-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كن حكيماً في ترتيب
الخيرات والشرور بقلم: محمد عادل فارس المؤمن يتحرى رضوان الله في أموره
كلِّها، فيسعى إلى فعل كل ما
أمره به الله سبحانه، واجتناب
كل ما نهاه الله تعالى عنه. لكنه
يجد نفسه تنشط إلى فعل بعض
المأمورات ما لا تنشط إلى
غيرها، وتمتنع عن بعض المنهيات
بلا أدنى كلفة، بينما تنجذب إلى
فعل بعضها، فهي تحتاج إلى رياضة
ومجاهدة حتى تستقيم على أمر
الله. وهو المعنى الذي أشار إليه
نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله:
"حُفَّت النار بالشهوات،
وحُفَّت الجنة بالمكاره"،
والحديث متفق عليه. فإذا كان الابتعاد عن النار بحاجة إلى
مجاهدة الشهوات، وكان التقرب
إلى الجنة بحاجة إلى اقتحام
المكاره، فعلى المسلم أن يروض
نفسه على هذا وذاك لعله يفوز
برضوان الله. ولكن ماذا لو أنّ نفسه ضعفت عن هذا كله؟!
لا شك أن عليه بذل الجهد أكثر في
اجتناب ما كان نهيُ الله عنه
أشدّ، وفي فعل ما كان أمرُ الله
به آكد. فالوقوع في صغيرة ليس
كالوقوع في كبيرة، والتقاعس عن
فعل نافلة ليس كالتقاعس عن
فريضة. بل إن المسلم يواجه مواقف كثيرة في حياته
الخاصة والعامة، لا سيما وهو
يعيش في عصر تسود فيه أعراف
ومواضعات يأباها شرع الله، يجد
المسلم نفسه في هذه المواقف
عاجزاً عن التزام أحكام الله
بالشكل الأكمل، فهو بحاجة إلى
معرفة قيمة كل خير وشر، أو كل
مأمور به ومنهي عنه، ليقدِّم
الخير الأعظم، ولو فاته خيرٌ
أقلّ منه، ويجتنب الشر الأعظم،
ولو وقع في شرٍّ أهونَ منه،
سائلاً مولاه أن يعينه على فعل
الخير كله، واجتناب الشرِّ كله. هذه المفاضلة بين الخيرات، وبين الشرور
كذلك، من الأمور التي دلّت
عليها النصوص الشرعية: نقرأ في كتاب الله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تُنهَون عنه نكفّرْ
عنكم سيئاتِكم، ونُدْخلْكم
مُدخلاً كريماً) النساء: 31. (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحشَ
إلا اللمم. إن ربك واسع المغفرة)
النجم: 32. ونفهم أن هناك كبائر وصغائر، وأن اجتناب
الكبائر مقدّم على اجتناب
الصغائر، وإن كان اجتناب
المعاصي جميعاً مطلوباً. ونقرأ في كتاب الله تعالى كذلك: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد
الحرام كمن آمن بالله واليوم
الآخر، وجاهد في سبيل الله. لا
يستوون عند الله. والله لا يهدي
القوم الظالمين) سورة التوبة: 19. فنفهم أن سقاية الحاج وعمارة المسجد
الحرام من القربات الحسنة، ولكن
ذلك لا يرقى إلى درجة الإيمان
بالله واليوم الآخر والجهاد في
سبيل الله. ونقرأ في سنة النبي صلى الله عليه وسلم
كذلك ما يدل على تفاوت
المأمورات والمنهيات في
درجاتها: روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"الإيمان بضع وسبعون، أو بضع
وستون، شعبة. فأفضلها قول: لا
إله إلا الله، وأدناها إماطة
الأذى عن الطريق. والحياء شعبة
من الإيمان". وروى البخاري في الحديث القدسي المشهور:
"وما تقرّب إلي عبدي بشيء
أحَبَّ إليّ مما افترضتُ عليه". وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال: سألتُ النبيَّ صلى الله
عليه وسلم: أي العمل أحبُّ إلى
الله تعالى؟ قال: "الصلاة على
وقتها". قلت: ثم أيُّ؟ قال: "برُّ
الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال:
"الجهاد في سبيل الله". وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: سئل
النبي صلى الله عليه وسلم: أي
العمل أفضل؟ قال: "إيمان
بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟
قال: "الجهاد في سبيل الله.
قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور". ففي المأمورات ما هو "أفضل" أو "أحبّ". وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
يسألونه عن أحب الأعمال أو
أفضلها فيجيب كلاً بما يناسب
حاله وظرفه، ولم يُنكر على واحد
منهم مثل هذه الأسئلة، ولم يقل
لهم: الأعمال كلها على درجة
واحدة ولا قُربةَ أفضل من قُربة. ولذلك يرى الإمام الغزالي أن من يحرص على
النوافل أعظمَ من حرصه على
الفرائض هو من المغرورين، ويقول:
"ترى أحدهم يفرح بصلاة الضحى
وبصلاة الليل وأمثال هذه
النوافل، ولا يجد للفريضة لذّة،
ولا يشتدّ حرصه على المبادرة
بها في أول الوقت، وينسى قوله
صلى الله عليه وسلم فيما يرويه
عن ربه عز وجل: "وما تقرّب
إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليّ مما
افترضته عليه". يقول الغزالي:
وترك الترتيب بين الخيرات من
جملة الشرور". ويقول أيضاً: "بل قد يتعيّن في الإنسان
فرضان. أحدهما يفوت، والآخر لا
يفوت. أو فضلان. أحدهما يضيق
وقته، والآخر يتسع وقته، فإن لم
يَحفَظ الترتيب كان مغروراً".انتهى
كلام الغزالي رحمه الله. ونضرب على كلامه أمثلة: فمن جلس يقرأ في
كتاب الله بعد دخول وقت الصلاة
واستمر في تلاوته إلى أن خرج وقت
الصلاة ولم يصلِّها، كان آثماً،
مع أن تلاوة القرآن من الطاعات
العظيمة، فإنه انشغل بعبادة
يمكن تأجيلها عن عبادة كانت "كتاباً
موقوتاً". وكذلك من كان يشتغل بصلاة وتلاوة وذكر...
وبجواره إنسان سقط في الماء
وكاد يغرق، وبإمكانه أن يسعفه
فتقاعس عن إسعافه بحجة اشتغاله
بتلك العبادات، كان آثماً. لأن
إسعاف الغريق كان فرض عين عليه،
وكان كذلك فرضاً لا يحتمل
التأخير... وهكذا فإن معرفة أولويات المأمورات بما
يلابسها من ظروف، يعد من أهم
الواجبات. يقول الإمام سفيان الثوري: إن لله حقاً
بالليل لا يقبله بالنهار، وحقاً
بالنهار لا يقبله بالليل، وإنه
لا يَقبل نافلة حتى تؤدى
الفريضة. ويقول الإمام ابن قيم الجوزية في مدارج
السالكين: "أفضل العبادات في
وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل إلى
ترك الأوراد من صلاة الليل
وصيام النهار. والأفضل في وقت
حضور الضيف القيامُ بحقه،
والاشتغال به عن الورد المستحب.
والأفضل في أوقات السحَر
الاشتغالُ بالصلاة والقرآن
والدعاء والذكر والاستغفار.
والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج
إلى المساعدة، الاشتغال
بمساعدته. فالأفضل في كل وقتٍ
وحالٍ إيثارُ مرضاة الله في ذلك
الوقت والحال، والاشتغال بواجب
الوقت". وما ذكرناه من تفاوت مراتب الخيرات،
ووجوب تقديم الأعلى مرتبة على
الأدنى عند التعارض، نذكره كذلك
في الشرور والآثام، فإنها
تتفاوت، ويجب التحرز من أكبرها
فأكبرها حين لا يمكن الاحتراز
عنها مطلقاً، حتى قالوا: يُرتكب
أهون الضررين وأقل المفسدتين
عندما لا يمكن اجتنابها جميعاً.
فالشرك بالله تعالى كبيرة لا
تماثلها كبيرة، يلي ذلك السبع
الموبقات ثم ما دونها، حتى نصل
إلى الصغائر. والكبائر متفاوتة
فيما بينها، والصغائر كذلك،
والمكروهات تليها وهي متفاوتة
كذلك. روى البخاري ومسلم والترمذي عن أبي
بَكرةَ رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"
- ثلاثاً - قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: "الإشراك بالله وعقوق
الوالدين" وكان متكئاً فجلس
فقال: "ألا وقول الزور،
وشهادة الزور" فما زال يكررها
حتى قلنا: ليته سكت. وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن
العاص، رضي الله عنهما، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الكبائر: الإشراك بالله،
وعقوق الوالدين، وقتل النفس،
واليمين الغموس". وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: "اجتنبوا السبع
الموبقات" قالوا: يا رسول
الله، وما هنّ؟ قال: "الشرك
بالله، والسحر، وقتل النفس التي
حرّم الله إلا بالحق، وأكل
الربا، وأكل مال اليتيم،
والتولي يوم الزحف، وقذف
المحصنات المؤمنات الغافلات". وقد تحدث الإمام العز بن عبد السلام في
كتابه "قواعد الأحكام" عن
تفاوت المفاسد فقال: "والمفاسد
ما حرّم الله قربانه، وهي
رتبتان: إحداهما رتبة الكبائر، وهي منقسمة إلى
الكبير والأكبر والمتوسط... ولا
تزال مفاسد الكبائر تتناقص إلى
أن تنتهي إلى رتبةِ مفسدةٍ لو
نقصت لوقعت في أعظم رتب الصغائر. والثانية: رتبة الصغائر. ولا تزال مفاسد
الصغائر تتناقص إلى أن تنتهي
إلى مفسدةٍ لو فاتت لانتهت إلى
أعلى رتب مفاسد المكروهات. والمكروهات هي الضرب الثاني من رتب
المفاسد، ولا تزال تتناقص مفاسد
المكروهات إلى أن تنتهي إلى حدّ
لو زالت لوقعت في المباح". اللهم ألهمنا رشدنا، وبصِّرنا في ديننا،
ووفقنا إلى عمل الخير، وجنّبنا
الفواحش ما ظهر منها وما بطن،
ونقِّنا من ذنوبنا وخطايانا كما
يُنَقَّى الثوب الأبيض من
الدنس، وأعنّا على ذكرك وشكرك
وحسن عبادتك. ==================== تخفيف الحصار البري عن
غزة لا يغني عن كسره بحريا بوفلجة غيات لقد كانت قافلة الحرية وما تبعها من
أحداث، نقطة مهمة حاسمة في
الصراع بين القوى المحبة للسلام
وإسرائيل. إذ أن قافلة الحرية لم
تكن كسابقاتها، كما أن عنف
إسرائيل واعتداءاتها وهمجيتها،
لم يكن مسبوقا في تعاملها مع سفن
كسر الحصار السابقة. فأما من حيث
القافلة وركابها، فهي تطور
وإقدام من طرف العرب والمسلمين،
إذ تبنت العملية تركيا
الأردوغانية، ودعمها في ذلك كلا
من الجزائر والكويت إلى جانب
دول أخرى متعاطفة مع القضية
الفلسطينية. والإختلاف من حيث
عدد السفن وحمولتها والسلع التي
حملتها، وكذلك الحال بوجود عدد
كبير من العرب والمسلمين على
متنها، من دول ليست لها علاقات
دبلوماسية مع إسرائيل، ومنها
الجزائر والكويت. إلا أن أهم عامل في ذلك هو تبني تركيا
لعملية فك الحصار وقيادتها
للقافلة، إذ أن أكبر باخرة كانت
تركية "مرمرة"، وأن أكبر
عدد من أعضاء القافلة كانوا من
تركيا، وأن القافلة انطلقت من
الموانئ التركية، وأن العملية
تحت رعاية ومباركة الرئيس
التركي، الطيب رجب أردوغان. كما
أن تركيا بقوتها الإقتصادية
والعسكرية والإستراتيجية
والسياسية، دولة يحسب لها حساب،
ولم يسبق لدولة أخرى بهذا
الحجم، رعاية عملية فك الحصار
على غزة بهذا الحجم. وهو ما دفع إسرائيل إلى اللجوء إلى القوة
لإرهاب العرب والمسلمين حتى لا
يعودوا مرة أخرى إلى محاولات
كسر الحصار. ذلك أن إسرائيل تعرف
أن القافلة القادمة ستكون أقوى،
بعدد أكبر من السفن، بحمولة
أكبر، وبعدد أكبر من الأفراد،
وخاصة من العرب والمسلمين،
فأرادت استعمال العنف لثنيهم عن
القيام بمحاولات أخرى. لقد ارتكبت إسرائيل جريمة كبيرة، أدت إلى
استشهاد تسعة من ركاب السفينة
الأتراك، وجرح عدد أكبر، حيث
تمّ الإعتداء على السفن في
المياه الدولية، والتي تمّ
اقتدائها إلى ميناء "أسدود"
الإسرائيلي. وهو ما أدى إلى
انتفاضة تركية حركت العالم،
وإلى تداعيات سياسية وضغوط على
إسرائيل لم تهدأ إلى اليوم. وهي
المرة الأولى التي نشاهد فيها
ضغوطا دولية من جهات متعددة على
إسرائيل لمطالبتها بفك حصارها
على قطاع غزة. وهو ما يؤكد وجود تحولات سياسية
وإستراتيجية بدأت معالمها في
البروز. إذ أن إسرائيل لم تعد
تلك الدولة القوية التي يخشى
الأفراد والجماعات والأحزاب
والدول معارضتها وإغضابها. فبعد
أن كانت الأصوات التي تطالب
برفع الحصار عن غزة، محدودة
وخافتة، أدت تضحيات منظمي قافلة
الحرية 1، إلى تعزيز صفوف الجهات
الداعية إلى فك الحصار، وبدأت
الأصوات الداعمة لذلك في
الإرتفاع. فلأول مرت جهرت جهات
غربية بعدم القبول بالإستمرار
على حصار غزة، وأنه يجب إعادة
النظر في الطريقة والأسلوب
المتبع من طرق إسرائيل حتى الآن. إن ثبات الموقف التركي، وارتفاع عدد
المؤيدين له شعبيا ورسميا،
وتزايد الضغوط على إسرائيل من
أجل أنشاء لجنة دولية مستقلة
لتقصي الحقائق، والمطالبة
بمحاكمة ومعاقبة المذنبين
والمجرمين، عوامل جعلت إسرائيل
موضوع اتهام عالمي لا سابق له،
رغم كثرة جرائمها السابقة. إن أحداث قافلة الحرية، سلطت الضوء مرّة
أخرى على قطاع غزة المحاصر،
وعلى الظلم الذي يعاني منه سكان
القطاع، وهو ما أدى إلى إعادة
تحريك القضية الفلسطينية
برمتها، فأصبحت موضوع الساعة.
وقد أدت الأحداث إلى المطالبة
بإلحاح، بضرورة فك الحصار عن
القطاع والسماح بإدخال كل السلع
ومن كل المعابر. وقد كانت أولى نتائج الإحتجاج العالمي
وتوسع الضغط على إسرائيل، فتح
معبر رفح. وقد يكون ذلك بإيعاز
من إسرائيل ومن الولايات
المتحدة الأمريكية لتخفيف
الضغط على حليفتها إسرائيل،
وإلا فما يبرر توقيت اتخاذ قرار
فتح المعبر في هذا الوقت
بالذات، وفي هذه الظروف؟. إن ما يمكن ملاحظته اليوم، من خلال تتابع
التصريحات الغربية، تدخل جهات
متعددة وكلها لتخفيف الضغط عن
إسرائيل دون إيجاد حلول جذرية
لموضوع المعابر. وهكذا بدأت
أصوات أوروبية وأمريكية تنادي
بتخفيف الحصار "وليس بفكه"،
وتنادي بتخفيف الحصار على
المعابر البرية، أو فتح فبض
العابر بين إسرائيل والقطاع.
كما تنادي بإرجاع عناصر السلطة
الأمنية إلى المعابر،
والإستعداد لإرسال مراقبين
أوروبيين إلى معبر رفح لمراقبته
لصالح إسرائيل، وكلها حلول ثبت
فشلها، وإنما هي حلول لصالح
إسرائيل للإبقاء على الحصار حتى
ولو تمّ تخفيفه. في حين أن الحلّ
الحقيقي هو إلغاء الحصار، وقليل
من المسؤولين الغربيين من ينادي
بذلك. إن ما نريد لفت الإنتباه إليه، وجود عدة
منافذ إلى غزة، وقد عمدت سفن فك
الحصار إلى فتح منفذ غزة البحري
على العالم، وهو الهدف الذي ضحى
من أجله شهداء قافلة الحرية،
ولا يجب الحياد عن هذا الهدف، إذ
يجب أن يبقى حيا. يمكن فك الحصار
كاملا من المنافذ البرية مع
إسرائيل أو مع مصر، إلا أن ذلك
لا يجب لفت الإنتباه عن المنفذ
البحري وهو الأهم. فالملاحظ أن إسرائيل ومؤيديها في العالم
يسعون إلى مطالبة إسرائيل
بتخفيف الحصار على الأرض، حتى
تتوقف محاولات إيصال المساعدات
الإنسانية والسلع الضرورية عن
طريق البحر. إذ أن فك الحصار على
ميناء قطاع غزة قد يكون منفذا
للضفة أيضا على البحر، حتى
تتعامل مع مختلف دول العالم دون
المرور بإسرائيل، وهو ما يجب أن
تتفطن له السلطة الفلسطينية في
رام الله. فالعالم حاليا، يعرف تحولات وتطورات
سياسية وإستراتيجية لصالح
القضية الفلسطينية، يجب
استغلالها والإستمرار في
الضغوط على إسرائيل، من خلال
تكثيف قوافل سفن الحرية. كما يجب
عدم القبول بتخفيف المعابر
البرية، كبديل للتخلي عن
المطالبة بفك الحصار البحري على
قطاع غزة، فالأمل هو تخلص سكان
القطاع من الضغوط الإسرائيلية
والمصرية على المعابر البرية،
وهو مطلب صعب إلا أنه ليس
مستحيلا. ===================== بقلم: فراس ياغي إن أفضل طريقة لتحطيم الجسر القائم بين
المرئي واللامرئي ليس بالشرح
ولا بالتشخيص ولا حتى بالدعوات
الصادقة بل بالمجازفة في اتخاذ
قرارات تعبر عن مصلحة فلسطينية
خالصة غير مرتبطه بأي أجندات
إقليمية ودولية...أهمية ما يعرف
ب "الشرعية الدولية" لا
تنبع من إعترافنا فيها كأساس
للتعامل معنا، بل بمقدار قدرتنا
على فرض رؤيتنا الواقعية عليها،
على اساس من وجود برنامج وخطة
لدينا مرتبطه بوحدة وطنية
كمصلحة وطنية عليا، لا حزبية
ولا شخصية، فعندما تكون "فلسطين"
بحدودها مُعَرّفه لنا جميعا،
يمكن لحظتها بناء شيئا يستطيع
أن يفرض نفسه على واقع دولي ظالم
تتحكم به رؤيا "أمريكية"
مرتبطه بمصالحها التي لا تنفصم
عراها عن علاقاتها
الاستراتيجية بدولة "إسرائيل"،
رغم كلَّ ما قمنا به، فلا الحديث
عن اتفاق أمني بوجود طرف ثالث
"أمريكي او متعدد الجنسيات او
من حلف شمال الاطلسي" كمراقب
وكحضور على الارض في الاغوار
والمرتفعات الوسطى والشرقية،
ولا مفهوم أل ""Swap كإطار لحل المشكلة المسماه "التكتلات
الاستيطانية" غير الشرعية
والموجودة على الأرض المخصصة
للدولة الفلسطينية كشيء
إفتراضي، ولا حتى تعريف السلام
بأنه "نهاية للمطالبات" و
"نهاية للصراع"، ولا حتى حل
مشكلة اللاجئين بما أصبح متعارف
عليه بمصطلح "حل متفق عليه
بين الطرفين"..هذا كله وأكثر
منه لن يؤسس ابدا لسلام دائم
وشامل بين مختلف الاطراف
وبالذات بما يتعلق بالقضية
الفلسطينية. أعلم أنك إذا أردت أن تكتشف شيئا فعليك
إقتحامه بشكل مباشر، وهذا ممكن
الحدوث حينما لا توجد لديك
معرفة او حتى توقع للشيء الذي
تريد أن تكتشفه.. إما بمفاوضات
مستمرة بكل أنواعها، السرية
والعلنية، المباشرة وغير
المباشرة، التقريبية وجس
النبض، بوجود وسيط او وسطاء،
بأجندة واحدة او بعدة أجندات،
بشروط أو بغير شروط، ب "لفني"
او "نتنياهو"، فلا يمكن
إكتشاف شيء، ليس لعدم القدرة،
وإنما لأن الشيء الذي تبحثون
عنه غير موجود لدى الطرف الآخر،
فصناع السياسة "الاسرائيلية"
الحاليين ليس لديهم لا نية ولا
توجه ولا خطة بمفهوم حل الصراع
وفقا حتى للمباديء التي طرحها
الرئيس "أبو مازن" في خطابه
في "معهد بروكينز" في
واشنطن ولا في حديثه المباشر
والواضح الذي جرى أثناء العشاء
الفاخر الذي أقامه على شرفه
الملياردير الامريكي "اليهودي"
دانيال أبرهامز، وحتى "خواتم
إلهام" الكاتب الرائع "كويلو"
في قصته الاخيرة "بريدا" لا
تنفع أي عرَّاف في الاكتشاف،
فكيف بمن يحاول تطمين الطرف
الآخر بتصريحات علنية تجاوزت كل
ما كان متعارف عليه لدى مجمل
القيادة الفلسطينية باسم
الواقعية.. خاتم "الشهيدة"
لبسه رئيس الوزراء الاسرائيلي
"رابين"، بإغتياله تم
إكتشاف عمق مشكلة إمكانية
السلام مع الطرف الآخر، و "خاتم
"القديسه" لبسه الرئيس
الفلسطيني الذي وصل أحيانا
للتضحية بسمعته من أجل السلام
ولم ولن يتحقق شيء، اما خاتم "العذراء"
فلم يجرب بعد، فعزل اسرائيل
وفرض العقوبات عليها لاجبارها
على إكتشاف الحكمة من السلام
غير مطروح فعليا من قبل حليفتها
وراعييها الذي اشعبنا خطابات
وكلمات جميلة في "القاهرة"
و "أنقرة"، في حين خاتم "العرّافه"
الذي يستخدم ذاكرة الزمن
والاستقراء والتحليل
والاستنتاج إن كان بمفهوم "السحر"
أو حتى بمفهوم "العلوم
السياسية" والذي إستخدمه
غالبية المحللين السياسيين
بموضوعية، يؤشر لعدم إمكانية
حدوث أي تقدم أو أي حل في
الموضوع الفلسطيني، فالاسرار
هنا واضحه، مكشوفه..إحتلال وحق..إستيطان
وشعب..قدس ودولتين..حصار وجلاد..جدار
و"أبارتهيد"..الحكمة ليست
هنا في الاكتشاف، وإنما في
الاستعداد لفرض الممكن، واذا
كان الممكن غير قابل للفرض
والتحقيق، فماذا يمكن فعله
إذاً؟! سؤال مطروح للواقعيين في
القيادة الفلسطينية وحتى للعرب
المعتدليين..لجنة تحقيق دولية
محايدة فيما حدث في عرض البحر
المتوسط وفي المياه الدولية غير
قابلة للتحقيق، فما هو الشيء
الذي يمكن تحقيقه إذاً؟! مرة أخرى، سؤال يبقى بدون جواب..ليس لعدم
توفر الاجابه..بل لعدم توفر
الاستعداد الذاتي لطبيعة
الاجابه، لدينا معادلة واضحة،
طرف يريد السلام من أجل السلام،
والآخر يريد الحقوق مقابل
السلام..سياسة فرض الامر الواقع
في القدس والاستيطان مقابل
سياسة التفاوض اللامحدود
واللانهائي " سياسة أل Infinity"" كمعادلة رياضيات"..
طريق سهل باسم القدرة القابلة
للتماشي مع ما يسمى "الشرعية
الدولية"، ولكنه الاصعب لعدم
وجود هذه "الشرعية" كواقع
وكنتيجه، والموجود هو "المصالح"
مع القوي، و"النفاق" مع
الضعيف، ولأنه يُنظر لنا دائما
من باب الضعفاء، فسياسة "النفاق
التفاوضي" الدولي هي العنوان
منذ أكثر من عشرين عاما.. تصوروا
لو أن العصفور لم يبني عشا
لبيضه، فهو سينقرض، ولكن لأن
لديه غريزة الثقة بالعالم فقد
بنى عشه، كما قال الفيلسوف
الفرنسي "غاستون باشلار"،
ونحن ولأننا ضعفاء، لدينا غريزة
حب "النفاق"، وحب "الشرعية
الدولية"، وغريزة عشق "أمريكيا"
ليس كمفهوم ليبرالي تحرري،
وإنما كسياسة بيدها 99% من أوراق
الحل "رحم الله السادات". استراتيجية الحركة الوطنية الفلسطينية
وعلى رأسها "منظمة التحرير"
كما يبدو فشلت، فمن شعار الدولة
الديمقراطية العلمانية
الواحدة، إلى الكفاح المسلح
وحرب التحرير الشعبية وتحرير كل
فلسطين، ومن "حيفا" و "يافا"
قبل "جنين" و "نابلس"،
إلى بناء السلطة الوطنية على أي
شبر يحرر من فلسطين، إلى دولة
بداخل دولة في "لبنان"، إلى
قمة "فاس" وغيرها الكثير،
إلى أخيرا "المبادرة العربية
للسلام" كمشروع كلامي، إلى
مفاوضات مباشرة وغير مباشرة،
على ماذا؟! على الحدود والامن،
بعد أن كنا نفاوض في جميع
الملفات العالقة والدائمة،
كرزمة واحدة، يمكن من خلالها
تحقيق الممكن لنا، بالتنازل في
ملف لصالح آخر، ووفقا لمفاهيم
علوم التفاوض، ولكن فصل الملفات
عن بعضها..في "الحدود" لكي
نعرفها لوضع حد لمشكلة
الاستيطان التي لا تستطيع دولة
"الاستيطان" وقفها،
فبمعرفة خطوط "الحدود"
وبدون "القدس" تستطيع هذه
الدولة الاستمرار في خططها
الاستيطانية، وفي ملف "الامن"
لكي نظهر مدى استعدادنا الفعلي
المستمر والدائم للحفاظ على أمن
الجارة المفترضه، ولإعطاء كل
الضمانات المطلوبة منا، التي
نستطيع وما لا نستطيع،
والمطلوبه من غيرنا الاقليمي
والدولي لحماية دولة تُعد قوة
إقليمية كبرى عسكريا بل هي دولة
"نووية" وفقا للتسريبات،
وحليفه استراتيجيا للدول
الغربية وعلى رأسها الولايات
المتحدة..هذا بالضرورة سوف يؤدي
لتقديم تنازل في كل ملف على حده،
لنصل إلى التنازل عن كل شيء، ولا
نحصل على شيء، فيبدو أننا قمنا
بما هو محظور، فقد سلكنا كل
الطرق، ومن يفعل ذلك، فسينتهي
به المطاف لأن لا يسلك أحدٍ منها.
مشروع الحركة الوطنية الفلسطينية منذ
تفجر الثورة الفلسطينية
المعاصرة، فشل، وعلينا أن نعترف
بذلك بشجاعه، وإلا اصبحنا حالات
مرضية بحاجة لجلسات نفسية
إرشادية، فلا المقاومة أثبتت
نجاعتها في طبيعة الممارسة
الفلسطينية لها وليس كمفهوم،
ولا السلام والتفاوض ايضا حقق
شيئا يذكر، لا مفهوم الدولتين
لشعبين قابل للتحقيق في ظل
موازين القوى الحالية، ولا
مفهوم الدولة الواحدة ممكن في
المدى المنظور..التفاوض والسلام
لن ينهي الصراع ولن يضع حدا
للمطالبات، فلا قُدرةٌ للطرفين
على ذلك..الرغبة موجودة لدى
الطرف الفلسطيني ولكن مع عدم
وجود الاستطاعة لتطبيقها، في
حين لا الرغبة ولا القدرة
موجودة لدى الطرف "الاسرائيلي"..علينا
أن نعيد بناء حركتنا الوطنية
وأن نحدد مشروعنا بدقة، ماذا
نريد؟ وكيف نصل لما نريده؟ وما
هي الوسائل المستخدمة في كيفية
الوصول؟..علينا أن نعود عودة
حقيقية لشعبنا في كافة اماكن
تواجده، وبطرق ديمقراطية ومن
خلال إجراء إنتخابات لتجديد
القيادة ككل..علينا أن نوقف
مهزلة الانقسام ونحقق المصالحه
باتفاق فلسطيني-فلسطيني وبدون
وساطات من أحد، ومن باب الحرص
على الشخصية والهوية الوطنية
الجمعية، وليس من باب السياسة
والبرنامج فقط..القضية
الفلسطينية كموضوع تجاذب عربي
واقليمي ودولي شيء طبيعي في
السياسة، ولكن الذي لا يمكن
تصديقه أن نكون نحن جزءا من هذه
التجاذبات، نميل لهذا لصالح
ذاك، وندعم ذاك لصالح هذا..يجب
وقف الصراع الذي نخوضه ضد
أنفسنا من أنفسنا، ونعيد ذاتنا
التي ذابت في المحيط الاقليمي
والدولي لذاتنا الفلسطينية
كهوية وطنية لها حق في تقرير
مصيرها وفقا لمباديء "الامم
المتحدة" وليس وفقا ل "الشرعية
الدولية" المزعومة، فلا
شرعية دولية خارجه عن نطاق هذه
المباديء، ولا شرعية تأتينا
وفقا لرغبات وتطلعات العشيق
لفتاته الجميلة، فقد سلمنا
أنفسنا لعشيق محكوم بحب لا
ينفصم عراه، وممتزج بقضايا
عاطفية ونفسية وشراكه، وصلت حتى
لدرجة عدم امكانية التمييز
بينهما، والموقف من موضوع
الاستيطان وأسطول الحرية خيرُ
من يشهد على ذلك، وكما قال
الكاتب الفرنسي "إندريه جيد"
الحائز على جائزة نوبل للآداب
عام 1947 "إن المشاعر الجميلة
تفرز فنا رديئا، ودون مساعدة من
الشيطان لن يتم إبداع الفن"،
ونحن ذهبنا لكل الشياطين،
ولكننا لم نُبدع فَناً، بل
أبدعنا إنقسام ومفاوضات لا
تنتهي. ===================== ماذا تحمل لنا الشهور
القادمة.. رؤية استشرافية بقلم/ حسام الدجني هل سيكسر الحصار، جملة أصبحت اليوم لسان
حال كل مواطن فلسطيني في قطاع
غزة، كونه هو من يعيش تحت الحصار
ويكتوي من لهيبه. منذ منتصف يونيو حزيران/2007م، وهو تاريخ
سيطرة حماس العسكرية على قطاع
غزة، وحتى يومنا هذا دأب
المجتمع الدولي لرسم نموذجين
الاول للضفة الغربية والثاني
لقطاع غزة، النموذج التنموي
الاقتصادي في الضفة الغربية
يقودة رئيس الحكومة الفلسطينية
هناك السيد سلام فياض، ويغدق
عليه المجتمع الدولي مليارات
الدولارات. والنموذج الثاني وهو نموذج الحصار
والدمار في قطاع غزة، وتقوده
الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة
ويقوده السيد اسماعيل هنية. لم يكن ليوم من الأيام المال المقدم من
الغرب هو من أجل الشعب
الفلسطيني وقضيته العادلة،
وانما يدخل ضمن نظرية المال
السياسي، ويرتبط بالسلوك
الأمني والسياسي والاقتصادي
للسطة الفلسطينية ومدى
محافظتها على المصالح الغربية
في المنطقة، ومن أبرز مصالح
الدول الغربية هو الحفاظ على
أمن دولة اسرائيل كما جاء في
خارطة الطريق، والتي أعلنت
السلطة انها نفذتها بالحرف
الواحد. لم يغلق الغرب أبوابه أمام الحكومة
الفلسطينية وحركة حماس في قطاع
غزة كي تنعم بالمال السياسي،
ومنذ فوزها بالانتخابات
الأخيرة فرضت الرباعية الدولية
شروطها الثلاث، الاعتراف
باسرائيل، نبذ العنف، الالتزام
بالاتفاقيات الموقعة، ولو
وافقت الحكومة الفلسطينية على
هذه الشروط لحصلت على أضعاف ما
تحصل عليه السلطة الفلسطينية من
أموال وامتيازات لتثبيت حكمها
في الاراضي الفلسطينية. واختارت الحكومة بأن تقاوم هذه الشروط
ودفعت أثمان باهظة مقابل ذلك،
ولكنها نجحت في تعزيز ثقافة
الصمود، وعملت على توفير الحد
الأدنى من احتياجات قطاع غزة
الكثيرة، حتى بدأت قضية غزة
تتربع في قلوب أحرار العالم
وأبناء أمتنا العربية
والاسلامية، فبدأت قوافل
المتضامنين تتوافد الى غزة براً
وبحراً، وكان آخرها أسطول
الحرية والذي تعرض للقرصنة
الاسرائيلية، فكان لذلك
تداعيات سياسية كبيرة، ومنها
نجاح مشروع الصمود والتحدي
والمقاومة، من كسر الحصار، بل
تجاوز ذلك بأن حاصرت غزة
محاصريها... هنا تبدأ القراءة الاستشرافية للمستقبل
القريب، فهل سيكسر الحصار؟ متى؟
وكيف؟ هذا السؤال هو حديث الساعة، فالمواطن
يتمنى ان تكلل هذه الهبة
الجماهيرية مع قطاع غزة الى كسر
الحصار، وأن ينعم بالحرية التي
تنعم بها شعوب الكرة الأرضية،
ولكن ما تحمله لنا الأسابيع
والشهور القادمة هي صورة قاتمة،
لأن هناك تقدير عند بعض الجهات
بأن الحصار إذا تم كسره في ظل
حكومة حماس الحالية فإن ذلك
سيسجل نصراً مؤزراً لنموذج
الصمود والمقاومة، ولذلك نجد أن
هناك حراك سياسي كبير تشهده
المنطقة، تتقاطع أفكاره ورؤاه
بضرورة أن لا يزيد سقف رفع
الحصار عن الاتفاقيات الموقعة
بين السلطة الفلسطينية
واسرائيل وأهمها اتفاق المعابر
2005، فهذا السقف الأعلى من وجهة
نظرهم، لأن أي تجاوز لسقف
اتفاقية المعابر هو انتصار
ايضاً لحركة حماس وحكومتها،
وهنا نجد في المرحلة الراهنة
كثرة الحديث عن المصالحة وعن
ربط كل الملفات بالمصالحة حتى
ملف الإعمار خلع ثوبه الانساني،
ولبس ثوباً سياسياً مرتبطاً
بالمصالحة الفلسطينية، والتي
نؤكد على أهميتها وضرورة البدء
العملي بالعمل على انهاء
الانقسام، ولكن مع مراعاة آلاف
الأسر ممن يكتون بحرارة الشمس
العالية وهم يجلسون في خيامهم،
وهذا ما شاهده الأمين العام
السيد عمرو موسى. في الختام، لا بد من العمل بصمت في موضوع
المصالحة الفلسطينية، ويبدو ان
هناك أخبار ايجابية ترد لنا
بقرب تحقيق المصالحة، ولكن يجب
البدء الفوري بالعمل على تطبيق
كل المقررات الدولية والعربية
المنادية بكسر الحصار، وأن
تستمر الأساطيل البحرية
والبرية، لأن بدون عمل لن يتم
كسر الحصار. ========================= محمد علي باشا ...الإقليم
.. والقيادة بسام الهلسه * شأن معظم القادة ذوي الطموح الذين تولوا
حكم مصر فسعوا إلى تعزيز
استقلالها ومدِّ نفوذها نحو
الأقاليم المجاورة، حالما
يستشعرون ضعف السلطة المركزية،
فعل "محمد علي باشا" الذي
وفد إلى مصر ضمن كتيبة عسكرية
أرسلها "الباب العالي"
العثماني للمساهمة في الدفاع عن
مصر ضد حملة "نابليون"،
فاستخدم ذكاءه للإفادة من
الظروف المضطربة، وتناقضات
القوى المتعددة المتصارعة في
مصر وعليها: (الفرنسيين،
الإنكليز، العثمانيين،
المماليك)، وتحالف مع الأهالي
الناقمين على الجميع، ليعزز
مكانته ويفوز بولاية مصر في
مستهل القرن التاسع عشر للميلاد.
لكن منصب
الولاية لم يكن ليرضي "الآغا"
الآتي من البانيا إلى مصر:
الإقليم الكبير الخصب، ذي الثقل
السكاني، والموارد الغنية،
والموقع الجغرافي الاستراتيجي
المميز الذي نشأت فيه واحدة من
أوائل وأهم الحضارات والدول
القوية التي عرفتها البشرية،
والتي استمرت لآلاف السنين قبل
أن تفقد استقلالها على يد
الغزاة الفرس قرب منتصف الألف
الأولى للميلاد. فحدث تلاقٍ
للمطامح الشخصية ل"محمد علي
باشا" المولود في العام (1769م)
ببناء دولة مستقلة قوية, مع
مقومات ومزايا الإقليم الذي
يوفر لمن يحكمه الشروط
والإمكانيات اللازمة لبناء
قاعدة قوية، ويغريه بالتطلع
للتأثير الفعّال في الأقاليم
المحيطة أو حتى قيادتها، وهو ما
استجاب له "محمد علي" ودفعه
إلى المدى الذي يطيقه ذلك الوقت.
* * * وكان عليه أن
يبدأ بتوطيد مركزه ببناء جيشه
الخاص ليتمكن -بعد خروج
الفرنسيين وصد الإنجليز- من
التخلص من منافسيه المزعجين:
"المماليك" الذين ظل
نفوذهم في مصر قوياً رغم
هزيمتهم والإطاحة بدولتهم على
أيدي الأتراك العثمانيين في
مطلع القرن السادس عشر. وقد أنجز
هذه المهمة في المذبحة التي
أوقعها بهم في العام (1811م)
واشتهرت باسم "مذبحة القلعة"،
حينما دعاهم لحضور عرض القوات
المتوجهة إلى الجزيرة العربية
لمحاربة الدولة السعودية
الأولى (1744-1818م)، التي زعزعت
قوتها المتنامية مكانة وسمعة
الباب العالي. وإذ صارت الطريق
أمامه ممهدة، فقد شرع في تحقيق
المهمة الصعبة المتمثلة ببناء
جيش وإدارة حديثين –مع كل ما
يلزمهما- قادرين على حمل وتلبية
المطامح الاستقلالية من جهة،
والاستجابة لشروط العصر
وتحديات القوى الطامعة بمصر من
جهة ثانية. ورغم أنه لم
يتلق تعليماً دراسياً منتظماً،
فقد كان واعياً بتخلف أحوال
المسلمين على كل الصعد، وتخبطهم
في دياجير القرون الوسطى،
ومطَّلعاً على التفوّق الإداري
والتنظيمي والعلمي والتقني
لأوروبة التي كانت قد صفَّت
ميراث القرون الوسطى خلال عصر
النهضة (يؤرخ له بسقوط
القسطنطينية -1453م)، ثم تجاوزت
النهضة منتقلة إلى عصر الحداثة
الذي يؤرخ له البعض بقيام
جمهورية "كرومويل" في
منتصف القرن السابع عشر، أو ب"الثورة
المجيدة" في بريطانية في
العام (1688م). هذا الوعي
والاطلاع المبني على معاينة
وقائع تردي الإمبراطورية
العثمانية وتقهقرها المضطرد
أمام أوروبة، قاد الوالي المعجب
بتجربتي: "بطرس العظيم" في
"روسيا"، و"فريدريك
الكبير" في "بروسيا"،
إلى إدراك وعمل ما أدركاه
وعملاه في بلديهما قبله:
الحداثة هي شرط النهوض والقوة.
والقوة هي أداة التمكين
والاستقلال والنفوذ. ولما لم تكن العناصر المحلية مؤهلة
للنهوض بهذه المهام، بسبب
العهود المديدة من الإقصاء عن
الشؤون العامة، وبسبب التخلف
الشديد للإدارة والتعليم
والاقتصاد، فقد باشر إيفاد
بعثات دراسية إلى الدول
الاوروبية المتقدمة-وخاصة
فرنسا- لمعرفة العلوم والتقنيات
والنظم الحديثة، ليفيد منها في
إصلاح وتطوير أوضاع مصر خصوصاً
في مجالات: التعليم والجيش
والإدارة والاقتصاد والصناعة.
وإلى جانب البعثات التعليمية
التي تولت إنشاء المدارس
والمعاهد المختلفة في مصر عند
عودتها، قام باستقدام
المستشارين الذين أعانوه في
المجالات المذكورة، خصوصاً
الضباط والمهندسين والأطباء
والمترجمين الفرنسيين الذين
رحبوا بالعمل معه بعدما سقطت
إمبراطورية "نابليون" في
العام 1815م. وخلال سنوات كان لدى مصر ما يؤهلها لتكون
دولة ناهضة حديثة قوية تتطلع
للمقارنة بالدول المتقدمة، وهو
ما وظّفه "محمد علي باشا"
لخدمة مطامحه، منتهزاً ضعف
الدولة العثمانية التي قدم لها
خدماته (متظاهرا بالعمل كتابع
مخلص) ضد الدولة السعودية
الأولى, وضد الثورة اليونانية.
وحين لم يكافئه الباب العالي،
تذرع بلجوء الفلاحين المصريين
الفارين من عسفه وتسخيره لهم
إلى بلاد الشام, فاجتاحها جيشه
بقيادة ابنه "إبراهيم باشا"
في مطلع العقد الرابع من القرن
التاسع عشر، مواصلاً زحفه
المظفر شمالاً. ولم يصده عن
التقدم نحو قلب الإمبراطورية
العثمانية التي الحق الهزيمة
بجيوشها في معارك متلاحقة, سوى
تدخل الدول الأوروبية (روسيا،
بريطانيا، النمسا) التي خشيت
سقوط رجلها المريض (الدولة
العثمانية) وقيام دولة قوية
حديثة في مصر والشام قادرة على
صد مطامعها، فتحالفت مع "الباب
العالي" وجابهت جيش "محمد
علي" ودحرته من الشام في
العام (1840م)، ثم أمْلَت عليه
شروطها المقيدة والمقلصة
لمكانة وقدرات مصر وحدودها
ودورها، فانتهت بذلك أهم محاولة
في العصر الحديث لبناء دولة
موحدة قوية وحديثة في قلب
البلاد العربية. * * * حكمت هزيمة
العام (1840م) إذن, بالموت على آمال
"محمد علي" وتطلعاته في
محيط مصر، أما خلفاؤه الذين
تولوا مصر من بعده وتوارثوها
كغنيمة خالصة لأسرتهم، فقد
بددوا كل ما عمل لأجله: الحداثة
والاستقلال والقوة والنفوذ،
وصولاً إلى التفريط بمصر نفسها
التي تعيَّن عليها أن تدفع ثمن
عبثهم وتبذيرهم وعجزهم فسقطت
تحت الاحتلال البريطاني في
العام 1882م. * * * وكما هي حال
المجددين الطموحين الذين
يريدون اختزال الزمن وتكثيفه
للحاق بالدول المتقدمة، فقد
اتخذت إجراءات "محمد علي"
طابعاً استبدادياً تعسفياً
واجه نفور ومقاومة الأهالي في
مصر، والسودان، والجزيرة
العربية، والشام. فتقويض عالم
القرون الوسطى بمؤسساته
ومداركه وأنماط حياته المألوفة
المتوارثة، وبناء دولة حديثة
موحدة، لم يمر دون آلامٍ مبرحة،
ودون ردود مضادة من عناصر وقوى
العالم القديم التي أوذيت في
مصالحها ومواقعها وأساليب
عيشها. وقد تضافر
هذا العامل الداخلي (مقاومة
القوى المحلية لدواعٍ شتى) مع
العامل الخارجي: التدخل المسلح
للقوى الأوروبية الطامعة
بالمنطقة الذي كان حاسماً في
وأد تجربة "محمد علي باشا"
التحريرية التجديدية التوحيدية.
* * * في العام 1849م
رحل "محمد علي باشا" مؤسس
مصر الحديثة، لكن المهمات التي
نهض للقيام بها لم تزل باقية..
مهمات: التحرر وتصفية التبعية
وصد المعتدين، وتكامل وتوحيد
الأقاليم العربية التي لا يمكن
لها بدونهما أن تكون أمة ذات شأن
في عصر العولمة والتكتلات
الإقليمية والقارية الكبرى.
ومهمات استيعاب وتطوير تعليم
عصري، وبناء اقتصاد وصناعة
قومية قادرة على تلبية احتياجات
الأمة. ومهمات تجديد وعصرنة
مؤسسات وهيئات الدولة والمجتمع
المدنية والعسكرية المدعوّة
للذود عن الأمة والبلاد،
والارتقاء بهما إلى مستوى حضاري
متقدم. ولئن كان "محمد علي باشا" قد قام بهذه
المهمات بأساليب قهرية فوقية،
مما خلق شعوراً بالاغتراب لدى
المصريين والعرب تجاه الدولة
التي بناها، وتجاه أسرته التي
تصرفت كأسرة أجنبية متغلبة
غاصبة(حتى انهت ثورة تموز- يوليو
1952م حكمها), فإن المشاركة
الشعبية والديمقراطية هما
الشرطان الضروريان اللازمان
لتحقيق هذه المهمات في عصرنا. وبدل انتظار الخلاص "الحداثي" من "الأجانب"
الجدد -وعلى رأسهم الولايات
المتحدة-، ينبغي أن يتولى أبناء
وبنات الأمة بأنفسهم عبء العمل
لتحقيق هذه المهمات. ولسوف يكون على القطر المصري -كإقليم
قاعدة مركزي محوري- أن يستعيد
روحه، وأن يستجيب مجدداً لما
أعدته ونذرته له الجغرافية
والتاريخ والهوية من مكانة ودور
وتطلعات. ========================= صبحي غندور* • مهما توفّر من
أفكار جيدة في الساحة العربية،
فإن وجود الفكرة وحده لا يكفي.
فالفكرة، كي تتحوّل إلى دعوة
ناجحة، تتطلّب وجود أربعة عناصر
لهذه الدعوة : 1. وضوح الفكرة
وسلامتها وانسياقها مع الواقع
وانطلاقها من الأصول المبدئية
للهويّة الثقافية العربية
ولمضمونها الحضاري، لا من
الفروع التفصيلية الموجودة
فيها. 2. وجود الدعاة
والمفكرين والمثقفين الذين
يحملون هذه الفكرة وسلوكهم
ينسجم مع طرحهم الفكري، بحيث لا
تبرز مشكلة الانفصام بين الفكرة
والتطبيق، ممّا يجعلهم - وبما
يجب أن يتحلّوا به من كفاءة وقيم
ومبادئ - نقطة جذب للفكرة نفسها. 3. بناء مؤسسات
متنوعة المجالات، متعدّدة
الرؤى لأساليب العمل،
ديمقراطية الأسلوب والبناء
الداخلي . 4. رفض استخدام العنف
بكافّة أشكاله في أسلوب الدعوة
للفكرة والتعامل مع الظروف
المحيطة بحكمة ومرونة من أجل
محاولة تحسين هذه الظروف لتنسجم
مع إمكانات الدعاة ومؤسساتهم . • إن التوافق على
فهم مشترك لمعنى أي مصطلح فكري
هو المدخل الأهم لأي حوار أو عمل
يستهدف تحقيق نهضة عربية.
فالتشويه حدث ولا يزال في
البلاد العربية لمصطلحات فكرية
ولمفاهيم كانت هي الأساس في
تغيير إيجابي بكثير من أرجاء
الأمَّة العربية، وفي مراحل
زمنية مختلفة، بينما تنتعش
مفاهيم ومصطلحات أخرى تحمل
أبعاداً سلبية في الحاضر
والمستقبل إذا ما جرى الركون
إليها أو التسليم بها. فمصطلح
"الشرق الأوسط" أصبح أكثر
تداولاً الآن من تعبير "الأمَّة
العربية". ومصطلح "المصالح
الطائفية والمذهبية" أضحى
أكثر انتشاراً من الحديث عن "المصلحة
الوطنية أو القومية". • هناك رؤى خاطئة
عن "المثقّفين العرب" من
حيث تعريفهم أو تحديد دورهم.
فهذه الرؤى تفترض أن "المثقّفين
العرب" هم جماعة واحدة ذات
رؤية موحدة بينما هم في حقيقة
الأمر جماعات متعدّدة برؤى
فكرية وسياسية مختلفة قد تبلغ
أحياناً حدَّ التعارض والتناقض.
وتوزيع دور هذه الجماعات لا
يصحّ على أساس جغرافي أو
إقليمي، فالتنوّع حاصل على
معايير فكرية وسياسية. و"المثقّف"
هو وصف لحالة فرديّة وليس
تعبيراً بالضرورة عن جماعة
مشتركة في الأهداف أو العمل. قد
يكون "المثقّف" منتمياً
لتيّار فكري أو سياسي يناقض من
هو مثقّف في الموقع المضاد لهذا
التيّار، وكلاهما يحملان صفة
"المثقّف"!. • كلمة "المثقف"
يمكن استخدامها ككلمة "اللون"،
إذ هناك حاجة لوضع كلمة أخرى
تُحدد المعنى المطلوب كالقول
"اللون الأحمر" أو "الأخضر".
لذلك من المهمّ تحديد صفة
المثقف العربي المُراد الحديث
عن مسؤوليته. فهو "المثقّف
الملتزم بقضايا وطنه أو أمته"،
أي الجامع لديه بين هموم نفسه
وهموم الناس من حوله، كما الجمع
عنده بين العلم أو الكفاءة،
وبين الوعي والمعرفة بمشاكل
المجتمع حوله. أي أن "المثقف
الملتزم" هو "طليعة" قد
تنتمي إلى أي فئة أو طبقة من
المجتمع، لكن تحاول الارتقاء
بالمجتمع ككل إلى وضع أفضل ممّا
هو عليه. لذلك من الأجدى دائماً
وضع تعريف فكري أو سياسي برفقة
صفة "المثقّف"، كالقول هذا
"مثقف إسلامي أو علماني أو
قومي أو ليبرالي".. الخ، وليس
اعتماد الحالة الجغرافية
كدلالة على المشترك بين
المثقّفين. وما ينطبق على تعريف
"المثقفين العرب" يصحّ
أيضاً على المثقّفين داخل كل
بلد عربي. فالحديث عن "المثقّفين
اللبنانيين" أو "المصريين"..
لا يعني وجود توافق فكري أو
سياسي بينهم يستوجب منهم عملاً
مشتركاً. • إنّ الكفاءات
العربية تحتاج، كي تبدع الآن في
المنطقة العربية، إلى شعار جديد
تضغط على الحكومات العربية
لتنفيذه بين دولها: "دعه يمر..
دعه يعمل.. دعه يفكر.. دعه يقول"،
وفي تنفيذ هذا الشعار إسقاط
لعناصر التقسيم والتشرذم
والبطالة والاستبداد، وتجميد
لنزيف الأدمغة العربية وهجرتها
إلى الخارج. • إنّ الاصلاح
والتصحيح والتغيير كلّها مسائل
مطلوبة وممكن تحقيقها لكنّها
غايات للعمل على المدى الطويل
وليست بالعمل الفردي وحده، أو
بمجرد التنظير الفكري لها. لكن
في كل عمليّة تغيير هناك ركائز
ثلاث متلازمة من المهمّ
تحديدها، وهي: المنطلق،
الأسلوب، والغاية. فلا يمكن لأي
غاية أو هدف أن يتحقّقا بمعزل عن
هذا التّلازم بين الرّكائز
الثلاث. أي أنّ الغاية الوطنيّة
أو القوميّة لا تتحقّق إذا كان
المنطلق لها، أو الأسلوب
المعتمد من أجلها، هو طائفي أو
مذهبي أو مناطقي. ولعلّ في تحديد
(المنطلقات والغايات والأساليب)
يكون المدخل السليم لدور أكثر
إيجابيّة وفعاليّة ل"المثقف
العربي الملتزم بقضايا أمته".
• الأزمة في
الثقافة العربية هي جزء من أزمة
العرب بشكل عام. فالثقافة
العربية الراهنة تعاني مشكلة
ضياع الهويّة لدى العرب
والتعارض القائم بين واقع
إقليمي من جهة وبين مضمون ثقافي
عربي مشترك من جهة أخرى. أيضاً،
العرب بشكل عام يعانون أزمة
غياب الديمقراطية، فالناس، وهم
أصلاً هدف أي ثقافة، يحيط بهم
سياج من المفاهيم الخاطئة
والاستبداد السياسي. لذلك يُصبح
بديل عدم إمكان الاحتكاك
المباشر مع الناس هو الحلقات
السرية المنعزلة عن الشعب في
ظلّ ارتباط بعض المثقفين العرب
بالحزبيات الضيقة ووجود نسبة
كبيرة من الأمّية التي تمنع
وصول الكلمة المكتوبة من
المفكّر إلى عامّة الناس. • للأسف، فإنّ
الواقع العربي ومعظم الطروحات
الفكرية فيه، والممارسات
العملية على أرضه، لا تقيم
أيضاً التوازن السليم المطلوب
بين ثلاثية الشعارات:
الديمقراطية والتحرّر ومسألة
الهويّة العربية. فالبعض يدعو
للتحرّر ولمقاومة الاحتلال لكن
من منابع فكرية فئوية أو من
مواقع رافضة للهويّة العربية.
أيضاً، هناك في المنطقة العربية
من يتمسّك بالهويّة العربية
وبشعار التحرّر من الاحتلال لكن
في أطر أنظمة أو منظمات ترفض
الممارسة الديمقراطية السليمة.
بل هناك من يعتقد أنّ وحدة
الهويّة العربية تعني بالضرورة
آحادية الفكر والموقف السياسي
فتمنع الرأي الآخر وتعادي
التعدّدية الفكرية والسياسية
التي هي جوهر أي مجتمع ديمقراطي
سليم. فهناك اختلال كبير في
المنطقة العربية بكيفية
التعامل مع شعارات الديمقراطية
والتحرّر والهويّة العربية،
وفي ذلك مسؤولية عربية مباشرة
وليس فقط نتيجة تدخّل خارجي.! إنّ البلاد العربية هي أحوج ما تكون الآن
إلى بناء مؤسسات وروابط وحركات
عروبية ديمقراطية تحرّرية
تستند إلى توازن سليم في الفكر
والممارسة بين شعارات
الديمقراطية والتحرّر الوطني
والهويّة العربية، مؤسسات
فكرية وثقافية وسياسية تجمع ولا
تفرّق داخل الوطن الواحد، وبين
جميع أبناء الأمَّة العربية..
وإذا ما توفّرت القيادات
والأدوات السليمة يصبح من السهل
تنفيذ الكثير من الأفكار
والمفاهيم والشعارات .. *مدير "مركز الحوار العربي"
في واشنطن ========================= زاهر الزبيدي خمسة عشر ألف طن من المواد السامة الخطرة
تجمعت لدى القوات الأمريكية
خلال السبعة سنوات المنصرمة
قامت بالتخلص منها من خلال
طمرها في الأراض العراقية حيثما
تواجدت قواعدها البالغة 500
قاعدة أمريكية ، هذا ما أعلنه
الجنرال كيندل كوكس ، المسؤول
عن الشؤون الهندسية والبنى
التحتية في العراق حيث أوضح انه
كان مشرفاً على عملية التخلص منها ! هناك جانبان مهمان في تلك القضية فالجانب
الأيجابي أنهم أخبرونا عنها
وهذا أمر مهم على الرغم من أنهم
قد يكونو أخبرونا عن بعض تلك
المواد ولم يخبرونا عن المواد
الأكثر سمية وفتكاً وهي المواد
المشعة أواليورانيوم المنضب !
والجانب السلبي في القضية هو
مخاطرها التي دبت أعراضها تنهش
في جلود العراقيين الساكنين في
المناطق القريبة من أماكن الطمر. فأذا كانت تلك النفايات قد دفنت في التربة
فستكون المياه الجوفية معرضة
للتلوث وبالتالي تهدد الغطاء
النباتي محدثتا خللا في السلسلة
الغذائية وزوال الغطاء النباتي
وظهور ظاهرة التصحر والانجراف
وكذا تدهور الإنتاج والمستوى
الاقتصادي ناهيك عن الأثار التي
تتسبب بها المواد الكيمياوية
المختلفة الناتجة عن نوعية
المواد المطمورة والتي قد تضم
في أنواعها ( مركبات
الكلوروفورم والبروموفورم و
الكلورو فينول و الديوكسينات
والأكاسيد الحمضية الكبريتية
مثل أكاسيد الكربون و الغازات
سامة مثل غاز الميثان كذلك فأن
الكثير من المعادن الصلبة
الداخلة في صناعة بعض المعدات
المطمورة مثل الزئبق والرصاص
والزرنيخ والكادميوم
والسيلنيوم، الباريوم، الكلور،
الفضة، المركبات العضوية
والبنزين الإيثيلي من اخطر
المواد ) . أغلب المواد أعلاه تتسبب بحالات مرضية
خطيرة اهمها التشوه الجيني الذي
يتسبب لاحقاً بالولادات
المشوهه ناهيك عن الأمراض
الجلدية قد يؤدي تعرض البشر على
المدى المتوسط لمستويات عالية
من الديوكسينات إلى إصابتهم
بآفات جلدية ,واختلال وظيفة
الكبد كما تؤدي الى حدوث اختلال
في الجهاز المناعي
والجهازالصماوي وعرقلة تطور
الجهاز العصبي والوظائف
الإنجابية وقد تتسبب أيضاًُ في
أنها قد تسبب الإصابة بسرطان
القولون والمستقيم والمثانة
وأنواع السرطانات الأخرى غير
تلك التي أعتدنا عليها ! ومن جانبنا نعتقد بأن هذا الطمر لايمثل
إلا هدية بسيطة من القوات
الأمريكية بعد مسلسل الهدايا
التي عودتنا بين الحين والحين
على تقديمها لأطفال العراق
وشعبه .. على أمريكا أن تكون على
أعلى قدر من مستوى المسؤولية
تجاه العراق على أقل تقدير
وتقوم بتحمل كافة الكلف
المترتبة على إزالة تلك
النفايات أو معالجتها بما يكفل
عدم ظهور أي أثر لها أو حتى
نقلها الى خارج أرض العراق
المبتلى ، أن تلك النفايات أن
أبقت ستضيف ذكرى أليمة وكبير
أضافة للذكريات التي تركتها على
أرض العراق . وعلى الحكومة أن تبدأ بفتح كل الملفات
العاقلة أو تلك التي عُلقت
عمداً بما فيها مكافحة الألغام
والمعالجة أرتفاع نسبة
اليورانيوم المنضب الذي
أستخدمته في صواريخها المضادة
للدروع وعلى وزارة البيئة من
جانبها أن تعيد تقيسس نسبة
الأشعاعات بين الحين والآخر
وحتى التأكد من خلو العراق منها
.أنها مسؤولية وطنية على مستوى
عال من الأهمية فلا شيء يضاهي
بالأهمية حياة العراقيين . =========================== بقلم : رياض خالد الأشقر كاتب من غزة تلقيت بسرور نبأ هلاك الحاخام الأكبر في (إسرائيل)
والزعيم الروحي للحركة
الصهيونية الدينية " مردخاي
الياهو " قبل يومين ، ومنبع
هذا السرور ليس لأنه صهيوني
محتل، لكن لان هذا الهالك كان
يُعرف بحقده وعدائه الشديد لأهل
غزة، وطالب حكومته بحرق غزة بما
فيها، ودعا خلال الحرب الأخيرة
التي شنها الاحتلال على القطاع
إلى استمرار تلك الحرب لأنها
مشروعة، ولان جميع سكان غزة
يتحملون المسؤولية لأنهم لم
يفعلوا شيئاً من شأنه وقف إطلاق
الصواريخ على اليهود في سديروت
"، ومن أقواله "أن المس
بالمواطنين الفلسطينيين
الأبرياء أمر مشرع ". هلك مردخاى وبقيت غزة شامخة عزيزة كريمة ..
هلك مردخاى وانتصرت غزة على
جميع أعدائها بكل ألوانهم
وأشكالهم وأسمائهم .. هلك مردخاى
واندحر وارتفعت غزة التي كان
ينادى بحرقها، ارتفعت لتصل عنان
السماء بكبريائها، وعظمتها،
وجهادها، وصبر أهلها الأشداء
على المحن، المتجاوزين لكل
الصعاب مهما كبرت . أرادوا لغزة السوء والحصار والخنق
والدمار، ولكن الله سبحانه
وتعالى أراد شيئاً أخر وكانت
مشيئة الرحمن نافذة " ويمكرون
ويمكر الله والله خير الماكرين"
فهزمتهم غزة في 2005 ، واندحروا
هاربين رغم معارضه الهالك "مردخاى
" الشديدة وأنصاره لذلك
الانسحاب "المخزي" كما
اسماه ... ثم هزمتهم غزة في 2006 من
خلال صناديق الاقتراع حين
اختارت طريق المقاومة ، وشكلت
مجلساً تشريعاً مغايراً لذلك
الذي رسم له الاحتلال السياسات
ووضع له المناهج ، ليشرع
المقاومة ويعيد الاعتبار لها،
ويوقف مشاريع التسوية والتفريط
والاستسلام ... ثم هزمتهم غزة في
نفس العام 2006 ، حين أسرت شاليط،
وجَّرته "كخروف العيد " من
بين ارتال الدبابات، وتركت من
خلفه بين قتيل وجريح، وأظهرت
ضعف وفشل استخباراته حين أخفته
عن العيون طوال 4 سنوات... ثم
هزمتهم غزة في 2008حين أفشلت كل
الرهانات على تأليب الشارع ضد
حماس وحكومتها في غزة، ومحاولة
إقناعه الناس بأنها جلبت لهم
الدمار والحصار والجوع ... ثم
هزمتهم غزة حين قاومت أبشع
وأطول حصار في التاريخ شارك فيه
القريب والبعيد والأخ وابن
العم، وهزمتهم حين نبشت الصخور
في رفح وجلبت الحليب والمواد
الغذائية للمحاصرين وأوصلت
شريان الحياة لهم لكي تستمر
المقاومة ويدوم الصمود ..ثم
هزمتهم غزة في 2009 حين صمدت في
وجه أسلحة الدمار من الفوسوفور
والصواريخ الموجهة ، لتخرج من
تحت الركام بعد 23 يوماً من القصف
المتواصل أكثر قوة وتصميماً ،
ورد الله الاحتلال خائباً لم
ينل شاليط أو يوقف الصواريخ أو
يسقط حماس .. ثم هزمتهم غزة
اخيراً بحشد أساطيل المتضامنين
، وفى مقدمتهم أسطول الحرية
الذي قلب الطاولة فوق رؤوسهم
بعد أن وصلت الروح إلى الحلقوم ..
وغير معادلة المنطقة .. وادخل
الاحتلال في حسابات جديدة لم
يكن يحلم بها .. الأمر الذي دفعه
إلى إعادة النظر في الحصار ..
ودفع أطراف أخرى عربية وأوربية
إلى التدخل للملمه تبعات تلك
الجريمة، بعد أن أدركوا تماماً
استحالة قتل أو هزيمة غزة أو
التأثير على مواقفها. هذه هي غزة .. قوية بإيمانها شامخة بعزتها
لا تثنيها العواصف ولا تزحزحها
النوائب .. وكلما مرت في أزمة كان
الفرج من الله قريب . فلكم
البشرى أهل غزة .. ولكم النصر
والتمكين قريباً إن شاء الله . ============================ زكريا محمد فجأة تتحول غزة إلى عقدة الميزان. الحجر الذي رماه البناؤون يصبح حجر
الزاوية. قطعة العذاب التي تدعى غزة تصير بؤرة
الصراع. ليس فقط أن أنصار الحرية والسلام من
يجمعون أساطيلهم وتصبح غزة
محجتهم، بل إن كل طرف إقليمي
يريد أن يكون له وجودا على حدود
غزة. تركيا تدفع بحدودها إلى
غزة، وتقيم نقطة لها هناك. إيران
تدفع بحدودها خطوة، وتحاول
إرسال رئيس برلمانها إلى هناك.
وربما أتى وقت يتقدم فيه آخرون. غزة تتحول إلى بؤرة الصراع. غزة تصبح مقياس الحجوم والحدود، إضافة
إلى أنها تترسخ كمقياس
للإنسانية. كل من يريد أن يفرض
حجمه وأن يوسع حدوده يبحث له عن
وجود عند معبر رفح أو ميناء غزة
المدمر. ثمة فراغ نشأ، بفعل
تراجع أمريكا وارتباك (إسرائيل)،
وهذا الفراغ سيملأ. وكل من يريد
أن يجد له حصة من هذا الفراغ
عليه أن يضع قدما له في غزة. لذا
تتابع الأحداث، ويدفع بعضها
بعضا، بشكل يقطع الأنفاس. من كان
يتصور مثل هذا قبل عام أو عامين؟
أين تتجه الأمور، إذن؟ لسنا ندري. فهنا، في غزة، ساحة لاختبار
المستقبل، وساحة لاختبار
الإرادات. لكن ما ندريه أن
الماضي، ماضي حصار غزة والتمثيل
بجثتها قد انتهى، او هو على وشك
الانتهاء. سلطة عمياء السلطة الفلسطينية، سلطة رام الله، تبدو
مربكة مثلها مثل (إسرائيل) تجاه
ما يجري. السلطة التي تواطأت مع
الحصار، أو على أقل تقدير سكتت
عنه، تريد الآن أن تخففه وأن
تحافظ عليه في الوقت نفسه. لا
تريد له أن ينتهي نهائيا. وهي
تبرر ذلك بحجج وطنية. وقد صاغت
هذه الحجج في شعار: (رفع الحصار
ومنع الانفصال). رفع الحصار هنا
مشروط بمنع الانفصال. كأن رفع
الحصار عن غزة سيؤدي إلى انفصال
غزة عن الضفة! كأن الحفاظ على
نوع من الحصار هو ضمان وحدة
الضفة وغزة! هذا المنطق عاد بنا الآن إلى الجدال الذي
دار قبل سنوات بعد أن سيطرت حماس
على غزة. وهو منطق يقوم على
افتراض أن فتح معبر رفح من دون
موافقة (إسرائيل) يعني انفصال
غزة عن الضفة. أي أن وجود (إسرائيل)
على معبر رفح هو ضمان وحدة الشعب
الفلسطيني، وهو إسمنت وحدة
الشعب! لا يا سادتي. غزة أصلا منفصلة عن الضفة.
منفصلة من كل النواحي بسبب (إسرائيل).
(إسرائيل) هي التي تفصل غزة عن
الضفة. عليه، ففتح معبر رفح،
فتحا كاملا ومن دون وجود (إسرائيلي)
عليه، لن يكون تهديدا لوحدة
الضفة وغزة. إذ من قال أن على غزة
أن تبقى تحت الاحتلال لأن الضفة
تحت الاحتلال؟ وكما تساءل صديق:
أعلى صديقي أن يمرض إذا مرضت
أنا؟ على العكس إذا كان سليما
فهو أفضل لي. هو يمكن أن يساعدني
حينها. بالطبع يتبقى موضوع الانفصال السياسي،
وهذا أمر يتعلق بمنظمة التحرير
وعدم قدرتها على أصلاح نفسها
لتشمل كل القوى الفلسطينية، ولا
يتعلق بمعبر رفح. لا يمكن فرض
سلطة رام الله على الكل عن طريق
معبر رفح. أي في الواقع عن طريق
زرع (إسرائيل) على هذا المعبر. الانفصال السياسي يتعلق بإصلاح منظمة
التحرير لا بمن يسيطر على معبر
رفح. ويمكن لمنظمة تحرير موحدة،
وتعبر عن كل شعبها، أن تنشئ سلطة
في منطقة محررة هي غزة، وان تقود
الضفة الغربية تحت الاحتلال،
معا. يكمن لرئيس منظمة التحرير
أن يقيم مقره في المنطقة
المحررة، أي في غزة، وان يقود
الضفة من هناك. أنتم من قال في ما
مضى أنه يمكن إقامة دولة ولو عدة
أشبار محررة. كنتم تقولون: دولة
ولو على أريحا. فلماذا ترفضون أن
تقام سلطة محررة على غزة.
المشكلة عنكم تكمن في من يقود
هذه السلطة. تمام. لكن حل مشكلة
من يقود غزة لا تحل بوجود (إسرائيلي)
على معبر رفح. انتم تريدون تأبيد
وجود (إسرائيل) على معبر رفح كي
تضمنوا سيطرة ما لكم على غزة.
يعني ان الأمر لا يتعلق بوحدة
غزة والضفة، بل بمصلحتكم. وأنتم
تريدون فرض هذه المصلحة بقوة (إسرائيل)،
وقوة وجودها على معبر رفح. (إسرائيل) تدعي أنها انسحبت من غزة. وإذا
كان هذا صحيحا فعليها أن لا
تطالب بوجود لها على معبر رفح.
يجب أن نمنعها من الوجود هناك،
لا أن نرغم حماس على قبول هذا
الوجود. يجب أن يتم تحرير غزة
نهائيا من وجود (إسرائيل). وإذا
ما رفض المصريون فتح المعبر
فعلينا أن نفتح مطار غزة وميناء
غزة. فلماذا على فلسطينيي غزة أن
يشحذوا من نظام مبارك العبور
عبر معبر رفح؟ لماذا عليهم أن
يشحذوا عبور البضائع عبر
المعابر (الإسرائيلية)؟ يجب أن
يطيروا من أرض غزة، وان يبحروا
من مياهها. العالم لا يقبل هذا؟ نعم، لكن علينا أن
نقنعه، أن نضغط عليه كي يقبل أن
يكون لغزة معابرها الخاصة على
الكون، لا أن نرضخ لما تريد (إسرائيل).
)إسرائيل) خرجت جزئيا من غزة. ومهمتنا أن
نخرجها نهائيا منها. أي أن نتوقف
عن استخدام المعابر )الإسرائيلية)، وبالشروط (الإسرائيلية).
من قال إن على فراولة غزة أن
تصدر عبر موانئ (إسرائيل)؟ لا،
عليها أن تصدر من ميناء غزة.
معبر رفح مهم لعلاقتنا بالعالم
العربي، لكن أهل غزة يستطيعون
أن يسافروا من ميناء غزة بعد
إعادة بنائه. كما أنهم يستطيعون
السفر عبر البحر من ميناء غزة.
ليسنا مخيرين بين رفح وكارني.
السلطة العمياء، ومعدومة
الحيلة، هي التي تعتقد انه لا
خيار لنا غيرهما. وبدل من أن
تتقدم من العالم وتقول له: هيا
افتح ميناء غزة ومطار غزة،
تجعلنا نعلق إلى الأبد على
معبري رفح وكارني. يقول المصريون: لن نسمح ل(اسرائيل) برمي
غزة في حضننا. ويحلم (الإسرائيليون)
برمي غزة عن ظهرهم. أما السلطة
فتصطف مع مصر مبارك. لا يا
سادتي، غزة لا يجب أن تكون عالة
على أحد. يجب أن يكون لها
ميناؤها ومطارها. تسافر منه،
وتصدر منه، وتستورد منه. وهذا
سيعجل من تحرير الضفة. بالطبع، هذا لا يلغي أي عبء عن (إسرائيل).
وهو لا يمنع من مطالبتها بدفع
تعويضات عن سنوات احتلال غزة،
وعن استغلال أرضها ومياها، وعن
تدمير بنيتها التحتية. غزة يجب أن تتحرر نهائيا. ولا يهمني أبدا
أن تقاد من رام الله. منظمة
التحرير، بعد إصلاحها، تستطيع
أن تقودها من الشجاعية، أو حي
الزيتون ======================== تأملات في "الهذيان
الذهني"...! الدكتور عبدالقادر حسين ياسين* نشرت صحيفة "Die
Welt am Sontag" الألمانية مقالا للكاتب والروائي
الألماني الأشهر غونثر غراس
الفائز بجائزة نوبل للآداب
تساءل فيه عن مدى متابعة القراء
للصفحات الأدبية والثقافية
المتخصصة ومدى استفادتهم منها. وخلص الدكتور غراس إلى القول إن معظم ما
ينشر في هذه الصفحات يتصف إما
بالمجاملة والتغطية المؤقتة أو
بالتدليل المخل أو الادعاء
الجاهل. وأعتقد بأن ذلك التساؤل دلالة صحيحة على
التفاعل الخلاق بين الكاتب
والقراء، وفي الوقت نفسه تنبيه
لضرورة القيام بدراسة أوضاعنا
الثقافية دراسة متعمقة لا تقوم
على مبادرة فردية . ولا أزعم
أنني أستطيع القيام بمثل هذه
المبادرة لأنني
والحق يقال
لست مؤهلا لذلك. ولكن تساؤل الروائي الألماني ملحّ ،
ولهذا سأقصر ملاحظاتي في هذه
العجالة على محاولة للإجابة. إن
الكاتب الذي يشعر بان لديه شيئا
مفيدا يقوله ، والذي يحاسب نفسه
على كل كلمة يكتبها ويلتزم بها،
هذا الكاتب لا بد أن يسأل نفسه
هذا السؤال: لمن نكتب؟ لم أكن يوما من المؤمنين بالتوجه الى ما
يسمى ب "النخبة" Crème
de la Crème ... إن الكاتب الحقيقي ، في رأيي
المتواضع ، هو الذي يقدم
إبداعاً صادقاً ينبغي أن يكون
متصلاً بحياة شعبه وبطبيعة بلده
اتصالاً عميقاً ووثيقاً ،
وينبغي أن يعبر عن علاقته هذه
بأشكال يبدعها هو من خلال
معاناته، ودراسته لتفاصيل تراث
بلاده ، وأساليب معيشة شعبه،
وطرائق حواره مع أشياء الكون...دون
إسقاط لحياة أي شعب آخر على حياة
شعبه ، أو انبهار بعادات
وتقاليد شعوب أخرى... وأعتقد بأن على الكاتب الملتزم بقضايا
شعبه أن يعانق بحب حياة شعبه
الخاصة في ماضيها وحاضرها، وأن
يقدمها في لوحات فنية رائعة،
وبصوت فيه الاعتزاز والجرأة .... وهذا ، للأسف الشديد ، هو ما نفتقده في
الكثير من الأعمال الأدبية
العربية التي نقرأها اليوم. ان مثل هذا الطرح الإبداعي هو الطريق
الحقيقي لإضافة شيء ما إلى كنوز
الثقافة الإنسانية، فما أجدر
الكتاب العرب اليوم إلى استلهام
مثل هذه الروح، وهذه الشفافية . مشكلة بعض الكتاب العرب أنهم "مبهورون"
بالموضوعات الكبيرة، ويعتقدون
أن الموضوع الكبير كفيل ب "خلق
تجربة كبيرة" في الأدب...
ولهؤلاء أقول أن الشاعر أو
الروائي الحقيقي ينبغي أن
يتفاعل مع محيطه الصغير الذي
يعرفه حق المعرفة ، من خلال
علاقة حب صادقة تستهدف تطويره
وإغناءه، وبقدر اتساع هذه
العلاقة وصدقها يكون المبدع
قادراً على مخاطبة الإنسانية
عامة، وقادراً على أن يلمس
بأجنحته القارات الأخرى، فإذا
لم تثبت أقدامك في تربتك فإن أي
ريح تهب ستقلعك لا محالة. فعندما يعشق المبدع وطنه ، ويفهمه ، ويعمل
على تطويره في كل لحظة من لحظات
العمر ، يستطيع أن يسهم في تشكيل
عالم أجمل وأغنى وأرحب، عالم
تسوده الحرية والعدالة
والمساواة. بعض الأدباء العرب "مبهورون" ب "ما
وراء الحداثة" Post-Modernism ... وهذا "الانبهار" يدفعه
، مثلا، لأن يُدون ملاحظات
فكرية مشوشة لديه .... فيجمعها
ويركبها كيفما اتفق، وتكون
النتيجة : مقالة في "المنهج"
يعوزها المنهج ، أو بحثاً في "التاريخ"هو
أقرب ما نفسر مبتغى صاحبه
السياسي من أن يكون استقراء
للماضي بأدوات علمية محايدة، أو
مقالة في "الشعر" ليست أكثر
من ترجيع باهت لأفكار ونظريات
مجَّها الغرب في الثلاثينات
والأربعينات من القرن الماضي ... وبعضهم يتقيأ ويتحفنا ب "إبداعات"
يكتبها من باريس (" بلد النور
والعطور!! ") معتقدا بأنه
فكتور هوغو أو أندريه مالرو... مع
أنه عاجز عن أن يقرأ لهذين
العملاقين سطراً واحداً
بلغتهما الأصلية!! وهكذا قُلْ في الكثير من "المعالجات"
ذات الطابع "لفكري" أو "الثقافي"،
لا سيما ما يتعلق منها بشؤون
التراث، والحداثة،
والانثربولوجيا، والبنيوية...
وغيرها من مناهج التفكير التي
استهلكتها أوروبا لعقود خلت،
تنقل إلينا على أساس أنها آخر
"موضة" فكرية ونظرية ،
وشاركت في إبداعها مخيلة هؤلاء
الأساتذة العباقرة الذين لا
يجود الزمان العربي بمثلهم . لماذا لا يفرح بعض الكتاب العرب إلا إذا
كان على متن طائرة تحلق به
باتجاه جبال الألب السويسرية؟ ولماذا لا يكون البعض سعيداً إلا إذا
استحضر مدن التخيل والوهم؟ إن محنة الكاتب العربي بشكل عام ،
والفلسطيني بشكل خاص ، تتحدد في
انفصاله عن جذوره ، والأرض التي
أنبتته، وعظمته تترسخ عندما
يغرس أقدامه في تراب وطنه
للالتحام به، والذوبان في حياة
شعبه... بعض الشعراء العرب "المحدثين" لا
ينفك يتوغل في تعقيد يلغي أي
تواصل بين القراءة والقدرة على
التصور. وعندما يتصفح القارئ
ديوان أحد هؤلاء " الشعراء"
يجد نفسه أمام نص "هيروغليفي".
الأمثلة كثيرة ، ولا يتسع
المجال في هذه العجالة لذكر
المزيد من هذه "المعلقات"
الخالدة... وأعتقد أن أفضل عبارة
يمكن أن نصف بها هذا النوع من
الصور الشعرية هي "الهذيان
الذهني" . إنها مجرد فاعلية ذهنية تنتهك المتجذر من
الرموز الحياتية والوعي الفردي
والجماعي ، ولا هدف لها لا من
حيث الشكل ولا المضمون . كان رابندرانات طاغور (1861 – 1941) ، شاعر
البنغال الأعظم وفيلسوفهم
الأشهر ، والفائز بجائزة نوبل
للآداب عام 1913 ، يتقن عشر لغات
منها السنسكريتية ، لغة الهندوس
المقدسة ، ولكنه كان يكتب بلغة
بسيطة جدا يفهمها ويستوعب
معانيها عشرات الملايين من
الأميين الهنود . وعلى الرغم من
مرور 70 عاما على وفاته فما زال
الفلاحون الأميون في الهند
يحفظون اشعاره عن ظهر قلب . ان الشاعر أو الأديب الذي لا يرحم قدرة
القارئ على الادراك (وهي قدرة
محدودة حتما ) فانه سيضيع في
نسيج هذيانه ويختنق ... يقول الكاتب الأسباني المعروف خوسيه
دونوزو ، صاحب الأعمال الروائية
المشهورة "العائلات المقدسة"
، "الاختفاء الغامض" ، "التويج"
وغيرها، انه في مطلع حياته
الأدبية كان يمارس كتابة الشعر .
وحدث ان قدَّم لناشر إسباني
معروف مجموعة من أشعاره ، لكن
الناشر ما لبث بعد مدة ان أعادها
إليه ، بعد أن كتب في أعلى
الصفحة الأولى من الديوان عبارة
واحدة فقط : "ليس هذا بالحدث
الادبي الكبير". ترى، كم من الأشعار والروايات التي
تقدَّم لدور النشر العربية هذه
الأيام وتطبع وتوزع ب "الآلاف"
، ولكنها ليست بالحدث الأدبي
الكبير او الصغير ؟ رأفة بإلقراء أيها السادة الأفاضل ! ارحمونا، يرحمنا
الله وإياكم ! * كاتب وأكاديمي فلسطينى مقيم
في السويد. ============================== تبدلت الأدوار واسرائيل
تتصرف بردود الأفعال بقلم : واصف عريقات خبير
ومحلل عسكري انقضى الى غير
رجعة الزمن الذي كانت فيه
اسرائيل (الفاعل) اللاعب
الرئيسي في صنع الأحداث
وفبركتها وبالطريقة التي تخدم
مخططاتها وتتلائم مع العقلية
الغربية، لدرجة تصديقهم
اسرائيل اذا قالت ان الشمس في
الشرق الأوسط تطلع من الغرب
وتغيب من الشرق، لسبب بسيط وهو
أن اسرائيل زرعت في أذهان الغرب
أنها الأمتداد الطبيعي لهم
ولديموقراطيتهم وحضارتهم،
وأنها الخندق الأمامي للدفاع
عنهم وعن مصالحهم، من المحيط
العربي والاسلامي المتخلف، في
لحظة تاريخية وفرصة لن
تتكررتلاقحت مع تخوف "كامبل
بانرمان" رئيس وزراء
بريطانيا ووزراء خارجية الغرب(فرنسا
واسبانيا وألمانيا) حينما زاروا
المنطقة وكتبوا تقريرا عام 1907
في اجتماعهم بلندن. قالوا فيه:"زرنا
منطقة الشرق الأوسط فوجدنا فيها
أمتين (عربية واسلامية) إذا ما
توحدتا فستغلق علينا المنطقة
الى الأبد فلا بد من زرع جسم
غريب فيها يفصل بين شرقه وغربه
مركزه فلسطين ويكون ولاء هذا
الجسم للغرب لا للشرق وظيفته
خلق حالة من اللاتوازن في
المنطقة وإعاقة قيام أي نهضة
عربية وإسلامية " فالتقط
الصهاينة هذا التقرير واستغلوه
أبشع استغلال حيث دقوا على
صدورهم وقالوا : "نحن لها"
وبدأت المساعدات العينية
والأموال تتدفق عليهم وبدوأ
مشوار الأحتلال بعزم واصرار
ودعم اوروبي أمريكي بلا حدود،
وفي العام 1912 أنشأ معهد التقنية
(تخنيون) في فلسطين على شرف
العالم الفيزيائي "ألبرت
أنشتاين" بحضور "حاييم
وايزمان" ليكون نواة تقدم
اسرائيل العلمي العدواني، ومع
وعد بلفور عام 1917 بدأ القادة
الصهاينة بالتفكير الجدي
لترجمة شعارات بعض قياداتهم
التي برزت على السطح مع احتلال
الأراضي العربية عام 1948 وفي
مقدمتها أن اسرائيل جيش بنيت له
دولة، هذه الأكذوبة
الاسرائيلية لم يتمكن العرب
طيلة عقود من الزمن تعريتها
ودحضها نظرا لعدم اتفاقهم
وتوافقهم من جانب، ومن جانب آخر
قدرة الماكنة الأعلامية
الاسرائيلية على خداع العالم،
لكن الممارسات الاسرائيلية
وجرائم الحرب الأخيرة التي
ارتكبوها جاءت فوق طاقة هذه
الماكنة، فكشفها من خدع بها
وصدقها طيلة الوقت الفائت، وهنا
سبقت الشعوب قياداتها في هذا
الإكتشاف وهي من أثر عليهم وضغط
ولو بنسب متفاوته لتغيير
مواقفهم، وهي بالتأكيد لم تعد
كما كانت عليه في الماضي. أخطأ كامبل بانرمان مرتين، في المرة
الأولى عند قبوله وربعه
الأوروبيين الحل الصهيوني
ودعمهم لهم في احتلالهم اراضي
العرب وبطشهم لشعوب المنطقة،
مما أدى الى ما هو عليه الموقف
الآن، والخطأ الثاني في تقييمه
للموقف حيث لم يتوافق أو يتضامن(ولا
أقول يتوحد ) العرب والمسلمين
فقط بل ومعهم تضامن كل أحرار
العالم ومن أصقاع الكرة الأرضية
الأربعة، في مواجهة الغطرسة
الإسرائيلية، ومعه جاء البرهان
أن هذا التضامن والتوافق العربي
الاسلامي العالمي يفتح الطرق
لهم على المنطقة وعلى العالم
ولا يغلقها كما كانوا يعتقدون. اكتشف العالم كله بأن من يغلق المنطقة
طيلة العقود الماضية هي
الحماقات الإسرائيلية والتي
بلغت ذروتها مع اقتحامها
للإنسانية الدولية في أسطول
الحرية، لكنها في الحقيقة
أقتحمت من المجتمع الدولي، وها
هي الآن تواجه الشعوب والحكومات
معا وفي مقدمتها الغربية، وأخذت
القيادة الاسرائيلية تتعامل
بردات فعل غاضبة اتسمت
بالارتجال والتخبط تنتقل من
مستنقع الى مستنقع أعمق. واكتشف العالم أيضا أن بطش الجيوش لا قيمة
له أمام صمود الشعوب، فالإرادات
تتغذى مع التحدي، وهو ما لمسه
المتضامنون في اسطول الحرية،
ومع مرارة الألم الذي نتج عن
اقتحام اسطول الحرية والدماء
الزكية التي أريقت، إلا أنها
كانت المحطة الأهم التي سلطت
الضوء على حجم المعاناة
الفلسطينية وعدالة القضية
الفلسطينية، وبدأت تعلو معها
أصوات دولية واسرائيلية تحذر
وتقول إذا ما استمرت اسرائيل
بالعدوان وإدارة ظهرها للسلام
وتمردها على المجتمع الدولي
فإنها تشكل عبئا كبيرا وأكبر
مما عليه الآن على نفسها أولا،
وعلى الأمن والاستقرارفي
العالم ، والخسائر الناجمة عن
العلاقة معها والمتاجرة بها
أكثر من الربح. وفي مقدمة هؤلاء كبيرة صحافيي البيت
الأبيض" هيلين توماس" (90 )
عاما التي ضاقت ذرعا بالصلف
الاسرائيلي،حيث قالت:" على
الإسرائيليين الخروج من فلسطين
والعودة الى ديارهم التي أتوا
منها سواء كانت بولندا أو
أمريكا أو أي مكان آخر"
وعندما سئلت عن الفلسطينيين
قالت:" هم شعب محتل وفلسطين
أرضهم وليست أرضهم ألمانيا أو
بولندا".هذه الصحافية
المخضرمة أرادت أن تنهي حياتها
بهذا الموقف المبدئي الشجاع
وتعففت عن كل اغراءات البيت
الأبيض ورفضت مداهنتهم، وستسجل
لها موسوعة جينيس: "الخاتمة
المثلى ". الموقف العالمي تجاه اسرائيل تغيرسلبا،
وبذات المقدار تغير باتجاه
القضية الفلسطينية ايجابا،
وهنا تبرز الحاجة للحراك العربي
والفلسطيني لاستثمار هذا
الموقف الدولي التضامني على
الصعيد الخارجي، أما على الصعيد
الداخلي العربي والفلسطيني فهي
اللحظة التاريخية التي تستوجب
التقاطها وتجميد كل ما هو ثانوي
لصالح ماهو أساسي، والأساسي هنا
الإجماع على حل القضية
الفلسطينية، ففي حلها فكفكة لكل
العقد المستعصية، مهمة صعبة
صحيح لكنها ليست مستحيلة. ========================== كيف نفهم الموقف
الفرنسي من القضية الفلسطينية؟ احمد الفلو – كاتب عربي يتمحور الموقف الفرنسي الأخير بقرار وقف
بث فضائية الأقصى حول فكرتين
رئيسيتين أولاهما الجذور
الثقافية التاريخية المعادية
للعرب والمسلمين و التي كانت
ومازالت تهيمن على تفكير
وتوجهات القوى السياسية
الفرنسية , وثانيهما ذلك
الإفراط في التبعية السياسية
الفرنسية باتجاه الولايات
المتحدة الأمريكية ، وبرز
أخيراً عامل آخر هو التحريض على
العداء والقطيعة الذي تقوم به
سلطة عباس والنظام المصري ضد
حركة حماس. ولا يمكننا فهم
المواقف السياسية الفرنسية إلا
من خلال فهم المكونات الأساسية
للثقافة والتراث والأدب والتي
تشكل بمجموعها المضمون الفكري
والنمط المعرفي للدولة
الفرنسية شعباً و حكاماً , حيث
ارتبطت المواقف العنصرية
البغيضة لفرنسا بالمجابهات
والمواجهات عبر التاريخ وكونت
ذلك الكم الهائل من الكراهية
والحقد على العرب والمسلمين ,
ولقد تم ترسيخ أحداث تاريخية
مثل معركة بواتييه ومعركة
رونسفو و الحملات الصليبية
الثمانية في أذهان الناشئة
الفرنسية في المدارس والجامعات
على أنها ضمن(( أهم ثلاثين يوماً
صنعت فرنسا )), وتمجد القضاء
المبرم على الهمجية الإسلامية
والظلامية المحمدية والتي
تعتبر مثل هذه الانتصارات ما هي
إلاّ انتصار للحضارة على
الهمجية , وما زالت أخيلة وعقول
الساسة الفرنسيين حتى يومنا هذا
محشوة بصورة العصابات الدموية
الإسلامية المدمرة و المتوحشة
وهي تتحطم أمام بسالة حماة
الصليب ودفاعات الفرنجة ,
وبسؤال بسيط جداً موجه لأي
فرنسي من الذين يحملون بعض
الذكريات المدرسية: تأتي
بواتييه عام 732 دائما في رأس
قائمة التواريخ المعروفة إلى
جانب تتويج شارلمان عام 800م
ومعركة مارينيان في 1515م . يوضح ستيفان
دنيس الصحافي في "لو فيغارو"،
بكل هدوء أن ليس على الغرب أن
يخجل من الحملات الصليبية.
وحجته الرئيسية ) (لم أسمع يوما
عربيا يعتذر لأنه وصل إلى
بواتييه!)) أخيرا، وخلال الحملة
الانتخابية الرئاسية الأخيرة
شاهدنا على جدران المدن
الفرنسية : "مارتيل 732، لوبن
2002" وهي كلمات تحمل مدلولات
صليبية وعنصرية ضد العرب
والمسلمين , و في صف الأدب
الفرنسي ((أغنية رولان)) من خلال
سلسلة كتب "لاغارد وميشار"
الذائعة الصيت والقصة تروي
بطولات الفارسين الكارولنجيين
رولان وأوليفييه في مواجهة
العرب المتعصبين الذين
يفوقونهما عددا. وإذا لم يكن
هناك أحد يشكك في صحة حدوث معركة
رونسفو إلا أن المعروف منذ زمن
طويل أن رولان سقط وهو يواجه
محاربين من الباسك وليس من
العرب!! وقد كتب فيكتور هوغو في
كتابه "أسطورة القرون": ((شاهد
الأتراك أمام القسطنطينية
فارسا عملاقا/ درعه من الذهب
الأخضر/ يتبعه أسد داجن/ كان
محمد الثاني تحت الأسوار/ نادى
عليه: من أنت؟/ فقال العملاق:
اسمي الجنازة/ وأنت اسمك الهلاك/
اسمي تحت الشمس هو فرنسا/ سأعود
في الضياء/ حاملا الخلاص
والحرية)). إن ثماني حملات
صليبية متتالية استمرت أكثر من
قرنين من الزمن قامت بها فرنسا
بدور قيادي وأساسي عبرت عن
تفكير ظلامي حاقد كامن في لب
الثقافة الفرنسية ومدلولات
مكوناتها ضد العرب والمسلمين
ومحاولة تركيعهم وإذلالهم ومحو
عقيدتهم الإسلامية من الوجود و
السعي إلى السيطرة على مقدساتهم
في مكة والمدينة والقدس , وبعدها
أتى احتلال الجزائر عام 1830
وبقية دول المغرب العربي
ومحاولات الاستيطان الفرنسي في
الجزائر وطمس وجود اللغة
العربية والمعروف بالفرنسة ,
وهي الحرب التي كبدت الجزائر
مليون شهيد من أبنائها وكذلك
احتلال الصومال و سوريا ولبنان ,
وكأن كل هذا الحقد والتوحش لم
يكن كافياً لفضح حقيقة أكذوبة
مصطلح بلد الحرية , ويبدو أن
المقصود بهذا المصطلح هو حرية
المواطن الفرنسي بالسير فوق جثث
العرب و المسلمين , وقد بلغ
الاستعلاء واحتقار العرب إلى حد
أن ترفض فرنسا حتى تقديم اعتذار
شفهي عن المجازر والفظائع ضد
الإنسانية التي ارتكبتها في
الجزائر في الوقت الذي تصدر
التشريعات ضد كل من ينكر
الهولوكوست النازي لليهود
وكذلك الإدعاء بوجود مجازر
تركية ضد الأرمن , وهذا ما يؤكد
وجهة النظر القائلة بأن فرنسا
الصليبية الصهيونية تتخفي وراء
شعار فرنسا العلمانية. لعل قرار وقف
البث الأخير الذي اتخذته فرنسا
ضد قناة الأقصى يكشف عن هشاشة
الثقافة الفرنسية ومدى ضعف
ركائزها، فكيف لبلد ضخم عريق
الثقافة والمبادئ ويرفع شعار
الحرية والمساواة كفرنسا أن
يخاف من قناة فضائية تتحدث
العربية وتتبنى قضية مقاومة
عادلة وشعب مظلوم، فرنسا تلك
التي تسمح للراهبات النصرانيات
باللباس المحتشم بينما تمنع
النساء المسلمات من الاحتشام،
فرنسا التي أرسلت إلى أمريكا
تمثال الحرية هي ذاتها فرنسا
التي تحارب الحرية الآن وتساهم
في التستر على الجرائم
الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
وضد الشعوب العربية والمسلمة. إن السياق
التاريخي للأحداث يقودنا
بسهولة إلى حقيقة أن فرنسا ما
بين العامين 1954 – 1967 كانت
المزود الرئيسي بنظم السلاح
المتطورة لإسرائيل واتخذت
حكومة فرنسا في ذلك الوقت سياسة
مساعدة واسعة لإسرائيل، التي
كان أعداؤها في ذلك الزمن أعداء
فرنسا أيضا , كما أنها أنشأت
مفاعل ديمونا في صحراء النقب
وساعدت إسرائيل في مجال إنتاج
الأسلحة الذرية , وكانت فرنسا من
أوائل الدول التي وقفت ضد
الخيار الشعبي الفلسطيني وضد
الديمقراطية في فلسطين و شاركت
في الحصار الظالم على الشعب
الفلسطيني وأرسلت فرقاطاتها
إلى البحر المتوسط قبالة شواطئ
غزة للمشاركة في الحصار البحري
منذ عام 2006 م, وتطالب فرنسا بوضع
الرقبة الفلسطينية تحت السكين
الإسرائيلية وبالوضع الذي تراه
اللجنة الرباعية مناسباً لذبح
الفلسطينيين، أما الآن فإن
فرنسا تمارس الدور التاريخي
الصليبي ذاته ضد العرب
والمسلمين وبدا ذلك واضحاً
عندما أعلنت مقاطعتها التامة
لوزراء حماس في حكومة الوحدة
الوطنية2006م لا لشيء إنما لكونهم
من حركة المقاومة الإسلامية,
فرنسا التي طالما افتخرت
بالحياة البرلمانية هي ذاتها
فرنسا التي تنكرت لنتائج
الانتخابات الفلسطينية النزيهة
لكي تكسب رضا السيد الأمريكي
الصهيوني فهل سيأتي اليوم الذي
نرى فيه مولد الجمهورية
الصليبية الصهيونية الفرنسية
قريباً أم أنها ولدت فعلا ً؟. ======================== ساركوزي
يعيش هاجس تجديد ولايته د.
صالح بكر الطيار مرت
الذكرى الثالثة لوصول الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي الى قصر
الاليزيه من دون ضجيج، ولكن
النقاشات بدأت تدور حول مستقبله
السياسي وسط التساؤل عما اذا
كان سيترشح لولاية ثانية في
الوقت الذي تشهد فيه شعبيته
هبوطاً نتيجة تقصيره في تنفيذ
مشروعه الإصلاحي الذي تم على
اساسه انتخابه في سدة الرئاسة
عام 2007 .والتراجع الحاد في شعبية
ساركوزي هو الذي جعل الاوساط
السياسية تتساءل عن موقفه وحتى
عن قراره المتعلق بمحاولة تمديد
مدة اقامته في قصر الاليزيه
لخمس سنوات اضافية، خصوصاً ان
آلان جوبيه رئيس الوزراء
اليميني السابق ومؤسس حزب
الاتحاد من اجل حركة شعبية،
اعرب عن اعتقاده بان ساركوزي لن
يترشح لولاية ثانية وأنه شخصياً
مستعد للترشح الى رئاسة
الجمهورية في حال لم يترشح
ساركوزي لخلافة نفسه. ولعل كثرة
الطامحين الى سدة الرئاسة
الاولى هي التي تدفع بالرئيس
ساركوزي للقول همساً حتى الأن
في اروقة الإليزيه انه يعمل
لخلافة نفسه. وترافقت هذه
التسريبات مع اطلاق آلة الدعاية
الساركوزية حملة اعلامية على
عدة جبهات تشدد على ان الرئيس قد
تغير، وان ساركوزي ما بعد
السادس من مايو/ ايار عام 2010
يختلف كلياً عن ساركوزي ما قبل
هذا التاريخ، فصورة الرئيس
بحاجة الى بعض التلميع، وبدأ
اركان حزب الاتحاد من اجل
اغلبية شعبية يشددون على ان
الرئيس لم يعد يكتفي بالاعلان
عن ذلك، ولكنه سيؤكده بالممارسة
اليومية.ومن الآن وحتى ربيع عام
2012 سيكون هناك ساركوزي آخر
كلياً .. واعتباراً من الآن
وصاعداً فانه سيفسح في المجال
لوزرائه بالتعبير عن آرائهم
والدفاع عن ملفاتهم، اكثر فاكثر
بشكل يكون معه اكثر رزانة
واحتشاماً.وذهب العديد من نواب
الاكثرية في هذا الاتجاه،
وبدأوا بالقول انه تغير واصبح
يصغي لهم عوض اعطاء الاوامر. ولا
يكتفي انصار رئيس الجمهورية
بمحاولة تلميع صورة الرئيس، على
امل ان تعود شعبيته الى الصعود،
بل انهم يقولون ان ساركوزي
احترم وعوده كمرشح، وان كانت
البلاد تمر بازمة لم يسبق لها
مثيل. حتى ان الرئيس عدّد خلال
اجتماع مغلق ضم 1300 شخص من اعضاء
حزبه كل الانجازات التي حققها
منذ وصوله الى الاليزيه، وذهب
الى حد القول ان وطأة الأزمة في
البلاد أقل حدة، لأنه في السلطة
. ويواصل قصر الاليزيه تسريباته
القائلة بأن سيّده سيتمكن من
هزيمة زعيمة الحزب الاشتراكي
مارتين اوبري في الانتخابات
الرئاسية، فهي برأيه، ووفقا
للمعلومات التي نُسبت اليه،
تجسد الموضة القديمة. هذا فضلا
عن اعتقاد الرئيس ان اقتتال
الاشتراكيين فيما بينهم سيسهل
له البقاء في الاليزيه لولاية
ثانية، بينما اليمين هو مرشحه
الأوحد .وما
يقلق ساركوزي ويؤرقه هو شبح
نتائج الدورة الأولى من
الانتخابات الرئاسية في عام 2002
حيث لم يتمكن ليونيل جوسبان
المرشح الاشتراكي ورئيس
الحكومة يومها من الوصول الى
الدورة الثانية، بينما وصل جان
ماري لوبان مرشح اليمين المتطرف
. وما
يخشاه الساركوزيون هو ان تؤدي
طفرة مرشحي اليمين واليمين
الوسط الى تبعثر أصوات ناخبي
اليمين وبشكل لا يسمح للمرشح
الطبيعي، أي رئيس الجمهورية من
الوصول الى الدورة الثانية.وإضافة
الى مرشح اليمين المتطرف الذي
قد يحصل على 12 % من الأصوات بات
في شبه المؤكد ان رئيس الوزراء
السابق دومينيك دو فيلبان يعتزم
خوض معركة الرئاسة الأولى وبدأ
باستمالة جزء من مواطنيه، كما
سيترشح فرانسوا بايرو مرشح
اليمين الوسط الخاسر في
الانتخابات الرئاسية الأخيرة .وفي
مواجهة احتمال تبعثر اصوات
ناخبي اليمين، وما يمكن ان يؤدي
اليه من نتائج خطرة على مستقبله
السياسي، ساركوزي الى فرض مرشح
على اليمين الوسط يكون قادرا
على تجميع اصوات ناخبي الوسط
حوله في الدورة الأولى من
الانتخابات الرئاسية على أمل
تجييرها لساركوزي
في الدورة الثانية.ومنذ عدة
اسابيع بدأت استطلاعات الرأي
تستفتي الفرنسيين عن وزير
البيئة جان لويس بورلو كمرشح
للرئاسة الأولى .
وبعدها بدأت التسريبات
الصحفية تتحدث عن احتمال ان
يترشح بورلو زعيم الحزب
الراديكالي . وبطرح اسم بيرلو
يحاول ساركوزي اصابة عدة عصافير
بحجر واحد. فهو يسعى الى ابعاد
منافسه في اليمين الوسط فرانسوا
بايرو عن السباق الى قصر
الاليزيه . إضافة الى ان وزير
البيئة يتمتع بشعبية كبيرة
وطرحه كمرشح عن اليمين الوسط من
شأنه ان يضعف بايرو. كما انه من
خلال تشجيعه لوزير البيئة
للترشح يحاول قطع الطريق على
ارفيه موران وزير دفاعه وهو
رئيس حزب الوسط الجديد الذي
انشق عن بايرو والتحق بساركوزي
بعد الانتخابات الرئاسية في عام
2007.ونقلت وسائل الاعلام
الفرنسية ان ساركوزي قد هدد
ارفيه موران بطرده من الحكومة
في حال تمسكه بالترشح الى
الرئاسة..وساركوزي يتجاهل كليا
ظاهرة رئيس الوزراء السابق
دومينيك دوفيلبان الذي يستعد
للاعلان رسميا عن ولادة حركة
سياسية جديدة قادرة على استقطاب
المستائين من السياسة
الساركوزية وسيتم الاعلان عن
ولادة الحزب الجديد بعد اسابيع
قليلة .ويشير انصار دوفيلبان
الى انهم استأجروا قاعة تتسع
لاربعة الاف شخص، وقبل شهر من
موعد الاعلان عن ولادة الحزب
الجديد اكد ثلاثة آلاف شخص انهم
سيشاركون في المهرجان السياسي
الذي سيقام بمناسبة الاعلان
الرسمي عن ولادة الحزب. وخلال
لقائه مع المنتسبين الى حزبه
قال رئيس الجمهورية انه سيلحق
الهزيمة باوبري، واعرب عن امله
في أن تكون هي منافسته عن الحزب
الاشتراكي. واستغل اللقاء ليشن
هجوما عنيفا على سلفيه في
الرئاسة الاولى فرانسوا متيران
وجاك شيراك للقول انهما تركا
البلاد في وضع سيئ للغاية،
وحملهما مسؤولية ما وصلت اليه
فرنسا. وهو من خلال شن الهجوم
على اوبري يحاول ان يظهر نفسه
بأنه المرشح العصري ، ومن خلال
مهاجمته لميتران تارة ولشيراك
تارة اخرى يتهرب من تحمل
مسؤولية الاوضاع في البلاد،
وكأنه لم يتواجد على رأس السلطة
منذ ثلاث سنوات. وهكذا، فإن
ساركوزي الذي طلب من انصاره
احداث الضجة الاعلامية القائلة
انه قد تغير وانه تعلم الحكمة
والتعقل عاد ليعبر عن اكتفاء
ذاتي لا حدود له ويلقي بمسؤولية
الاوضاع على سلفيه ولولاه لكانت
البلاد في وضع اصعب. وهذه الجملة
الأخيرة قد اطاحت بكل جهود
تبييض صفحته إذ اظهرت بشكل واضح
انه لم يتغير وأنه لا زال
ساركوزي نفسه مهما اجرى
مستشاروه في الإليزيه من عمليات
تجميل . *رئيس
مركز الدراسات العربي الاوروبي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |