-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المسافاتُ
المُمكِنَة..وتَكتيكاتُنا
السياسة بقلم:
فراس ياغي عِندما
قَرّرتُ الكتابةََ صباحَ هذا
اليوم..وجدتُ صعوبةً في إختيار
ليس الموضوع..فمن كثرتها تَتوهْ
في مفهوم الاولويات..الصعوبةُ
كانت في مفهوم التعبير..خاصة أن
كلَّ تعابير الدنيا وكل
المُفردات لم تَستطع أنْ
تُعدِّلَ شيئا أو أن تُغيّر
حالةَ الشعبِ الفلسطيني منذ
مُنتصف العقد الحالي..أي ما
بَعدَ ما أسموها عَهد
"العرفاتية"..المفاوضاتُ
على حالها بل يُضاف إليها مصطلح
قديم جديد وهو
المفاوضات على
"مُتطلباتِ الحياةِ
اليومية"..هذه ذكرتني جيدا
بما كُنا ولا يزال أسرانا
يقومونَ به "النضال لتحسين
شروط الحياة في السجون"،
خُضنا إضرابات عن الطعام
وإنتفاضات في معسكر
"أنصار3" في "النقب"
لأجل جُملة "تحسين
الحياة"..دماءٌ زكية
سالت..شهداء سقطوا في داخل
السجون وبين المتضامنين معهم في
خارجها، كلَّ ذلك، من أجل
"التحسين"..لم يَتَحَقّقْ
شيء يُذكر لولا هذه المواجهة
وبدون إصرار وتوحد الاسرى كشرط
أساسي..صديقي
"أبو شاويش" بالامس لم
يَنم وهو يُفكر في مَوضوع
ومَفهوم "المتطلبات
اليومية"، إتصل بي ليلةَ أمس
متأخراً وحَظه أنني كُنت قد
غَفِلتُ عن إغلاقِِ جوالي بسبب
مُشكلة المياه المقطوعةِ لدي
"هي متطلبات"..تَحدّثَ
باختصارٍ شديد وقال: ما دامت
المفاوضات بكل أنواعها لا غنى
عنها لدى قيادتنا، فكيف يمكن
الضغط للمطالبة بإرسال
كرافانات لأهلنا في غزة؟ ولماذا
لا نشكل لوبي ضاغط بهذا
الخصوص؟..أعترف أنني فَكَرّت
وتأملّتُ ألاسئله..هي
مشروعه..وهي مطلوبه..ولا بُدَّ
عنها ومنها.. ولكن لحظتها تجرأتُ
الغوصَ بحالنا، وتجاوزتُ
الرقابةُ "الذاتية"..وقلتُ
للآخر فِيّا..للكامنِ فينا..لمن
نَسيَ نَفسَهُ لقلةِ
الامكانياتِ وعَجزِ
البدائل..لمن إعتقدَ أنه نَجَحَ
بَعْدَ عقودٍ مِن التَدَرّب على
الإنسجام مع نَفسه وهو لا يزال
يُكابر..إننا ك "الرجل الذي
يَخْسرُ إختياراتهُ
بإمتياز"، لا لشيء إلا لأنها
خياراتٌ سيئه أو مَسارها
سيء..السلام ليس
سيئاً..والمفاوضات ليست بهذا
السوء إلا عِندنا..حين قبلنا
"أوسلو" كإتفاق غامض وبلا
أدوات وبِجُمَل فضفاضه تَصلُ
لمفهوم الفوضويةِ بتعابيرها،
كنا بذلك نُعَبّر عن حالنا
وواقعنا ونَعكس طَبيعة
مَسيرتنا في الثورة
والتحرير..فكلٌّ شيء كان
إرتجالي..في الحربِ وفي
السلم..في بَيروتَ وفي
الوَطن..في المقاومةِ وفي
المفاوضات..كنا نُجَرّب ولا
زِلنا نُجَرّب. عِندما
قالت صغيرتي: بأنها لم تَستَطِع
أن تُفَرّق بَينَ المشاعر
والصداقة..وأن الامرينِ إختلطا
عليها..وأصبح كلَّ واحدٍ منهما
يُشكل الآخر بالنسبة لها..قلت
لها من الطبيعي حدوثَ ذلكَ في
مرحلة التحول الجارية التي
تعيشيها..فالمشاعرُ القويةُ لا
يِصقُلها ويُهدئها إلا نُضوج
التفكير رغمِ صُعوبة ذلك..لكن في
النهاية لا بُدَّ من مسافةٍ بين
القلب والعقل..مسافة تُعيننا
على لجم الاخطاءِ وتَحديد
الاولويات..لكن المزعج ليس
خَلطَ صَغيرتي..وإنما خَلطَ
سِياسِيينا..فاذا صَحت ما
نَقلته صحيفة "الحياة
اللندنية" ورغم نفي الدكتور
"صائب عريقات"، فإننا
نَخلطُ التكتيكَ
بالاستراتيجية..ليصبحَ
التكتيكُ إستراتيجيا جديدة بعد
أن نَنَجح في تكتيكنا الحالي
بِوضعِ حكومة "نتنياهو" في
الزاويةِ الرافضةِ لعمليةِ
السلام..ومهما إقترحنا من
حلول..وسَهّلنا على الراعي
"الميتشيلي-الاوبامي" وليس
"الامريكي" لأنه أصبح راعي
متعدد الاوجه والاعتبارات، فلن
يحدث إختراق ولن يَتَحقق
السلامُ المنشود حتى بصيغة ما
زَعمت به جريدة "الحياة"
التي تصدر في لندن..ولن يَحدثْ
على أرض الواقع سوى ما فَكر به
صديقي بمفهوم "تحسين
الحياة" ولكن بدون
"كرافانات" لأهلنا
المُلتَحفين العراء في غزة..فلا
داعي لها الآن لان حربَ غزة لم
تنتهي بعد..وحين إنتهاءها
نُرسلُ للجميعِ بيوتاً جاهزة أو
تَبني شركاتنا/هم بيوتاً لهم
بمواصفاتٍ حَديثه..فحرُّ الصيف
يتطلبُ تأسيس جديد..وبردُ
الشتاء يتطلب مدافيء فاخرة
وقودها الطاقة الشمسية أو الحطب
لإستيراده من أفريقيا. يقول
الكاتب كويلو "لكي يُحكم
عليك، عليك أن تكونَ جيداً..ولكي
يتم إنتقادك، عليك أن تكونَ
نفسك..والافضل أن تختارَ أنْ
تكونَ نفسكْ وتَتقدم للامام،
لأن الله لن يخذلك
ابداً"..والمبادرة العربية
للسلام ليست بحاجة لمبادرة
جديدة..والمفاوضات على الحدود
والامن الجارية عبر الراعي
"الميتشلي" ليس بحاجة
لمبادرات حسن نية أو إحراج
الآخر بتنازلات ستُثقل كاهل
عملية السلام نفسها..فرغم
الانقسام ورغم التعب البادي على
حركات الشعب الفلسطيني
السياسية، إلا أن إرادة الشعب
تتجدد لحظة شعورها بخطورة ما قد
يحدث وهو لن يحدث..والافضل لنا
ولهم ليس التوصل لاتفاقاتٍ
دائمة تضع حداً لِ
"المطالبات" و مفهوم
"إنهاء الصراع"، ولنعترف
علنا وبشجاعة..بأننا لسنا
قادرين على ذلك الآن، بل هذا
غيرُ ممكن، وغيرُ قابل للتحقيق،
فهو في هذه المرحلة "حُلم"،
كما أنهم أيضا غيرُ قادرين حتى
على الموافقة على الذي يُطرح في
مفاوضات أل "التقريب"،
فكيف حينَ يكونُ المطلوب ليس
الذي يُطرح، بل الذي لم يُطرح
بعد..الممكن الآن "هُدنة"
بين الطرفين وفقا لمعادلاتٍ
دوليةٍ مرتبطةٍ بضماناتٍ من
مجلس الامن والامم المتحدة وليس
بضمانات الضامنِ
لَهُم.."هُدنة" تعيد
الوحدةُ الداخليةُ الفلسطينيةُ
ويبدأ معها تشكيل نظام سياسي
جديد اساسه التعددية
والديمقراطية وسيادة القانون
والقوة الامنية الواحدة
المهنية، بدون مليشيات باسم
"المقاومة" وباسم عدم
إنتهاء الصراع.. اخيرا اقول كما
قال الكاتب الرائع الاسطورة
"ماركيز" في كتابه "الحب
في زمن الكوليرا" "أنا لست
غنيا..أنا فقير لديه
نقود"..يجب علينا أن لا نبقى
ننادي فقط بالعدالة ونبذ
الظلم..بل علينا تحديد نوعية
المسافة التي تقلص بين ما نريد
وما يمكن أن نحقق..وعلينا أن
نَرى فيمن نُحبْ ما لا نُحبْ قبل
أن نَنّظرُ إليهِ بالعين التي
لا تَرى إلا ما تُُحبْ..علينا أن
نميز ما بين مفهوم المسافات لدى
صغيرتي وتكتيكاتنا السياسية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |