-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
العنصرية
الإسرائيلية جزء من الشخصية..!! بقلم:
د. فوزي الأسمر* منذ عام 1948 والتمييز
العنصري ضدّ الفلسطينيين في
إسرائيل قائم. ولكن نجحت حكومات
إسرائيل في أن تبرر كل ما تقوم
به ضدّ مواطنيها غير اليهود،
لأنها عللت كل تصرفاتها
العنصرية بأنها من أجل "أمن
الدولة" و"منع قيام طابور
خامس" و"حماية كيانها"
وغير ذلك من التبريرات. وكان الرأي العام
العالمي يصدقها لدرجة أنه كان
يرفض أية انتقادات لهذه
السياسة، وطالما سمعنا أنه يحق
لإسرائيل أن تحمي نفسها:
"لأنها محاطة بأعداء يريدون
تدميرها وقذف اليهود إلى
البحر". ووراء هذا الستار من
التبريرات استطاعت حكومات
إسرائيل من تنفيذ سياستها
العنصرية في الإستلاء على
الأراضي العربية، وتنفيذ
برامجها الاستعمارية والتي كان
هدفها، ولا يزال محاصرة
الفلسطينيين داخـــل الدولة
وتهويد ما يمكن تهويده من
المناطق والأراضي العربية على
غرار مشروع "تهويد الجليل". فحتى عندما قامت
إسرائيل عشية حرب 1956 بمجزرة كفر
قاسم التي ذهب ضحيتها 49 عاملة
وعاملا كانوا عائدين من عملهم
إلى منازلهم في القرية، استطاعت
إسرائيل أن تبرر جريمتها هذه
على أساس أن "أمن الدولة"
كان يتطلب ذلك.
وخلال السنين حذّر
الكثيرون من المثقفين اليهود في
إسرائيل، وفي مقدمتهم الفيلسوف
يشعياهو ليفوفيش من أن
الممارسات الصهيونية ضدّ
المواطنين العرب، لن يقتصر
عليهم، لأن العنصرية لا تعترف
بالقومية أو الدين أو اللون
ومن يمارس العنصرية فإنه
سيمارسها على الجميع. ولكن ذهبت
أصواتهم أدراج الرياح. فالنظام القائم على
أساس ديني، وعلى أساس
أيديولوجية عنصرية، وفي هذه
الحالة هي الأيديولوجية
الصهيونية، لا يمكن أن يكون نظاما ديمقراطيا يعطي
مساواة لكل المواطنين. وهناك
العشرات من الأمثلة التي يمكن
الإشارة إليها. فعلى سبيل
المثال هناك قانون "الحاضر
الغائب" الذي تمارسه إسرائيل
لغاية اليوم ضدّ المواطنين
العرب، والمتعلق بحقهم على
ممتلكاتهم خصوصا الأراضي، وعن
طريقه استطاعت حكومات إسرائيل
سرقة معظم أراضي الفلسطينيين
الذين بقوا تحت حكمها في عام1948.
وهناك قانون "حق العودة"
الذي يقتصر على اليهود فقط
وغيرها من الممارسات العنصرية. ومن أفضل الأمثلة هو
مثال الطائفة الدرزية في
إسرائيل، حيث يقوم شبابها
بالخدمة الإجبارية في الجيش
الإسرائيلي، ولكن التمييز ضدّ
هذه الطائفة يضرب أطنابه. فقد
نشر الصحفي الدرزي، رفيق حلبي،
مقالا في صحيفة "يدعوت
أحرونوت" (11/7/2010) تحدث فيه عن
العنصرية التي يواجهها الجنود
الدروز من جانب اليهود
الإسرائيليين، خصوصا هؤلاء
الذين يخدمون في الأراضي
المحتلة. يقول الكاتب أن الجنود
الدروز يواجهون: "المزيد من
الشتائم من جانب المستوطنين
اليهود". ويضيف أن المستعمرين
اليهود يصرخون في وجه الجنود
الدروز: "سنعيدكم بالقطار"
وهو رمز لما كان يفعله النازيون
باليهود وقصص القطار مشهورة في
تلك الفترة التاريخية، وكتب
عنها الكثير في الأدبيات الحرب
العالمية الثانية. وقد أدى هذا
التصرف إلى درجة أن وزير
الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور
ليبرمان، المعروف بعنصريته ضد
العرب، طالب بالتحقيق في هذا
الأمـــر (معاريف 11/7/2010). ونقلت صحيفة
"هآرتس" (21/7/2010) عن مستعمر
يهودي وجه كلامه إلى جنود يهود
متواجدون في الأراضي المحتلة
قوله: "وأنتم أيضا سنعيدكم
بالقطارات" الشيء الذي أثار
حفيظة الضابط المسؤول. وفي هذه الأيام يتذكر
الكثيرون التحذير الذي أطلقه
يشعيهو ليفوفيتش. فمنذ فترة
ووسائل الإعلام الإسرائيلية
تتناقل أخبار مدرسة دينية
للبنات في مستعمرة
"عمانوئيل" في الأراضي
الفلسطينية المحتلة. فقد رفض
القائمون عليها، وهم من اليهود
الأوروبيين، (الأشكناز) أن تكون
المدرسة مشتركة للبنات من
الطوائف الشرقية اليهودية
(السفارديم). ووصل الوضع إلى
إقامة حاجز يفصل بين الطالبات.
(هآرتس 6/7/2010) وقد أدى ذلك إلى ضجة
تدخل فيها أعضاء من الكنيست
ووصل الوضع إلى المحاكم للبث
فيه، حيث صدر قرار بإجبار
المسؤولين عن المدرسة بفتح
أبوابها أمام الطالبات
الشرقيات وعندما رفضوا تنفيذ
القرار ألقي القبض على أمهات
الطالبات اللواتي رفضن ّتنفيذ
القرار ومنعن بناتهنّ من الذهاب
إلى المدرسة، وادخلنّ السجون. وأخذت مستعمرة يهودية
أخرى "نكوديم" التي يسكن
فيها وزير الخارجية
الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان،
قرارا برفض قبول أية عائلة يكون
أحد الزوجين فيها ليس يهوديا.
وتكثر هذه الحالة بين اليهود
الروس حيث يكون الزوجة أو الزوج
غير يهود. والأسباب كثيرة. فقد
نقلت صحيفة
"هآرتس"
(11/7/2010) عن أحد المسؤولين في
هذه المستعمرة قوله: "يجب
الابتعاد عن الأغيار (أي غير
اليهود) بشكل عام وبالأخص العيش
معهم". وسبب آخر نقلته الصحيفة
المذكورة عن يوسي هايمان
السكرتير العام في تلك
المستعمرة وهو: "إذا ما قبلنا
عائلات غير يهودية وعندها شباب
فقد يحدث أن يقع الشاب غير
اليهودي في حب ابنتك وهذا أمر
مرفوض".
إن العنصرية المتفشية
في إسرائيل نابعة من الثقافة
التي يتلقاها اليهود في
إسرائيل، خصوصا في ما يتعلق
بالعرب، وتلك التي يترعرعون
عليها في مواطنهم الأصلية، وهي
في الأساس ثقافة الأقليات بشكل
عام، والتي تتلخص في عدم الثقة؟! هذا هو أحد الأسباب
الرئيسية التي تمنع أي تقدم نحو
السلام بين إسرائيل
والفلسطينيين. وعدم الثقة هذه
يفسرها قادة إسرائيل بـ
"الضمانات"، فهم يطالبون
بالضمان المطلق، وهو أمر غير
واقعي. إن الحياة أخذ وعطاء،
فيها أخطاء وفيها تنفيذ واقع،
والإنسان الذي يتطلع إلى حل
يتحتم عليه أن يواجه الأخطاء
ويطور الإيجابيات إذا أراد
أن يصل إلى بر الأمان. ولكن إسرائيل ليست بهذا
الوارد، وقد برهن قادتها أنهم
غير قادرين على تحقيق السلام
العادل ولهذا يطالبون العرب
والفلسطينيين بمزبد من
التنازلات والضمانات شبه
المستحيلة وفي الواقع ما
يطلبونه هو الاستسلام الكامل
والتنازل عن جميع الحقوق. وبطبيعة الحال فإن مثل
هذه المطالب تزيد من عنصرية
المجتمع ومن رفضه المستمر
للواقع. ـــــــــ * كاتب وصحافي فلسطيني
يقيم في واشنطن. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |