كلُّ أبناء الأمّة العربية
أنَّ التحرّر من الاحتلال يقتضي
أقصى درجات الوحدة الوطنية في
الداخل، وأعلى درجات التضامن
والتنسيق بين الدول العربية. هكذا جعل عبد الناصر من هزيمة عام 1967
أرضاً صلبة لبناء وضعٍ عربيّ
أفضل عموماً، مهّد الطريق أمام
حرب عام 1973، فكانت ست سنوات (1967
إلى 1973) مليئة بعوامل البناء
والمواقف الصلبة والتي أعادت
للأمَّة المهزومة اعتبارها
وكرامتها، ولو إلى حين!. لكن هذه الدروس الهامّة لم تعش طويلاً بعد
وفاة ناصر، وهاهي الأمّة
العربية الآن تعاني من انعدام
التضامن العربي ومن الانقسامات
والصراعات، ومن هشاشة البناء
الداخلي، مما سهّل ويسهّل
الهيمنة الخارجية على بعض
أوطانها ويدفع بالوضع العربي
كلّه نحو مزيدٍ من التأزّم
والتخلّف والسيطرة الأجنبية. إنّ الغضب الشديد يعتمر الآن في صدر كلِّ
إنسانٍ عربيّ أينما وُجِد. وهذا
أمرٌ جيّدٌ ومطلوب. غضبٌ على
حكومات عربية تساهم عملياً في
حصار شعب غزّة وتقف عاجزةً أمام
عدوٍّ إسرائيلي يمارس القهر
والعدوان على الفلسطينيين،
بينما ترفض هذه الحكومات حتى
طرد الإسرائيليين من بلادها،
فكيف بمقاتلة إسرائيل؟! غضبٌ عربيٌّ عارم هو أيضاً على الدول
الكبرى ومهزلة مجلس الأمن
والأمم المتحدة و"غابة
المجتمع الدولي". وبمقدار ما يتألّم العرب اليوم من وجع
سياسات قام ويقوم بها الحكم
المصري منذ توقيع المعاهدة مع
إسرائيل، ومن تهميشٍ ثمَّ لدور
مصر العربي، بقدر ما يشدّهم
الحنين إلى حقبةٍ ما زالت
تذكرها أجيال عربية كثيرة، وهي
حقبة جمال عبد الناصر التي
تميّزت بحالة معاكسة تماماً
لحال مصر الآن والمنطقة العربية. * مدير "مركز الحوار العربي"
في واشنطن ======================== الحرب الإعلامية و صناعة
الرأي العام الدولي بقلم: د. إدريس جندا ري كاتب و باحث أكاديمي مغربي تبرهن الإحداث
الجارية على الأراضي
الفلسطينية؛ منذ الهجوم الهمجي
على قطاع غزة؛ و مرورا بعملية
القرصنة البحرية؛ التي أقدم
عليها جيش الاحتلال؛ في حق
مدنيين عزل من مختلف الجنسيات.
تبرهن جميع هذه الأحداث
بالملموس؛ أن القضية
الفلسطينية؛ أصبحت يوما بعد
الآخر تأخذ طابعا دوليا؛ يتجاوز
محيطها العربي. فقد مارس الكيان
الصهيوني؛ طوال عقود من
الاحتلال؛ حصارا إعلاميا؛ منع
القضية الفلسطينية من تجاوز
حدودها العربية؛ و قد نجح في ذلك
بدعم من اللوبي الإعلامي
الصهيوني؛ في الولايات المتحدة
و أوربا؛ و الذي تحكم لعقود؛ في
صناعة المعلومة و تسويقها؛ من
منظوره الإيديولوجي الخاص . و قد تحكم في هذه
الصورة النموذجية؛ الأسطورة
التي نسجها الكيان الصهيوني؛ و
التي تقول بأن فلسطين أرض بلا
شعب؛ و لذلك فهي حق طبيعي لشعب
بلا أرض. و على هذا الأساس قام
الكيان الصهيوني بجرائم بشعة؛
في حق الفلسطينيين؛ بهدف إخلاء
الأرض من أهلها؛ حتى ينطبق
الواقع مع الأسطورة. لكن و برغم هذا
الحصار الإعلامي المفروض؛ و
الذي يقوم بوظيفة تزوير
الوقائع؛ بهدف تزوير الحقيقة
التاريخية . رغم كل هذا الحصار
كانت الحصيلة الصهيونية دون
مستوى التطلعات الأسطورية؛
التي رسمت حدود إسرائيل ما بين
الفرات و النيل. بل على العكس من
ذلك؛ يبدو بشكل واضح الآن؛ أن
إسرائيل بدأت تفقد تلك
المشروعية المزورة؛ التي قامت
عليها منذ تأسيسها. فقد برهنت أحداث
غزة ؛ و الآن يبرهن الهجوم
الإرهابي على سفن الحرية في
المياه الدولية؛ كل هذا يبرهن
على الطابع الهمجي الذي يؤسس
المشروعية المزورة للكيان
الصهيوني . و قد زاد من تعميق
طابع اللاشرعية هذا؛ الانفتاح
الإعلامي الغير مسبوق؛ الذي
يعيش عليه العالم . فسواء مع
أحداث غزة أو مع قافلة الحرية؛
نقلت الشاشات عبر العالم؛ صورة
مغايرة لتلك الصورة النمطية ؛
التي صنعها اللوبي الإعلامي
الصهيوني؛ و سوقها أمريكيا و
أوربيا؛ باعتبارها الحقيقة
الوحيدة . و قد كان للإعلام
العربي دورا كبيرا؛ في فضح صور
البشاعة هاته؛ و نشرها في
الداخل و الخارج ؛ و هذا ما شوش
بشكل كبير عل الرسالة
الإعلامية؛ التي صنعها اللوبي
الإعلامي الصهيوني؛ و جعلها
عديمة الجدوى؛ باعتبارها رسالة
إعلامية مزورة؛ تشكل الوقائع
على مقاسها بشكل مفضوح . كيف يمكن لأي
مشاهد عاقل أن يستوعب صورة
مفبركة تقنيا؛ تنقل إليه رسالة
إعلامية مغلوطة؛ تقول بأن
المدنيين من هيئات الإغاثة؛ هم
الذين هاجموا الجيش الإسرائيلي
بالسلاح الأبيض في عرض البحر ( و
من السلاح الأبيض ما أسقط
طائرات حربية !!!)؛ و ما فعله
أفراد هذا الجيش لا يتجاوز رد
الفعل على الهجوم (الإرهابي)؛
على الطائرات و الزوارق الحربية
بالسلاح الأبيض ! و قد اجتهد تقنيو
الإعلام؛ و بذلوا جهدا خارقا في
نسج صورة مفبركة؛ تؤكد هذه
الرسالة الإعلامية المزورة؛
حيث تحول المدنيون العزل
الهاربون على ظهر السفينة من
طلقات النيران العشوائية؛ تحول
هروب هؤلاء –تقنيا- إلى هجوم ؛ و
بالتالي تحول المدنيون العزل
إلى أفراد عصابة تهاجم أفراد
الجيش الإسرائيلي . لأن في كلا
الحالتين (الهروب – الهجوم )
حركة؛ و استثمار هذه الحركة
تقنيا حولها من طلب النجدة إلى
الهجوم. و نفس هذه
الرسالة الإعلامية؛ هي التي
حضرت في غزة؛ حيث صورت
الكاميرات الإسرائيلية أطفالا
و نساء و شيوخا؛ يرمون جنودا
بالحجارة؛ دفاعا عن كرامتهم
المهضومة – على الأقل- صورتهم
كمهاجمين للجيش؛ و كإرهابيين
يسعون إلى تفجير دبابات عسكرية
!!! و سواء بخصوص
الرسالة الإعلامية الأولى أو
الثانية؛ فإن الهدف واحد؛ هو
صياغة صورة مزورة؛ و تسويقها
لدى الرأي العام الدولي؛ صورة
تقوم على رسم إسرائيل كضحية
مستهدفة من طرف ( الإرهاب
الإسلامي) أما الجيش الإسرائيلي
فإن دوره لا يختلف عن دور جميع
جيوش العالم في مقاومة الإرهاب !ّ!!
و قد نجحت
إسرائيل طوال عقود من الزمن في
تشكيل هذه الصورة؛ لدى الرأي
العام الدولي و خصوصا في أمريكا
و أوربا؛ حتى أصبحت ذلك الطفل
المدلل الذي يتلقى الرعاية
الحكومية أمريكيا و أوربيا؛ و
بدعم شعبي لا محدود. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن بإلحاح هو:
هل ما زالت الظروف مواتية لتقبل
هذه الصورة النمطية؛ القائمة
على تزوير الحقائق على أرض
الواقع بهدف تزوير التاريخ ؟ إن اليقظة التي
يعيش عليها الرأي العام الدولي
الآن؛ نتيجة توسع الحرية
الإعلامية؛ و نتيجة الانتشار
الواسع لوسائل الإعلام بجميع
أشكالها. هذه اليقظة ستدق
المسمار الأخير في نعش الكيان
الصهيوني؛ الذي يعيش الآن مرحلة
مغايرة لتلك التي نظر لها
خبراؤه الإعلاميون. فقد أصبح من
البلاهة الآن اعتماد وسائل
قديمة في تزوير الحقائق على أرض
الواقع؛ خصوصا في ظل الثورة
الإعلامية التي يعرفها العالم. لقد انتهى ذلك
الزمن الإسرائيلي الجميل؛ حيث
كان اللوبي الإعلامي الصهيوني
هو الذي يحتكر صناعة الرسالة
الإعلامية صورة و صوتا؛ و هو
الذي يحتكر تسويقها عبر العالم ,
أما الآن و في ظل هذه الثورة
الإعلامية؛ فقد أصبح جميع الناس
مصورون؛ باعتماد أجهزة بسيطة
لكنها عالية التقنية؛ يمكنها أن
تحطم مؤسسة إعلامية بكاملها. و لذلك فقد أصبح
من الممكن جدا دحض الرسالة
الإعلامية الصهيونية؛ بمجهود
فردي بسيط؛ عبر المواقع
الإلكترونية الواسعة الانتشار
عبر العالم ( الفايس بوك – تويتر...
)؛ و بالتالي أصبح من الممكن
مواجهة التزوير الممارس؛ من طرف
المؤسسات الإعلامية الصهيونية. و قد زاد من
تعميق اللاشرعية التي أصبحت
تعيش على إيقاعها إسرائيل؛
الانتشار الواسع لوسائل
الإعلام العربية؛ التي أصبحت
مصدرا رئيسا و موثوقا به عبر
العالم؛ فيما يخص شؤون الشرق
الأوسط ؛ و هذا ما رسخ نموذجا
جديدا و مغايرا في نقل الصورة و
معالجتها؛ و تفسيرها كذلك عبر
التقارير الإخبارية التي تنقل
الواقع مباشرة من أرض المعارك .
و نحن هنا نتذكر ذلك النقل الحي
لعملية القرصنة البحرية التي
قام بها الجنود الإسرائيليون
على ظهر سفينة الحرية؛ حيث بذلت
قناة الجزيرة مجهودا جبارا في
نقل صورة مغايرة للرواية
الإسرائيلية؛ الأمر الذي أحرج
صناع القرار السياسي
الإسرائيلي؛ الذين يسوقون
لرسالة إعلامية مزورة . نتيجة لتظافر
مجموع هذه العوامل؛ فقد أصبح
الآن من الممكن تشكيل رأي عام
جديد؛ سواء في المحيط العربي و
الإسلامي؛ أو في مختلف
الامتدادات القارية من أوربا
إلى أمريكا و آسيا ... و إذا كان
الكيان الصهيوني؛ منذ تأسيسه قد
استثمر ملايير الدولارات في
صناعة رأي عام دولي على مقاسه؛
فإن الحرب التي يجب علينا أن
نستعد لخوضها منذ الآن؛ ترتبط
بمحاولة نقل رسائل إعلامية
مغايرة؛ للرأي العام الدولي؛
رسائل إعلامية نزيهة؛ تنقل ما
يجري على أرض الواقع بشفافية
مطلقة. و هذا ما سيساعدنا على
المدى المتوسط و البعيد؛ من
صناعة رأي عام دولي مساند
لقضايانا العادلة. و لعل بوادر
هذا المشهد الجديد بدأت تعلن عن
نفسها؛ منذ أحداث لبنان؛ مرورا
بأحداث غزة؛ لكنها الآن مع
قافلة الحرية أكثر جلاء. فقد خرج الناس
متظاهرين ضد الإرهاب الصهيوني؛
في أمريكا و بريطانيا و فرنسا...
و هذه معاقل صهيونية خالصة؛
كانت الرواية الإسرائيلية إلى
عهد قريب هي التي توجه الرأي
العام فيها. و هذه المظاهرات
التي تعم العالم بجميع قاراته
مؤشر حقيقي على التحول الذي
يعرفه العالم. فقد بدأ يدرك الجميع – متأخرين طبعا – أن
إسرائيل ليست ذلك الحمل الوديع
و ليست ذلك الطفل الأمريكي-الأوربي
المدلل؛ الذي صوره اللوبي
الإعلامي الصهيوني؛ انها ليست
ضحية مآمرات تحاك ضدها من طرف (الإرهاب
الإسلامي) . لقد بدأ الرأي
العام الدولي يدرك أن إسرائيل
كيان ديني و قومي منغلق؛ و ليست
دولة ديمقراطية؛ كما روج اللوبي
الإعلامي الصهيوني لعقود. لقد
بدأ هذا الرأي العام يدرك أن
الصهاينة قتلة الأطفال و الشيوخ
و النساء؛ لقد رفرفت صورة
الشهيد الطفل (محمد الذرة)
عاليا؛ لتفضح بالصورة و الصوت
الهمجية الصهيونية؛ و هذا الطفل
ليس سوى أيقونة إعلامية؛ رسخت
لدى الرأي العام الدولي؛ الصورة
الحقيقية للكيان الصهيوني
الإجرامي. كما نقلت الكاميرات
عبر العالم بالصوت و الصورة
مشهد الهجوم الهمجي؛ على مقرات
الأمم المتحدة و على هيئات
الإغاثة؛ في المياه الدولية. إن الصراع الذي
يجب أن نخوضه الآن ضد العدو
الصهيوني؛ هو صراع حول كسب أكبر
نسبة من الرأي العام الدولي؛
لأن الكيان الصهيوني منذ تأسيسه
و إلى الآن يخوض مثل هذه المعارك
بلا ملل ؛ و قد أسس مشروعيته
المزورة من خلال كسب الرأي
العام الأوربي و الأمريكي إلى
جانبه؛ الأمر الذي يوفر له جميع
أشكال الدعم؛ سياسيا و اقتصاديا
و عسكريا و تقنيا ... و قد لعب الإعلام
دورا خطيرا خلال جميع المعارك؛
التي خاضها ضدنا العدو
الصهيوني؛ فقد استطاع اللوبي
لإعلامي الصهيوني أن يسوق
لإسرائيل باعتبارها النموذج
الديمقراطي الوحيد في منطقة
الشرق الأوسط؛ لذلك فقد رسخ لدى
صناع القرار السياسي و العسكري؛
فكرة دعم الديمقراطية
الإسرائيلية !!! كخيار وحيد لا
بديل عنه . =========================== الدكتور عباس العبودي السلام عليكم جميعا ورحمة الله لايأس مع العمل ولا أمل بدون عمل وكل الأشواك في الطريق ستتهشم بالعزيمة
والإرادة والصبر والتحمل فالله تعالى سمى طريقه طريق ذات الشوكة فمن أراد الله فليصبر على طاعة الله
وليعمل من أجل ذلك ولو كلفه
حياته ومن سلك طريق الشيطان فليعلم أنه يعدنا ويمنينا ومايعدنا الشيطان
إلاّغرورا فهو صاحب العداوة والبغضاء وهو صاحب كل شر أيها الأحبة قرروا معي الان أي الطريقين سنختار؟؟؟ طريق الله ومعه الحياة في الدارين ومعه
الجنان والخلود والملائكة
يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار أم طريق الشيطان ومعه خزي الدنيا وعذاب
الاخرة؟؟؟ أيها الأحبة إن كيد الشيطان كان ضعيفا وإن شباك أتباعه
أوهن من بيت العنكبوت فلا نستوحشنَّّ من قلة الناصر وكثرة جند
الشيطان لأن جند الله هم
الغالبون وحزبه هم الفائزون ولكن بشرطها وشرطها ((إن تنصروا الله ينصركم)) فهل نمتلك الشجاعة والقدرة أن نتحرر من
أهوائنا وأنانيتنا لنحقق نصر الله ؟؟ فلنعمل عملا صالحا يقربنا بصبرنا على
طاعة الله لأن فيه خير الدنيا
والاخرة. ولنعمل بصمت وحكمة
ولانتوقع جزاء من أحد ولتكن
خطواتنا في عمل الخير كمن يمشي
على الرمل لا يُسمع صوته ولكن
أثره واضح ولا نتحدث بما نقدمه
للناس بل نترك الأمر بين يدي
الله فالله هو الشاهد وهو الحاكم فلا ندع الحزن واليأس يتغلغل في صفوفنا
ولو كثرت سهام الاعداء فكلما
زادت المحن صقلت المعادن وبانت
قيمتها فليس كل ما يلمع ذهباً (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن
كنتم مؤمنين) محبتي ودعائي ========================= الدكتور عبد القادر حسين ياسين* في الخامس عشر من أيار الماضي ، في الذكرى
الثانية والستين للنكبة
الفلسطينية ، غيبَ الموت الباحث
والمترجم الفلسطيني جمال
التميمي، بعد أن صارع المرض
طيلة سنوات، تكشفت عن المزيد
النبيل والشجاع ممّا كان يُعترف
عنه من طاقة مذهلة على تثمين
الحياة، وإدمان المقاومة،
واستنبات الأمل. كانت حياة جمال بمثابة صراع مفتوح من أجل
طراز من البقاء لا تغيب عنه
سجايا النظافة، واللقمة
الشريفة، والتحرّر من غريزة
القطيع، والتمسك بالعقل الجدلي
الذي يُحسن تمييز الخاصّ عن
العامّ وكيف ومتى يتوجب الفصل (أو
الوصل) بينهما. مثقف موهوب، غاضب، يشعر بالحيف من كل ما
أحيط به : الفقر والغنى ،
والحرية والعبودية ، وفرص النشر
والتألق والانزواء ... عاش
مغموراً، ورحل بصمت كلي. اختار
عزلته في قرية صغيرة معزولة في
إحدى الغابات في جنوب السويد. وصل إلى السويد قبل سنوات ... رنَّ هاتفي ، وسمعته يقول بصوته المبحوح : "أريد أن نلتقي ....فعندي من الهموم ما
أود أن أقولها إليك." جلسنا في مطعم صغيرعلى شاطئ البحر في
مدينة غوثنبيرغ السويدية
وأمامنا امتداد البحر وثمة صورة
ضبابية لباخرة عملاقة من عابرات
المحيطات ترحل كأنها تسافر نحو
اللانهاية. كان حديثنا عن الوطن ... والمنفى... والرحيل..
رحيل النوارس التي كانت تمر من
أمامنا ورحيل المثقفين
الفلسطينيين الى كافة أرجاء
المعمورة... ذات يوم إتصل بي الصديق حنا خلف يستفسر إن
كنت أعرف شيئا عن جمال التميمي
فيما إذا كان مسافرا أو ربما
ضيفا عند صديق... وعدته بأن
أستفسر ، وأعلمه بالنتيجة... وطوال ثلاثة أيام كنت أتصل بجمال عدة مرات
يوميا... وفي كل مرة كان جهاز الرد الآلي يبدأ بعد
الدقيقة الأولى :"هذا هاتف
جمال التميمي . أرجو أن تترك
اسمك ورقم هاتفك ، وسأتصل بك عند
عودتي. " ظل جهاز الرد الآلي يدور و جمال التميمي
لم يعد إلى شقته، فلم يكن مسافرا
بل كان نائما على سريره ، وجهاز
الرد الآلي يدور :"هذا هاتف
جمال التميمي . أرجو أن تترك
اسمك ورقم هاتفك ، وسأتصل بك عند
عودتي. " قبل أسبوعين كما أخبرتني صاحبة الشقة
بدأت تظهر عليه أعراض المرض/الموت.
كانت السيدة السويدية تخاف عليه وترسل
صديقها كل يوم كي يقرع الباب
ويطمئن علي حياته... إلى أن قرع الباب ولم يتلقَ رداً... إتصلت صاحبة الشقة بالشرطة كي تحضر وتأخذ
الجثة. اتصلت الشرطة بأقربائه
في مدينة "هلسنبوري" التي
لا تبعد عن القرية أكثر من عشرة
كيلومترات ، لإخبارهم ولم يحضر
أحد لإجراء مراسيم الدفن ، أو
حتى إلقاء نظرة أخيرة على
قريبهم. قامت السيدة السويدية ، بالتعاون مع
الجهات المعنية ، بالواجب. دُفنَ الرجل وحيداً كما عاش وحيدا لسنوات.
في هذا البلد ، "بلد الرفاه" و "المعجزة
الإقتصادية" ، لا أحد يعرف
حقيقة أحد، ولا شيء يكشف ويخفي
ملابسات الناس سوى الموت. قبل ثلاثة أشهر قال لي أنه يشعر بأن "الرحلة
إنتهت..." وأنه يتمنى أن يدفن
"هناك..." في سفح جبل "جرزيم"..
في نابلس.. مدينة الصابون...
والكنافة النابلسية... و "جبل
النار" في وداع أبي الأمين ، جمال التميمي ، ذلك
الصديق الذي أذابه المرض، في
الفترة الأخيرة، حتى صار نحيلا
كطيف، وجعل صوته الذي كان خافتا
باستمرار أشبه بهمس تخالطه بحة
منهكة، يتداخل الخاص والعام... كان يهتف لي أحيانا، بصوته الذي أنهكه
المرض حتى صار همساً مبحوحاً،
ليلفت إنتباهي إلى مقال في مجلة
أدبية ، أو لكتاب جديد يوشك على
الإنتهاء من ترجمته . ولأن جمال التميمي إنسان، ولأن لكل عمر
نهاية، ولكل منية سبباً، ولأن
الموت حق، فقد كان محتماً أن
نفتقده ذات يوم ... كيف يجرؤ على الكتابة من لا تسكن اللغة
قلبه قبل قلمه، وتتحول من أداة
للتعبير الى حضن لأشواقه
وطموحاته، توصل أفكاره ومشاعره
وجدانيا الى الآخرين وتوصلهم به
وتقيم بينه وبينهم جسراً من
التعارف والتواصل والتفاهم،
وتلك أنبل مهمة إنسانية؟! و جمال التميمي الذي بدأ معلماً، ظل يتعلم
ويتعلم ويتعلم حتى آخر يوم في
حياته... ولن أنسى أبداً ذلك الشعور بالتهيّب الذي
كان ينتاب معلمي مدارس الوكالة
عندما يبلغهم أن "المفتش"
جمال التميمي آت إليهم في جولة
تفقدية لأدائهم المهني... كان
يمتحنهم في تلامذتهم ليكتشف
طبيعة علاقتهم بلغتهم... ليقرر
مَن مِن الأساتذة قد نجح ومن
منهم قد رسب وضلَّ سبيله. يدهشك جمال في حضوره اللامع والمتواضع،
في دقة متابعته للتطورات، سرعة
خاطره، وشمولية رؤيته للمشهد
العربي .وجرأته في المواضيع
التي يطرحها، ومن بينها ان
الانسان العربي كان غريبا ولا
يزال في وطنه، وكات يتألم لهذا
السقوط المريع للفكر العربي،
حتى بات الواحد منا يخجل من ان
يقول أنه عربي. ولا شك في أن الواقع المأساوي لهذه الأمة
المتخاذلة والمهزومة ، والتي
تتلقى الضربات ولا تستطيع الرد
عليها ، والأوضاع السائدة في
فلسطين والعراق قد أثرت في قلب
الرجل، فآثر راضيا الرحيل،
تاركا وراءه هذا الهبوط لأمة
تزعم أنها "خير أمة أخرجت
للناس". سجن جمال التميمي مرارا ، وتعرض للتعذيب
... وكان الشلل قد أصابه بجزء من
جسمه ويديه وتعثر نطقه الى حد
كان من الصعب ان تفهم منه ماذا
يريد.. ومع ذلك صار يكتب
بالحاسوب مستخدما اصبعا واحدة.
ثم تحسنت صحته الى حد صار يستطيع
المشي ويقود سيارته... وكان
يمتلك أملا في الحياة متفوقا
فيه على مأساته.. لكن الموت كان
له بالمرصاد.. أيا الأخ الحبيب ، والصديق الصدوق ، ورفيق الدرب الطويل ، أيها الرجل البسيط في معشره وفي حياته، والرائع في أدائه وطموحاته ؛ إنَّ طعم المرارة عصي ّعلى التلاشي، في
الخواء الذي يتملكني أمام فكرة
ألا تكون بيننا... بعد الصدمة أحاول أن أصدق أنك ترجلت عن
صهوة جواد الكلمة الحرة ،
الصادقة والملتزمة، في زمن تندر
فيه الأقلام التي لا تخشى في
الحق لومة لائم ... وداعاً ايها الرجل في زمن عزَّ فيه الرجال
، وداعا ، أبا الأمين ، لك الغار والندى ... فالأشجار تموت واقفة! كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في
السويد . ============================= د. فايز أبو شمالة إذا كان الهدف من فك الحصار عن غزة هو
إدخال مواد التموين، وحاجات
الرفاهية، ومواد البناء،
والعطور الفاخرة، والأجهزة
الكهربائية، والسيارات،
والبهارات، والسماح لسكان غزة
بالسفر إلى أوروبا، والتمتع
بجوها السحري، فبئس فك حصار
يسعى إليه الفلسطينيون، واحتمل
من أجله الناس عذاب سنين!. قصير النظر قد يحسب أن مشكلة غزة في نقص
المواد، وقلة الموارد، وانعدام
فرص العمل، والمشاريع
الاستثمارية، واختناق الحياة
بالحدود الإسرائيلية الشائكة
ولا ينكر أحد أن هذه بعض مشاكل
غزة ولكن حال أهل غزة مثل حال
السجناء الفلسطينيين في السجون
الإسرائيلية، فهم في حاجة إلى
حريتهم أولاً، وفي حاجة لإشباع
جوعهم إلى الحياة. ولكن إطلاق
سراحهم من السجون لا يعني نهاية
المشوار، وانتهاء حالة العداء
مع اليهود الإسرائيليين. بل على
العكس من ذلك، فمن أمضى زهو
حياته في السجون، لا يفتش عن
حريته الشخصية، لينسى السبب
الذي من أجله احتمل العذاب خلف
القضبان؟ فك الحصار عن غزة هو بداية مشوار
المقاومة، وانتصار الإرادة،
والخلاص الفلسطيني من قيود
الاحتلال الإسرائيلي، وبداية
مرحلة جديدة من الاستعداد
لاسترداد الحقوق الفلسطينية
المغتصبة سنة 1948، وكل من يفكر أن
صراع غزة مع إسرائيل يقف عن حدود
غزة فهو واهم، وكل من يفكر أن فك
الحصار يعني بداية تمتع الناس
في غزة بحياة الملذات فهو طائش
التفكير، وهذا يعرفه
الإسرائيليون جيداً، ويخشون
منه، ويعرفون أن التركي،
والجزائري، والمصري، والكويتي،
والسوري، واللبناني، والأردني،
والمسلم بشكل عام، لم يأت كي
يمسح الدهن عن صحون
الفلسطينيين، ولم يحترق دم
العالم الحر على غزة كي ترش
نساؤها العطر على فراشهن،
ويصففن شعرهن، ويصبغن أنفسن
بالألوان البراقة. فك الحصار عن غزة يعني نهاية مرحلة
الاستخذاء، وبداية الانجلاء
لطريق الحرية، وهو يحمل دلالات
سياسية وليست حياتية فقط،
ولاسيما بعد اصطفاف محاور
إقليمية إلى جانب الشعب
الفلسطيني، ولا بأس من
الاستعانة بالضغط الدولي،
واستنفار المشاعر الإنسانية،
داعمة لصمود أهل غزة، وقوة
صبرهم على الشدائد، ليكون فك
الحصار بداية الفصل الحقيقي بين
الدولة العبرية الغاصبة وبين
بعض الأرض الفلسطينية المحررة
في قطاع غزة، على طريق تحرير
باقي الأراضي المحتلة، معتمدين
أساليب قتالية جديدة، وإبداعات
نضالية، ومواجهات، بعيدة عن
أسلوب إضاعة الزمن الفلسطيني
خلف طاولة المفاوضات. ========================= أو تعجبون من جرائم
ضحاياها هم السبب...!!؟ بدرالدين حسن قربي ابتداءً، فإن عقلاء الناس يُدينون ما
فعلته اسرائيل بحق العزل
الأبرياء من ركاب قافلة الحرية،
لأنها عملية قرصنة وجريمة نكراء
لايقبلها عرف ولا دين ولا قانون.
ومن ثم فكل التحايا مع التقدير
لكل من بذل ويبذل جهداً
إنسانياً لرفع المعاناة عن
المقهورين والمضطهدين
والمحاصرين والملاحقين من
ناسنا، وكشف الزيف عن الوجوه
الكالحة التي جفّ فيها سحر
الحياة، وترتكب جرائمها بدمٍ
بارد من غير وازع من قانون أو
ضمير أو بقايا إنسانية. لقد جاءت العملية الإسرائلية في اليوم
الأخير من شهر أيار/مايو 2010 في
الاعتداء على سفن قافلة الحرية
المحمّلة بالمساعدات الإنسانية
للمساعدة في كسر الحصار عن غزّة
ذات المليون ونصف محاصر، وما
صاحبها من مواجهةٍ وقمع تسبب
بقتل وسفك دم الأبرياء في وقت
يعاني فيه الشعب الفلسطيني
تصدعاً في وحدته وانقساماً في
البقية المتبقية من أراضيه
المحتلة. ولئن كنا نتفق أو نختلف
مع ماقيل ومايقال عن الآمال
والتطلعات، والتداعيات والآثار
سلباً أو إيجاباً من تجار
القضية ومن هم بمثابة أمّ
الولد، فإننا نعتقد بأن العملية
الإسرائلية لابد أنها كانت
محسوبة، وإن لم يتطابق حساب
السوق لمن حسب مع حساب الصندوق،
فالرياح مضين بما تشتهي السفن.
وإنما أن يكون العدو في ورطة من
أمره مما فعل، وأن يتسع الخرق
عليه، فلا يعني أيضاً أننا في
حال حسن، لأن للأمر مابعده في
ارتداداته الإقليمية والدولية
في القريب العاجل قبل الآجل،
والتي قد تشعل أوار حرب نسمع قرع
طبولها وتهديداتها ووعيدها.
ولئن كان البعض يقرأ علينا
بغيرها والبعض الآخر يطمئننا
بانتصارات وهزائم على الأبواب،
فإن قادم أيامنا فيما نعتقد مما
يشهد عليه واقعنا بما فيه من
الفساد والاستبداد والقمع
لايطمئن. لاشك أن العملية التي كانت موجهة إلى
السفينة التركية مافي مرمرة Mavi
Marmara ، تأكّد أن فيها مرمرة ولو
لأعدائها، فقد انتهت إلى
ماانتهت إليه وطرفاها من حقٍ
وباطل يعتقدان وهما يدوّران
زوايا الرؤية أنهما حققا
غرضهما، والحقيقة أن نفي ذلك أو
إثباته مرده إلى القادم من
الأيام. تحليلات الحدث وقراءاته كانت كثيرة،
والبيانات والشجب والتنديد كان
أكثر، ولكن يلفت النظر أن قلةً
لفتتها تصريحات رئيس الأركان
الإسرائيلي على إحدى الفضائيات
بأن الأوامر الأولية للجنود
كانت بعدم إطلاق النار، وإنما
رفض السفن بما فيها التركية
الانصياع للنداءات الإسرائيلية
بتغيير خط سيرها للتوجه إلى
المياه والميناء الإسرائيلي
اقتضى إنزال الجنود بواسطة
الهليوكبتر على السفينة، وهو
مما واجهه الناشطون الإغاثييون
والإنسانييون - الذين وصفهم
المتكلم بالإرهابيين -
بالمقاومة بالعصي وقضبان
الحديد وسكاكين كانت معهم مما
تسبب بإصابات وجروح لبعض الجنود
الإسرائيلين، وهو مااستدعى
إعطاء الأوامر برمي القنابل
الدخانية وإطلاق النار على
المقاومين مما تسبب بمقتل عدد
منهم. ويبدو التصريح وكأنه يريد
التعذر للجريمة بعدم انصياعهم
للأوامر ومقاومتهم بما معهم مما
استدعى إطلاق الرصاص. ورغم أن عدداً من ركاب القافلة نفى وجود
مقاومة باعتبارها سفناً
إنسانية وحمولتها إغاثية ليس
أكثر، ورغم أن جريدة القدس
العربي في عددها الخميس 3 حزيران/
يونيو أشارت إلى أن الجنود
الاسرائيليين الذين هاجموا
السفن كانوا مدججين بالسلاح،
ومع ذلك قفزوا في البحر هروبا من
الجبابرة الذين واجهوهم بالعصي
والقضبان الحديدية رافضين
الاستسلام لهم وإطاعة أوامرهم،
فلجأ زملاؤهم الآخرون الى إطلاق
النار رغم الأوامر الأولية
إليهم بعدم فعل ذلك، فإننا مع كل
الروايات نركن إلى أن التصريح
العسكري الإسرائيلي يؤكد
حقيقةً مفادها أن مرتكبي
الجرائم ومحترفيها يوجدون
المبررات لجرائمهم الدنيئة
والغادرة، والأعذار لقتل
ضحاياهم في طول الأرض وعرض
البحر وفي ظلمة الليل ووضح
النهار على ظهور السفن الماخرة
وفي غيابات السجون القاهرة. فلو رجعنا ثلاثة أسابيع إلى الوراء في 4 و 5
أيار/مايو استدعاءً لما قاله
الوفد الرسمي السوري أثناء
مناقشة تقريره الأول أمام لجنة
حقوق الإنسان التابعة للأمم
المتحدة في جنيف لعددٍ من
الساعات، لوجدنا أن إجاباته
عمّا كان من قتلٍ وسفكٍ للدماء
في سجن صيدنايا العسكري في تموز/يوليو
2008 لاتخرج عن إطار التبريرات
والتعذرات السابقة. وهي أن ما
جرى في السجن عبارة عن تمرد
لمحكومين في جرائم تطرف وإرهاب
وعدم انصياع لأوامر العسكر،
أخذوا حراس السجن وهددوا
بقتلهم، وأن السلطات الرسمية
تعاملت بمنتهى الحكمة مع
المساجين، وأن الجهات الأمنية
تعاملت مع ماكان بمنتهى
الرويّة، وأن الرصاص الذي أوقع
حوالي 17 قتيلاً لم يستخدم إلا
بعد رفضهم الانصياع لأوامر
سجّانيهم وحرّاسهم. فركاب سفينة مرمرة الإغاثييون وسجناء
صيدنايا العزْل هم في نظر
قاتليهم متطرفون وإرهابييون،
وركاب مرمرة قاوموا بالعصي
وقضبان الحديد، في حين أن
السجناء لايملكون مثل هذه
الأدوات ولا حتى أقل منها
بكثير، ولكنهم بقدرة قادرٍ
احتجزوا سجّانيهم المدججين
بالسلاح، وفي الحالين سفينةً
وسجناً أطلق القاتلون على
ضحاياهم النار فيما قالوا حماية
لجندهم وحرسهم وعسكرهم، فقُتل
على السفينة عدد لايقل عن تسعة
عرفناه من الساعة الأولى
للجريمة، وهم معروفون بأسمائهم
وأعمارهم وسلمت جثامينهم إلى
عائلاتهم، وقُتل في سجن صيدنايا
عدد مجهول عرفناه بعد آلاف
الساعات بكلام رسمي في مطالع
أيار الماضي قدّروه تقديراً
بحوالي 17 قتيلاً، لأن العدد لم
يتحدد بعد وأن أسماء الضحايا
مازالت مكتومة رغم مضي السنتين،
ومازال ذوي الضحايا لايعلمون عن
مفقوديهم شيئاً. مجزرة قافلة الحرية جريمة مستنكرة، نتقدم
بالعزاء إلى عائلات ضحاياها
ومحبيهم، ونرفع قبعاتنا و(عقالاتنا)
تحية لناسها وأحرارها ممن
يريدون كسر الحصار وتكسيره،
ونشكر كل من شارك واستنكر وشجب
وتظاهر وصرّح وتوعد وهدّد، لأنه
يشارك في خطوةٍ على طريق الألف
ميل. وإنما نذكّر أن الأحرار
وليس غيرهم هم الذين يحررون،
وهم القادرون على التحرير، وليس
المقموعين ولا المضطهدين
أوالمقهورين. وعليه، فإن لنا
مجازر ومَرْمَرَات كثيرة آخرها
ما أُعلن عن عدد ضحاياها في جنيف
قبل أسابيع ثلاثة، وكأن شيئاً
لم يكن، وأن ضحاياها ليسوا
شيئاً مذكوراً، وبلادنا بعشرات
ملايينها محاصرة بفاسديها
ومستبديها وأكابر مجرميها. أمْن الناس وحريتهم قضية أساسية ومهمة
على طريق التحرر والتحرير، وقمع
الرأي واضطهاد الإنسان وقتله
بحجج معركة أو معارك لا يعلو صوت
على صوتها ليس إلا سبيلاً
للخنوع والاستبداد وخسارة
الأرض، فالعبيد لايقاتلون، وإن
حملوا عليه فلاينتصرون. ومن نسي فلا ينسينّ أن الضحايا (المرمرين)
من سفن قافلة الحرية الإغاثية
وضحايا سجن صيدنايا المعتقلين
هم في عيون قاتليهم متطرفون
وإرهابييون، عاملوهم بطولة
البال والحكمة والرويّة،
ولكنهم رفضوا الانصياع
لأوامرهم فنالهم مانالهم من
توحش القتلة، وألبسوهم سببها،
فهل تعجبون...!! عندما ترون
الجريمة تمضي دون حساب فاعلموا
أن صاحبها مسنود ومدعوم وذاك هو
السبب. أَوَ تعجبون ولامبرر
للعجب...! =========================== "مرمرة "نقطة تحول 5
في اسرائيل .. لا داعي للمناورات
والتدريبات بقلم :واصف عريقات خبير ومحلل عسكري صدمة دولية، مأساوية، غير مقبولة، غير
انسانية وصفت العملية
الإجرامية ضد أسطول الحرية من
قبل حلفاء اسرائيل بالتزامن مع
مظاهرات عالمية شعبية
احتجاجية، ومن الآخرين وصفت ب
قرصنة بحرية، ارهاب دولة، عملية
اجرامية، وحشية، تعرت اسرائيل
أخلاقيا، رافقها غضب عارم
وتنديد باسرائيل واحتجاجات
وحصار لسفاراتها وحرق لأعلامها
ودعوات لقطع العلاقات معها. أيا كانت
الأوصاف فمحصلة العملية فشل
اسرائيلي سياسي بامتياز وضرر
كبير في العلاقات الخارجية خاصة
مع أصدقاؤها وحلفاؤها
الأمريكيين والأوروبيين، وهو
ما عبر عنه رئيس الموساد "مئير
دوغان" بالقول إن العالم
يتغير وأمريكا تتغير واسرائيل
أصبحت عبئا ثقيلا على حلفاؤها. وعلى الصعيد العسكري فبعد عملية اقتحام
السفينة مرمرة واسطول الحرية
لاحاجة بعدها للمناورات
والتدريبات واظهار صور الجنود
على الفضائيات والتشدق بتجاوز
الإخفاقات وبناء القدرات، فهذه
القرصنة البحرية والعملية
الإجرامية (رياح السماء) التي
كانت مدرجة على قائمة مسلسل
سيناريوهات المناورات التي تعد
لها اسرائيل في المستقبل كتهديد
بالحرب وفرصة للتغني باستعادة
قوة الردع والمعنويات والهيبة،
جاءت نتائجها كارثية ومخيبة
لآمالهم وطموحاتهم، وسجلت
العملية فشلا ذريعا ليس فقط
بحجم الضحايا المدنيين
الأبرياء الذين سقطوا في هذه
العملية وفي إظهار الوجه البشع
لاسرائيل وعدم أخلاقيتها بل وفي
تعرية الكوماندوز والوحدات
الخاصة والنخبوية السرية في
سلاحي البحرية والجوية وقوات
الإسناد الأخرى الإسرائيلية. فشل مثل هذه العمليات ليس جديد، وهو ما
يعيد للأذهان الفشل الذريع
لعملية انزال الكوماندوس على
نصارية جنوبي لبنان في 5 ايلول
1997، هؤلاء الكوماندوس
المدعومين برا وبحرا وجوا كانوا
من رجال وحدة الشييطت التي
تشكلت منذ العام 1948، وميزتها ان
كل فرد فيها يعمل على أساس أنه
طاقم كامل متكامل نظرا لما
يتمتع به من صفات بنيوية وشخصية
استثنائية،وهي نفس الوحدة التي
نفذت العديد من العمليات الخاصة
في الحرب المصرية الاسرائيلية،
وفي الاعتداءات على قوات الثورة
الفلسطينية، وبقيت تعمل بسرية
تامة وبدون خسائر الى حين افتضح
أمرها عام 1995 في قضية الإتجار
غير المشروع بالسمك، لكن عملية
أنصارية وخسارة شيططت لمعظم
أفرادها في العملية وهرب من
تبقى حيا تاركا وراءه أشلاء
رفاقه وسلاحهم وعتادهم
وذخائرهم، أدى الى تشكيل لجنة
" أوفير" للتحقيق وفي 28 / 10 /
1997 قدمت اللجنة نتائج التحقيق،
الجانب المعلن منها توجيه
انذارات الى ستة من كبار ضباط
سلاح البحرية الذين بدورهم
حاولوا تحميل المسؤولية لخلل في
المعلومات الاستخبارية لتحويل
الأنظار وحرف الحوار داخل
المجتمع الإسرائيلي وتصوير
الفشل على أنه تقني. فشل عملية أنصارية البحرية والمخطط لها
بشكل جيد اسرائيليا أسقط مخططات
نتنياهو الهادفة للعمل خلف خطوط
(العدو)، وكانت بمثابة نقطة تحول
استراتيجي سلبي بمجمل الأداء
العسكري الاسرائيلي وليس على
صعيد البحرية ووحداتها
النخبوية. تلتها في التحول السلبي عملية اصابة
البارجة الحربية ساعر خمسة في
عرض البحر خلال عدوان تموز 2006
على جنوب لبنان الذي أدى الى
تشكيل لجنة تحقيق القاضي
فينوغراد الذي بدوره كشف
المستور من الإخفاقات وسجل
العديد من التوصيات،وعلى أثرها
تتواصل بلا جدوى التدريبات
والمناورات ويتفننون بأوصافها
وأسماؤها ويتقنون فن توظيفها . التحول السلبي الآخر والأخطر ما جرى في
عملية القرصنة البحرية
والعملية الإجرامية ضد أسطول
الحرية فجر يوم 31 أيار 2010 ، حيث
نقطة التحول الحقيقية في تاريخ
الأداء العسكري الاسرائيلي،
ظهر فيه الجندي النخبوي ومغوار
البحرية والكوماندوس والمظلي
والصاعقة جبانا رعديدا ألقي فيه
بالبحر من قبل مدنيين عزل،
ومنهم من ضرب بالعصي وطعن
بالسكاكين ومنهم من آثر رمي
نفسه للبحر على المواجهة مع
المتضامنين الأبرياء العزل
خوفا ورعبا، ومن لم يقذف نفسه في
مياه البحر داس بقدميه على
طهارة السلاح والقسم العسكري
واستخدمه أبشع استخدام في حرب
تملك فيها اسرائيل كل
الإمكانيات ضد المتضامنين
المدنيين من نساء ورجال محاصرين
منهكين واصلوا الليل بالنهار
سعيا لرفع الحصار بطريقة سلمية
لا حول لهم ولا قوة أخذوا على
حين غرة بانزال مظلي من الجو
واقتحام من البحر تحت ستار كثيف
من النيران والقاء القنابل
الدخانية والغازية والصوتية
المزعجة ووضعوا في أجواء من
الخوف والرعب وتطويق بحري وغطاء
جوي. هذه العملية الإجرامية الحربية ضد الحملة
الإنسانية الدولية وضعت
اسرائيل في ورطة دولية ومواجهة
مع المجتمع الدولي بشكل مباشر
وفتحت الباب على مصراعية أمام
العالم للإطلاع على ممارسات
اسرائيل العدوانية وتمردها على
المجتمع الدولي وعلى القيم
والقوانين والأعراف الدولية
والشرائع السماوية. كما وجدت
القيادة الاسرائيلية نفسها في
مواجهة الداخل الإسرائيلي الذي
بدأ بالحوار والتساؤلات
المصحوبة بالقلق عن قدرات الجيش
الإسرائيلي القتالية، فإذا
كانت هذه أحوال نخبة الجيش
الاسرائيلي في مواجهة المدنيين
العزل وفي منطقة خاضعة للسيطرة
المطلقة الاسرائيلية برا وبحرا
وجوا فكيف سيكون حالها في
المواجهات والحروب المتكافئة
التي لا توفر لها هذه الظروف
والإمتيازات.؟؟ سؤال بحاجة الى
جواب، والجواب السريع جاء على
لسان"أري شفيت" عندما كتب
مقالا في هآرتس قال فيه:"لست
أومن بأن منظمة استخبارية لم
تحل مشكلة غلعاد شاليط تستطيع
حل المشكلة الذرية الايرانية.
بعد اخفاق الرحلة البحرية لم
أعد أؤمن بقدرة المنظمات
الاستخبارية والوحدات الخاصة
على مواجهة التحديات التي تعرض
لدولة اسرائيل". إذا كان هذا الحوار في الداخل
الإسرائيلي، فكيف يكون عليه
الحال عند مؤيدي اسرائيل
وحلفاؤها الذين ينافقون لها على
أساس أنها بؤرة الحضارة
والديموقراطية في المنطقة وعلى
أنها القوة الرئيسية فيها، وفي
عمليتها الإجرامية الأخيرة
فقدت الإثنتين معا. خلاصة القول : آن الأوان للإدراك بأن جيش
اسرائيل قهر و سيقهر أكثر إذا
أقدم على حماقات مماثلة
واسرائيل التي حازت على
الإمتياز في مراكمة الفشل
والإخفاقات لم تعد اللاعب
الأساسي في الشرق الأوسط وعلى
الأصعدة كافة . قيل لأبي تمام: لماذا تقول ما لا يفهم، قال
: لماذا لا تفهموا ما أقول.؟!! ============================ بسام الهلسه في البداية لم يفهم الطفل، ذو الأحد عشر
ربيعاً، ما حدث.. أفاق ذات صباح
حزيراني، ليسمع الكبار يقولون: إنكسر العرب... * * * لم تسمح له
العيون الذاهلة، والحركات
المتوترة، ونبرات الصوت
الحادة، أن يسأل عما جرى.. لكن
"إنكسر العرب" تغلغلت في كل
مسامة من مسامات روحه وجسده
الغض، ولسوف يكون هذا اليوم:
الاثنين، الخامس من حزيران،
لسنة 1967م، آخر عهده بالطفولة،
ونقطة التحول في وعيه وشخصيته... ومذَّاك
فصاعداً، سيبدأ بالسؤال
والإصغاء والتدقيق والتأمل
والمراجعة.. وسيبدأ بقراءة –لا كقراءاته القصصية
السابقة- بل لكل ما له صلة
بالسياسة والحرب والتاريخ
وتراجم القادة... والأهم:
سيتولد لديه شعور عميق ب"المأساوية"
–إن صح التعبير- يختلط فيه
الحزن بالغضب.. ربما اكتسبه من
الأيام الأولى للحرب، حينما سمع
صراخاً في بيت مجاور.. ليتبين أن
جارهم قد قتل بصلية من إحدى
الطائرات الإسرائيلية المغيرة
على المطار القريب من حي "المحطة"
في عمان حيث يسكنون.. وربما
اكتسبه من مرأى آلاف الآلاف من
النازحين الذين تجمعوا في
المدارس والمساجد.. أو من
مشاهدتهم يعبرون هائمين تائهين
نهر الأردن ("الشريعة" كما
كان يُسمى)، حينما كان يذهب مع
والده –الجندي في سلاح الجو
وقتها- ويراه وهو يحاول أن يحجب
دموعه في عينيه.. لكن أهم ما أحدثه فيه هذا اليوم وما تلاه،
كان الشعور بالمسؤولية إزاء ما
يجري.. وهو ما سيُعاينُه ويختبره
لاحقاً، عندما تحولت المشاعر
والمشاهدات والمعلومات، إلى
وعي حادٍ مُصمِّمٍ قرر مسيرة
حياته.. كيف لا، وهو
الذي ورث عن أبيه "عناده"
في المضي قدماً وراء ما يعتقد.. وحمل اسم رفيق أبيه في "جيش الجهاد
المقدس" الذي استشهد خلال
معارك (1948م) دفاعاً عن القدس ؟؟ * * * أولى
تعبيراته عن رفض الهزيمة، جاءت
بعد شهور قليلة، عندما استؤنفت
الدراسة، وكان في الصف السادس
الابتدائي، حينما دخل مدير
المدرسة غرفة الصف، ليطلب إلى
الطلاب أن يرسموا... فرسموا:
مدمرة بحرية إسرائيلية اسمها
"إيلات" تغرقها صواريخ
البحرية المصرية... واختار
المدير "رسمَه" ليعرضه على
الطلاب.. وحينما وزعت عليهم إدارة المدرسة "علب
سردين" –كتضامن من إحدى
الدول العربية المغاربية- صاح
بعض الكبار: إرموها.. إرموها... وتعالى هتاف: "بدنا سلاح مش سردين بدنا نحرر فلسطين" وتأججت صيحات
الصغار الغاضبين مدوية في
الأرجاء. * * * في الربيع،
في آذار- مارس 1968، طلبت إدارة
المدرسة، أسوة بالمدارس
الأخرى، من الطلاب مغادرة
الصفوف والعودة إلى منازلهم
بنظام... - لماذا ؟؟...
تساءلوا ؟؟ - حرب.. حرب دائرة..
والحرب الدائرة كانت "معركة الكرامة"
المجيدة.. في اليوم التالي خرجت "عمان" ومن
توافد إليها من المواطنين،
لتشيِّع الشهداء من المسجد
الكبير "الحسيني"، فيما
ترددت هتافات ضارية: اليوم يوم الكرامة.. اليوم يوم الكرامة و: "يا شباب العُرب هبوا ليس بعد اللهِ
ربُّ" وفيما بعد
شاهد الطفل بفرح وحماسة،
الدبابات والعربات الإسرائيلية
المدمرة معروضة في ساحة "أمانة
العاصمة" بجانب المدرج
الروماني.. ومنذ هذا
اليوم، سترسَخُ في وعيه
ووجدانه، الثقة بقدرة الجندي
والمقاتل العربي على الاشتباك
والانتصار، ولن تُزعزع هذه
الثقة، كلُّ الكتابات
والخطابات المثبطة، التي قرأها
وسمعها فيما بعد. * * * كبر الطفل
منذ حزيران 1967م كثيراً.. ولاحظ –فيما
بعد- أن الأطفال، والناس
عموماً، يكبرون وينضجون في
أوقات الحروب والمآسي بسرعة
أكبر بكثير مما هو معتاد في
دورات الحياة الطبيعية. واليوم، ورغم
أن حزيراناتٍ كثيرة مرَّت، لا
زالت فيها إسرائيل تحتل الأرض
العربية، لا يزالُ "طفل
حزيران" رافضاً للقبول
بالهزيمة، ولا يزال على وعيه
وعهده القديمين، موقناً بقدرة
العرب على القتال والانتصار... وإن صار يدرك أن الهزيمة تقع في مكان آخر: في السياسات والأنظمة العربية. =========================== الحريات الدينية بين
مصر وأوروبا ممدوح أحمد فؤاد حسين في كل عام يصدر عن لجنة الحريات الدينية
التابعة للكونجرس الأمريكي
وكذلك المحكمة الأوربية لحقوق
الإنسان تقريرا سنويا عن
الانتهاكات والقيود المفروضة
علي غير المسلمين في بلاد
المسلمين . وللأسف الشديد فهي
تقارير لا تتصف بالعدل
والحيادية لأنها تتجاهل
الانتهاكات والقيود المفروضة
علي المسلمين في بلاد الغرب ولو
أنصفت لذكرت كل الانتهاكات التي
تحدث لجميع الأقليات الدينية في
جمع أنحاء العالم . سأبدأ بعرض الانتهاكات التي يتعرض لها
المسلمين في الغرب العلماني -
حيث حرية العقيدة المزعومة - في
مجال بناء دور العبادة وسيتضح
بعد قليل أنه لا فرق بين الغرب
العلماني المتقدم صاحب السبق في
الحريات عامة وحرية العقيدة
خاصة وبين مصر ممثلة للشرق حيث
الأغلبية المسلمة .بل وسيتضح من
المقارنة أنه في الواقع العمل
تتقدم مصر علي أوروبا في هذا
المجال. ثم أذكر الانتهاكات التي يتعرض لها
المسلمون في الغرب في الحياة
اليومية ومقارنتها بالحالة في
مصر. وأخيرا سأقدم اقتراحا لحل مشكلة الأقليات
والحريات الدينية في العالم . أولا : انتهاكات في مجال بناء دور العبادة 1) المانيا : تحت عنوان (تصريحات ميركل عن
المآذن تثير انتقادات المسلمين)
كتب الأخبار في 8 ديسمبر 2007
تصريحات رئيسة الوزراء
الألمالية التي طالبت فيها بألا
تعلو مآذن المساجد عن أبراج
الكنائس. أعكسوا الخبر دكتور
نظيف يطالب بألا تعلو أبراج
الكناس مأذن المساجد .. ماذا
سيحدث ؟ سيتم عزله فورا. وفي المانيا أيضا : تحت عنوان (حيلة
ألمانية لاضطهاد المسلمين) كتبت
الاهرام في 9/8/2007 : لا نتكلم عن
موقف رسمي للسلطان الألمانية
وإنما عن اقتراح لاحد الصحفيين
هناك تدعمهم بعض وسائل الإعلام
لوضع مسلمي مقاطعة كولونيا
الألمانية في مأزق وليصبحوا
محاصرين بين اختيارين احلاهما
مر! الرابطة الإسلامية التركية في المقاطعة
التي تضم مئات الألاف من
المسلمين أصبحت في حيرة من
أمرها أمام اقتراح تقدم به
الصحفي الألماني جونتر فالراف
يقضي بقراءة كتاب (آيات شيطانية)
للكاتب البريطاني سلمان رشدي في
مسجد كولونيا!. وفي حالة رفض الاقتراح ستواجه الرابطة
باتهامات دعم التطرف وعدم
الدفاع عن حرية الرأي والتعبير
وفي حال الموافقة فإن ذلك سيثير
غضب الاف المسلمين الذين يرون
في الكتاب إهانة واضحة للرسول
صلي الله عليه وسلم ويزيد من
صعوبة موقف الرابطة تلك
المعارضة الكبيرة التي يلقاها
مشروع بناء مسجد كبير لها في
المدينة التي ستزداد بلا شك إذا
سقطت الرابطة في الاختبار ! . 2) فرنسا : أكد مسلمو فرنسا أن هناك عراقيل
عديدة يتم فرضها في الوقت
الراهن، على بناء المساجد
الجديدة. 3) النمسا : هايدر يعتزم حظر بناء المساجد
في مقاطعته بالنمسا. 4) الدنمارك :حزب الشعب اليميني يشن حملة
لمنع بناء مساجد (العربية نت 9سبتمبر
2009 ). 5) سويسرا: أقيم استفتاء في سويسرا لمنع
بناء الماذن وتم الموافقة عليه.
( لو طالب بذلك أحد في مصر
بالنسبة لأبراج الكنائس لتم
اعتقاله بتهمة تهديد الوحدة
الوطنية). 6) ايطاليا : أعلنت مصادر فى حزب رابطة
الشمال، المشارك فى الائتلاف
الحاكم فى إيطاليا، أن وزير
الداخلية، روبرتو مارونى،
يستعد لإصدار مشروع قانون
لتنظيم بناء المساجد يشترط
الاستفتاء العام المسبق على
إقامتها .المصري اليوم 20 سبتمبر
2009. ولو طبق هذا الاقتراح في أي بلد من العالم
ما أقيمت دور العبادة للأقيات. 7) أثينا : أحرق مجهولون مسجدا تابعا
للجالية البنغالية في منطقة
آتيكي وسط العاصمة اليونانية
أثينا( الجزيرة نت 23 مايو 2009 ). 8) أف.بى. آى: أمريكى يعترف بتورطه فى حريق
مركز إسلامى (المصري اليوم 25
سبتمبر 2009(. 9) بريطانيا : ودفعت ضغوط المسلمين في
القاره لبناء المساجد إلي توقيع
التماس ضم 275 الف شخص علي موقيع
رئيس الوزراء البريطاني جوردون
براون علي الانترنت في يوليو
الماضي لبناء مسجد بالقرب من
الموقع الذي سيتضيف دورة
الألعاب الأوليمية 2012.(اهرام8/8/2007) وفي بريطانيا أيضا : وقعت اشتباكات بين
متظاهرين يرفضون بناء مسجد فى
العاصمة البريطانية لندن وشبان
مسلمين(المصري اليوم 13 سبتمبر
2009 ). كما يحدث تماما في مصر رغم
أنف حرية العقيدة والعلمانية
البريطانية . 10) الدانمارك : الدانمارك تعيد التصويت
حول بناء أول مسجد (الأهرام 6
سبتمبر 2009) . لاحظ كلمة ( أول مسجد)
فلماذا الفوبيا من الإسلام . ومن هذا السرد نطرح التساؤل الآتي : هل عدد
المساجد في أوربا مجتمعة أكبر
أم عدد الكنائس في مصر فقط ؟ ثانيا : انتهاكات في الحياة اليومية : صحيح أنه ليس من العقلانية ولا العدل ولا
المنهج العلمي السليم أن يخلو
تقرير الحريات الدينية
الصادرعن لجنة الحريات الدينية
التابعة للكونجرس الأمريكي أو
الصادر عن محكمة حقوق الإنسان
في أوروبا من الاضهطادات التي
يتعرض لها المسلمون في الغرب
ولكن الفضيحة أن يتقاعس الأزهر
أو منظمة الدول الإسلامية أو
اتحاد علماء المسلمين أو أي جهة
ما عن حصر وأعلان ومواجهة وفضح
الاضهطادات التي يتعرض لها
المسلمون في دول الغرب . والآن أعود إلي سرد مجموعة من الأخبار
التي تبين التمييز الديني الذي
يتعرض له المسلمون في الغرب
ومقارنتها بما يحدث في مصر
وسيتبين منها أن مصر – رغم ما
بها من مشاكل طائفية -هي جنة
الحريات الدينية في العالم ..
علي الأقل مقارنة بما يحدث في
الغرب . 1) المانيا : قضت المحكمة الدستورية
بالعاصمة الألمانية برلين يوم
الأربعاء بالسماح للطلبة
المسلمين بأداء صلاه الظهر في
المدرسة وذلك بعد أن رفع طالب
ألماني مسلم دعوى ضد إدارة
مدرسه "ديسترفيج جيمنازيوم"
لمنعه أداء فريضة الظهر داخل
المدرسة . (الشروق 30 سبتمبر 2009)
وفي مصر يحضر المسيحيين يوم
الأحد إلي أعمالهم متأخرين
ساعتين مدفوعة الاجر حتي
يتمكنوا من أداء الصلاة. ومن المانيا أيضا : منحت المحكمة
الدستورية العليا في ألمانيا
جزارا مسلما من ولاية هيسن،
الحق في ممارسة الذبح على
الشريعة الإسلامية، في اطار
جولة من نزاع قضائي دام أعوام
عدة. (المصريون 5أكتوبر 2009). وفي
مصر يربي المسيحي الخنزير
ويذبحه ويبيعه بكل حرية. 2) اصدرت محكمة كازاخية حكمًا بمنع جلب
وترويج مئات ال"مواد
الإعلامية" بينها سور من
القرآن الكريم بحجة ترويجها ل"الفكر
المتطرف". ( المصريون 7 أكتوبر
2009). وفي مصر تطبع وتباع
الأناجيل بكل حرية . 3) تحالف جديد بين التيارات الدينية
والمحافظين الجدد فى أوروبا
وأمريكا ضد الوجود الإسلامى فى
القارتين(المصري اليوم 24 سبتمبر
2009) . 4) فرنسا : كشف الائتلاف الفرنسي لمناهضة
كراهية الإسلام عن ارتفاع عدد
الأعمال المعادية للمسلمين
بفرنسا في سنة 2008. ( الجزيرة نت 15
سبتمبر 2009). وبينما تتمتع المرأة المسيحية في مصر
بحرية ارتدائها ما تشاء من
ملابس وإن خالف ذلك دينها ذاته
ولا يجبرها أحد علي الاقتداء
بالسيدة مريم العذراء التي تعلق
صورها محجبة . فإن المرأة
المسلمة في الغرب تواجه حربا
ضروسا لأجبارها علي خلع حجابها
وإليكم قليل مما نشر في الصحف
والمواقع الإليكترونية. 5) قاضي أسباني يطرد محامية مسلمة من
المحكمة لارتدائها الحجاب (الشروق
11/11/2009). تخيلوا معي الخبر التالي
قاضي مصري يطرد محامية مسيحية
لعدم ارتدائها الحجاب .. لانقلبت
الدنيا عقبا علي رأس . 6) بلجيكا : أعلى هيئة دستورية في بلجيكا
ترفض اعتراض طالبة محجبة 7) الدنمارك : كشف ثلاثة أعضاء من البرلمان
الدنماركي أن حزب المحافظين طرح
مشروع تحريم النقاب والحجاب في
الأماكن العامة. 8) سدني : أثارت امرأة مسلمة استرالية جدلا
في بعدما قالت ان سائق حافلة في
سيدني طلب منها عدم الصعود الى
الباص لانها كانت ترتدي الحجاب .
9) إيطاليا: مشروع قانون لإعتقال
المنتقبات في الأماكن العامة (المصريون
9 أكتوبر 2009) وختاما فقد قالها صراحة وزير العدل
الأمريكي: من الصعب أن تكون
مسلماً في بلدنا (المصريون 21
أكتوبر 2009 ) . مغلقا الباب تماما
في وجهة القبول بالأخر . وسلام
علي الحريات الدينية المزعومة . ثالثا : مشكلة عالمية تحتاج لحل دولي : من العرض السابق يتضح إننا أمام مشكلة
عالمية تتساوي فيها دول العالم
الغربي العلماني مع دول العالم
ذو الأغلبية المسلمة لذلك فعلي
المؤمنون حقا بالحريات الدينية
أن يبحثوا عن حل دولي لهذه
المشكلة وبدوري أقترح الأتي : شاءت حكمة الله تعالي أن يكون أتباع أي
دين أقليات في عشرات الدول
وأغلبية في عشرات من الدول
الأخري . فما الحكمة من ذلك ؟
الحكمة هي إطلاق الحريات
الدينية في العالم أجمع ... كيف ؟ لا خلاف علي أن الإنسان (أيا كان دينه) إذا
سمع بظلم لأخيه في الدين فإنه
يغضب والعاقل هنا يسأل نفسه كيف
تغضب من شيء تقوم أنت به ضد
غيرك؟ . كيف تضطهد أنت المخالف
لدينك في بلدك لأنك أغلبية ولو
كانت ساحقة؟ . إن ما لا ترضاه
لأخيك عندما يعيش ضمن أقلية في
بلد أخر لا يجب أن ترضاه لمن
يخالفك الدين عندما يعيش في
بلدك كأقلية ... وهكذا ينتشر
العدل وتنطلق الحريات الدينية
في العالم كله فالأرض تتسع
لجميع الأديان ويوم القيامة
يحاسبنا الله علي ما نختلف فيه . هذا الفكر يقبله عقل أي إنسان ولا يرفضه
إلا المتعصبين ذوي النظرة
الضيقة الذين يتوهمون إمكانية
القضاء علي دين عمره ألف أو آلاف
الأعوام!! وهم بحمد الله أقلية
في أي دين – رغم صوتهم العالي - . المشكلة الحقيقية التي تواجه هذا الفكر
أن العالم حاليا واقع تحت سيطرة
الإلحاديين وللتدليل علي ذلك
فإن الحرب للدين في العالم
الغربي كمثال ليست ضد الإسلام
فقط كما يظن الكثيرين بل ضد
المسيحية أيضا !! ويتصح ذلك من
الأتي : 1) فكما أنه صدر في فرنسا قانون بمنع
الحجاب في مدارس فرنسا باعتباره
من الرموز الدينية فقد أصدرت
المحكمة الأوربية لحقوق
الإنسان حكما بإزلة الصلبان من
المدارس الإيطالية (المصري
اليوم 6/11/2009). وذلك بحجة حرية
الأسرة والطفل في اختيار الدين
الذي يريدة . إذا كانت حجتهم هذه
صحيحة فلماذا لا يدرسون للطفل
الأديان جميعا سماوية كانت أو
أرضية بجانب فكرهم الإلحادي ثم
يتركون للطفل حرية الاختيار بين
أي دين أو الإلحاد .. هذا هو
الفكر السليم الذي يجب أن يتمتع
به الذين ينادون بالحريات .
ولكنهم للأسف يتخذون الحريات
وسيلة لمحاربة الدين أي دين . 2) وأيضا نشرت كثير من المواقع
الإلكترونية الخبر التالي ((وطالب
اتحاد الحريات المدنية
الأمريكى أكبر المنظمات
الحقوقية فى الولايات المتحدة،
فى خطاب بعث به إلى مكتب
المعلومات والخصوصية بوزارة
العدل، بأن يكشف مكتب السجون عن
كل السجلات التى بحوزته
والمتعلقة بمحاولات مسئولى
السجون الأمريكية منع وجود نسخ
من القرآن الكريم والكتاب
المقدس فى مكتبات دور العبادة
فى السجون)) والنص من المصريون
بتاريخ 16 /11/2009) . إنها الحرب علي
الدين (إسلامي أو مسيحي) تحت زعم
مكافحة الإرهاب . 3) وفي النرويج طالب خمسة من أعضاء مجلس
الشيوخ البلجيكي بتشريع قانون
يحظر استخدام الصليب على قباب
الكنائس، أو استخدامه كرمز ديني
على صدور القسس، أو الراهبات،
أو في المستشفيات الكاثوليكية،
ودور التمريض والمدارس
المسيحية، بجانب حظر حضور
الساسة لأي من المحافل الدينية
المسيحية، للفصل بين الدين
والدولة، وعدم تدخل الساسة في
الدين. كما يجب أن يشمل القانون
الجديد - وفقا لأعضاء مجلس
الشيوخ، وهم أعضاء بلجنة
تشريعات القوانين - حظر مشاركة
الساسة في أي محافل دينية
مسيحية، سواء كان قداسا، أو
ندوات دينية، والعمل على تنفيذ
المادة الخامسة من القانون
البلجيكي، التي تؤكد على عدم
ارتداء الجمهور للرموز الدينية.
وقد أثار الطلب جدلا وتخبطا
كبيرا داخل الحكومة البلجيكية،
التي ستضطر لبحث طلب التشريع
وإبداء الرأي حوله. (المصريون
/12/2009) 4) بدأ حزب الشعب السويسري الذي أطلق
الحملة ضد المآذن في العمل من
أجل المطالبة بمنع دق أجراس
الكنائس باعتبارها ازعاجا. والحجة المقدمة في هذا الإطار أنها تدق
عدة مرات يوميا خاصة يوم الأحد,
وعلي نفس الطريق بدأوا في
المطالبة بمنع غناء وانشاد
الأغاني الخاصة بالكريسماس في
المدارس (الاهرام 5/11/2009) . والملاحدة يدركون أنهم يحاربون الفطرة
الإنسانية فكل إنسان حتي الملحد
في فطرته الميل إلي الدين
فنجدهم في الدول الشيوعية
ينحنون أمام تماثيل زعمائهم !!
رغم أنهم لا يركعون ولا يسجدون
لله!!!. وهم مدركون أنه لا سبيل لنشر إلحادهم في
العالم إلا بالوقيعة بين أصحاب
الأديان وبالأخص المسلمين
والمسيحيين باعتبارهم أصحاب
الأغلبية في العالم كله
باستثناء بلدان قليلة . فهل يجتمع قادة المسلمون والمسيحييون في
العالم ويوقعوا اتفاقية دولية
لحماية الأقليات الدينية
وأقرار حقهم في بناء دور
العبادة الخاصة بهم ويقرروا
مقاييس موحدة للبناء تطبق علي
جميع الأقليات في كل دول العالم.
وتقر أيضا بحقهم في التمسك
بأحكام وشرائع دينهم ما دامت لا
تضر بغيرهم فلتردي المسلمة
الحجاب ولتعلق المسيحية الصليب.
وليذبح المسلم ذبيحته كما يشاء
وليأكل المسيحي الخنزير إذا شاء.
فمثل هذه الأمور لا تضر بأمن
المجتمع. وبذلك نقطع الطريق علي
الإلحاد والملاحدة . وجدير بالذكر أن بديل الحريات الدينية هي
الحروب الدينية, ولا يظن أحد
أنني أقصد حروبا كالتي وقعت في
الماضي حيث تتقاتل الجيوش
بعشرات ومئات الألاف. بل هي حروب
يومية فلا يكاد يبني دور عبادة
لإحدي الأقليات إلا ووقعت
اشتباكات بين الأغلبية
والأقلية تتساوي في ذلك لندن
والقاهرة . ولا يرتبط شاب وشابة
من دينين مختلفين إلا ووقعت
الفتنة... إلخ . وكل هذه المشاكل
اليومية تزيد من الاحتقان
اليومي والكراهية من أبناء
الشعب الواحد فيجد الملاحدة
والملحدون أرض خصبة لمحاربة
الدين .. أي دين . ========================= غزة تبحر إلي العالم
وتفك الحصار عنه د. أحمد الخميسي* أبحرت غزة إلي العالم طويلا ، بصبرها
وجوعها وصمودها وأطفالها
الحفاة ، بمرضى بلا دواء ، وطلاب
بلا تعليم ، وبيوت بلا إنارة ،
وحقول بلا زرع ، أبحرت غزة طويلا
قبل أن تلوح في الأفق سفن العالم
قادمة إليها . وليس أبشع من
جريمة تدمير العراق في القرن
الحالي سوى حصار غزة – أربع
سنوات - في ثلاثمائة وخمسين
كيلومترا لإحناء رأس الشعب
الفلسطيني وإجباره على القبول
بأنه لا وطن له ، ولا حاضر ، ولا
مستقبل ، ولا فلسطين ، ولا القدس
، ولا دولة ، ولا كرامة ، ولا أمل
. هذه هي الرسالة الوحيدة التي
نقلتها إسرائيل بالمجازر إلينا
على مدى أكثر من ستين عاما ،
عدوان 56 ، مدرسة بحر البقر، ضربة
67 ، مذابح جنين ، حصار غزة ، كان
الورق يختلف ومضمون الرسالة
ثابت . بعد ستين عاما ، وفي
اللحظة التي بدا لإسرائيل فيها
أن الاحتلال قد استتب إذا
بالحقيقة تلوح وتشق بالمشاعل
البحر إلي غزة . ضمائر من
اليونان وإيران ومصر وتركيا
والسويد والأردن والكويت
وبريطانيا وفلسطين ولبنان
وألمانيا وسوريا وأيرلندا
وغيرها ، وقساوسة على سطح السفن
يبتلهون إلي الله بجوار
المسلمين وهم يؤدون الصلاة،
ومراسلون يخاطرون بحياتهم من
أجل الكلمة ، والحاج اسماعيل
نشوان الذي بلغ من العمر
الرابعة والثمانين ، ونساء
كويتيات وجزائريات، مواطنون من
أكثر من أربعين دولة ، كسرت غزة
عنهم حصار الأكاذيب الطويلة .
لهذا تحديدا جن جنون قادة
إسرائيل ، وارتكبوا المجزرة
التي راح ضحيتها نحو عشرين
مواطنا وجرح فيها نحو خمسين
آخرين ، لم تكن المجزرة حماقة أو
اندفاعا ، لكن لأنه ما من سبيل
أمامهم لخنق الحقيقة سوى العنف
والإرهاب ، ولأنهم يعلمون أنهم
إذا سمحوا لتلك السفن بالعبور
فسوف تلحق بها سفن أخرى بمشاعل
الحقيقة . كسرت غزة حصار الأكاذيب عن العالم حين
كشفت بالسفن وبالمجزرة حقيقة
الأوهام المتعلقة بالسياسة
الأمريكية والرئيس أوباما الذي
اكتفت إدارته بإعرابها عن "
الأسف العميق " ؟ ومطالبتها
بالتحقيق فيما جرى، والتحقيق في
جريمة بهذا الوضوح يتضمن فرضية
أن المجرم مجهول . وكسرت غزة
حصار الأكاذيب عن العرب وحصار
أوهام السلام ، فبعد أكثر من
ثلاثين عاما على توقيع اتفاقيات
السلام العربية الإسرائيلية ،
ترتكب إسرائيل أحقر المجازر
وأكثرها دناءة دون أن يرف لها
جفن ، وتتهم المدنيين العزل من
الجرحى ومن صرعى رصاصها بأنهم
القتلة ! . وها هو البرلمان
الكويتي يوصي حكومته بالانسحاب
من مبادرة السلام العربية ، بعد
أن أصبح واضحا أن كل حديث عن
السلام هو حديث عن الحرب ، لأن
سلام ثلاثين عاما لم يكن سوى
غطاء للحرب الإسرائيلية على
الفلسطينيين وعلى لبنان وغطاء
لمشاركة إسرائيل في تدمير
العراق وتهديد سوريا واستمرار
احتلال الجولان والتآمر على خنق
مصر بمنع ماء النيل عنها من عند
منابعه . والآن ، عندما أسمع من
ينادون بالسلام ، أعلم تماما
أنهم ينادون بالحرب ، أي
باستمرار الحرب الأمريكية
الاسرائيلية على الشعب
الفلسطيني والمنطقة العربية
تحت غطاء المفاوضات والسلام
والتسوية . هل عرف تاريخ
الصراعات في العالم تسوية
سياسية استغرقت أكثر من ثلاثين
عاما ؟! وما الأثر الذي تركته
نوايا السلام في المجتمع
الإسرائيلي العسكري بعد تلك
العقود الثلاث ؟ لا شيء . لمن لا
يصدق فلينظر إلي تسجيل موجود في
مواقع الانترنت تظهر فيه وحشية
الإسرائليين وهم يرقصون في
الشوارع فرحا بالمجزرة التي
ارتكبوها ، وفرحا بانتصارهم
العسكري على حليب الأطفال الذي
كانت السفن تحمله ، وانتصارهم
العسكري على مقاعد المعوقين ،
وأدوية المرضى ! نحن لن نغفر شيئا ، ولن ننسى أحدا . وإلي
صمود غزة يعود الفضل في اندلاع
الحقيقة، فقد فتشت النغمة طويلا
عن أوتار القيثارة ، فتشت عنها
بصبرها وجوعها وصمودها ، حتى
رددتها القيثارة ، وسمعنا من
يقول " لن ندير ظهورنا لغزة ،
ولن نغمض عيوننا عنها " . *** *كاتب من مصر ======================= المدخل الموضوعي
للمصالحة الفلسطينية بقلم نقولا ناصر* طالما لم تنتف الأسباب التي قادت أصلا إلى
الانقسام الفلسطيني الراهن فإن
المصالحة الوطنية سوف تظل مؤجلة
إلى إشعار آخر. ولم تنتف هذه
الأسباب بعد. فلماذا إذن
اختار رئيس منظمة التحرير
الفلسطينية محمود عباس في بيت
لحم يوم الأربعاء الماضي، وكذلك
فعلت اللجنة التنفيذية للمنظمة
واللجنة المركزية لحركة فتح في
اجتماعهما المشترك آخر الشهر
الماضي، تسليط أضواء مركزة على
"المصالحة" في خضم التركيز
الفلسطيني والعربي والدولي على
ما وصفه رئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوغان ب"الهجوم على
القانون الدولي وضمير
الإنسانية والسلام العالمي"
بعد القرصنة التي قامت بها دولة
الاحتلال الإسرائيلي في المياه
الدولية للبحر الأبيض المتوسط
وقادت إلى المجزرة التي ما زالت
آثارها تتدحرج مثل كرة الثلج
دبلوماسيا وسياسيا وإنسانيا
وقانونيا دون أن تنجح حكومة
الاحتلال في احتوائها بالرغم من
رضوخها، بسرعة ودون قيد أو شرط،
للشرط التركي والضغوط الدولية
بإطلاق سراح من اختفطتهم من
المتضامنين مع الشعب الفلسطيني
المحاصر في قطاع غزة ؟ في هذه المجزرة وآثارها يجد المراقب
السبب المباشر الأول لمبادرة
منظمة التحرير إلى محاولة دفع
"المصالحة" إلى الواجهة
السياسية بينما كل الظروف
الملموسة تشير إلى عدم توفر
الشروط الموضوعية لإنجازها.
فهذه المجزرة قد حاصرتها سياسيا
وإعلاميا بقدر ما حاصرت نتائجها
العكسية، بالنسبة لدولة
الاحتلال، "الشريك
الإسرائيلي" في عملية السلام
وأربكت "الراعي الأميركي"
لهذه العملية وأحرجت "الشريك
المصري" فيها، في وقت ينصب
تركيزهم جميعا على المباحثات
غير المباشرة التي ترعاها
واشنطن آملة أن تقود إلى
استئناف المفاوضات الفلسطينية
المباشرة مع دولة الاحتلال،
بحيث يصعب على أي مراقب ان لا
يستنتج بأن تسليط الأضواء على
مصالحة لم تنضج ظروفها
الموضوعية بعد إنما يستهدف أولا
التغطية على تحدى المنظمة
ومفاوضيها لشبه إجماع فلسطيني
على رفض الذهاب إلى المفاوضات. ويستهدف ثانيا التغطية على انشغال
المنظمة بهذه المفاوضات حد أن
لا يكون لها أي دور في جهد دولي
"سلمي ومدني وشعبي" متواصل
لكسر الحصار المفروض على قطاع
غزة، بالرغم من خطابها الذي
يسوغ معارضتها المعلنة
للمقاومة الوطنية ومطاردتها
لناشطيها بالتنسيق الأمني مع
الاحتلال بتبني المنظمة لل"مقاومة
السلمية والشعبية"، وبالرغم
من أن هذا الجهد الدولي قد وفر
لها فرصة نموذجية لم تساهم فيها
لممارسة هذا الشكل من المقاومة
الذي تعلن تبنيها له، بحيث لم
تعد تجد جوابا للتساؤل الشعبي
الواسع فلسطينيا وعربيا عن غياب
أي مشاركة لرموزها في جهد دولي
يشارك فيه متضامنون فلسطينيون
وعرب ومسلمون ودوليون من كل جنس
ومذهب ولون وفكر، وهي مشاركة لو
حدثت لكانت بالتأكيد ستعطي
مصداقية لخطاب المنظمة حول "المقاومة
السلمية" وتمنح لهذه الجهد
الدولي المشروع شرعيتها
المعترف بها دوليا كممثل شرعي
ووحيد لشعبها. إن هروب أو تهرب "شريك السلام
الفلسطيني" من المساهمة في
هذا النضال السلمي الدولي يذكر
بأن وحدة النضال الوطني كانت هي
دائما المدخل الموضوعي للوحدة
الفلسطينية ويؤكد بأن وحدة
النضال المشترك سوف تظل هي
المدخل الموضوعي للمصالحة
الوطنية. ولهذا السبب على الأرجح تحرص دولة
الاحتلال واللجنة "الرباعية
الدولية" على "شروط
الرباعية" التي خلق التزام
المنظمة بها بيئة موضوعية لمنع
أي وحدة للنضال الوطني، بيئة
يستضيف فيها شطر من الوطن "مؤتمرات
للاستثمار" ويتبجح بمعدل
للنمو الاقتصادي مرتهن لارتهان
قيادة هذا الشطر لشروط الرباعية
ومانحيها الدوليين بينما "يتفرج"
على الشطر الآخر وهو يحفر
بأظافر جوعاه أنفاقا تحت الأرض
للبقاء على الرمق، لا بل إنه
يتفرج على سد هذه الأنفاق
بالفولاذ الأميركي، وعلى خنق من
يحاولون التنفس من خلالها
بالغاز الأميركي، وعلى هدمها
على رؤوس من فيها بقنابل
الأعماق الأميركية التي تلقيها
طائرات أميركية الصنع يقودها
طيارون ليس من المستبعد أبدا ان
يكونوا من حملة الجنسية
المزدوجة لدولة الاحتلال
الإسرائيلي وأميركا، وبينما
الانفصام السياسي الوطني لا يجد
أي ضير في عدم وصول سنت واحد من
مليارات الدولارات الأميركية
التي تفخر المنظمة بأن التزامها
بشروط الرباعية هو فقط من
استطاع أن ينتزعها من المانحين
لإعادة إعمار قطاع غزة بعد
العدوان الإسرائيلي عليه العام
الماضي لتظل هذه المليارات مجرد
تعهدات على الورق لا قيمة لها
لها أكثر من قيمة الورق الذي
كتبت عليه. وقد فوتت قيادة المنظمة فرصة ذلك العدوان
كما فوتت فرصة أسطول الحرية
لغزة كفرصتين لوحدة النضال
الوطني كشرط موضوعي للوحدة
والمصالحة الوطنية، لكن الفرص
وافرة طالما الاحتلال قائم
وبالتالي فإن الفرص لم تفت بعد
وسفن "المقاومة السلمية"
تزداد عددا وربما يكون أسطولها
الجديد أكبر حجما ومن المؤكد أن
وجود "رموز تفاوضية" على
متنها سيكون خطوة جادة أولى نحو
وحدة النضال كمدخل موضوعي
للمصالحة الوطنية. ولا يمكن ببساطة تفسير القرار الذي اتخذه
الاجتماع المشترك للمنظمة وفتح
في نفس يوم مجزرة أسطول الحرية
بإرسال وفد مشترك برئاسة "مستقل"
إلى غزة بأنه مجرد حرص على
مصالحة قال رئيس الوفد منيب
المصري نفسه في الثاني عشر من
الشهر الماضي إنها "لا تزال
بحاجة إلى وقت، لأن الأمور لا
تزال صعبة جدا" و "لا نريد
التفاؤل كثيرا في مسألة التوقيع
على المصالحة في الوقت الحالي".
فما الذي تغير بعد أقل من عشرين
يوما؟ ثم لماذا تنضم فصائل منظمة التحرير
الأخرى إلى وفد المصري؟ وهل
تنضم إليه كطرف في الانقسام أم
كوسيط؟ لقد حرصت هذه الفصائل منذ الانقسام
الدموي بين حركتي فتح وحماس على
إظهار أنها ليست طرفا في
الانقسام وحاولت أن تعزز رصيدها
الشعبي بالدعوة إلى الوحدة
الوطنية ثم عززت "استقلاليتها"
بمبادرات للوساطة بين
الحركتين، غير أن انحيازها إلى
برنامج فتح التفاوضي، الذي منح
شرعية لتبني منظمة التحرير لهذا
البرنامج، قد أفشل هذه الوساطة،
وشكك في استقلالية فصائلها التي
انعكست على أفضل وجه في حرصها
أثناء جولات الحوار الوطني في
القاهرة وغير القاهرة على أن لا
تضيع حصصها في "كعكة" منظمة
التحرير وسلطة الحكم الذاتي
ضحية لأي اتفاق "ثنائي"
حرصت دائما على إعلان معارضتها
له بين الحركتين، مما يلقي
ظلالا من الشك حول جدوى مساعيها
للوساطة بينهما، وحول جدوى
مساعي المنظمة للمصالحة طالما
ظلت مرتهنة للشروط التي وضعتها
اللجنة الرباعية الدولية من أجل
إلغاء نتائج الانتخابات
التشريعية الأخيرة عام 2006 وهي
السبب الأول للانقسام الذي دون
انتفائه سوف تظل الآمال الشعبية
في مصالحة وطنية حقيقية ملحة
وعاجلة مجرد أمنيات. يوم الثلاثاء الماضي اقترحت مفوضة
السياسة الخارجية للاتحاد
الأوروبي كاثرين أشتون، من أجل
دعم " الاستعداد لتصعيد
الجهود" الأوروبية لإنهاء
حصار القطاع، أنه ينبغي قيام
عباس بزيارة غزة. لكن عباس أكد عدم وجود أي خطط لديه
لزيارتها "في الوقت الحاضر"
كما أشيع مؤخرا، كما أن "حركة
فتح ترفض هذه الزيارة قبل أن
تتحقق المصالحة" كما قال جمال
محيسن عضو مركزية فتح لوكالة
شينخوا الصينية، بينما يكرر
عباس أن الشرط المسبق للمصالحة
هو توقيع حماس للورقة المصرية،
وأن الشرط المسبق الثاني هو
الرعاية المصرية للمصالحة
باعتبار مؤسسة القمة العربية
ومجلس الأمن الدولي قد اعتمدا
هذه الرعاية، كما قال عباس في
بيت لحم الأربعاء الماضي،
بالرغم من أن "الاستمرار مع
اللعبة الإقليمية مضر لأن
الرهان على أي دولة تريد تجيير
القضية الفلسطينية لصالحها يعد
قصورا في نهج القيادة في فتح
وحماس معا" كما قالت الرياض
السعودية في افتتاحية لها
الخميس الماضي. والملاحظ هنا أن عدم زج الحركة الوطنية
الفلسطينية في الخلافات
العربية العربية بالاصطفاف إلى
جانب معسكر ضد آخر هو أحد ثوابت
فتح التي انقلبت الحركة عليها
لكن حركة حماس ورثتها. وعلى كل حال، ما زال على المنظمة وفتح
معا، وربما فصائل المنظمة
الأخرى أيضا، أن توضح كيف سيكون
توقيع حماس للورقة المصرية
مختلفا في إحداث أي تغيير في
مواقفهم جميعا يجعلها مختلفة عن
مواقفهم بعد توقيع حماس على
إتفاق القاهرة ووثيقة الأسرى
واتفاق مكة والمبادرة اليمنية
وجميعها فشلت في دفعهم إلى منح
الوحدة الوطنية الفلسطينية
أولوية على التزامهم بشروط "الرباعية"؟ لقد كان السبب الأول للانقسام هو الشروط
التي وضعتها "الرباعية" من
أجل إلغاء نتائج الانتخابات
التشريعية عام 2006 لأنها أدخلت
إلى معادلة التفاوض عاملا من
خارجها يربك "عملية السلام"،
ومن هنا الانقسام فالاقتتال ثم
الحصار الذي تمخض عن الانفصال
الإقليمي الراهن بحكم الأمر
الواقع بين قطاع غزة وبين الضفة
الغربية. لكن الحكومة التي تمخضت عنها الانتخابات
الأخيرة في دولة الاحتلال
الإسرائيلي لم تدخل إلى معادلة
التفاوض عاملا يربك خطط التسوية
السياسية فحسب بل إنه يهدد بدفن
"عملية السلام" وخططها
كافة، ومع ذلك ما زالت المنظمة
تتساوق عمليا مع الأجندة
الأميركية التي تعتبر حماس لا
حكومة الاحتلال الجديدة هي
العقبة الرئيسية أمام استئناف
هذه العملية، وما زالت تعطي
لهذه العملية أولوية على الوحدة
الوطنية الفلسطينية. فعلى سبيل المثال، عندما نسبت "القدس
العربي" لعضو مركزية فتح عباس
زكي قوله إن "الرئيس" عباس
أبلغ واشنطن بأن قيادة المنظمة
لم تعد تعتبر "إسرائيل"
شريكا في عملية السلام سارع
الناطق باسم الرئاسة في رام
الله نبيل أبو ردينة إلى نفي ذلك
قائلا إن زكي كان يعبر عن "موقفه
الشخصي"، لكي يعلن الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون
الثلاثاء الماضي عن سعادته لأن
عباس أبلغه باستعداده لمواصلة
التفاوض مع حكومة دولة الاحتلال
الحالية حتى بعد ما وصفه كي مون
ب"مأساة" أسطول الحرية. ودون الانسياق مع من يحاولون تسعير
الاختلافات الفعلية القائمة
بين حماس وبين الحكومة المصرية
تحاول الحركة احتواءها بكل
السبل ونزع فتيلها كي لا تتحول
إلى خلاف مستعص على الحل، ودون
التشكيك في صدق نية القاهرة في
تحقيق مصالحة فلسطينية، فإن مصر
مثلها مثل المنظمة ما زالت
تتساوق عمليا مع الأجندة
الأميركية التي تعتبر حماس لا
حكومة الاحتلال الجديدة هي
العقبة الرئيسية أمام استئناف
"عملية السلام" وما زالت
تعطي لهذه العملية أولوية على
الوحدة الوطنية الفلسطينية
التي تسعى إليها بصفة رئيسية
لخدمة عملية السلام، مما "يطيل
عمر الانقسام" بسبب "عدم
حيادية الراعي المصري للمصالحة"
بدليل "إصرار مصر على التوقيع
على الورقة قبل الاتفاق"، كما
قال رئيس المجلس التشريعي
المعروف باتزانه واعتداله د.
عزيز الدويك (19/5/2010). لكن تطور الأحداث قد أسقط هذا الترتيب
للأولويات، وأسقط الحجة التي
تذرعت القاهرة بها للإصرار على
توقيع الورقة المصرية "كما هي"،
وتتمثل هذه الحجة في حينها
بضرورة سرعة ترتيب البيت
الفلسطيني و"شرعيته
التفاوضية" قبل استحقاق
تجديد الولاية الدستورية
لرئاسة سلطة الحكم الذاتي
ومجلسها التشريعي أوائل العام
الحالي، وحسب الورقة المصرية تم
تمديد هذا الاستحقاق إلى شهر
حزيران / يونيو الجاري، وعلى
الأرجح سيمر هذا الاستحقاق
بدوره دون الوفاء به، إلا إذا
كان الانفراد بالانتخابات
البلدية في الضفة الغربية الشهر
المقبل يراد له أن يكون سابقة
لإجراء انتخابات رئاسية
وتشريعية منفردة أيضا، وهذا سبب
آخر وراء تحرك المنظمة وفتح
لدفع موضوع المصالحة إلى
الواجهة في توقيت غير مناسب
يضعهما في موضع شبهة من يحاول
تشتيت التركيز على مجزرة أسطول
الحرية لغزة. وربما تكون استجابة عباس لاقتراح أشتون
بزيارة غزة محكا لجدية أي تحرك
جاد للمنظمة وفتح باتجاه
المصالحة، إذ يمكنه اصطحاب
الدويك أولا إلى مقر المجلس
التشريعي حيث مكانه دون أية
ذرائع، كون ذريعة "انتهاء
الولاية الدستورية" مثلا هي
سيف ذو حدين يمكن شحذه ضد
الرجلين. ويمكنه ثانيا اصطحاب الدويك للإفراج عمن
تعتقلهم السلطة من إخوانه
كإجراء من إجراءت بناء ثقة تمهد
للمصالحة و"تحرج" حماس لكي
ترد بالمثل. ثم يمكن للرجلين معا إصدار بيان مشترك
يعلن إنجاز المصالحة الوطنية
ورفع الحصار عن غزة شرطين
مسبقين لأي استئناف للمفاوضات. ويمكن لعباس ترأس الوفد المشترك للمنظمة
وفتح المتجه إلى غزة وضم الدويك
إليه. وربما يكون من الأفضل أن لا يعبر هذا
الوفد إلى القطاع من معبر رفح،
بل أن يبدأ صفحة جديدة من وحدة
النضال الوطني باستئجار سفينة
لكسر الحصار يمكن الاتفاق على
تقاسم تكاليفها بين الطرفين وقد
تتبرع بها حماس كاملة حتى تجنب
عباس حرج اتهام المانحين له
بإساءة استعمال أموالهم ! تقود
أسطولا يدعو الرجلان إلى
المشاركة فيه كل قادة الدول
الراعية ل"عملية السلام"
كمحك أخير أولا لصدقية "المقاومة
السلمية" وثانيا لمصداقية
هذه الدول في هذه العملية، يقرر
الصف الوطني الفلسطيني الموحد
بعدها استنادا إلى مواقف دولية
ملموسة أي شكل من أشكال
المقاومة تتبناه القيادة
الفلسطينية الموحدة
كاستراتيجية للنضال الوطني تبت
في أمر "التنسيق الأمني"
كسبب رئيسي آخر للانقسام. فهذا هو المدخل الموضوعي للمصالحة
الفلسطينية. لكن مثل هذا التوجه
ما زال بالتأكيد يندرج في باب
"التمني" الوطني. غير أن
الوقت قد حان في كل الأحوال
لدعوة جميع "الإخوة إلى كلمة
سواء" كما قال عباس نفسه
الأربعاء الماضي. ــــــــــ * كاتب عربي من فلسطين ========================= قافلة الحرية ترسو على
شواطئ غزة د. مصطفى يوسف اللداوي كاتبٌ وباحث فلسطيني - استانبول رغم أن قافلة الحرية لم تصل سفنها إلى
شواطئ قطاع غزة المحاصر، ولم
تتمكن من الرسو على شواطئه
الرملية الممتدة، التي طال
انتظار سكانه عليها، وقد تهيأوا
جميعاً لاستقبال قافلة الحرية
المتعددة الجنسيات، وخفت مراكب
الصيادين الصغيرة البسيطة،
لتستقبل الوافدين من وراء
البحار، ولكنهم لم يستطيعوا
التوغل عميقاً في عرض البحر، إذ
أن الزوارق الحربية
الإسرائيلية تجوب عرض المياه
أمام شواطئ قطاع غزة، وتعتقل كل
فلسطيني يتجرأ على الإبحار
بعيداً عن الشاطئ، سواء أكان
صياداً يسعى لجلب الرزق له
ولعياله، أو محباً للبحر راغباً
في الإبحار بعيداً في مياهه،
كما خرج لاستقبال القادمين من
أطراف الأرض الأربعة، مسؤولون
في الحكومة الفلسطينية، وزراء
ومسؤولون كبار، وكان رئيس
الحكومة قد تهيأ للخروج
لاستقبال الوافدين، وآلافٌ
آخرين من سكان القطاع، الذين غص
بهم الشاطئ، وهم يرنون بعيونهم
إلى مياه البحر الزرقاء، علهم
يرون أعلام السفن المرفرفة، أو
رايات القادمين الخفاقة، ولكن
أهل قطاع غزة، الذين خبروا
العدو الإسرائيلي لسنواتٍ
طويلة، كانوا على يقينٍ من أن
إسرائيل ستغدر بهم جميعاً،
وستحول دون وصول البواخر إلى
قطاع غزة، وستبذل قصارى جهودها
لمنعها من كسر الحصار الذي
فرضته على سكان قطاع غزة، ولن
تسمح للمتضامنين الدوليين أن
يكسروا الحصار الذي عجزت عن
اختراقه دولٌ وحكومات، ووقفت
عاجزة أمام العناد الإسرائيلي
الظالم، ولم تتمكن من إدخال
كسرة خبزٍ واحدة، ولا زجاجة
دواء تكفي لإنقاذ حياة مريضٍ أو
مصاب، وسكتت عن مواجهة إسرائيل
التي أغرقت قطاع غزة في ظلامٍ
دامس، وحرمته من أبسط ما يحتاج
إليه الإنسان، من طعامٍ ودواء
ومسكن، بعد أن دكته بصواريخها
وقذائف دباباتها، في حربٍ ضروس
دمرت القطاع، وقتلت المئات من
أبناءه، على مرأى ومسمعٍ من
العالم الحر. لم ترسُ السفن الدولية الست على شواطئ
قطاع غزة، وهي التي كان على
ظهرها قرابة ثماني مائة مناضلٍ
دولي، من أربعين دولةٍ عربية
وإسلامية وأوروبية، وجمعت
نواباً وكتاباً وفنيين، وعلماء
ورجال دين، وإعلاميين ومناضلين
ثوريين كبار، ونساءاً ورجالاً،
ومرضى وأصحاء، ولكنها استطاعت
أن ترسوا في كل موانئ العالم
السياسية، وفرضت حدثها على كل
محطات التلفزة، ومختلف وسائل
الإعلام العربية والدولية،
وتمكنت من توصيل رسالتها إلى كل
العواصم العالمية، وطرقت بأيدٍ
مضرجة بالدماء كل عواصم الكون،
فكانت طرقاتٌ مدوية، وصيحاتٌ
مجلجلة، ونداءات ترددت في
الجوزاء قبل أن تخترق آذان
الصم، ممن أصموا آذانهم عن كل
النداءات الإنسانية، ووقفوا مع
المعتدين الضالمين ضد
المحاصرين المظلومين، فكان
لسفنهم هدير، ولصوتهم ضجيج،
ولتضحيتهم أثر كبير. سفن الحرية التي أبحرت من أوروبا لنجدة
أهل فلسطين العرب، حققت ما عجزت
الحكومات العربية كلها عن
تحقيقه، وفضحت ما عملت بعض
الحكومات على تبريره، إذ تمكنت
من فضح إسرائيل، وكشف زيفها،
وإظهار حقيقتها، وبيان مدى
ظلمها، وإبراز حجم اعتداءاتها
على الفلسطينيين، ووضعت
الحكومة الإسرائيلية في موقفٍ
محرج، يصعب عليها التخلص منه،
إذ قامت عشرات الدول باستعداء
السفراء الإسرائيليين
المعتمدين في عواصمها،
وأبلغتهم باستنكارها لما قامت
به حكومتهم، من إعتداءٍ سافر
على على سفنٍ مدنية، تحمل
مساعداتٍ إنسانية، وترفع
أعلاماً دولية، كما استنكرت
دولٌ عديدة قيام إسرائيل
باستخدام القوة المفرطة، ضد
متضامنين مدنيين، وهي ذات القوة
التي اعتادت أن تستخدمها ضد
الفلسطينيين، ولكنها كانت تخدع
المجتمع الدولي مبررةً
استخدامها للقوة المفرطة بأن
جنودها تعرضوا للخطر، مما دفعهم
لاستخدام القوة ضد
الفلسطينيين، ولكن العالم كله
اليوم قد رأى بأم العين أن
إسرائيل تستخدم القوة المفرطة
دون سبب، فهي متعطشة إلى القتل
والبطش، وتتمادى في الظلم
والاعتداء، وتكذب عندما تدعي أن
حياة جنودها كانت في خطر، بل هي
التي تبادر بالقتل والاعتداء. اليوم وقد فضحت إسرائيل وتعرت أمام
المجتمع الدولي، فإن على حكومات
الدول العربية أن تستغل الجريمة
الإسرائيلية التي شهد عليها
الكون كله، في رفع الحصار عن
قطاع غزة، وإمداد سكانه بما
يحتاجون إليه من غذاءٍ ودواء
ووقودٍ وإسمنت ومواد بناء، وألا
يستجيبوا للإراداة الإسرائيلية
التي قضت بفرض الحصار على سكان
قطاع غزة، وأن يكون لدولنا
العربية قرارها السيادي الحر،
فنحن إن قبلنا بالحصار
الإسرائيلي على قطاع غزة، فلا
نعتقد أن عربياً حراً، أو
مناضلاً ثورياً دولياً، يقبل
بأن تفرض الحكومات العربية
حصاراً بدورها على قطاع غزة،
فمن الذي يمنع مصر من فتح حدودها
مع قطاع غزة، ومن الذي يجبرها
على إقفال معبر رفح الحدودي
بينها وبين قطاع غزة، وهي تعلم
بأن هذا المعبر هو شريان الحياة
بالنسبة إلى سكان القطاع، وهو
المعبر الوحيد لسكان قطاع غزة
إلى العالم الخارجي، أليست مصر
دولة حرة سيدة مستقلة وذات
سيادة، أليست قراراتها نابعة من
إرادتها ومستندة إلى قيمها
ومصالحها، فهل تقبل مصر أن تملي
إسرائيل عليها المواقف، وأن
تصادر سيادتها، وأن تستجيب
لإرادتها بتجويع سكان قطاع غزة،
وفرض الموت البطيئ على أبناءه،
فالفلسطينيون في قطاع غزة
يتطلعون إلى التعامل التجاري مع
مصر دون غيرها، فهم يرغبون في أن
يشتروا ما يحتاجون إليه من مصر،
وأن يستفيد المصريون، تجاراً
وعمالاً وأصحاب مهنٍ وخدمات، من
الحركة الشرائيىة الفلسطينية،
ومن حاجة الأسواق في قطاع غزة
إلى كمياتٍ كبيرة من المواد
الأولية والكماليات، بدلاً من
أن يستفيد منها التجار
الإسرائيليون، الذين يتحينون
الفرص لفتح المعابر، ليتمكنوا
من تصريف منتجاتهم. ألا تتحمل الحكومة المصرية مسؤولية توجه
المتضامنين الدوليين إلى
البحر، وركوبهم الخطر، ومحاولة
كسرهم الحصار المفروض على قطاع
غزة من الجانب الإسرائيلي، وقد
كان أسهل عليهم بكثير اختراق
الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة من
الجانب المصري، إذ أن مصر هي
الدولة العربية الكبرى، وهي
الجار العربي الأقرب إلى قطاع
غزة، ولعله كان من المنطقي أن
يتوجه المتضامنون الدوليون
بقوافلهم إلى قطاع غزة عبر مصر،
فلو أن مصر سهلت لهم سلوك هذا
الطريق، لتمكنوا منذ سنواتٍ من
رفع الحصار الإسرائيلي المضروب
على قطاع غزة، ولعل الفرصة
اليوم كبيرة أمام الحكومة
المصرية، لتعود إلى أصالة
مواقفها، وعراقة تاريخها، وأن
ترفع من جانبها الحصار عن قطاع
غزة، وأن تمكن المتضامنين العرب
والدوليين من تقديم العون
والغوث إلى قطاع غزة، فقد أبدت
كل الدول العربية، على
المستويين الرسمي والشعبي،
استعدادها ورغبتها في تسيير
قوافل إنسانية جديدة إلى قطاع
غزة، فعلى مصر أن تنتهز هذه
الجريمة الإسرائيلية النكراء
بحق المتضامنيين الدوليين،
وبحق الإنسانية عامةً، وأن تعلن
للعالم بأسره أن حدودها مع قطاع
غزة باتت مفتوحة بصورةٍ دائمة،
وهي خاضعة للقوانين المصرية،
وللسيادة المصرية، ولكنها لن
تعمل على حرمان سكان قطاع غزة،
ولن تشارك في جريمة تجويعه
وقتله. سفن الحرية وقوافل النجاة لم ترسُ على
شواطئ قطاع غزة، ولم يتمكن أهل
القطاع من مصافحة ومعانقة
القادمين من وراء البحار،
ولكنها حملت إلى أهل القطاع
البلسم الشافي من كل الجراح،
والعلاج المخلص من كل جوانب
المعاناة، ففضحت إسرائيل،
ووضعتها في أصعب المواقف، ودفعت
أصدقاءها إلى التخلي عنها،
وحلفاءها إلى استنكار جريمتها،
والرأي العام الدولي إلى التوحد
ضدها، وقد دب الخلاف بين
قادتها، وعم القلق مؤسساتها،
فحارت عقولهم في كيفية الخروج
من هذه الأزمة، وفي الوسائل
الممكنة لتجاوز المحنة،
واستعادة علاقاتها، وضمان عدم
تخلي حلفاءها عنها، ولكن
المتضامنين الدوليين أقسموا
ألا تضيع دماء رفاقهم هدراً،
وألا يتخلوا عن الرسالة التي
خطوا حروفها معاً، إذ سيعودون
من جديد، ولكن بعددٍ أكبر،
وشخصياتٍ دولية أكثر، وسفن
عالمية أخرى، تحمل أعلاماً
دولية، سترفرف فوق مياه البحر
المتوسط، في تحدٍ كبير للظلم
وسدنة الاحتلال، فها هم يتهيأون
من جديد، يعدون العدة لأسطولٍ
بحريٍ آخر، غير خائقين من
البندقية الإسرائيلية، ولا من
الحوامات العسكرية التي وزعت
الموت على جموعهم، وسينتصرون من
جديد لأبناء غزة الفقراء
المحاصرين، إذ من أجل عدالة
قضيتهم بدأوا مسيرتهم، ومن
أجلهم سيواصلون نضالهم،
وسينظمون المزيد من قوافل
الحرية حتى ينكسر القيد، وتزول
الأسلاك، وتنهار السدود، وتسقط
الأسوار، وتسطع شمس الحرية على
فلسطين وأهلها. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |