-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لا يحل لامرئ إخافة مؤمن ولو بحديدة فكيف بقتله؟؟

تغليب لغة الحوار على لغة اللبط وشد الشعر

الشيخ خالد مهنا*

منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الدنيا ومن عليها، الخير والشر، وكانت الفضيلة والرذيلة وكان البغض والتسامح وكانت الوحوش تفترس ضحايا من أجل البقاء، وفي هذا خير كثير لها، وشر عظيم لتلك الضحايا.. وهكذا توالت الأحقاب، وتراكمت الأحداث، حتى خَلْق آدم عليه السلام ، خليفة الجليل في الأرض، وصاحب عمارتها . وفي اللحظة التي دبَّ بجسد آدم الترابي أكسير الحياة، ظهر طاووس( الشر ( إبليس  واقفاً على قدميه، رافضاً أمر السجود لهذا المخلوق الطيني ، الذي أبدعه الخالق على هذه الصورة.. ومنذ تلك اللحظة ظهرت إمبراطورية الشر، والفساد، والحسد ، والتفرقة، والعنف ، والرذيلة، والقتل ، وامتلأت بالحمقى ، والمنحرفين وأصحاب النفوس، بزعامة الطاووس المطرود من رحمة السماء، الملعون إلى يوم يبعثون، وكان أول الداخلين إلى هذه المملكة الملعونة ( قابيل ) الذي قتل شقيقه ( هابيل) بلحظة حسد ، وموقف أناني ، بعد أن نفخ الشيطان في نفسه وسواس اللعنة والشر ، مفضلاً القتل، وسفك الدماء، على لغة الهدوء والحوار، والوصول إلى برّ الأمان والطمأنينة ورافضاً لغة التسامح (لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي..). .. والتاريخ أكبر شاهد على أن الشر ، ولغة العنف لا تولدان إلا الدمار ، والخراب، والموت ، وفقدان معاني الحياة التي وجد الإنسان من أجل أن يعيشها وعمارة الأرض والتمتع بخيراتها في ظلال السلام، والمحبة.. ومنذ آلاف السنين كانت الحروب، والمجازر يتسبب بها المنحرفون، وأصحاب العقول الناقصة. فحرب البسوس دامت عشرات السنين وراح ضحيتها الآلاف مع خسائر لا تقدر من أجل قاتل عبثي ، فضّل أن يحلّ مشكلته بالقتل، فقتل سيد القبيلة بصورة فردية، فكانت نتيجتها ذلك  الكم الهائل من الموت المجاني الذي لا حدود لبشاعته ؛ حتى تحولت تلك الحرب إلى قصص وحكايا مقيتة تتناقلها الأجيال بالتواتر ، وتضيف إليها الكثير. .. أجل إن علينا أن نتذكر ، ونحن نتحدث عن تغليب السيف على الحوار، ولغة الثأر والحسد، على لغة العقل والمنطق.. تلك الحرب التاريخية الضروس التي أحرقت الأخضر واليابس بين قبيلتين عربيتين ، تربطهما صلة القربى، ووحدة الدم من أجل ملك معتوه ، وفرس سبقت أخرى برهانٍ مُبيّتٍ أسود الملامح.. ما نريد قوله . إن الخلافات مهما كبرت ، وإن النزاعات مهما تشعبت يجب أن تنتهي بالحوار ، وبلغة الخير لأنه لا بديل عنهما.. فكل الحروب : العالمية الأولى ، والثانية. وغيرها الكثير بدأت بسبب أتباع طاووس دولة الشر، ومن بعض المغامرين، والمقامرين بحياة الأمم ومقدراتها بحثاً عن مجدٍ ملوث بالدم ، والقتل وملايين الجماجم، أو ثراء على حساب أرواح الأبرياء وحياتهم .. كل هذه الحروب انتهت بعد ويلاتها ، وفظاعاتها بالحوار ، والاتفاق.. فلماذا لا يلجأ الناس في مشاكلهم الصغيرة للحوار قبل أن تصبح كبيرة وتكون المشكلة في بدايتها على قطعة أرض صغيرة، تتطور بسبب بعض الحمقى إلى مشكلة قتل، وسفك دماء ، وإلى البحث عن الثأر الذي يجرُّ خلفه ثأراً جديداً لا تنتهي ذيوله بأعوام .. وأعوام .. لماذا ؟ لأننا فقدنا السيطرة على امتلاك أنفسنا ووقفنا إلى جانب طاووس الشر ( إبليس ) فهل نأخذ الدروس والعبر ؟!علينا أن نتذكر وقد أصبح دمنا مستباحا وقتل بعضنا البعض شيئا راتبا..

 أن ديننا لم يحرم القتل العبثي فحسب ، ولم يحرم الثار فحسب،ولم ينه عن إيذاء المسلم وغيره فحسب ،بل تعداه الى  ما هو أعظم.....

 

النهي عن إهانة المؤمن

عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وآهلقال: يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي ..

عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: (من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي) ...

عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله (في حديث المناهي) قال: ومن استخف بفقير مسلم فقد استخف بحق الله، والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب ...

عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة ..

 

النهي عن الاستخفاف بالمؤمن

عن أبي هارون، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: مالكم تستخفون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خرا سان فقال: معاذ لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من أمرك، فقال: بلى إنك أحد من استخف بي فقال: معاذ لوجه الله أن أستخف بك، فقال له: ويحك ألم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله عييت، والله ما رفعت به رأساً لقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن فبنا استخف، وضيع حرمة الله عز وجل.

النهي عن إحصاء عثرات المؤمن لتعييره بها

عن ابن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ابعد ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يواخي الرجل وهو يحفظ زلاته فيعيره بها يوماً ما ....

عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه زلاته ليعنفه بها يوماً ما ...

عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تذموا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في بيته ...

عن سيف بن عميرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يواخي الرجل الرجل على دينه فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعيره بها يوماً ما ..

النهي عن تعيير المؤمن وتأنيبه

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عير مؤمناً بذنب لم يمت حتى يركبه .....

عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، من أذاع فاحشة كان كمبتديها، ومن عير مؤمناً بشيء لم يمت حتى يركبه ...

عن حسين بن عـــثمان، عن رجـــل، عن أبي عـــبـــد الله عليه الــــسلام قال: من أنب مؤمناً أنبه الله عز وجل في الدنيا والآخرة ..

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من لقي أخاه بما يؤنبه أنبه الله في الدنيا والآخرة .

 

 

الأمر برد غيبة المؤمن

عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام (في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام) يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة .

عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال في خطبة له: ومن رد عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من اغتاب ...

 

النهي عن إذاعة سر المؤمن وأن ينقل عنه ما يعيبه

 

عن مفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان ...

عن الفيض بن المختار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما نزلت المائدة على عيسى عليه السلام قال للحواريين: لا تأكلوا منها حتى آذن لكم، فأكل منها رجل منهم، فقال بعض الحواريين: يا روح الله أكل منها فلان؟ فقال له عيسى عليه السلام أكلت منها؟ فقال له: لا، فقال الحواريون: بلي والله يا روح الله لقد أكل منها فقال عيسى عليه السلام: صدق أخاك وكذب بصرك ...

النهي عن سب المؤمن

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عــن ابي الحسن موسى عليه السلام في رجلين يتسابان، قال: البادي منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم ...

 

عن ابي بصير، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه

عن الســـكوني، عن أبي عـــبد الله عـــليه السلام قال: قال رســـول الله صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة .

عن الحسين بن عبد الله قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من كف عن أعراض الناس أقاله الله نفسه يوم القيامة، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة

النهي عن الطعن على المؤمن

عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا قال الرجل لأخيه المؤمن: أف خرج من ولايته وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما، ولا يقبل الله من مؤمن عملاً وهو مضمر على أخيه المؤمن سوءاً ...

 

النهي عن اتهام المؤمن وسوء الظن به

عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء

عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من اتّهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما، ومن عامل أخاه بمثل ما عامل به الناس فهو بريء مما ينتحل ..

عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: (ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً)

النهي عن إخافة المؤمن

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله

عن أبي إسحاق الخفّاف، عن بعض الكوفيين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من روع مؤمناً بسلــطان ليصيبـــه منه مكــروه فلم يـــصبه فهــو في النار، ومن روع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار..

عن فاطمة بنت الرضا، عن أبيها، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ...

النهي عن المعونة على قتل المؤمن وأذاه

عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام أو عمّن ذكره عنه قال: يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بدمه والناس في الحساب، فيقول: يا عبد الله مالي ولك؟ فيقول: أعنت علي يوم كذا وكذا فقتلت

عن محمد بن عبيد بن مدرك، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله ...

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد يحشر يوم القيامة وما أدمى دماً فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك تعلم أنك قبضتني وما سفكت دماً، قال: بلى، إنّما سمعت من فلان بن فلان كذا وكذا فرويتها عنه فنقلت حتى صار إلى فلان فقتله عليها، فهذا سهمك من دمه 

عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أعان على المؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي ...

 شَرع الله شعائر لتُجَلّ وتُعظَّم، وفرض حُرماتٍ لتُصان وتُحتَرم، وقد حَظي المؤمن بالنصيب الأوْفى من الحرمات والحظ الأعلى من الكرامات.

إن للمؤمن حُرمة هي عند الله تعالى أعظم من حرمة البيت الذي جعله الله مثابةً للناس وأَمْناً. وقد بلغت حرمة المسلم حدَّ الزَّجر عن تخويفه وترويعه، وإن كان مزاحاً أو مُلاعبة!كما اشرنا..

روى أبو داود أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسيرون معه فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل فطوّق النائم فأخذه، ففزع الرجل، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يحلّ لمسلم أن يُروِّع مسلماً!»

وتعدّى ذلك الى أن ملائكة الله تلعن من يُروِّع أخاه، أو يُشير إليه بشيء يخيفه أو يؤذيه، فقد جاء في الحديث: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم.

ما حرمات المؤمنين إلا حقوق مقدسة لا يحلّ تضييعها ولا يُباح انتهاكها، فرضها الإسلام وجعلها ديناً يُتعبَّد به كما يُتعبَّد بالصلاة والذكر والدعاء، ليتجسَّد ذلك سلوكاً عملياً في واقع الناس ومعايشهم. وقد أفاض الإسلام القول في الوسائل لتحقيق هذه العبادة، وحسبُك دليلاً أن تعود إلى آيتَي الحجرات اللتين تنهى أولاهما عن السّخرية، وتأمر الثانية باجتناب الظن، لتجد فيهما الزّجر عن القبائح الكبرى الستّ: القبيحة الأولى النهي عن السّخرية بالمؤمنين واحتقارهم، وسخريةُ الرجال بالرجال والنساء بالنساء إثم كبير لو لم يكن للإنسان غيره لأوْبقه، وبحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم؛ والثانية النهي عن اللّمز بذكر العيوب والنقائص، فإن الطعن في الأشخاص يجعل صدر الطاعن والسامع ضيّقاً حَرَجاً كأنما يصّعد في السماء، ويورث العداء والبغضاء، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيب الناس؛ والثالثة التنابز بالألقاب بإطلاق لفظ على المؤمن يَسوؤُه أن يسمعه، وربنا يقول {بئْسَ الاسْمُ الفُسوقُ بَعْد الإيمان} الحجرات - 11، والرابعة النهي عن الظن السيِّئ من غير دليل، وهو رَجْم بالغيب، وهتك لحرمة المظنون به، والنصّ النبوي يحذّر المؤمن من الاستسلام للظنون: «إذا ظننت فلا تحقق». و«بئس مطيَّةُ الرجل: زَعموا» رواه أبو داود.

والخامسة النهي عن التجسّس وتتبّع العورات، ومن اشتغل بذلك أضاع العمر بالفتن وأثار الضَّغائن والإِحَن، والسادسة النهي عن الغيبة بأكل لحوم الناس واستحلال أعراضهم، و«إنّ أَرْبى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم» رواه ابن أبي حاتم.

إن الذي يجرؤ على فعل هذه القبائح ومثيلاتها يتحمّل غُرْماً موجعاً يُعجزه سَداده، إذ إنه يتبرّع بحسناته لغُرمائه، فهو كالحمقاء التي كلما غزلت نقضت غزلها، فهو أَغبن المغبونين.

إن لأُخوّةِ أهل الإيمان حلاوةً لو تَغَرْغَرت ماءها ما نسيت حلاوتها؛ ولكن أنّى لنا أن نذوق طعمها ونتفيَّأ ظلّها إن ضَيَّعنا حقها وأنكرنا حرمتها؟!

وقد فعَل ذلك عامتنا حتى لم يعدلهم من أسباب بقائها نقير ولا قِطمير.

لولا الحرمات التي صانت بها الشريعة مجتمع المؤمنين لضاعت الأخوّة حتى تُكتَب في سِفر الفَنا؟

 

 

ونهى الله تعالى المجاهدين في سبيل الله عن قتل من رفعوا على رأسه السيف في ميدان القتال، بمجرد قوله: لا إله إلا الله.

 

قال تعالى:

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)) (94)) [النساء]

 

وقد عاتب الرسول صلى الله عليه وسلم، من خالف هذا الأمر قبل نزوله، ولو متأولا، كما في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه عنهما، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه، قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟!) قلت كان متعوذا فما زال يكررها، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" [صحيح البخاري (4/1555) وصحيح مسلم (صحيح مسلم (1/97)

 

ونقل المفسرون، عن عطاء عن بن عباس في قوله تعالى: ((ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)) قالَ قال بن عباس: كان رجل في غنيمة له، فلحقه المسلمون فقال: السلام تفسير ابن كثير عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك ((ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)) [تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/539 -540)]

 

ومعنى هذا أنه لا يحل للمسلم أن يقتل إنسانا بغير حق، إذا دلت ظهرت منه أي قرينة تدل على احتمال أن يكون مسلما، ولها جاء التعبير في الآية: (لمن ألقى إليكم السلام) فالأصل أن هذا شعار المسلمين، واحتمال أن صاحبه غير مسلم، ليس مسوغا لقتله.

 

فكيف بمن أجداده - الذين لا يعرف أولهم لكثرتهم – مسلمين، وقد نشأ في بلد مسلم يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت الحرام، ويلتزم بأحكام الإسلام، في بلد مسلم من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أيحل لمن يؤمن بالله وبكتابه وبرسوله وباليوم الآخر، أن يقتله بدون حق؟!

ــــــــــ

* رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية القطرية –الداخل الفلسطيني

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ