-ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 06/07/2010

كعكة السلطة

ابراهيم عباس

حدث قبيل انهيار منظمة التحرير الفلسطينية قبل نزوح أبطال أوسلو ونجومها إلى غزة أن بدأت المنظمة حركة بيع كبرى لمقارات سفاراتها ولعقاراتها المنتشرة حول العالم بما في ذلك مزارع الغزلان في إفريقيا ، استعدادًا لتسليم عهدة الثورة للسلطة تدشينًا لمرحلة العودة إلى حقبة الخمسينيات التي غاب فيها النضال الفلسطيني إلا قليلاً ،  وحتى الآن لم يعرف أين ولمن وبأي حق ذهب ريع تلك العقارات .

بيد أن ما حدث بعد ذلك هو الأدهى ، فقد عاد الختيار وعاد معه فريق أوسلو وجند السلام الشجاع الذين كانوا (مسخمين) في تونس ليصبحوا بعد ذلك بقدرة قادر أصحاب أبراج عالية في غزة ، وليصبح أبنائهم بعد فترة قصيرة أصحاب بيزنس في دبي وغير دبي.

أذكر ذات مرة إنني سمعت جبريل الرجوب يصرح في إحدى القنوات الفضائية بما معناه أنه من حقه الاستحواذ على المنصب الذي كان يشغله في ذلك الوقت بحق الميراث الثوري (؟!). وهكذا كانت وجهة نظر من يعتبرون أنفسهم أصحاب حق في المناصب والكراسي والتعيينات والمنح والرواتب الفخرية والشرفية التي تمنح لهم ولزوجاتهم وأبنائهم، إلى جانب حق العلاج في الخارج . وقد صحوت – كالعديدين غيري- على واقع مرير لما آلت إليه "فتح" وزعمائها الجدد الذين يختالون في القنوات الفضائية ببدلاتهم الأنيقة وربطات عنقهم الحريرية بألوانها الزاهية.

أبسط مثال على ذلك الواقع المرير أن تتبنى الثورة بعض فتيانها من أبناء وأقارب القادة الجدد ، وتقوم بإرسالهم إلى الخارج للحصول على الماجستير والدكتوراة ، ثم تقوم بتعيينهم في أرفع المناصب بمجرد عودتهم .(بالمناسبة لي ابن عم هو الدكتور بكر مصباح تنيرة حائز على الدكتوراة في العلوم السياسية قبل نصف قرن ، وقد أمضى الـ 25 سنة الأخيرة بلا عمل مما أدى إلى إصابته بالجلطة قهرًا ويأسًا)

في الماضي كان هناك ميزات لأبناء الشهداء، اليوم الميزات لأبناء العملاء . أقول ذلك بمناسبة تجدد الحديث عن انهيار السلطة والبالونة التي أطلقها صاحب (العملية السياسية) ، هو ما غيره كبير الفاشلين ، التي هدد فيها بحل السلطة ، اعتقادًا منه أن هكذا تصريح ممكن أن يجعل نتنياهو يغير مواقفه.

اليوم (الاثنين 5/7/2010) كشفت صحيفة هآرتس عن نية حكومة نتنياهو بناء 2700 وحدة سكنية في الضفة الغربية بمجرد انتهاء مهلة تجميد الاستيطان في سبتمبر المقبل ، وحيث تستعد مجالس المناطق في الضفة لمواصلة البناء الاستيطاني في 27 سبتمبر المقبل عندما تنتهي فترة التجميد التي ثبت أن البناء الاستيطاني لم يتوقف خلالها ليوم واحد بحجة أن أوامر بنائها صدرت قبل الإعلان عن التجميد.أما القدس العربية فلها وضع مختلف بموجب ضم إسرائيل لها ، بمعنى أن التجميد لا ينطبق عليها، وهو ما سيقوم نتنياهو بإبلاغه لأوباما عندما يلتقيه اليوم في واشنطن، فماذا صاحب كتاب "الحياة مفاوضات" هو فاعل ياترى؟

عريقات الذي يعتبر أسرع رجل في العالم في السرد الشفوي واستخدام عبارة( انهيار عملية السلام) يرفض ويحتج ويطالب الإدارة الأمريكية بتفسير لما ادعته بأن المفاوضات غير المباشرة حققت النجاح ، ويقول كلامًا اليوم يناقضه في اليوم التالي ، سيوافق صاغرًا على نقل المفاوضات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة لسببين ، أولهما أنه هو والأخ دحلان مشغولان في إيجاد الوظائف والمناصب والمنح والعطايا والهبات للحبايب ، وثانيهما لأنه لا يستطيع أن يزعل الأمريكان طالما هم يدفعون .

بعض الأذكياء يقولون إن إبراهيم عباس يطمع في منصب (أقله مستشار إعلامي لدى السفارة) أو كرسي ، أو على الأقل دفع فاتورة علاج والده في مستشفى فلسطين باعتباره من الرعيل الأول لفتح ولأنه كان حتى وفاته – يرحمه الله – رئيس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في مصر ، لهؤلاء الأذكياء يقول إبراهيم عباس إن ذلك إن حدث – فإنه يعتبر حق من حقوقه تؤيده القرائن ،وليس منة ، لكن هذا الحق الضائع أترفع أن أطالب به أولئك الذين تقاسموا كعكة السلطة ، واعتبروا أنفسهم أوصياء على الشعب الفلسطيني . حقي أطلبه من شرفاء فتح الذين لابد وأن يعيدوها إلى مسارها الصحيح، ولو بعد حين. 

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ