-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تحركوا
الآن وإلا سيتأتى الطوفان ..
دعوة للإصلاح بقلم:
أسعد حمود
البرود يخيم على الأجواء،
والهوة متجهة للتوسع اكثر
فاكثر، والشرخ لا يجد مفراً من
بقائه على ما هو عليه، فيما بين
من سنسميهم بالنخب - رؤساء
أحزاب، ورثة، مثقفين، دناصرة
وسماسرة- والجماهير القومية
العربية. هذه العلاقة التي تسير
من سيء إلى أسوأ، حيث تنده
الجماهير بواد وتجيب النخب في
واد اخر. فالعزوبية لا تزال سيدة
الموقف، والعنوسة شوهت جمال
النخب، ولا بوادر تزاوج فيما
بين النخب والجماهير، في الأفق
القريب اقله. كلا الطرفين
متمترس في موقعه، لا النخب تملك
النية باتخاذ خطوة ايجابية إلى
الأمام وهي تعرف تمام المعرفة
بان الجماهير ستأخذ مقابلها
عشرات الخطى، في المقابل
الجماهير لا تملك الرؤية
الكافية للتغيير، فمن لم يكفر
بالمبدأ والفكرة ينكفئ بطبيعة
الحال إلى موقع المراقب، قلة هم
المواجهون والرافضون للسياسات
التدميرية التي تنتهجها هذه
الطبقة، وكثر هم من يسيرون بركب
الباب العالي، ليس لقناعة منهم
بما يقال او يمارس، بل لمصلحة ما
يرونها في بقائهم إلى جانبه او
لوفائهم لتضحيات هذا التيار
الطويل العريض، وهنا تكمن مصيبة
المصائب كون الجميع يدور في
حلقة مفرغة ويعاني من حالة ضعف.
إن العلاقة ما بين النخب
وجماهير اي
تيار سياسي او حتى اي كيان
دولة يريد البقاء على قيد
الحياة، محكومة بان تكون مباشرة
ومبنية على نوع من الثقة
المتبادلة بين الطرفين، وإلا
فتطور صيرورة وجودها محكوم
عليها بالتجمد والانحلال، حيث
ان التطور بحاجة لتكامل المهام
بين شقي الصراع النخبوي
والجماهيري، عبر البناء
والتغيير وصنع الرأي العام
وتحريك الشارع بهدف تحقيق ما
تصبو إليه افكار ومبادئ كلا
الطرفين، وتحقيقها يكون عبر
الادوات الخاصة بكل طرف، وحسب
أسس وقواعد عمل مختلفة يسير كل
منهما عليها لتصل بأهدافهما إلى
بر الأمان.
ومن العام للخاص، فان
الحركة القومية العربية تعاني
نوعاً من أنواع المراهقة
السياسية رغم ملامستها سقف
المئة عام، فلا تزال الجماهير
تعاني من استبداد مزدوج يتمثل
في تسلط النخب عليها والتدخل في
شؤونها العملية، فبرغم ادعاء
الاخيرة اعتناقها النهج
الديمقراطي إلا انها لم تأل
جهداً في التربص لمن يكتب او
يعبر بعيداً عن مزاجها، خاصة
إذا كان هذا الواحد من الجماهير
يحمل في ضميره ووجدانه الرؤية
الواضحة والجرأة على النقد
وتعرية المخبّئ والمستور،
فتراه يتعرض للتشهير وتلويث
السمعة بثقافة دونية موروثة من
عهد الإستعمار الذي قاومه
أجدادنا، فيتصدى له ازلام النخب
- الرئيس الأبدي او الوريث
الشرعي او الديناصور المثالي او
السمسار المبادئي -
بكافة أساليب التشهير
القذرة و يقومون بابتكار الطرق
للقضاء على حركته، بذهنية
مستبدة، تغلق الطرق المؤدية إلى
الأماكن التي يمكنه أن يتنفس
فيها أو يعبر، فتتقاطع النخب مع
الأنظمة في مشروع واحد إسمه
البقاء على الكرسي، وتصبح
الحركة بعيدة كل البعد عن
الصراع العربي الصهيوني
لتتصارع في الأزقة والزواريب
على مقعد نيابي هنا و بلدي أو
اختياري هناك، مدعية حالة
الانصدام من اختيار الأغلبية
لمن اعتادت على تسميتهم باللصوص
واصحاب المشاريع الرجعية
الساقطة متناسين بانهم ومن
يعادون جاثمون على صدور الناس،
فالانظمة الديكتاتورية
والاحزاب الكومبرادورية
والنخب، اصبحوا يمثلون وجهان
لعملة واحدة.
لم تشهد الحركة القومية
العربية بؤساً كالذي تشهده في
ايامنا هذه، حتى في احلك الظروف
اي في ايام المحن والثورات
والمجازر وحملات القتل
المتبادلة التي شهدتها بعض
الاقطار او بعض الاحزاب القومية
فيما بينها، او في خضم معركتها
مع العدو الصهيوني الذي اوكلت
مهمة محاربته لاحزاب وتيارات
اخرى. فحال الخوف التي تعتري
النخب كونها تشعر بالدونية
اتجاه نفسها تدعوها
لاختلاق الإنجازات
والانتصارات لتملأ الفراغ في ظل
ظلام العائلية والمحسوبيات
وغياب تام للمؤسسات التي تعمل
على الفصل بين المهام، وتوزع
الادوار، وتنسق الحركات
والوظائف والإمتيازات والحقوق
والواجبات، لن تستطيع الجماهير
ان تنجز شيئاً سوى التغني
بأمجاد وانتصارات الأمس
وانتظار اي مجزرة اوحدث كبير
لتجير ردة الفعل الشعبية، في ظل
واجهة قومية بالية تفتقد
البرنامج السياسي، وتتبادل
التهم في الخفاء، والقبل في
العلن(في الوجه مراي وفي القفا
صرماي). يأمل القوميون ان يبقو
يراوحون في اماكنهم التي خسروها
ويخسرون الواحدة تلو الاخرى،
وتبقى الطرق و الاساليب
التقليدية تحكم الموقف متسيدة
ومتزعمة تعتمد اجترار الأخطاء
دون اي رادع او ناقد قادر على
انعاش الحالة المهترئة التي
تشهد انقساماً وتفرقا لا يعد
بالمستجد، إلا ان حالة من
الإنفصام تعانيها هذه الحركة
نتيجة تبني الواجهة البالية
لخطاب قومي عربي تقدمي تقابله
هي نفسها على الارض بممارسات
عشائرية او مذهبية مبغضة ومقرفة
لا تعدو كونها نتاج لموروثات
رجعية، تجبر القوميين على
الإبتعاد عن بيئتهم، فيعملون
بمعزل عن افكارهم ومبادئهم وعن
حقيقة انهم يمثلون هوية تعتبر
في ايامنا هذه قضية بحد ذاتها،
هذه الافكار والمبادئ والهوية
القضية توجب وتلزم إتحاد الجهود
وتضافرها، والنضال ضمن اليات
وبرامج عمل مشتركة.
الظروف الصعبة التي تواجهها
الحركة القومية، والأيام
السوداء التي تمر عليها،
والمهام الملقاة على كاهلها
تحتاج إلى رجال كبار، فالمسألة
القومية العربية مسألة كبيرة
ومعقدة، لذا هي بأمس الحاجة
لرجال كبار في الفكر والحكمة
والفلسفة والشجاعة والثقافة
والإرادة، وفي خضم هذه المرحلة،
مرحلة قلة الموارد والوسائل،
والشح في الكبار اصحاب المواقف،
وفي ظل غياب القيادة القومية
المتمكنة من الفكر القومي
ونظريته الفلسفية، نشاهد
عصابات سياسية
غير قادرة على الاخذ بيد
المجتمع العربي من طور الى اخر،
ولا تقوى على تجميع الجماهير لا
بل تعمل بكل ما تملك من امكانيات
على تشتيتها خدمة لدكان هنا
واخر هناك، وبات العمل
الجماهيري يشهد حالة من التشرذم
والتشتت نتيجة للاخطاء
المرتكبة، فترى البعض ممن يدعون
الثقافة يستميتون
في الدفاع عن اخطاء رئيس
عصابتهم المسماة حزب، ضاربين
بعرض الحائط جوهر رسالتهم
الوجدانية والضميرية، مما يثير
القلق ويدعو إلى قرع ناقوس
الخطر.
نظرة تشاؤمية يفرضها واقع
الحال، في غياب الحركة الوحدوية
الصادقة مع نفسها ومع الجماهير،
تؤول الأمور من سيء إلى أسوأ،
ويستمر الوضع على ما هوعليه دون
معالجة، فعلى الجماهير ان تكون
طرف نزاع مشاكس وعنيد تفرض
وبشكل فعال العمل الوحدوي،
وتبحث لتفرض بالقوة رجالا
قادرين على تصويب العمل، وتداوي
الجراح والترهل والعجز
والشيخوخة التي اصابت الجسم
البنيوي للحركة القومية
العربية على مدى عقدين من الزمن
مما خلف فجوة بين المستجدات
والمتغيرات والتطورات على
امتداد الوطن، كما انها تعتبر
مدينة بإيجاد الحلول للتخلف
الذي اصابها من كل الجوانب وعلى
كل الاصعدة السياسية والثقافية
والفكرية والتنظيمية
والاجتماعية، وهي مطالبة
بالحراك للإنقلاب على الوضع
الخانق الذي يحيط بها، وعليها
رفع وتيرة عملها كلما اشتدت
الأزمة، بل وتعيد إفراز قيادات
جديدة قادرة على تصحيح ما آلت
إليه الأوضاع، معيدة الإعتبار
لحركة كانت فيها دماء الشهداء
بمثابة الماء الذي جعل منها ذاك
الشيء الحي، فتتنفس الصعداء
وتعيد فتح ميادينها وساحاتها
القديمة- الجديدة متحررة من نير
الإقطاع السياسي الحديث
المتنكر بلبوس القومية
التقدمية، و يترتب على الجماهير
أيضاً فرض الحركة القومية
العربية من جديد رائدة من رواد
المقاومة عبر احياء الخط
العسكري المقاوم فيها، لذا فعلى
اولي الالباب البدأ بالتحرك
والعمل على التحصن والتحصين في
وجه المشاريع الصهيونية
وحراسها من الأنظمة والقوى
السياسية العربية العميلة،
الان، وإلا فليتأتى القوميون
الطوفان، الذي لا يبقي ولا يذر. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |