-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إسرائيل
تغرق في نفط المتوسط د.
مصطفى يوسف اللداوي* يبدو أن
إسرائيل قد دخلت غمار المواجهات
البحرية، فبعد معركتها الدامية
ضد أسطول الحرية الأول في عرض
البحر المتوسط، وفي عمق مياهه
الدولية، حيث هاجمت قواتها
البحرية عدداً من السفن
الدولية، وقتلت عدداً من
المتضامنين الدوليين، ثم ساقت
السفن من عرض البحر ومن داخل
المياه الدولية إلى ميناء
أسدود، فهي اليوم تخطط لمعارك
جديدة ضد مقدرات الأمة العربية،
وتسعى إلى سرقة خيراتها من
جديد، وهي التي دأبت منذ سنواتٍ
على سرقة خيرات الأمة المائية،
إذ استولت على مخازن مائية
جوفية كبيرة في الضفة الغربية،
واعتدت على مياه الأنهار
اللبنانية، ومخازن المياه
الاستراتيجية للبنان وسوريا،
وتخطط للاستفادة من مياه نهر
النيل، وتهدد مصر في حال عدم
تزويدها بحصةٍ معلومة من مياه
النيل، أنها ستدفع دول المنبع
والممر الأفريقية إلى تقليص حصة
مصر من مياه النيل، وتغيير
الاتفاقيات المائية التي كانت
موقعة بين مصر ودول النيل
الأفريقية، بما يعرض أمن مصر
إلى مخاطر حقيقية، وقد بدأت
إسرائيل في خطواتها الحقيقية ضد
مصر، وهددت عملياً أمنها القومي
المائي، عندما قررت دول حوض
النيل الأفريقية تغيير
المعايير التاريخية لاتفاقيات
دول حوض النيل فيما يتعلق
بتوزيع حصصها المائية. تفتح
إسرائيل اليوم جبهةً جديدة مع
الأمة العربية، وتهدد فلسطين
المستباحة أرضها وخيراتها
ومقدساتها بالاستيلاء على
مخزون البحر المتوسط من النفط
المتمركز في شواطئه المقابلة
لقطاع غزة، وتخطط لاستخراج
تريليونات الأمتار المكعبة من
الغاز الطبيعي من مياه البحر
المتوسط قبالة الشواطئ
العربية، وقد بدأت في إجراءاتها
العملية لتنفذ برامجها الجديدة
في نهب خيرات لبنان وفلسطين،
ووضعت الخطط والدراسات اللازمة
لاستخراج النفط والغاز من بطون
الحقول المائية، وأخذ
الإسرائيليون يحلمون بآفاقٍ
جديدة، وتطلعات أخرى نحو
المستقبل، بعيداً عن الحاجة إلى
دولٍ أخرى لتزويدها بما تحتاج
إليه من نفطٍ وغازٍ طبيعي، وهي
تتطلع إلى التخلص من التبعية
لدولٍ بعيدة، قد تفرض عليها
شروطاً عدة لحصولها على حاجتها
من النفط والغاز، رغم أن
إسرائيل وعلى مدى أكثر من
ثلاثين عاماً تحصل من مصر،
بموجب اتفاقية كامب ديفيد
للسلام الموقعة بين البلدين عام
1979، على كمياتٍ كبيرة من النفط
والغاز المصري بأبخس الأسعار،
وبما يشبه الحصول عليه بالمجان،
إلا أنها بدأت تتطلع إلى
السيطرة على آبارٍ نفطية عربية،
يؤكد العديد من الخبراء أنها
غنية جداً بكمياتٍ كبيرة من
النفط والغاز الطبيعي، وهي تقع
على عمقٍ بسيطٍ لا يتجاوز
الخمسة كيلومترات تحت سطح
الماء، وعلى امتداد شواطئ قطاع
غزة ولبنان وصولاً إلى الشواطئ
القبرصية، وتتطلع إسرائيل لأن
تصبح دولةً نفطية، مصدرة للنفط
والغاز الطبيعي بعد أن كانت
مستوردةً له، وتأمل أن تكون هي
الدولة الموردة للنفط والغاز
إلى دول جنوب القارة الأوروبية،
بما يزيد من حجم تأثيرها
ونفوذها لدى دول القارة
الأوروبية، وقد تستخدم إسرائيل
مخزون النفط والغاز الطبيعي
الهائل الكامن تحت مياه البحر
المتوسط في معركتها الدائرة مع
تركيا، إذ قد تستخدمه في مبادلة
تركيا النفط مقابل المياه، كما
قد تستغلها في فرض شروطٍ قاسية
عليها وعلى الدول الأوروبية
الأخرى، حال تحولها إلى دولةٍ
مصدرة للنفط والغاز، بعد أن
كانت تتطلع لأن تكون دولة ناقلة
للنفط والغاز من حقول النفط
العربية القريبة منها، الأمر
الذي قد يزيد من مجال تأثيرها
السياسي. ولكن
إسرائيل تخطئ كثيراً عندما تقرر
توسيع دائرة المعركة، وإخراجها
عن إطارها الجغرافي التاريخي في
فلسطين المحتلة، وتخطئ عندما
تقرر زيادة عدد الأهداف العربية
التي تستهدفها بالاعتداء
والهجوم، سواء اعتداءاً
عسكرياً، أو اعتداءاً على
الحقوق بالسلب والسرقة، وهي
بالتأكيد لم تحسن دراسة عواقب
خطوتها الجديدة، وهي تعتقد بأن
الحقول النفطية العربية
الواعدة ستكون أرضاً سهلة،
وأهدافاً بسيطة، يسهل السيطرة
عليها، وأن قوى الأمة المقاومة
ستسكت عن سرقة مقدراتها، وستقبل
بسلب خيراتها، وستسلم لإسرائيل
بجريمتها، وأنها لن تقاوم من
أجل الدفاع عن حقوقها، ولن
تستبسل في المقاومة دفاعاً عن
حقوق شعوبها في خيرات بلادهم. سترتكب
إسرائيل حماقةً جديدة، وستقع في
أزمةٍ قد تكون حرارتها أشد من
حرارة الغاز المشتعل، وستحرق
نفسها ومصالحها بأتون النفط
الملتهب، إذا باشرت عملياً في
تنفيذ مخططاتها الرامية إلى
سرقة خيرات الأمة النفطية،
وتخطئ أكثر عندما تعتقد أن
لبنان وفلسطين سليجأون إلى
المجتمع الدولي فقط، وسيتقدمون
ضدها بشكوى إلى المؤسسات
الأممية، إذ أن العرب قد جربوا
شكوى إسرائيل أمام الأمم
المتحدة ومجلس الأمن الدولي،
عندما سرقت خيرات الأمة
المائية، واعتدت على الأرض
والسيادات، ولكن المؤسسات
الدولية لم تقدم للدول العربية
المتضررة شيئاً، ولم تجبر
إسرائيل على التراجع عن
جرائمها، بل مكنتها عبر سنواتٍ
طويلة من استنزاف خيرات الأمة،
ولهذا فلن تكتفي الدول العربية
في مواجهتها مع إسرائيل،
بالشكوى إلى الأمم المتحدة،
وبرفع الصوت أمام المؤسسات
الحقوقية الدولية، ولكنها
ستلجأ إلى خيارات القوة، وستعمد
إلى أخذ حقها بيدها، وإلى
الدفاع عن حقوقها وممتلكاتها
بالبندقية، لأنها الخيار
الوحيد القادر على لجم إسرائيل،
ومنعها من التمادي في الظلم
والاعتداء، وقوى الأمة
المقاومة بخير، وهي تمتلك فضلاً
عن الإرادة القوية الصلبة
والقادرة، قدرة كبيرة على
استهداف الأهداف البحرية،
الثابتة والمتحركة، ولهذا فلن
تكون أي منصة نفطية في عرض البحر
آمنة من صواريخ المقاومة، ولن
تتمكن هذه المنصات من حماية
نفسها، مهما امتلكت إسرائيل من
تقانةٍ عسكرية، وقدراتٍ دفاعية
كبيرة، فإن هذه الأهداف الثابتة
القابلة للاشتعال والالتهاب،
ستبقى أهدافاً مقصودة دوماً،
وسيكون من السهل استهدافها
وقصفها، بما يجعل العمل فيها
غير آمن، والتواجد فيها خطر،
والاستثمار فيها غير ذي جدوى،
ولن تقدم شركات التنقيب عن
النفط على المغامرة في أرضٍ
قابلة للاشتعال، إذ لن تسمح
المقاومة العربية لإسرائيل
أبداً بأن تنعم بخيرات الأمة،
وستجعل ثمن قطرة النفط العربية
قطرات دامية من الدماء،
وأرواحاً عزيزة من الأنفس، ولذا
فإن على إسرائيل أن تفكر ملياً
قبل أن تقدم على هذه الخطوة، فهي
ليست بحاجة إلى أهدافٍ جديدة،
فهي عاجزة عن حماية نفسها
وسكانها ومستوطناتها ومؤسساتها
داخل فلسطين المحتلة، فكيف بها
ستكون قادرة على حماية معداتها
الثابتة، المحددة المكان،
والمعلومة الإحداثيات، والتي
ستكون منتشرة تحت الشمس وفي عرض
البحر، وتحت مرمى صواريخ
المقاومة، التي تعرف ساعير
الإسرائيلية قدرتها على
التدمير، ودقتها في التصويب. ــــــــــــ *كاتبٌ
وباحث فلسطيني -
دمشق ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |