-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سـلام
على المالح وصحبه الكرام بدرالدين حسن قربي عندما قالت السيدة هيلين توماس بعودة
الإسرائيلين إلى الديار التي
قدموا منها أثارت زوبعةً أودت
بها خارج البيت الأبيض وذهبت
بعدها إلى بيتها الأشد بياضاً
في أمن وأمان ولم يخطفها عسكر
المستشار أو تعتقلها قوات أمن
الوالي وتروّعها مخابرات
السلطان. أبلغت
عميدة صحفيي البيت الأبيض في
وصف بوش الابن بأنه الرئيس
الأسوأ في التاريخ الأمريكي
وأثقلت، فأعرض عنها واكتفى
بتجاهل أسئلتها المحرجة
والمزعجة، وعندما تجاوزت على
المقدّس استقالت أو أقيلت
وأخرجت، وهي في الحالين لم
يمسسها السوء فيما وصفت
واخترقت، بل بقيت حرة طليقة
وحية تسعى. ولئن
أسف الرئيس أوباما أن تنتهي
مسيرتها إلى هذه النهاية
المخجلة، لكنه لم يشعر بضعف
نفسيته، ولا وهن أمته، بل كل
مافي الأمر أن الصبية بنت
التسعين آلت إلى
تقاعد قسري فيما يبدو، وحتى
دون حفلة وداع مما أثار حفيظة
البعض منّا لكبر الإثم الذي كان
تجاهها، ومن ثم أراد البعض
تعويضها بحثّنا جميعاً من أفراد
وجماعات وقادة وزعماء ووجهاء
وكتّاب بإرسال التحايا والشكر
فضلاً عن الرسائل الالكترونية
من أصحاب المنتديات والمواقع
بما فيها الهواتف النقالة، كما
أراد الكثير أيضاً من عربنا
وعجمنا أن يجعلوا مما لحق
بالصبية بكائيةً على ديمقراطية
أمريكا، وعويلاً على حرية
التعبير فيها، ومأتماً على
علمانيتها وعدالتها.
وعليه، فلئن كنا مع العرب
والعجم وكل الخيرين في هذا
العالم في مقترحاتهم كلها أو
بعضها بدون تردد وكيفما كان،
وإنما من دون البكاء والعويل
والنواح، وإن كنّا أيضاً نحيي
امرأة شجاعةً من بلاد العم
سـام، فإننا قبلها وبعدها نجلّ
ونقدّر كل حرائرنا من الأوانس
وسيدات الشام، الصامدات في وجه
الظلم والقهر والمعاناة على
امتداد الوطن الكبير في القمع
والبطش والتجويع، والأكبر في
النفي والتشريد والمطاردة،
ونسأل ماذا كان يمكن أن يحصل
لأيقونة البيت الأبيض لو أنها
كانت من أيقونات الشام؟ ابتداءً، لانريد للسؤال أن يغطي على
قضايا الأمة أو يعطل من يعطل عن
قضايا التحرير، أو يغطي على
المكاسب والانتصارات التي
تتحقق، أو على القتل اليومي
والمذابح في أماكن مختلفة من
عالمنا من العراق إلى الصومال
فأفغانستان وفلسطين
وقرغيزستان، وإنما هي مقاربة
موضوعية للمسألة، لها أسئلتها
التي يحار فيها المرء وإن وجد
بعض جواب. يتبدّى
بعضه عندما تعتقل منذ أشهر
صبيّة كان اسمها طلّ لم تُنه
دراستها الثانوية بعد، أو عندما
تعتقل طالبة جامعية كان اسمها
آيات لم تكمل ربيعها العشرين،
ويُختصر المشهد انتهاءً بسُلطة
إلغائية متحدية، لاهي أطلقت
سراحهما ليرجعا إلى بيتهما
وأهلهما، ولا هي أفصحت عن
تهمتهما، ولا هي كشفت عن
مصيرهما، لتجعل من طلّ أطلالاً
رعيبة ترهيباً وتخويفاً لمن
خلفها، ولتجعل من آيات آياتٍ
بالغة في البطش والانتقام لمن
بعدها. كما
يظهر بعضه أيضاً، عندما نرى
عجوزاً ثمانينياً حقوقياً
مسكوناً بعشق وطنٍ تصدح فيه
شعارات الممانعة والمقاومة،
وتتآكل فيه الحريات وتزوي فيه
الحقوق، عهده على نفسه ومع ربه
وأمام مواطنيه بعد أن قضى ماقضى
في سجنه من السنين في سبيل حريته
والتعبير عن رأيه أن لايبقى
سجين في سجنٍ سُجن فيه لرأيه أو
فكره، نذر نفسه نخوةً ومروءةً
وشهامة للدفاع عن حقوق مواطنيه
وموكليه واحترام إنسانيتهم، ثم
يُختطف بالقوة من أمام مكتبه
على طريقة العصابات كما قال
هيثم المالح عن ذلك هو بنفسه،
ليُساق إلى محكمة عسكرية محكومة
بقوانين طوارئية تحكم البلاد
والعباد استثناءً منذ قرابة نصف
قرن لأنه، قال كلاماً في خانة
التعبير عن الرأي فوجده من وجده
تجاوزاً على المقدّس وإضعافاً
لنفسية الأمة وتوهيناً لها،
فزُجّ به في غيابات السجن مع
القتلة ومرتكبي الجرائم. أطربنا كلام هيلين توماس لأنه كشف
المخبوء من الحقيقة وإن كان
متأخراً، التي استفاقت لها بعد
سكوت طال وقد بلغت من العمر
عتياًً، ولتستعيد بعض ضميرها
فلعلها تذهب إلى ربها بضمير،
وإنما يؤسينا إصرار بني قومنا
من أمثال وآل هيلين أن يعيشوا
بلا ضمير، ويؤلمنا أكثر وأكثر
إصرارهم وعنادهم على الرحيل
بدون ضمير. أثارنا مصير هيلين في ذهابها لبيتها
وتركها للأضواء، وإنما أفترض أن
يثيرنا أكثر ويغضبنا مصير
مواطنينا من الشباب والصبايا
والمفكرين وقادة الرأي فيما
يمارس عليهم من البهدلة
والمرمطة في غيابات السجن
وأقبية الأمن لكلمة قيلت أو
حديث كان أو مقالة كتبت، مما
لايعدو أن يكون تعبيراً عن رأي
أو وجهة نظر. هيلين توماس فيما قالت، وحالها الذي إليه
آلت، قلبت فينا وعلينا المواجع
فيما كان من حال فداء وفيما هو
من حال طل وآيات والمالح وآلهم
وصحبهم. فسلام
على هيلين بما أفضت، وســلام
على طلّ وآيات ريحانتين من
رياحين الشام، وسلام على فداء
أنين نواعير الشام وآهاتها
والعائدين معها من قناديل الوطن
ونجومه، وســلام على المالح
وصحبه الكرام. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |